vendredi 12 décembre 2008

الصّلاة إخلاص ومحبّة وليست حرب

أنا لا أتدخّل في شؤون أيّ أحد ولكن أري أنّه من حقّي أن أقول كلمة أكون مسؤولة عليها في يوما ما.
وهنا لست ألقي في دروس وإنّما أقول رأي بصدق، ليعلم الجميع أنّ كلّ واحد له طريقته الخاصّة في هذه الصّلاة وله كلام خاصّ مع الخالق.

الصّلاة هي لغة تتغلغل في الأعماق منذ أن عرف الإنسان العقل وبدأ يفكّر في الوجود ويبحث عن نفسه، وصعب أن نتصوّر أنّ هناك حظارة كانت بدون هذه الصّلاة وهذا الإخلاص. الصّلاة تتكلّم عدّة لغات ولها عدّة طقوس ولكن مبتغاها واحد، فكيفيّة الإخلاص هي وصايا الأنبياء وكلام الشّعراء وإنجازات العلماء وتصرّفات الرّؤساء والمعلّمين والمحامين والأطبّاء والعاملين في المصانع والحقول، فالصّلاة تفتح كلّ هذه الجوارير وتقرأ فيها سورة بإسم اللّه. كلّ واحد في الصّلاة يركب عربة خاصّة ويحمل دلو خاصّ ، فكلّ تراب تمشي عليه وكلّ غمام تكتب عليه.
هذه الصّلاة تغسل المتاعب في النّوم وتكشف الأسرار وتنتشر في منامنا الدّلو كالسّحاب ليقرأ القارئ ما قدّم بصلاته وكذلك هي تعدّ المفاجآت وألوف الخواتم وتفتح في الفجر أقفاص الحمام وينتشر البريق في كلّ مكان. هذه الصّلاة تبحث على من يبدع في رسمها ويجلس مشتعلا بإشتعالها هي عبارة مليئة بالطّموح والرّجاء وتعمل عضوة في نوادي الحاكمين والأغنياء فلا يمكن أن يهمل الإنسان وجها سيلقي به مع السّماء.
الصّلاة تشعّ بالحبّ على النّاس جميعا من غير أن تلمسهم تحمل منهم تقارير وتجمّع من عيونهم الدّموع وتسقي بها القلوب العطشانة.
هي شيئ يحيطنا كالهواء وكلّما أشرقت الشّمس تغفوا هي على الشّفاه والأيادي لتعرف كيف تحاك خيوط الحرير وكيف الأصابع تعمل وتنتج وتسأل هل أنّ هناك عصافير يمكنها أن تطير. هل لنا أن نجرّب نوبة الدّوار ونحصي خطايانا لكي لا نتدخّل في أحوال بعضنا البعض إلاّ بالحبّ.
أكلّم هنا من ينصّبون أنفسهم نواب على اللّه ويستعبدون إخوانهم البشر وأسألهم هل قلوبهم بخير وكلمتهم بخير وصلاتهم بخير وأحلامهم بخير.
الحبّ يفتح ملايين الأسئلة هل المحبّة بخير والحليب بخير والعطف بخير ويضرب كلّ عقل بالجدار. الصّلاة هي ذهب كلّ الأوطان ولها كلّ العطور والألوان فلا يجب أن نكفّر أيّ أحد بدعوي أنّنا مسلمين وليس من حقّ أيّ ديانة أخري أن تجعلنا على هامش التّاريخ وأن تنعتنا بالمتخلّفين وتجعل إسم النّبي كلب، فكلّ كلام منزّل هو كلام صحيح وما علينا نحن إلاّ أن نأخذ القلم الأزرق ونري ماذا تعلّمنا من هذه الرّسائل وهذه الكتب بدون ميز عنصري فكلّها على ما أظنّ رسائل محبّة وتعاون وبعيدة كلّ البعد عن التّعصّب وحبّ الدّات فيكفي أنّ جميعها تدعو إلى التّوحيد، في هذا الزّمن الهارب إلى الشّذوذ، الهارب من عبادة المحبّة إلى عبادة المال والنّفس أقول أنّ الصّلاة ليست مكياجا نضعه للتّباهي إنّها الأعمال التّي تخرج من أفواهنا وأيادينا وتبدأ هذه الأعمال من حالة إجترار القرط حتّى الفوز بالسّوار الذّهبي هي شروق الكلمات واليدين,
فالأعمال تبدأ من حيث الإسم نرسمه شمسا في أحداقنا ونكوّن منه جملة مفيدة نترجمها بكلّ لغات العالم. الإسم يلبسنا معني ومغني فهو مسكون بالأسرار والمعاني المفيدة فهو الّذي يزرع فينا المعلوم والمجهول، ويطلع كاللؤلؤ من لحافنا، هو الذّي يخرج المحار هو الّّذي يغيّر النّظام واللّه يحبّنا فيه، فلا بدّ لنا نحن كذلك أن نذاكر دروسنا فيه بعمق وإلاّ لماذا نسمّي الإنسان بهذه الأسماء.
به نتعلّم كيف تكون الأسماء عصافير نور ونار. فنحن نصلّى على الأسماء سوي إن كانت أرض أو شجرة أو إنسان أو عصافير نحن نصلّى إنطلاقا من الأسماء وعلى الأسماء.
يا ليت الصّلاة كانت مجرّد جلوس لخمسة دقائق مع اللّه إنّها الجنون بعينه حين تسأل اللّه من أنا؟
ويجيبك أنّك لا شيئ وأنا هو الملك القدّوس حينها يغرق الإنسان في بحر من البكاء والدّموع
ثمّ يشفق عليك قائلا أنا في كلّ شيئ تراه وتسمعه وتفعله وتنجزه ، وأنا حرّ وأنت عبدي الّذي خلقتك من حيث أنت لست قادر أن تخلق نفسك أو أن تخلق غيرك..

jeudi 11 décembre 2008

المحبّة حريّة والكلمة سلطة

الكلمة سلطة والهوي سلطان وتكفي إبتسامة العين كي يبدأ المهرجان، العين تأشيرة الدّخول إلى بلاد الحنان ومن لا يفهم لغة العين أقلّ ما يقال عليه بهلوان، العين تتكلّم كلّ الطّباع السّيّئة منها والجميلة والعين تترجم كلمتها الكلمة، وكما قالت كتب العشق والعاشقين الكلمة بين الأحباب رسولة، لنشكّل لغة أخري تضيئ لنا الزّمن الآتي، اللّه رسم الشّمس كلمة وأعطي كلّ الأسامي والكلمات كي يصير الكلام ذهبا وتصبح الكلمة قنديلا ويصير الإنسان بها إمّا إنسان وإمّا حيوان
الكلمة قداسة الإنسان والشّعور في لغة الهوي إنجيل.

حين يغمرنا الحبّ كالبرق لا داعي أن نسأل لماذا، الأمر خارج عن نطاقنا فلا نملك مع هذا الحبّ إلاّ أن نغطّيه ونعطف عليه ونتبعه إلي شوارع الأحلام ونضيئ له الشّموع لأنّه جاء يطلب زمن جديد وكلمة أخري جديدة وإطار جديد
ما هو هذا الوطن ؟
هو وطن يفتح لكلّ إمرأة ملفّا سريّا وينظّم مع كلّ حمامة محضر تحقيق ويلغي الحريّة وفنّ الشّعور ويدوخ هذا الرّجل في اللّيل يبحث عن إمرأة تزحف على بطنها، ليس من مصلحة أيّ أحد أن ينام مع البحر بدون أن يعرف فنّ الإبحار ولا أن يعشق الحمام بدون أن يعرف طبع الحمام. ليفهم الإنسان أنّ كلّ واحد ولد حرّ وهو الوحيد مسؤول على هذه الحرية
فإمّا يربحها وإمّا يخسرها هو كذلك حرّ. لماذا نتعسّف على حريّة الإنسان ونخلق ممارسات لا تقتله فقط وإنّما تمحيه من الوجود وتجعله حشرة بلا فائدة وبلا معني، الإنسان طاقة خلاّقة وإبداع لا مثيل له يحتاج فقط للحبّ والفهم والتّقدير
من رأى حيوان يقتل بني جنسه إلاّ هذا العاقل وهذا الشّاعر وهذا الإنسان العظيم. من رأى حيوان يكنز للغد إلاّ النّمل
هل الإنسان أصبح في مستوي النّمل؟
أيّها النّاس الحبّ أعدل من جميع الحاكمين وهو خير المرسلين هو الّذّي يحيي عظام المييّتين
الحبّ هو أن يجد الإنسان نفسه في الآخر فتصبح اللّغة واحدة والمشاعر واحدة و وكأنّهما الإثنين دائرة واحدة بهلالين أو بقوسين
الكلمة هي الّتي تصنع النّجاح والفشل في العلاقة فهي كالشّمس منها الحياة والموت.
الحبّ لحن جميل وشمس الصّباح تطلع منه تغنّي للحريّة فهو سفر ملحّن حيث مغالطة الحبيب كمغالطة الشّمس. كلّ المحبّين كانوا في حالة صذام معه لكن بدونه صعب على الإنسان أن يتحرّر
هو إيمان وعمل وعبادة وكلمة حرّة وليس مجرّد زواج مدني أو عرفي أو زناء، هو شيئ تشهد عليه الشّمس من خلال الظّل
الحبّ حريّة والحريّة مسؤوليّة وحين نحبّ فلا نحتاج إلى إمضاء وحين نكره لا نحتاج إلى إمضاء فكلّما تحقّقت الذّات في الذّات الأخري
إزداد الحبّ بريقا ونقاء وكلّما كان صادقا تلعب الكلمة دور الحياة والأمل والنّجاح
الحبّ الحقيقي هو التّحرّر من قوانين الأرض وغبارها فالشّاهد الوحيد بين المحبّين هي الشّمس
إنزلقت المركبة بنا على رؤوس الشّجر وشعرنا فجأة أنّنا ورثنا العرش لكنّنا دخلنا في أبواب حجريّة لا تفتح إلاّ لواحد
حين نحبّ يحدث شيئا غير عادي في نفوسنا، حيث ترقص الكلمات في الهواء مبتهجة مثل فراشة تحمل ثوب الورد والرّبيع
وتصبح اللّيالي مدهشة فحين ندخل الشّمس إلي حياتنا نشرب الرّبيع قبل أن يشربنا
حين نحبّ يسقط من السّماء نيزك مشتعل كفطيرة محشوّة بالعسل خبزة مشطورة إلى نصفين فيها كنوز من الكلمات تطلب ثغر جديد تخرج منه عبارات المحبّة تريد لغة مفصّلة على مقياس ذاك الحبّ الجديد فالمشاعر تموت كما تموت الفصول
والعبقريّ من حافظ على فصوله الأربعة مع حبّ واحد.
الحبّ أبجديّة صعبة عطره عطر الورد وشرابه كلمة تشرب من كلّ الدّوالي، ونحن محكومون بالموت لأنّنا لا نفهمه ولا نملك إلاّ أن نصرخ في وجوه بعضنا ونبصق على بعضنا ونكشف أمامه ‘لى خيبتنا بالكلمة والصّوت
ملايين من الأشياء في غرائزنا ومشاعرنا وواقعنا تقتل هذا الحبّ
هل لنا أن نؤمن به صدرا يحتوينا تحت جناحيه؟؟
ما معني أن يعيش الإنسان بدون حبّ؟
نحن منذ قرون أشجار بلا عصافير وفرسان بلا فارس وقلوب بلا مشاعر، نحن دسنا الحبّ وأرددناه قتيلا فمتنا نحن وهو حيّ نار تشتعل فوق رؤوسنا، فحين لا نحبّ بحريّة نحن في المنفي، وحين لا نقول بحريّة نحن في المنفي
وحين نفهم الحريّة أنّها مومسا غير مرخّص لها تذبحنا وتشوينا على نار هادئة
الزّمن محترق في الأحداق واللّيل شهادة ناصعة على عصور قتلت الحريّة والحزن له مساحة الكون
إغلقوا الكتب وأقرأوا الأشعار ستجذون أنّ القلب كالباب يفتحه مفتاح معيّن فلا مجال أن نتعسّف لخلع الأبواب أو خلع القلوب.
القلب آنية من الكريستال ما إن تكسّر يصعب جمعه
الكلمة من الأفواه هي الّتي تكسّره وهي الّتي تقوّيه، الكلمة مع القلب لها دور الحياة والموت
إن أحبّ القلب بصدق تصبح الكلمة طاقة وغذاء روحي
وإن كذب القلب في الحبّ تصبح الكلمة نار وأمراض نفسيّة وإعاقات وجراح يصعب دوائها
الحبّ تفكير عميق وشعور عميق وليس مجرّد غريزة حيوانيّة
الحبّ يطلب التّوازن والتّفكير بعمق في حلّ مشاكل الإنسان الفكريّة والعاطفيّة
والسّياسيّة والإجتماعيّة إنطلاقا من علاقة صدق بين الرّجل والمرأة هذين العشيقين الّدين تجمعهما السّماء في جسد واحد وروح واحد.

mercredi 3 décembre 2008

mardi 18 novembre 2008

لا شيئ يمنع عن الفرح والإبتسام

نظر إليها طويلا، ثمّ رفع عينه إلى وجهها وقال .. أنت شمسي وظلّي،
أنت فرحي وحزني، أنت حبّى وكرهي
يشاغلني فيك سؤال دائم..
أسألك شيئا؟
تفضّل
هل تحبّيني؟
نظرت إليه بعمق وقالت وأنت ألست تحبّني؟
أمر صعب جدّا ..
كأنّي أعرفك منذ ألف قرن ومن آفاق المحال عزفت الموسيقي رؤيايا الباحثة عن قرار...
والأوراق الذّابلة الّتي كانت تملأ غصوني دبّت فيها الحياة وضربت فيها الخضرة،
وفي أوّل مرّة رأيت فيها عيناك حاصرتني الأشواق ودفعتني في قلب الخوف عليك.
أتعجبك عينايا؟
عيناك بداخلهما غيوم ومطر وأحزان ومن خلف ذلك كلّه أري الشّمس.
يتأمّل الفضاء ثمّ يعود أليها بنظرة.
ينظر إليها .. أمل
ما رأيك بالشّمس ؟
حارقة ودافئة في نفس الوقت، موت وحياة في نفس الوقت ألم ولذّة في نفس الوقت.
هل تحبّيينها؟
ومن منّا لا يحبّها ، فهي روح الحياة والحبّ وخفقة القلب.
أطرق قليلا يفكّر.
نظرت إليه بودّ وقالت.
أردت لو نكون أنا وأنت أصدقاء.
ما معني أصدقاء؟
ألا تحتاج الى الصّدق والصّداقة؟
لا أؤمن بالصّداقة مع المرأة.
المرأة للمتعة فقط لا للصّداقة.
هي ناقصة عقل ودين.
هل الرّجال كاملون عقل ودين؟
راقبته بنظرة متوتّرة ثمّ أخرجت منديلا من جيب معطفها ومسحت به حبيبات العرق
الّـتي تعلوا جبينها وقالت. إكتوينا بلهيب اللّيل حتّي أنّي أصبحت أري النّاس حين تشرق فيهم حرارة الشّمس
يتأفّفون من شدّة الحرّ .
زفر في سخرية..
وقال .. ما سبب إقحامي أنا في موضوع النّاس.
قالت عندما تكون أنت معي أشعر بالإنتعاش والقوّة.
سكنت في عينه نظرة تأمّل ثمّ قال..
أتمنّى أن أموت من أجل شيئ ثمين..
قالت لا أفهم.
قال ذاك أفضل من أن يقتلني اللّيل غدرا.
قالت نعم الغدر لا يرتضيه أيّ إنسان.
قالت.. ما رأيك لو يموت الإنسان من أجل الحبّ.
رفع إليها بصره ثمّ تنهّد وقال
أيّ حبّ؟ وهل يوجد الحبّ؟
حياتنا بلا معني الكلاب لها قيمة أكثر منّا.
وعلى حين غفلة وجد نفسه يرمق دلو يتدلّي في بئر
أسرع لكي يشرب منه.
لم يكن في الدّلو قطرة ماء.
قال ما أتعس الحياة بلا ماء.
تقصد بلا حبّ.
قال هل الحبّ هو الماء
قالت هو الماء والضّوء
قال .. هل هذه حياة؟
قالت نعم ما دامت السّماء لا زالت تمطر بالحبّ أعني بالماء والضّوء.
هل إرادة اللّه تجعلنا نموت من العطش؟
لا أعرف .. ربّما العطش يعلّم معني الإرتواء.
يتمتم، مع من تتحدّث؟
مع الأحزان.
لقد قاسينا كثيرا.
هذا قدرنا.
تتسلّل الشّمس من النّافذة شعاعها يوقظه كمنبّه كلّ صباح
ما أجمل فطرة الصّباح تذكّرني بالطّفولة فيها براءة
لكنّ الفرحة حين نكبر لا تدوم.
إنفجرت أحاسيسه بالبكاء، ونظر إليها طويلا..
أريد أن ينقلب العالم، أريد أن أري نفسي طفل يعيش بأحلام الطّفولة،
تغسل الفرحة عيوني بدلا من الألم الّذي يسري في عظامي
هل خلقنا للحزن والألم؟
يتأمّلها مليّا .. قلبه يتغنّي بربيعها وعلته رغبة في الفرح وقال بحرارة
أتحبّبين الفرح.. طبعا بالتّأكيد، أحبّ الفرح كما أحبّ الضّوء والماء وقوس قزح
قال إذا تزوّدي بالحزن الشّديد والعطش الشّديد.
ماذا؟
لكي يفرح الإنسان يجب أن يحزن أوّلا.
ولكي يرتوي بالفرح يجب أن يعطش أوّلا.
الحزن طاقة كطاقة الشّمس.
هل هذا الحزن لا يكفي؟
فماذا إذا؟
أن نموت حزنا لأجل شيئ ثمين إسمه الإنسان الحرّ.
ماذا تعني؟
أعني الحريّة الّتي تنشدها العصافير.
وهل ممكن أن يكون الإنسان عصفور؟
طبعا بالتّأكيد.
الشّمس تعطي للإنسان القدرة على كلّ شيئ.
ألم يرفع إبن الإنسان ؟ أقصد إبن العذراء.
لكنّ الإنسان يفقد الجسد حين يموت.
الّذي يعشق الشّمس جسدا وروحا ، حبّا وكلمة يكون إبنا حرّ .
إذا الموت إمّا حريّة وإمّا سجن؟
إمّا إنسان حرّ وإمّا عبد
كان فمه يفصح عن حبّ كبير للشّمس باعثة الضّياء.
الشّمس تمقت الخونة والكذّابين.
إلتفت أليها وقال هل كنت في السّابق كاذبة؟
أنا ؟
عبثا تحاولين الإنكار.
هل عندك عليّ دليل على أنّي كنت كاذبة ؟
قال أنا لا.. ولكنّ الشّمس عندها دليل.
قالت وما دليلها؟
قال الكلمة أليست هي الملكة.
وبدونها نحن حيوانات.
من نحن بدون كلمة صادقة تصنع وتبدع وتخترع وتعمل؟
أصابها الذّهول وأخذت تنظر إليه بإستغراب.
قال ..نحن سلبيين.
ميّتين في الحانات والمقاهي والشّوارع
القول والفعل عبادة للّذي يودّ الإرتقاء والتّقدّم.
لو نظرنا إلي تجارب الآخرين لشعرنا كم نحن صغار.
ما هي خطيئتنا يا تري.
التّكالب على حبّ الذّات والنّفس تجعلنا مصرّين على الجهل.
إنّ حياتنا هكذا معناها العدم.
من حمل معه الأموال إلى القبر؟
المال جعل ليمتحن به الإنسان.
كم عانينا من الجوع والتّشرّد وحين تكتضّ جيوبنا بالمال،
ننسي القرية والبستان ونكره الأرض وأهل البلد، ننسي الوداعة الّتي جئنا منها ولا نفضّل سوي النّسيان.
نحن عقول فارغة ومشاعر مفلسة وأيادي لا تهوي إلاّ تكديس الأموال في البنوك الّتي تقتلنا بطريقة غير مباشرة
سألها أتعتقدين أنّها ستأتي الفرحة؟
بالتّأكيد.
متي؟
أنظر للفجر..
كان النّور يتسلّل رويدا رويدا.
شعر بإرتياح وهو يرى النّور ينتشر وخشى أن يرجع اللّيل فتتلوّث الفرحة.
قام إلى النّافذة فتحها وهو يقول:
ليكن ما يكون.
أريد أن أتمتّع بالضّياء.
رأى وردة تتفتّح تحت شعاع الشّمس وقال الورد زينة الحياة الدّنيا
قالت تقصد الإنسان زينة الحياة الدّنيا والإنسان الحرّ زينة الأخري.
الشّمس لا تشرق إلاّ لأجل الورد والإنسان والحريّة.
الحيوان لا يعرف قيمة الشّمس لأنّه بلا عقل وبلا شعور يحيا بالغريزة.
قال من هو هذا الإنسان الحزين؟
قالت أبهي ما وجد في الكون..
قال .. لكنّه يموت.. الحياة تافهة بالموت.
قالت لسنا أفضل من حواّء وأدم، لقد حزنا وماتا قبلنا.
قال لماذا طردا من الجنّة؟
قالت ربّما لأجل الأنانيّة، كلّ واحد منهما يقول أنا وهما الإثنين واحد.
أو ربّما لأجل معركة الحريّة الّتي لا تعطي مجانا.
والّتي ثمنها الموت والصّليب.
تقصدي على الإنسان أن يصلب مثل المسيح كي يتحرّر؟
قالت لا لكنّ المسيح جاء ليكون الفداء
فهم لم يفهموا أنّه كان كلمة في صورة إنسان.
والكلمة لا تموت.
نظرت إليه وقالت.
كم نحن في حاجة إلي إمرأة ناضجة
ماذا تعني؟
أعني إمرأة كاملة عقل ودين تستطيع أن تملأ الأعماق الفارغة وتخلق في العروق نشاط ملحوظ
ليس من العدل أن تعيش المرأة هكذا.
الحبّ يصنع العجب.
يجب البحث عن المرأة الّتّي تمنح القناعة والدّفئ.
تسقط من عينه دمعة يمسحها يتنهّد ثمّ يشعل سيجارة.
أين هي هذه المرأة المال عمي العيون وقضي على الصّدق والقناعة والوفاء.
يلمح الفضاء ليس هناك ألاّ الغيم يفرد جناحه فوق كلّ شيئ
ونظر إلى الطّير وقال.
الشّمس تزرع في الأحداق الحقّ والحبّ والحريّة.
إكتضّ الرّأس بعذابات السّنين الماضية وبدأ في المقارنة بين الماضي والحاضر
وتتفتّح العيون بعد الظّلمة لتري ضوءا قويّا يحطّم ظلام اللّيل.
وقال سنجعل المرأة شمسا وإن ظلموها سأنتقم بضراوة.
قالت هل تعلم من ظلم المرأة؟
قال الرّجل:
قالت لا ليس الرّجل إنّها الأنانيّة وحبّ التّسلّط بالقوّة إنّها الأميّة والجهل
قالت هل ممكن أن يكون الرّجل مع المرأة صادقا؟
كلّ شيئ على ما يبدو موت لعدم وجود الصّدق والوفاء لهذه المرأة
ثمّ أضافت لذلك بقيت المرأة لا تملك إلاّ الدّموع والأحزان
تحفر الوجدان كأنّها في الكون نقطة زرقاء باهتة
نظر لها بعمق..
قالت ما بك؟
قال في حيرة.. من يا تري يرضي بإنسان مخطئ في حقّه؟
قالت لا أحد .. لاأحد.
أحسّ كأنّها سكبت النّار على جرح قديم ليس له دواء.
جرح سكن تحت عصف الرّيح في اللّيل البهيم.
أخذ السّجائر وأخذ يدخّن وخيوط الشّيب هنا وهناك تنهي أعصابه.
تأمّل وجهه المجعد.
أشعل واحدة من أخري.
وقال: ما أكثر النّساء اللّواتي عرفتهنّ في حياتي لكنّ الأن اللّعبة أكبر
من منّا يا ترى المخطئ في حقّ الآخر أكثر ؟.

dimanche 16 novembre 2008

ذكريات

ولدت في قرية صغيرة والجوّ الّذي عشت فيه جوّ أناني متخلّف، عشت طفولة مستهترة مليئة بالعبث. الكلّ يقمع، الكلّ يتدخّل، الكلّ يظرب.
كلمة حرام أسمعها في اليوم ألف مرّة والغول سلاح يتحدّاني والموت يشعرني بالقرف من هذه الحياة، كنت أصلّي ولا أعرف لماذا أصلّي، أقوم في الصّباح ولا أعرف لماذا؟ أنام ولا أعرف لماذا؟ آكل وأشرب ولا أعرف لماذا؟ علّموني ألا أبوح بشعوري بصراحة لا بدّ من الكتمان ، علّموني ألاّ أقول بصدق فالمراوغة واجبة أحيانا، علّموني أنّ الحبّ حرام والقبلة البريئة حرام فنشئت أعتقد أنّ الحبّ يعني الجنس والجنس الآخرغول بأنياب كبيرة.
حرموني من اللّعب مع أبناء الجيران،علّموني الضّعف والإستكانة، والشّرف هو قطرة دمّ يجب أن تحافظ عليها الفتاة حتّى الزّواج أو الموت. نشأت أكره الرّجال وأخافهم، وأعتبر الرّجل غدّار ولا يجب أن أأتمنه.علّموني أن لا أسأل ما هو اللّه فكلّ ما أعرف أنّه يحرق بالنّار.. وعليّ أن أركع له وكانت الصّلاة تشعرني بالإرهاق والدّوخة والتّعب وأتظاهر أنّي أصلّي لكنّني كنت أكذب. أبي لا أعرفه يبتسم، كان غليظا لا يمزح أفرح حين يغادر أبي المنزل لكي ألعب بحريّة. ذات صباح سمعت آذان الفجر يقول "الصّلاة خير من النّوم" ظننته يقول "الحياة خير من الموت".. قلت في نفسي أحبّ الحياة وأكره الموت، أحبّ الضّياء وأكره الظّلام، أحبّ اللّعب وأكره النّوم، كانت أمّي تحثّني على اللّعب في حديقتنا الخضراء الواسعة وعلى التّأرجح في الأشجار والقفز كالعصافير من فوق الشّجر، تقول لكي أستنسق روضة الحريّة وأتمتّع بها ما دمت صغيرة ، فأمّي في ذلك الوقت كانت تعاني مرارة السّجن في البيت ومرارة الظّلم الّذي كان أبي يسلّطه عليها. تسرّبت في نفسي نزعة العلم وقرّرت أن أتعلّم، يجب أن أشعر بالبقاء فالحياة شيئ جميل ورائع، عليّ أن أتحدّي هذا الواقع المرّ، عليّ أن أسافر أن أطّلع أن أتنوّر، عليّ أن أنسي وجودي في هذه القرية الّتي تصنع الغباء والأوهام والهواجس والموت .أريد أن أنسي التّفاهة وأري الحقيقة. كنت أرسم الكلمات وأتأمّل كلمة الحياة والموت بالتّحديد هذه التّاء المفتوحة كأنّها قبر أعدّ لشخصين هما نقطتين مع بعضهما وكنت أتساءل لماذا المرء يدفن وحيدا وهما إثنين لا بدّ أنّهما حبيبين قد فرّقتهما الحياة فأصبحا غريبين، عدوّين، كنت أشكو من عداوة كامنة في نفسي غرسها فيّ أبي جرّاء ممارساته مع أمّي فهي تريد نفسها حرّة مثله لكنّه يأبي ذلك ويريد أن يتفرّد بالحريّة لنفسه. كنت أذهب أحيانا مع أمّي للمقبرة لتلاوة صورة من القرآن الكريم علي روح أمّها الرّاحلة والّـتي تركت في نفسها جراح الوحدة الّـتي لم يستطع أبي أن يعوّضها لها فكانت تحدّثها في القبر كما لو كانت حيّة بهمومها عندها إعتقاد أنّها حيّة ولم تمت.

كانت أمّي تقول لي صبحان اللّه، اللّه عادل بين البشر فالمقابر تشبه أوراق الشّجر كلّها متساوية لا فرق بين هذا وذاك ففلان كان غنيّ جدّا لكنّه في النّهاية لم يأخذ سوي مترين من التّراب مثله مثل الرّجل الّذي كان يعمل عنده وكان المسكين يعيش على فضلات طعامه. كنت أحلم وقتها أن أدرس وأدافع عن المحرومين والمظلومين . أكملت دراستي في معاهد القرية ثمّ توجّهت إلى العاصمة بتشجيع من أمّى الّتي كانت تريد أن تري نفسها فيّ، وتعوّض حرمانها من العلم والحريّة. كنت مليئة بالطّموح على أن أدرس وأجتهد وأبذل كلّ جهدي كي أنجح لكن بحكم أنّني كنت قد درست شعبة مهنيّة فلم يسعفني ذلك في النّجاح في البكالوريا، أبي لم يكن له المال كي يصرف عليّ عام آخر في مدرسة حرّة، أظلمت الدّنيا في وجهي وشعرت بالإخفاق العلم بالمال والمال شلّ طموحي فوا أسفاه على الطّموح. كان العلم شمعة تضيئ قلبي وتجدّدني كلّ يوم، كان يشعّ على نفسي نورا أهتدي به في الظّلام، كلّ درس كان يثير فيّ إحساس باليقضة ويزيل عن أفكاري الوساوس، كنت أحلم بالنّور لكنّ عقلي الكبير وقتها لا يساوي شيئا أمام المال. كرهت الدّراسة والعلم والمسؤولين على هذا الفشل الّذي حطّم فيّ الطّموح والأمل وقلت في نفسي اللّه يمنح الضّوء والماء بدون مقابل والعلم ضياء وإرتواء، شكرا للّه على الموت وشكرا للإنسان الّذي يبيع لنا الضّوء والماء بالمال والحبّ والعلم بالمال. السّماء لا تمطر بالمال ربّما هي تمطر بالموت حزنا على الإنسان الّذى ثمّن الحبّ والعلم وبقي يحلم بالحريّة
دخلت سوق الشّغل، سوق الغمام الكثيف والصّراع المرير. كنت أذهب كلّ يوم إلى مكتب الشّغل لأطلب عمل وكأني أستجدي للّه يا محسنين.
صباح الخير
صباح الخير ، تفضّلي ماذا تريدين.
أريد عمل من فضلك..
يرمقني من رأسي حتّي قدمايا..
أتنهّد من أعماقي وأرتعد خوفا ويضيق ضرعي.
تفضّلي، ايّام قليلة وتتعلّمين الشّغل العمل في غاية السّهولة.
شكرا سيّدي..
أراك خائفة ووجهك أصفر..
لا لا شيئ.
ما إسمك ... زينب سيّدي
هل إشتغلت من قبل يا زينب
لا سيّدي. لكنّي أعدك انّي سأكون عند حسن ظنّك.
كم تطلبين راتب شهري؟
لا أعرف سيّدي سيكون حسب العمل أعني حتّي أتعلّم.
سوف تتعلّمين بإذن اللّه. بإذن اللّه سيّدي.. شكرا.
العمل سهل ولكنّي سأعطيك مبلغ مغري لأنّك فتاة على ما يبدوا ممتازة
ممتازة في ماذا سيّدي في الشّغل فأنا لا أعرف شيئا حتّي الآن.
يضحك .. ما زالت النيّة في الدّنيا.

ألا يلزمك ملابس ومكياج لزوم العمل.

الحياة مظهر يا آنسة.
بقيت مشدودة باهتة ما لزوم المكياج في العمل
إنّي أحبّ نفسي بسيطة هكذا.
ما سأري من وراء هذا الرّجل ما سأري؟
رددت في وثوق أنا لا أضع مساحيق أبي لا يريد.
همس في نفسه .. ما بك ثمّ دار نحوي وأخذ يبسط مشاكله. هو في دوّامة
والمال لا يعرف ماذا يفعل به المال لا يجلب له السّعادة، يعاني واقعا غامض
قال فيك خصال لا أعرفها، أنت تكرهين النّفاق، كان يبوح بسرّه الدّفين لكنّ إنفعاله العاطفي كان يشكّل عندي أكبر مأساة يمكن أن يعانيها هذا الكلب الوديع، إستبدّت بي موجة التّسائل لمعرفة الآهات الكامنة والتّقلّبات الخفيّة في مشاعر الكلب الغامضة، إنّه يبدوا كلب نظيف كريم الطّبع، كلب له إحساس.
قلت له أنا فتاة أقدّر خصالي وأعشق بساطتي
هل جننت؟
يا لك من مغفّلة، أنت لا تدرين قيمة المظهر.
تصوّري إنسان تطير منه رائحة العفونة هل له قيمة عندك.
قلت نعم سيّدي العفونة في الكلام الّذي يجرح القلب وليست في الجسد.
إنّك لا تزالين مغفّلة..
أنا فتاة حرّة ألبس ما أريد ويسعدني أن أعمل بملابس الفريب أمّا ملابسي الجميلة فهي للأفراح.
كلاّ يا ماما ..إذن إذهبي قشّري الثّوم والبصل مع أمّك فأنت لا تحترمين العمل، رمقته بنظرة مليئة بالحقد والغضب
فهم من خلالها أنّه إنسان حقير وسيظلّ كذلك.
شعرت بالإخفاق تشتّتت أفكاري، وتثاقلت خطواتي. سرت أنظر للوجوه بشيئ من الإمتعاض والقرف أموات عند ربّهم يرزقون ،وهذه السّماء تمطر بالعلف والماء.وتكتفي بالصّمت، رجعت إلى مكتب الشّغل مرارا عديدة وفي كلّ مرّة أطرد من العمل، دائما نفس الأسلوب ونفس المعاملات، كنت أتسائل لماذا هذه المشاعر، أليس عندي حقّ أن أصنع ذاتي في كنف الرّحمة والرّفق والودّ، أليس عندي وجود حرّ،لا أفهم لماذا أنا أرتعد من الخوف لا بدّ أنّه من ظلم البشر، كتمت غيضي وقلت يجب أن تكون الشّمس شحنة نور في قلبي وشحنة دفئ وطاقة تزيل عنّي الشّكوك وتبدّد الظّلام في نفسي، وعدت إلى سيري في الشّارع المزدان بالأضواء.
ما أجمل النّور حين ينير الطّريق، أمّا اللّيل فهو لا يهدي التّائهين، النّهار يجري بنا إلى ليل حالك الظّلمة، ما أتفه الجمال حين يصطبغ بالتّصنّع والرّياء والنّفاق, الفقر المتقع يعشعش فيّ ، أبي لا يقدر أن يشتري لي بدلة جديدة، وأنا لا أقدر أن أساعده فقد آخذت منه ولا أقدر أن أعطيه شيئا،رياح الشّتاء العنيفة تظرب في عظامي من العراء والجوع يعبث بي ويضخّم تفكيري حين تغوص ذاكرتي في الإحساس بالواقع، فأذكر تتبابع الفشل في نفسي. تفوح رائحة الأطعمة في الشّوارع، أحسّ بأحشائي تتمزّق، أتساءل ؟
لمن أعدّت هذه الأطعمة الشّهيّة ثمّ أتأوّه في لوعة. ما ألذّ رائحة المشوي ، إتّي أتذوّق طعمها، أحدّق في الكبدة والمرقاز وأسأل بكم الطّبق من فضلك؟ مساء الخير ماذا تطلبين؟ لاشيئ لا شيئ، أختلس النّظرة تلو الأخري وأنا في إشتهاء عميق وأرتعد من البرد وأضيق ضرعا. ما أحلاها روائح المشوي ليت عندي المال وأقدر أن أشتري الطّعام. شعرت بالتّقزّز
ماذا أفعل؟ سأعود للبحث عن عمل.
أنا أفتّش عن عمل محترم ولا عن راتب محترم. هل أرجع ألى مكتب الشّغل؟
لا لن أعود هناك ، سأطرق الأبواب.
يجب إلاّ أفشل في البحث عن هذا العمل المنشود لعلّ في الدّنيا ما زال الخير، الشّمس لا تزال تشرق بالضّياء
أريد وضيفة متوسّطة وكفي، جرت في عروقي دفقات مملوءة بالحرارة والنّشاط والدّفئ وقلت الحمد لله على أنّي أري وأفكّر وأشعروأمشي على قدمايا.
الحمد لله على أنّي إنسان يناظل من أجل لقمة عيش شريفة ..فما أتفه الشّرف حين لا نفهم ما معناه، وقفت أمام باب إدارة ، خرجت من هناك إمرأة، ماذا تريدين، أريد عمل من فضلك. طيّب نحن أيضا نفتّش على عمّال، ما هو مستواك الثّقافي سنة سابعة آداب سيّدتي، صمتت قليلا وتوجّهت إلي مكتبها، نادتني .. تفضّلي . أحسنت سيّدتي.
جلست قبالتي وأخذت تتصفّح مجلّة للموضة وقالت نحن بحاجة إلى بنات يعرّفون بمنتوجاتنا عند الحرفاء ، قلت هل هناك شرط في اللّباس؟ قالت لا ، قلت هل هناك شرط المكياج؟ قالت لا.. فرحت، أنت حرّة يا آنسة ترتدين ماذا تريدين ولكنّ الشّرط في اللّسان أتتمتّعين بمنطق تجاري..
لم أجد ما أقول ، إحترت في إستغراب، قالت واجهي الحياة بشجاعة، أنا أيضا أنتعش مثلك لكن كلّ واحد له طريقته في العمل. أحسست بالإختناق يشلّ إرادتي، ماذا يعني منطق تجاري.. أهو منطق الحبّ وهل سأقدر البوح بشجاعة بكلمة الحب، الحبّ يدغدغ كياني ولا أقدر أن أقوله فماذا سأقول إذا كلام في الكذب، فكيف سأقدر على الكذب؟ شعرت بمنافذ الطّريق تسدّ من جديد في وجهي. ماذا سأعمل كلّ الأعمال ترفضني، أنا إذا لا أصلح لأيّ شيئ ثمّ رفعت ٍرأسي إلى السّماء في سؤال غريب لماذا أتيت، هل أنا هي المخطئة لا مستحيل إيماني بنفسي قويّ جدّا هم المخطئون، أنا أريد أن أعمل بشرف وما العيب في ذلك؟ أريد أن ألبس ما أريد.. وما العيب في ذلك؟ أريد أن أعيش كما أريد وما العيب في ذلك؟ لو لم أعمل بإخلاص لهم الحقّ وقتها أن يطردوني من العمل، حيوانات بلا ضمائر أقلّ ما يقال عن هؤلاء الأعراف اللّذين طردوني بغير حقّ. ليس لهم إلاّ الموت هو يعرف كيف يعاقبهم أمّا أنا فلا أقدر عليهم. نظرت في المرآة عينايا تحملان إرهاقا دامعا لقد كنت أصرخ من جذور قلبي وأعماقي.. ,قلت هل المرأة ألعوبة بيد هؤلاء.. هل هي قطعة حلوي ملقاة في هذا السّواد وهذا الظّلم، أليس لها كيان يحترم، أنا هكذا لماذا لا يقبلونني كما أنا، لم تكن تستجيب لي إلاّ الدّموع فهي تبرّد حرقة قلبي، ليس لي إلاّ الدّموع تريحني. خسرت كلّ شيئ، خسرت نفسي ماذا تبقّي سوي الدّموع. شيئ مؤسف للغاية، بدأت أحتقر الحياة، وأحتقر نفسي، وذلك لشعوري بعدم الإستقرار.قلت ماذا لو أتزوّج وأرتاح فالأمومة عمل مقدّس،لم أكن أعرف ما معني الزّواج، كلّ ما في الأمر إننّي أصبحت أفكّر فيه في محاولة للهروب من الواقع المرّ ... الرّجل الّذي إخترته كنت أعتقد أنّه قادر على تبديد الظّلام الّذي دخلني كثورة جامحة تدمي قلبي جرّاء الرّجال.. كانت معالم الفشل مطبوعة على ملامحي أيّام الزّواج الأعمي وإنجاب البنين في العماء، أنجبت الأبناء خوفا من الزّمن الغدّار والبقاء في التّشرّد. كان زوجي يحتاج إلى وفرة المال لشراء الكتب والتّنقّل وإرتياء المكتبات ما أحوجه إلى آلاف كلّ يوم، تفكيره كان دائما مشغول بالعمل والنّضال في الإتّحاد، كانت لا تشغله سوي البلاد الغارقة في الظّلام أمّا ظلامي أنا لا يعنيه فقد خلقت لأكون هكذا خادمة في المنزل ولكنّي كنت على ذلك مكرهة فبالنّسبة لي خدمة الزّوج والأطفال أجمل من بيع الجسد الغالي في السّوق بالمال اللّعين للكلاب والشّياطين. بدأت أشعر بالقلق والوحدة، الآلات تحتاج إلى التجدّد والرّاحة فما بالك بالإتسان، عقلى سيملأه الصّدء وقلبي غاص في الهموم، كنت أشاركه مجونه ومرحه وإستهتاره، أشاركه شقاءه وهناءه ، وأقول في نفسي أنّي أجرمت في حقّ هذا الرّجل فقد كبّلت حياته بالأبناء، والإبناء مسؤوليّة كبيرة وعويصة. لقد فعلت شيئا لا يشرّف.. نعم إنجاب الإنسان بغير عقل وشعور لا يشرّف. كنت أشعر أنّ الرّجال يقبلون زواج المتعة مع النّساء بغير عقل وبغير شعور. أحبس دموعي خلف الجفون وأضحك، وأنا أضحك في غير ما إكتراث ولا مبالات لكلّ هؤلاء الّذين لا يعرفون الحبّ ما هو؟ والحريّة ما هي؟ والإنسان ما هو؟
لا يعرفون ضوئين في السّماء إسمهما العقل والشّعور.
والعقل والشّعورما هما إلاّ كلمة وصوت والإنسان بالكلمة والصّوت مسيحا منتظر في السّماء حرّ .
فالموت رعد والرّعد صوت والصّوت عودة على بدء إنّه العقل الّذي لا يكذب.
ذاك ثمن السّماء ضمير حيّ كالقمر.
أمّا الحياة فهي برق والبرق حبّ وضياء في العيون العاشقة.
وفي الكلمة اللّطيفة الّتي تزرع الودّ والرّحمة والوفاق والطّموح والأمل والمعبّرة على حقيقة الشّعور.
فثمن الحياة الحرّة شعور صادق وحيّ كالشّمس. هؤلاء الضّوئين هما عشيقين كالعيون واليدين فرّق بينهما الكذب
والخيانة والنّفاق والأنانيّة فنزلا على أرض الشّقاء يبكيان من ظلام الموت كلّ واحد منهما في قبره وحيدا مع الذّكريات.
هما الإثثنين أمام مرآة الظلّ كلمة وصوت يبحثان عن بطولة تبقيهما إنسان وما أدراك ما الإنسان إنّه سيّد الحيوان إنّه كلمة عظيمة، كلمة معبّرة، كلمة كلّها فنّ وإبداع ومشاعر وعلوم، كلمة لها قدرة القتل كالسّيف وقدرة الحياة كالماء والضوء.
بعيدة كلّ البعد عن كلمة الحيوان هذه الكلمة الّتي تفعل كما تفعل الشّمس حين تفرز بخار الماء وتحوّله ماء صالح لرّي
الشّجرة الّتي لا نفهم ما معناها،
وريّ الأرض التّى يريد هذا الإنسان أحتكارها لنفسه والدّفاع عنها بالدّم عوض الدّفاع عن المرأة والطّفل.
هذه الأمّ أصبحت تغزو أحلامنا بشتّي أشكال الحيوانات المخيفة والمرعبة لأنّ إبنها الإنسان فضّل عليها التّرب والحجر ولم يعترف لها بأيّ جميل ذلك لأنّها أحبّته إنسان عقلا وشعورا وإعترافا بالجميل.
فدموع التّماسيح لا تنفع والصّلواة الكاذبة لا تجدي معها هذه الكلمة الّتي تفرز الإنسان من الحيوان كما يفرز الثّدي الحليب، هذا الحليب الّذي فقد الحنان وأصبحنا نعطيه للأطفال مغشوش ومعلّب لأنّ هذه الأمّ أصبحت غير قادرة على ضخّ الحليب لطفلها فزوجها لا يسقيها بالمحبّة والإحترام والرّأفة والشّفقة فالزّوجة منكوبة في القبر المنزلي .
أمّا الحنان والحليب والحبّ والحريّة من جملة المبيعات في الأزقّة المظلمة والشوارع فلماذا يتزوّج ما دام البقر الحلوب موجود في الشّارع بأبخس الأثمان وكذلك الدّجاج والإبل والمعز العاري بوجوه مستعارة ليست على حقيقتها. ولا تعرف كيف تنظر في مرآة الأحلام الخاصّة جدّا جدّا.
زد على ذلك الجمال والعطر والقدّ المليح واللّسان الفصيح.
لهذا الإنسان كذلك يدان يمتاز بهما على الحيوان يدان يصنع بهما المعجزات وله جسد من أجمل الأجساد وله عقل وشعور من أجمل الصّفاة. لكنّه أعمي لا يزال يصنع بهما الحرب عوض الحبّ، عيونه حفر بلا معني.
يصنع الكذب والخيانة والموت والإستعمار مع أخيه الإنسان. المرأة والرّجل واحد، كما الشّعور والعقل واحد.. كما الرّمشين والعينين واحد .. واليدين والساقين واحد ..والرّوح واحد. هما روح واحد في جسدين. الشّمس والقمر عشيقين يبكيان بصدق المطر والنّور والوجدان. فما أبعد دموعنا المالحة على تلك الدّموع. وما أبعد حبّهما على حبّنا وصدقهما على صدقنا بدونهما نحن في الظّلام والعطش والموت كالحيوانات السّائبة بلا عقل وشعور. حيوانات للّحوم والأكل، فالإتسان يأكله التّراب لأنّ التّراب صادق كما الشّعور فإن زرعنا الشّوك نحصد شوك وإن زرعنا الورد نحصد ورد كذلك الكلمة ما نزرع بها نحصد. المرأة من رجل والرّجل من مرأة، النّهار من ليل واللّيل من نهار، الماء من ضوء والضّوء من ماء، الصّوت من كلمة والكلمة من صوت، القمر من شمس والشّمس من قمر والحبّ واحد أحد، أعني إثنان في واحد.
فالصّوت صوتنا والكلمة كلمتنا والظّلم ظلمنا والضّياء ضيائنا.
والعقل عقلنا والشّعور شعورنا.
ونحن تحت القضاء والقدر والشّمس والقمر والكلمة والظّل. نحن في معركة التّراب من أجل تحقيق ذات الإنسان.
وفي معركة الموت من أجل العشق والحريّة ومن مات فداءا للمحبوب مات شهيدا. الحبّ زوج حمام والسّماء ضوئين لا تقبل إلاّ العشّاق
والحبّ الصّادق والوفيّ.
والكلمة هي نبض القلب ومجري الدّماء فلا أحد قادر أن يكذب أمام ظلّه ونفسه وروحه وصوته.
فمن عشق نفسه فقد عشق الموت والعبوديّة لأنّ النّفس العدوّ اللّدود للأنانيين والحبيب الودود للعاشقين فمن عشق الآخر كنفسه فقد عشق الحياة والحريّة فالحبّ موت لأجل الإخر
فإن مات الجسد فالكلمة لا تموت والصّوت لا يفني.
وما الدّتيا إلاّ يوم إمتحان منها يكرم المرء أو يهان


vendredi 14 novembre 2008

الصّدق والأصدقاء

تهبّ عاصفة تجرّد الأشجار من أوراقها فتصبح الشّجرة في حاجة إلى الحرارة لكي تبعث فيها الحياة،
تهبّ عاصفة تجرّد الإنسان من المحبّة
فيصبح في حاجة إلى الصّدق والوفاء كي يمنحانه الحريّة والحياة. تبتسم الحياة بوجود الأصدقاء وتعمّ الوطن نشوة أخّاذة تبتلع الصّقيع وظلام اللّيل. في جوّ الصّدق يحيط بالمكان الضّياء وتقتحم النّفوس محبّة تتقّد جمالا وإبداع، يبتسم اللّيل بالإصدقاء كالنّجوم المضيئة في السّماء، الأصدقاء تلاحظهم الشّمس وتلهمهم حقيقة طعم الوجود كنجوم تتلألأ أو زهور مختلفة الألوان والرّوائح.
ويتحرّك برزخ الجمال يحجب النّظر عن قبح الأشياء.
آه لو تتمكّن الشّمس من إيقاظنا من البرد المميت وتجعلنا نقاتل شياطيننا الدّاخليّة،
فالغنى الحقيقي هي تلك الحريّة التّى تسمح بالتّعبير الحرّ على ما في الوجدان من غيوم.
فالطّقس السّيّئ يضرّ بالبستان بموجة الصّقيع والضّبابيّة ، المرأة في بلادنا مخلوق دوني لكن بالعكس فلها طبيعة خاصّة يجب أن تتعادل مع الرّجل كي يستنشقون نفس الحياة العظيم، وقتها سنظفر بنتائج باهرة، لو يضيئ علينا شعاع الصّداقة المشمس الحارّ الّذي يبعث جوّا من السّلام والاّتفرقة سنصبح أحرار،
فالشّمس تتألّق لكنّنا لا نستفيد منها ولا تدفئنا أبدا بل تحرقنا حرق لأنّ القلوب بلا صدق، بلا محبّة، بلا حرارة, فجهلنا بمعاني الصّداقة وكوننا لا نمتلك إلاّ حدسا مبهما يغرق قلوبنا بقلق غريب ويجرّنا للوحدة والإكتئاب.ذلك هو جهلنا وعجزنا علي مواجهة مشاكل الحياة وخصوصا إفتقادنا للصّدق والمحبّة على ما يبدو.
إلاهي متي تلمع الشّمس في القلوب لتشرب الخيانة والكذب والنّفاق كي تغنّي العصافير للصّداقة والصّواب، فنحن نمرّ بالقرب أحلى أشياء الدّنيا بدون إنتباه. الصّداقة لغة القلب والعقل وبصدق العقل والقلب يصدق القول. أودّ أن أصرخ بأعلى صوتي أرجوكم تأمّلوا الشّمس إنّها تتغنّي بالحقّ والمحبّة والشّجرة والعصفور. تأمّلوا النّهار الجميل، تأمّلوا الحمام وإنتبهوا لغيم القلوب الدّاكنة والهائلة، تأمّلوا الهواء المفعم بالنّفس الحارّ تأمّلوا إشراق الضّمير والرّوعة، تأمّلوا الإنسان. غدا سيضيع النّفس والهواء وهذا النّهار لن يعود أبدا أبدا.إنّه مهدي لكم لكي تنظروا وتتأمّلوا إنّه تحت أقدامكم مثل وردة زكيّة تنتظر أن تلتقطوها وتغرسوها في قلوبكم.

الشّمس والأرض هما الصّداقة هما الحبّ هما العطاء كلّ العطاء..
القلب الّذي لا يتبادل العطاء سينعدم ويبقي العطاء متواصلا.
لقلب الّذي لا يتبادل العطاء ـأنانيّ سيبقي يترجّي في قطرة عطف ونبضة حبّ وبسمة صفاء.
فالرّبيع يتلهّف إلي حرارة الصّيف كي تنضج ثماره ويكثر عطاءه.
هكذا الإنسان الصّادق يجب أن يخضع نفسه للرّبيع والإستفاضة وإنارة السّبل.
إنّ الحياة تعطي بالصّدق في القول والإخلاص في العمل وأحلام الأيّام واللّيالي تقتلع قطرات التّعب والعرق وتبعث الدّفئ والحنان شبيهة بقطرات المطر الّتي تنزل من الغيوم لتزهر الحياة وتبعث التّجدّد وتطمئن وتغسل الغبار وتخضر الحقول. الصّداقة الّتي لا تمثّل دورها الحقيقي والّتي لا تدفع إلى الإلهام والإبداع ولا تنشر الخير والصّفاء والّتي لا تقدّم لمسات فنيّة في بحر الوجود ليست صداقة إنّها إنغلاق الحبّ عن العاطفة الإتسانيّة.

الكذب يسوّد القلوب وهو من أرذل الطّبائع ومن الرّذائل ثلاث صفات من وجدوا فيه ليس بإنسان، من إذا وعد أخلف وإذا حدّث كذب وإذا أؤتمن خان فلا يحظي صاحب هذه الطّباع إلاّ بالخزي والعار دنيا وآخرة.
ما أشقي الغربة على النّفس وما أحوج الغريب إلى شمس بلاده الدّافئة
في بلادنا المظاهر ساذجة والضّحكات يدفنها اللّيل وتضيع.
نرقص والهواجس تتزاحم في رؤوسنا الثّقيلة تسأل أنا ظالم أم مظلوم.

نرقص كما يرقص بنا الضّباب في الأفق.
ليتك يا زمن تبتسم وتفتح حتّي ولو نافذة في وجوههم،
الظّلام أكلنا . الظّلام يزحف بنا. يداهمنا في الزّوايا الظلمة.

ظلام يحمل اليأس ويرسّب الفشل وأنا أملأ صدري بدخان الحبّ المسرحي ، والصّدق المسرحي، والحريّة المخجلة المسرحيّة.

أملأ صدري بالجريمة الغامضة الّتي تعني أنّنا في النّهاية.
فقد بدأت ترسل إنذارات شخيرها المخيف. ما أتعس الحياة حين تنقلب الحريّة جنس ودعارة ويصبح الإنسان عبد للغرائز والشّهوات مذلّة ودوران في دوّامة سخيفة. الحياة هكذا تصبح رقصة في العبث والإستهتار وينتهي كلّ شيئ.

jeudi 13 novembre 2008

قلب الزّيتون

أعيش بإيمان أنّ القلوب الّتي تنبض للعشق، للتّجدّد، للحريّة والخلود لا تموت. وإنّ الصّراعات الّتي يعيشها المرء هي تلك الّتي تندرج في إطار مقاومة التّسلّط والعبوديّة والإستعمار مهما كان نوعه. ذلك الإستعمار الّذي يقتل ويدمّر ويحطّم.لكن إرادة الحياة هي الرجّة الكبري داخل كيان الفرد وإن سلبت الحريّة تصبح الحياة بلا معني ويصبح النّضال من أجل إستعادتها حركة فاعلة وإيجابيّة، فالوقوف مع الموت والفناء يعني أنّ لاحياة ولا حريّة و لا حبّ والوقوف بجانب الإستعمار يعني عدم الإيمان بالإنسان والأرض. الإستعمار هو الموت ، هو شلّ العقل والقلب كي يبقي الإخر حيوان يعيش بغريزة الإستهلاك، إنسان بلا عقل ولا شعور ماذا يكون ?هو حيوان للإستهلاك. والموت هو الشّيطان الّذي يحارب الإنسان عقلا وشعورا ويودّ النّزول به إلى مرتبة الحيوان وحرمانه من صفته الإنسانيّة. الإستعمار يجعل الشّعوب سوق للإستهلاك ويعتبر الآخر ناقص عقل ودين كذالك يفعل الموت مع الإنسان الّذي لا يعرف كيف يستعمل عقله وشعوره.لكنّ الإيمان بالحريّة يشعّ في النّفس ويبعث فيها الطّمئنينة ويلهمها طاقة الشّجاعة والقوّة، ذاك الشّعاع الّذي يعكس الحبّ المقدّس ويتغنّي به ويؤكّد حقيقته الأزليّة.
هذه إمرأة تمقت الضّيق والظّلام والخوف والرّعب. تنظر في عيون النّاس كلّ واحد يحمل عبئه فوق كتفيه، وقد يشعر كلّ واحد منهم أنّه يسير بثقل ولكن ذلك لا يقلقهم. هم يفهمون أنّ هناك شيئا ما يتأرجح تحت ثوبهم الهالك، هم يعرفون أنّ هناك شيئا ما ينمو داخل نفوسهم وأنّ أمرا خطيرا ملأ النّفس. أحسّت أنّ عليها أن تراجع موقفها من النّاس. إنّها تعلم أنّهم سيأتون أولائك اللّذين تكرههم وتكره الزّعيق بسببهم, حين يفتحون الباب يجب أن يصطدموا بشيئ ما.عليها أن تكتب شيئا ما.. ألقت نظرة على القلم والورقة إنّها ستسقط يوما ما على الأرض كالورقة. أحسّت بقشعريرة ثمّ إبتسمت وكتبت أيّها الإستعمار، أيّها الموت صورتك كالمدخنة سوداء، صورتك سأهدمها حتّي تبقي البناية جميلة ، كان شعور بالإنتقام يدبّ في صدرها، وكتبت الفجر يشرق بعد الظّلام, إنّها ستغادر الدّنيا بلا رجعة، هذا مستحيل وقالت في نفسها
أيّها الجسد الّذي أودّعه الأن إنّني أحبّك وكم سأظلّ أحبّك، أنا لا أؤمن بالشّؤم و لا بالخطر بل أريد أن أتحرّك داخل دائرة أشعر فيها بالحريّة والإرتياح إنّها فرحة أختزنها ليوم آخر، فهي لن تموت فيّ أبدا، إنّها مختزنة داخل صدري كالكنز داخل الأرض الكريمة أو كالماء في طبقات السّحاب.عادت تلاحق بنظرها السّواد الّذي يرافقها، يجب عليها أن تكون شجاعة وقويّة.
فكّرت كيف عليها أن تحمل مصيرها ، فكّرت أنّه يجب عليها أوّلا أن لا تعبس أبدا ،ولا تقلق ،الحياة ميدانها واسع.
أطلقت ضحكة طويلة.. أتري هذا الظّل بإستطاعته أن يزوّر شخصيتها ويظلّلها.. الظّلال على الأرض كالألواح كالأشباح
تنهّدت ثمّ قالت هذا الظلّ خال من الهموم والوساوس والأتعاب آه لو أصبح بلا همّ مثله.هذه هي السّعادة الّتي تدفع الإنسان أحيانا إلى الإنتحار ليصبح بلا آلام ولا أتعاب. لكنّها لا تشعر بالسّعادة، إنّها تعاني من الحرمان من كلّ شيئ من العلم والحبّ والحريّة. عادت تسأل من يا تري حدّق في الشّمس لتخضّ دماغه كما خضّت لها دماغها كالحليب في الشكوة? ثمّ نظرت إلى الظلّ، سارت تحمل في قلبها غصّة الغريب وأمل يحمل الخير لكلّ النّاس. ما عساني أفعل مع هذا الغريب ، إنّه يتمدّد أمامي كاللّعنة،
وينمو فيّ وقد بدأ المساء يزحف والمسافة تقصر أتري المساء سيجمعني به أم هو الصّباح.
تمشي بلا هدف وكأنّها تفتّش عن شيئ معيّن سيطعنها من حيث لا تدري ومن حيث لا تراه.
أحسّت بالتّعب ، سألته أأنت غريب عنّي?
لماذا أتيت?
ألم تتعب من ملاحقتي?
لماذا لونك حزين هكذا?
لعلّك عميل .خائن ستبيعني بكم ?ولمن?
ماذا تريد?
أن أتعرّي أمامك حتّي تقرأ تفاصيل حياتي لعلّ هذا يشبع نهمك?
إنّي أكرهك .. هل تحمل لي نفس الكراهيّة?
لعلّ أفكارنا تتّجه نحو منعرج واحد
ماذا تقول .. أوساخك في الصندوق
أيّ صندوق وأيّ أوساخ.
تصبحين على خير.
إنّي خارج سأعود
أين ستذهب أتتركني وحيدة
شعرت بالوحدة في ذاك الخلاء المفزع الّذي يصنع الخوف ويستر الشّجاعة ويمزّق الإطمئنان إعتلت متحاملة
عاودها إختناق الأنفاس في ظلمة غاطّة ثقيلة ووحدة شاسعة فلا تري ظلال ولا تري ذاتها لكنّها تحضر مشاهد متحرّكة شتّتت عقلها وفتّتت قلبها وجعلتها تنتظر أوجاعا أكثر ممّا يتحمّل جسمها ويقوي على إيجاد حلّ لحالتها المريرة.
تملمت وصعق صوت أجشّ حادّ، ذلك ما زاد في عنف رهبتها وعسر حيرتها.
الظّل يتصاعد عموديّا كالمعلّق في الفضاء ظلّت في متاهات الضّياع فارقت نفسها كلّ مستحبّات الأمن أغمضت عينها عن مشاهد النّهاية الّتي لا مفرّ منها
ينبعث الصّوت من واحة القلب فتتيه في الأصداء.
إنّها على موعد مع الغريب المجهول.
إلتفتت إلي المرآة كانت تنتزع منها خيالات أفكارها المحترقة، وترهق وجدانها بشرائط من الذّكريات. لم تهتدي إلى طريقة ترتاح لها، تاهت في الفزع، رأت أمامها كهلا مثقل، أرادت أن تستفزّه بأيّ شكل
ربّما الحديث معه فتح في عالم المجهول.
نظرت إليه رأت في عينيه بحرا يتماوج على سطحه إكتمال النّضج
قال بصوت يحمل أمواجا إفتحي عينيك، وضع نظرة على نقطين من البياض السّاكن هناك منذ الأزل كأنّهما منارة
ألقت عليهما شمس العدالة من إشعّتها إمضاء. كان يقرأ أشياء لا تفهمها، وكانت هي تنظر للبحر في عينه وكأنّها تري طيرا يتوغّل حتّي غاب في الإمتداد إلى ما لا نهاية، إنتفضت في مكانها وقالت أرجوك لا تبتعد عنّي لا تغيب كما غاب ذلك الطّير في البحر.
قال أنا هو ذلك الطّير.
صاحت لا لا أنت معي الآن .. لقد إبتلعني بحر عينيك، فيهما طيش وسلام وهروب ومغامرات إنّها ميزة مواجهة الحقيقة
مع القوّة قصد تحقيق الإعتدال مع مرآة الذّات.
الحياة دوافع وأغراض ولكلّ منّا دوره في الحياة. رفعت إليه بصرها متوسّلة إنقاظ حياتها من الموت. وقالت بصوت منفجر بالبكاء. لا تغتالني عقلا وقلبا وجسدا.
قال أنا ما جئت لهذا الغرض ثمّ قدّم لها بطاقة هويّته الأستاذ عبد الرّحمان مكلّف خاصّ بالتّحقيق.
إذا القوّة بيد من?
أنا من يا أستاذ? ومن لي أن أعرف سواك?
تخيّلت أنّها تسمع أصوات وخطوات تسرع ..
لم تعد تميّز شيئا وقد بدأ الدّوار
سألت أين أنا?
كانت سعيدة قبل أن يضيّقوا عليها الأرض، أصبحت تدرك معني السّعادة الّتي عاشت في ظلّها أعوام
ها هي في عالم آخر، عالم جديد رأته يقطع الغرفة جيئة وذهابا يمشي من مكان إلي آخر
لعلّ عالمه أوسع من هذه الغرفة وأوسع من الشّوارع، لعلّه يتخطّي المكان والزّمان، تساءلت عن أيّ شيئ يفتّش
بدأ الفجر يقترب واللّيل شرع في الإبتعاد وكان في نفسها حنين لا يقاوم ،
حنين يشبه حنين الطّفل ليوم العيد وملابس العيد وأهل العيد، شعرت أنّها تكره اللّيل بقدر ما تحبّ النّهار ونفسها فرحت لتستقبل الفجر بكلّ ما فيه من دفئ ومن نور ومن حيويّة.
سألها هل داهمك الخوف. لقد كنت من الخوف تلهثين، أجل كنت ألهث لكنّي لم أكن خائفة
قالت .. يجب أن أكون حرّة قال.. ألست حرّة ?
لا تتهكّم أنا كالسّمكة داخل الشّبكة أو كالعصفورة داخل القفص
كانت أنوار الشّمس ساطعة والدّفئ يسري داخل عروقها.
قالت لقد تجلّي الظّلام إنّه يوم عظيم.
قال إنّه بداية لما هو أعظم.
لم يعد للزّمن صلة شخصيّة معها.
إنقشعت غشاوة قلبها ورفعت نظرها في سكون عريض.
هذه الظلال التّي ترفرف على الزّرقة يتساقط منها اللّؤلؤ وتنبثق منها جداول الحبّ والعطاء، نظر في عينها فوجد نفسه في زرقة ممتدّة قد هدأت رياحها ، غاب في ذلك البحر تأمّلا حيث إستفزّه البحث عن مواقع الحرائق المتأجّجة في الإنسان، مسحت دمعة من عينها كأنّها تمسح القذارة.
وقالت له لم أكن أتصوّر أن أجد إنسان مليئ بالمفاجئات مثلك.
أريد أن أكشف عن نفسي بنفسي. أريد أن أنزع أخطائي بنفسي.
أجل لقد أزلت غشاوتك بنفسك بعقلك، بالنّظر إلى مرآة ذاتك، لقد أصبحت إنسانة وهذا أكبر كسب يصل إليه الفكر الحرّ
فعندما يتسلّق العقل أخطاء ذاته يستقرّ في هدوء الإيمان الزّاخر بالصّفاء والحبّ، فتستيقظ المشاعر في لحظة إنبهار الحقيقة وروعة الطّريق الآمن برضا عقلي ووجداني.
لقد خلّصت أفكارك من الشّرود الأرضي لتصلي إلى ميناء السّماء الخالد.
حاولت أن تتذكّر أين ذهب ذاك الصّديق كم هي مشتاقة لرؤية وجه ذلك القائد العظيم.
إنّها في حاجة إليه كي يلوذ بها كما يلوذ الطّير بأعلى الشّجرة حين يدركه اللّيل تخيّلت وجهه يفيض بالنّور
والسّعادة، سعادة المؤمن الصّادق هو رجل لا يتعبه التّعب ولا يعقّده الملل، إنّها تحبّه بكلّ صدق وإخلاص من أعمق أعماقها. لقد تركها دون أن يرهقها بالأسئلة.
لذلك أصبحت تشعر نحوه بحبّ لن يتزحزح،قد يكون هذا القائد هو الضّميرالجميل والرّابطة بيننا وبينه
أبقي من كلّ شيئ. هو الهدف الّذّي يلوح من بعيد وينبض فينا كما تنبض الشّمس..
يمزّقنا كما تمزّق الشّمس السّحب الدّاكنة لتجد طريقها إلي الأرض لتعيد لها الخصب والريّ هدفه ينبض كما تنبض القلوب بالحبّ والحنان، والقسوة والجبروت هو الّذي يفجّر من جباهنا العرق كأنّه من جسم واحد.
الضّمير لا يموت والزّمن لا يموت أنّه يعي بالنّاس الّذين يحملون في قلوبهم ثورة وحماس.
إن كانوا يحملون في أصواتهم كلمة الحريّة تلك الكلمة الّتي يتنفّسونها كالهواء ويطالبون بها كالخبز والماء ويعملون من أجل وجودها كالحياة. الزّمن يعي النّاس الّذين في وجوههم إصرار وفي أصواتهم قوّة وعزم وحتّى إن قتلوا لأجل الأرض والحريّة والحياة الكريمة فهو يطمئنهم أنّ دماء الشّهداء لن تذهب هدر.
لنكتب ونواجه بدون سلاح لأجل الحريّة والإنسان.
لنكتب ولا نخاف الظّلام
فالنّور يسحق ظلام اللّيل
لنكتب ولا نخاف الموت فالكلمة الحرّة للشّرفاء حريّة
لو أطلقوا علينا النّار سيظّلّون في هلع ورعب
لو ربطوا أعييننا سيفعلون ذلك وهم يرتعدون خوفا من الموت
كلّ حرّ مشدود للحياة بقلبه، بنبضاته
لن يموت البريئ حتّي وإن قتلوه
يضعون عليه التّراب ومع ذلك لن يموت
يتعفّن الجسد وتخرج منه رائحة تقول أنا لست للموت أنا للحياة
أنا أؤمن أنّ اللّيل سيتحوّل إلى فجر جديد
أنا أؤمن أنّ بعد السّجن لا بدّ من الحريّة..
.

lundi 10 novembre 2008

إمرأة في مهبّ الرّيح

كانت أمّي تنظر لي من خلال كرتين من الحنان والضّوء المعتّم ، من خلال تاء مربوطة عليها نقطتين وتاء مفتوحة فيها نقطتين.
أمّي تتحلّي بالصّبر والعطاء وحبّ الحياة منغرس في روحها.
أوّل ما علّمتني الصّدق والوفاء في العمل وفي المحبّة تقول إنّهما مبدئ في الحياة لا جدال فيهما.
كانت تعلّمني أنّ الثّوب لا يرفع إلاّ نظيف، ومرتبة الشّرف لا يطولها إلاّ الشّريف ، والماء حين يخرج من تحت الرّواسي يكون خفيف ،والحبّ بعد الألم كالحليب عفيف ، والقلب لا يغمره الفرح إلاّ إذا كان صاحبه لطيف. والضّوء لا يفهم سرّه إلاّ الكفيف.
ليس للعقل سلطة على أمّي. تقول أنا إمرأة متعطّّشة للوجود والحريّة عطش الصّحراء للماء، متعطّشة إلى أن أكون لنفسي لا لأجل الآخر، فها هو فرخ الحمام حين يكسوه الرّيش يتحرّر من أبويه و تصبح له حياة خاصّة به ولا يتدخّل في شؤون حياته أحد.
سألت أمّي .. إذا أنت حوريّة أو حمامة يا أمّي سقطت من السّماء فقصّ لك الرّجل جناحيك ووضعك في قفص ذهبي حتّي أصبحت دجاجة.. ضحكت أمّي وقالت تماما ما تقولين يا أبنتي
لا أحد يعلم شيئا عن الأصل الّذي منه أنحدرت.
كما لا أحد يعلم أنّ الحريّة حقّ للجميع وبها يغمر الوطن الطّهر والعفّة والجمال والفرحة.
ها نحن بالعبوديّة وصلنا إلى حدّ أصبح كلّ واحد منّا غير قادر على تحمّل الأخر وسط الأكاذيب والغشّ والخيانة أكثر ممّا تحمّل.
أمّي هل سنتوصّل يوما إلى تغيير أنفسنا ومن ثمّ تغيير العالم
تنهّدت وكان زفير صوتها كأنّه منبعث من أعماق البحر محمّلا بثقل صبر قديم متناه في القدم
كانت تسألني لماذا للرّجال سلطة الدّنيا والدّين ?وماذا للنّساء? كانت تسأل هل الأرض لهم والحريّة لهم فقط
حين كنت أقرأ لها رواية ، كانت ترافق السّارق لباب الدّار وتسأل الحروف عن سبب الدّاء، كانت تقلّب الكلمة كأنّها ستجد تحتها قطّة أو عقرب أو ذئب أو عفريت.
لماذا النّساء يعشن كالبهائم خاصّة اللّواتي في المنازل وراء القضبان أليس لهنّ وجود، أليس لهنّ حقوق، أليس لهنّ إستشارة.
من يقرأ لهنّ حساب، جلهنّ لا يقدرن على تبليغ أصواتهنّ. هنّ موجودات بالفعل وثمّة أطفال أيضا موجودون كذلك.
يا للحقارة الأمّ والطّفل تحت مسؤوليّة رجل فقير ينفق عليهم بما أملاه عليه عقله الجاهل والاّمسؤول.
من المسؤول عن حقّ الأمّ والطّفل? هل هو الهوى? هل هو الحبّ ?هل هي الدّول? هل هم الأزواج?
تقول لو أحدهم يخبرني عن العذراء من هي.. والإبن الحرّ من هو?
وما معني الشّجرة وما معني العصفور?
وما معني العدالة وما معني المساواة?
لو أحدهم يخبرني عن روحي، وهل لي روح خاصّة أم لا، وما عساها تكون. ولماذا عندي روح وماذا تشبه
هل روحي مكنسة أوساخ ملقاة وراء الباب?
أم هي فلفل أحمر تهرّس بالمهراس? أم هي وعاء من صديد? كيف يفعلون بروحي هكذا?
ثمّ رفعت صوتها على تلك الصّخرة الّتي تدعي أبي
و قالت ..بودّي أن أسألك هل الشّجرة تغرس من القلب أو من الأوراق?
قال أبي من القلب طبعا ..قالت ..وماذا في قلبك شجرة دفلي أم شجرة دقلي?
كم يلزمك من وقت حتّي تفهم الشّجرة?
كم يلزمك من حبّ حتّى تكون عندك شجرة أوراقها متعادلة?
وكم يلزمك من صبر حتّي تصير عندك زيتونة مملوءة بالزّيت ، زيت يكسب متناوله قوّة ونشاط.
وبما أنّك لا تفهم الشّجرة فأنت لا تفهم العذراء ولا تفهم الزّوجة ولا تفهم الأمّ ولا تفهم الأنوثة
تريد نفسك كالعصفور حرّ
أيّ حريّة تنشدها بجناح واحد والأخر مكسور.
هل لك أن تخبرني كيف ستتحرّر من منبتك الأرضي ?
لا بدّ بالظّلم وليس بالعدل ، بالكذب وليس بالصّدق ، بالخيانة وليس بالوفاء
بالإكراه وليس بالعشق ، بالمال وليس بالكمال، بالغريزة وليس بالعقل
بالعبوديّة وليس بالحريّة.
كان أبي يحدّق لأمّي وكانت في أشدّ ثورتها، وبدأنا أنا وإخوتي نشتمّ رائحة الزّيت المحروق بينهما
في الصّباح إستفاقت كعادتها تطهي الحليب وتحضر الخبز وتعدّ مائدة الأفطار
إلاهي ما أقواها تتصرّف وكأنّ شيئا لم يكن.
سألتها ما الّذي وقع بينكما البارحة يا أمّي. ألم يضربك أبي... ألم يهدّدك بالطّلاق
لقد أصبحت عجوز حذاري وهو شباب.. شباب يا أمّي شباب
ضحكت وقالت أنا واعية بما أفعل وإنّي لست ضدّ أبيكم ، نحن نواكب الأزمة جميعا
سألت أبي ما رأيك بأمّي ..
قال حائرا. لكأنّي تزّوّجت بإمرأة أخري بدأت أتعرّف عليها الأن أماّ زوجتي كنت أجهلها.
أمّك تريد أن تقلب الأشياء رأسا على عقب، تريد أن تزرع في كلّ قلب شجرة لتمسي الحياة خضراء
مزهرة الأرض والبشر.
هل أنت سعيد يا أبي?
سعيد وخائف في نفس الوقت
ما الدّاعي للخوف?
أسئلتها غريبة غاية في الغرابة
كيف ستجيبي إن سألتك كيف الإنسان يسلّم جثّته للموت?
سؤال غريب يا أبي ليس لي عليه جواب.
ضحكت أمّي وقالت يا لكم من أغبياء
هل يوجد أجمل من جسد الإنسان على الأرض
هل يوجد أجمل من القول والفعل
هل هان العقل، هل هانت اليدين، هل هانت الكلمة، هل هان العمل والإبداع
ماذا فعلتم بكلّ ذلك?
كيف يرضي هذا الإنسان أن يغيّر له الزّمن شكله ولغته
قلت أمّي هل يتغيّر الإنسان إلى شيئ آخر.
قالت وهل تتغيّر الدّودة فراشة، والقلب شجرة، والبيضة عصفور؟
أيّ إنسان حرّ لا يرضي أن يلقي به في سلّة المهملات أو في مصبّ الفضلات
كالكلاب والقطط والدّواجن.
من هو هذا الإنسان إن كان لا يسعي للرّفعة والتّحرّر من الظّلال والخطايا
أليس للعقل حرمته وللشّعور كذلك?
تقول أمّي هل فعلا يلزمنا هذا العقل وهذه الأحاسيس ، وهذه الأيادي
الدّين وراءنا وليس أمامنا..
هل لنا أن نفرّق بين الحريّة والعبوديّة
كيف هي تصرّفات عقل العبد وكيف هي تصرّفات عقل الحرّ?
هل لنا أن نفرّق كيف يحضر الحيوان طعامه وكيف يفعل الإنسان?
وكيف يتكلّم الحيوان وكيف يتكلّم الإنسان?
سألتها أمّاه هل تحبّين زوجك?
بصراحة لست أدري.
لكن ما معني أن يحبّ المرء?
وهل في الملكيّة والعبوديّة هناك حبّ?
عشت مع زوج ملأ قلبي خوف ورعب، يعاملني معاملة البهائم والإبل والدّجاج وصبرت صبر جدّتي وجدّة جدّتي
وتراكم صبري قرون وقرون حتّي تبخّر مصيري في الاّجدوي. مسكين هذا الزّوج سرت عالة عليه أنا وأبنائي
وليس له قدرة أن يوفّر لنا العيش الكريم. نصيبه أنّه تزوّج بإمرأة كالبهيمة تسهلك فقط وليس لها عمل وليس لها أجر
قلت لكن أمّي أنت تعملين في المنزل وتربّين الأطفال، عمل المنزل غير معترف به لا بدّ من مردود يعود على أصحاب
الأموال بالفائدة.. الطّفل أمام المال لا يمثّل شيئا وأنا بلا عمل لا شيئ.
حجبوا على النّساء نورالحقّ والعلم.. ونور المحبّة والحريّة، كلّ المشاكل الّتّي نعيشها سببها معاداة المجتمع للمرأة..
حجبوها كالغراب في خرقة سوداء فلا ندري ماذا تحت السّواد.. وماذا في الظّلام. لا بدّ عقول نيّرة متطلّعة لمستقبل واعد ومشرق.
تقول بإمكان الإنسان أن يغيّر بيتا أو مدينة أو بلد لكن هل هو قادر أن يغيّر ما بنفسه، من يدري لعلّ النّفوس والقلوب في حاجة إلى أن تدهن بالأبيض مثل المقابر والمنازل.
تتوق أمّي للعلم والحريّة توق الأرض للماء والضّوء، تقول هذه السّماء يا إلاهي ما أحلاها وما أروعها وهذه الطّيور المتحرّرة، سماء بلا حدود ليس فيها أديان وليس فيها معارك بين أجناس الطّير..هذه الحضارة زحفت بنا إلى مأوى العجز والمجانين فكلّما سمعت بإختراع جديد مثل التّلفزة والحاسوب والمذياع والهاتف يركبني الغضب كما لو كانت النّار مكتومة بأعصابي منذ زمن بعيد .
لا أحد من أبنائي قادر أن يفسّر لي شيئا عن تلك الإختراعات..
فأنا بسيطة وساذجة لدرجة أنّي أتصوّر المذياع صندوق يتكلّم أو هو ساحر أو جنّ ملمّ بجميع شؤون الحياة.
نواكب هذا التطّوّر حتّي ولو كان فيه حدفنا..في تلك الآونة جاء أخي ليحملنا بسيّارته الّتي جلبها من خارج الوطن، وكان أهل القرية ينظرون إلي أخي كأنّه بين عشيّة وضحاها أصبح أمير . فمن له سيّارة في قريتنا يتصرّف مثل الملوك والسّلاطين، حتّي أنّ صبايا القرية كلّ واحدة تتمنّي لو يخطبها أخي ويحملها ولو مرّة بسيّارته ويجول بها في أنحاء المدينة.فبنات قريتنا ليست لهنّ دراية بالسّيارات و لا بالإختراعات ولا بالعلم ولا بالثّقافة ولا بالفنّ.
لهنّ دراية بترويض البغال والحمير والبقر والعمل في الأرض بأجور زهيدة للغاية.ذهبنا مع أخي للمحكمة لحضور جلسة فريدة من نوعها ، إنّها فتاة أجبروها على الغناء يوم وفاة والدتها. في الطّريق كان النّاس يحتفلون بعيد النّصر وبرز رجل صفّقت له الجماهير وكان أمامه إنفجار من البشرّّ. كنت أنظر لأمّي فهي لم تتحمّس للهتاف. سألتني من هو ذاك الرّجل قلت رئيس حزب العمل، إنّه الرّجل الّذي عقدت عليه الجماهير آمالها ورشّحته ليجلس على العرش.قالت أمّي أتراه يفكّر بالأمانة والصّدق والوفاء لتعهّداته. قلت أنظري النّاس أمّي إنّهم يتطلّعون إليه وكلّهم تفاءل. ضحكت وقالت سنري ما يكون منه. لكن أيّ رئيس لا يفكّر بحقّ الأمّهات والأطفال هو رئيس ظالم، أليست الجنّة يا إبنتي تحت أقدام الأمّهات.
قلت لم أفهم ما تقصدين?
قالت الدّولة يا إبنتي كالشّجرة والشجرة أوراقها متعادلة وكما الشّجرة لكلّ الأوراق كذلك الأرض لكلّ البشر. الدّولة خليفة اللّه على الأرض واللّه عدل وميزان، ألم تقرأي ذلك في المقابر فليس للإنسان سوي مترين من التّراب.
ألم تقرأي ذلك على أجنحت الطّير اللّه ميزان وعدالة قلت كم هي صعبة يا أمّي المسؤوليّة. إنّها مسؤوليّة العقل والشّعور.. لا أحد منّا يا إبنتي خلق لنفسه جسد أو روح لكنّ الإنسان مسؤول على نفسه بهذا العقل وبهذا القلب بهما يصعد وبهما ينزل ، يتحرّر بهما أو يسجن بهما..واللّه لا يظلم البشر، الإنسان لديه كأوراق الشجر لا فرق بين هذا وذاك، كلّهم أبناء تسعة شهور، وكلّهم بعقولهم وقلوبهم ونفوسهم.اللّه محبّة وكلمة حقّ وحريّة..
السّياسة يا إبنتي تعني المال سحقا للمال أمام حريّة الإتسان والرّفعة به من قيود الموت وقيود الملكيّة . الإتسان أخذ كلّ شيئ بالمال ألاّ الحريّة فهي لا تعطي إلاّ بالعذاب والموت والتّضحية في سبيل الآخر.
وصلنا إلى المحكمة وهناك وقفت فتاة تشكو مسؤول قد أجبرها على الغناء في عيد النّصر الموافق ليوم موت أمّها
ثار القاضي بصوت راعد لمّا سمع الحكاية وعمّ المحكمة صمت رهيب..
أمسك القاضي بيد الفتاة حيث ركعت أمام النّاس ترحّما على روح الفقيدة الرّاحلة وأرسل يشتري لها باقة من الزّهور لتضعها فوق الجثمان، إغرورقت عين الفتاة بالفرحة والإمتنان، أشرق وجهها فقد كان حملا ثقيلا قد أزاحه هذا القاضي من على قلبها، حيث كانت مهدّدة بالسّجن إن لم تغنّى يوم عيد النّصر. وقف الرّجل الّذي هدّدها أمام القاضي ودوي صوت في الفضاء إختلجت له النّفوس وعمّها الذّعر والخوف .. ثمّ سئل الرّجل ما الّذي فعلته بهذه الفتاة . قال الرّجل نحن صرفنا عليها الكثير لتحفظ الأشعار وتأتي يوم العيد وترفض الغناء .. ضحك القاضي وقال أمّ الحسن الّتي كانت تغنّي فوق الشّجرة ماتت وقد شيّعناها بالزّهور.
غنّي أنت عوضها.. قال الرّجل أنا رجل سياسة لا أفهم في الفنّ .
هذه الفتاة فنّانة تحبّها الجماهير وتطرب لسماع صوتها.
قال القاضي لا بدّ أنّه كان يوجد وقت الذّئب للخروف زميل والشّيطان للإنسان خليل.
أيّها المجاهد إنّك أمام مجاهد مثلك هل تسمع?
لعلّك نسيت نفسك حين كنت تمثّل دور الأب على النّاس قل هل أنت خليفة الرّحمان على الأرض?
دعك من أعياد النّصر وحدّثنا عن الإصلاح الزّراعي وعن الأسلحة الّتي تدّخرها من أحدث طراز لمن يقف أمامك
ألم تجرّبها بعد في الأبناء?
صاحت أمّي وقالت أستغفر اللّه.. اللّه أكبر.. الموت قدرنا جميعا فكيف يقتلوننا بغير أجل لأجل كلمة حقّ.
سأله القاضي هل أنت قادر أن تهرب من ظلّك ? قال الرّجل لا يا سيّدي.. إذا لا تقدر أن تهرب من يوم الحقّ. ذاك اليوم لا ريب فيه. إنّه حاكم التّحقيق يعمل لصالح الحياة والموت، لصالح الحريّة والسّجن، لصالح الإنسان والحيوان، لصالح الظّلم والضّياء. إنّه حاسوب طبيعي لا ينسى ولا يتعب ولا ينام.
بكي الرّجل وتذكّر مظالمه.. قالت أمّي نعم لكلّ إمرأة وكلّ رجل عاش على وجه الأرض وعرف الحبّ والألم
تاريخ خاصّ به وهو تاريخ جدير بأن يعرف. يوم يقول اللّه للنّفس
هيّا أيّتها النّفس قصّي لي كلّ شيئ منذ البداية ها أنا أصغي.. قصّي عليّ صفوة التّاريخ الحقّ تاريخ حياة الإنسان..
إلاهي جسدي أنا أعشقه وروحي كذلك حاشاك اللّه أن يمنحني جسد أخجل منه.
الرّسم الحيواني لا يمثّلني وتلك اللّغات لا تسعدني..
حاشا اللّه يا إبنتي أن يظلم الإنسان في حقّه وحريّته.. فمن يظلم يظلم نفسه ومن جاهد فلنفسه .
الإنسان كلمة وجسد.
الجسد يموت وكلمة الهوي لا تموت.. والإنسان حرّ وله كلمة حرّة
كان صوت أمّي يدوّي حنانا ينفذ إلى أعماق النّفوس ومن رآها لا يجد سوي إمرأة بسيطة منكسرة تنظر من وراء سرداب من الظّلام.حيث الفوانيس متعدّدة الألوان.
قالت أخبروني ماذا فعلتم بالدّين دفنتموه في التّراب وعوض أن يطلع من البيضة إنسان عصفور
طلع لكم من البيضة عفريت إسمه المال..
شرّد الأمّهات والأطفال وأتلف العقول..
عوض المحبّة خلقتم لأنفسكم أفيون.. صلبتم المعلّم وركعتم لساحر مجنون
مات الأب وقام أبو لهب ،عوض أن يعلّم الحبّ علّم الحرب
وعوض السّلام علّم الإنتقام.
أعبدوا المال لعلّه ينفعكم يوما ما. لعلّه يحرّركم .
صاح القاضي إليّ أيّها الجنود إقبضوا عليه هذا العميل
هجم الجنود عليه كالكواسر وهاج النّاس هياج المجانين لا يعرفون ماذا يفعلون
قال القاضي هيّا أنشدوا نشيد الوطن.
صاحت أمّي لا لا تنشدوا شيئا أيّها الجنود.
الوطن الّذي لا يعترف بحقّ الأمّ والطّفل ليس وطن بل قنّ. جمد الجنود في مكانهم لا يدرون ماذا يفعلون.
قالت أمّي أرجوكم نحن في قصر العدالة ولسنا في المدجنة.
قال الجميع أجل بدون شكّ. عقب الجلسة صمت رهيب.. وكان الرّجل يستجمع شتات ريقه وأنفاسه
وينظر لأمّي نظرة تائهة. قالت أمّي تري عن ماذا يبحث، إنّه ربّما يناجي ربّه
الرّحمان الرحيم
ربّ العالمين
ملك يوم الدّين

mercredi 29 octobre 2008

حوار مع الزّمن

عشقت الهوي، عشقت زوج الحمام وإن ذبحوني يطير الكلام
تغيّرت الأشياء، تغيّرت الضّوابط، لن يشفع القضاء. شقّني زفير بارد بعث في ّالغضب، سأعجز يوما ما عن فعل أيّ شيئ ، سأعجز عن العمل، سأعجز حتّي عن البكاء. العتمة من أين، هذا الموت ما هو،إنّه ينبع منّي، إنّه يترصّدني، شبحه لا يفارقني أبدا في الأن نفسه تتقّد فيّ مصابيح تقول أكتبي للنّور ..
وفجأة إندلعت هذه الخاطرة وإجتاحت جسمي موجة من النّشاط ممزوجة بإحساس غريب بالغبطة... سأكتب للنّور نعم سأكتب ..لكن قبل ذلك أريد أن إستدعي هذا الشيئ الخفيّ بداخلي لأعرف ما هو و ما شكله لا بدّ شكله شكل حقيقتي هذه الحقيقة الّتي أريد دوما أن أتجاهلها وأن أنكرها لأنّها خوفي الدّائم، خوفي النّائم سأوقضه... الموت أجل الموت ..القبس المتّقد بإستمرار في ذاكرتي.
هل لك شكل معيّن أيّها الموت?
أريد أن أراك لبعض الوقت
ذهبت إلى المرآة أنظر لوجهي
المرآة تعكس صورتي الحقيقيّة كسّرتها..هشّمتها ...
لا أريد رؤية تفاصيل حياتي كما أري وجهي الأن..
هذه مرآة تكشف حقيقتي كلّها كسّرتها نعم كسّرتها
لا أريد أن أري ذاتي على زجاج القمر على ذاك الكوكب المظلم ...
كوكب الموت ـ أخطأت في حياتي وكيف لا أخطئ فمن أخطائي تعلّمت وتجاوزت وسالت من يديّ الدّماء والكلمات..
ما سرّ الدّم ... ما سرّ الكلام?
هل هي الرّغبة ذاتها تعيش فيك يا زمن?
بائسة.. مجنونة .. أنا أعرف جيّدا ما يدور بعقلك البائس وقلبك
نعم صحيح أشعر بذلك
أشعر بالإرتباك والخوف من الظّل
هناك شيئا ما يعاكسني أريد فقط أن أعرف ماذا تريد منّي
الخوف يتسرّب إلي جلدي أشعر بالضّيق حين أذكر الموت كأنّ الدّنيا ستطبق عيونها وأبقي في الضّلام
كأنّ الموت هو هذا الظّل، هذا الزّمن الّذي يرافقني أينما ذهبت ويتحرّك كيفما تحرّكت ويفعل كيفما فعلت
هل يعقل أن يعيش شخصين في واحد
الحياة والموت
كلّ ما عرفته عليه أنّ لجنة عليا كلّفته بالبحث عن التّجاوزات وإعداد التّقارير وإنّي واحدة ممّن سيدفعون الثّمن ولكن أيّ ثمن سادفع ..
العلاقة بيني وبينه من نوع خاصّ ،الألفة بين السّجين والسّجان
نعم نعم سجّان فطن ذكيّ يتوقّع،يناور يراوغ يخطّط يفاجئّ هو كاتب سيناريوهات
الأحلام وهو المخرج والممثّل في نفس الوقت .
هو أقرب صديق وأقرب رفيق.
صديقي إذا مهمّتك وضع رأسي في حبل المشنقة.
بأيّ حال من الأحوال سأموت في حادث مرور، أو غرق، أو سقوط، او إختناق،
سأموت نعم سأموت لكن قبل الموت أقول لك أنّي ما دمت معك لست في راحة ولست بخير، ولن أشعر معك بالسّلامة ولا بالطّمئنينة
هذا إحساس من رأسه تحت حبل المشنقة،
ولكن هل لي أن أختار كيف أموت فأنا لم أختر وجودي معك لذلك جئت لهذه الحياة أبكي
هل خوفي منك إذا هو الّذي أبكاني وحين رأيت الضّوء ضحكت
جحودة.. ألم أنقذك يوما من الموت لمجرّد إحساسي بالشّفقة حين طلبت الرّجوع لأبنائك ألم أنقذك،
نعم هذا صحيح لكن أيّ شيئ نزل عليّ وقتها وجعلني أصيح ولا يسمعني أحد، جعلني لا أقدر حتّي على الكلام..
لا أفهم...
أرجوك نحن نقوم بواجبنا ولسنا ألات تعذيب، نحن واثقون أنّنا على حقّ وأنتم على باطل
أنتم الجسد ونحن الرّوح ، أنتم المكان ونحن الزّمان
المادّي عندكم هو المحدّد من أجل ذلك نقول عنكم أنّكم مغفّلون أغبياء وحمقي
ونتحوّل لكم كوابيس ووحوش عنيفة لا ترحم. تتصوّروننا كلاب حراسة، نعم نحن كلاب حراسة أمناء
أمّا أنتم فذئاب متعطّشة للدّم، نحن ننبح ونعضّ لنحمي، أمّا أنتم ذئاب تعوي لتنشر الرّعب في القلوب وتهذّد بالفناء. أوغاد أنتم البشر بلا ضمائر.
أذا المسألة مسألة أحقاد وتصفية حسابات.
نحن لسنا موظّفون عاديون، نحن نعمل ولنا كرامتنا وحبّنا لعملنا، لسنا مثلكم نحيا لأجل لقمة العيش,
نحن نحيا لأنّنا نؤمن بالعمل. أنتم إذا القضاء ? نعم نحن القضاء وأنتم القدر.
كم تزعجني طبيعة العلاقة بين القضاء والقدر.
لا شيئ يضمن أنّك صديق أو آب حقيقي،
لا يفيدك في شيئ معرفة أيّ شيئ عنّي،
يكفي أن تعرفي أنّ لي دوافعي وأنّه في تعاملي ألقي كلّ الإعتبارات الإنسانيّة والرّشاوي والمساومات في المزبلة
ليس سهل أن يكون الأنسان حرّ
تريدين المصادقة علي حكم التّبنّي لا بدّ أنّك تهذي أو تفقدين صوابك.
الجهاز لن يسمح لي أبدا بذلك وإن تجرّأت سيقع تحطيمي.
هل الحلول مستعصية معك إلي هذا الحدّ?
قراراتك تمنع علينا النّوم والخوف منك يستنزف طاقتنا...
كم هي بسيطة المسألة أن تتصوّروا أنّه لأجل تفّاحة أجيال وأجيال أكلها التّراب لأنّهم لم يفهموا ما معني الجاذبيّة
لم يفكّروا أنّه منذ بدء اللّيل غنّي الفجر للمحبّة والعدل والحريّة
ها هو الإنسان يموت ولكن ماذا بعد..
أذكر يوما كنت فيه كأشباح الهلوسة عينايا غائرتان
كنت أشدّ قذارة من كلّ قطط اللّيل ،
كنت أكثر إثارة للقرف من كلّ الكلاب السّائبة،
كنت شبحا هاربا من كوابيسك. كنت حشرة ...
نظرت في المرآة بأشمئزاز لوجهي
بدا لي أنّي أريد أن أتقيّئ كلّ ما شربت وما أكلت في حياتي
بقيت أياّم في مستشفي الأمراض العقليّة أجول بعنّو القاذورات, أنام هنا وهناك كخنزير أليف.
كنت بروائح الطّاعون والعواصف والبراكين والحروب كنت غريزة الإنتحار.
حين أطلقوا سراحي خرجت إلي الطّريق كالسّكرانة ممتلئة بالغبطة.
هرولت بنشوة الأنتصار على مرض الجنون.
وقتها تذكّرت أنّ لي أهل وأبناء وأصدقاء ..
أصابتني الحيرة كيف نسيتهم وكم كنت في راحة وسعادة حين نسيتهم.
بعد ذلك قاطعني الأصدقاء وسخروا منّي
لأنّ الإنسان له حرمة العقل.
بدوت حزينة ومنكسرة. أحاول يائسة المحافظة على كبريائي.
غاية ما في الأمر أنّني كنت في حاجة أن أفقد أخر طهري لأتخلّص من آثار نذالتي وقبحي.
كنت أبحث عن طريق جديد للحياة فغير معقول أن يولد الإنسان لكي يموت
وفي لحظة إكتشفت الظّلّ الّذي يأخذ منّي أشكال عديدة .
وإكتشفت ما معني التّحقيق وغباء الإنسان.
الزّمن فعل بنا ما فعل كنت إنسانة متحدّية.. كنت على وشك الجنون.
الزّمن قادر على إجتذاب الجميع للموت
الظلّ هو القرين الّذي يعمّر المقابر ويخلي الدّيار
بحثت عنه في نومي. في الدّخان السّام المنبعث من صدري ما أبشعه حين يحرم أمّ من إبنها أو ولد من أبويه ليس له عيون ليس له مشاعر كلّ الكائنات ترتجف خوفا منه يتحرّك في منامنا كيفما يريد وكيفما يشاء
ما ذاك الغار الّذي تداول عليه المغامرون وإنهزموا كلّهم وإنتصر هو
إنّه غار تعيس بما حمّله له القدر من مهام
مهام تحويل الإنسان إلى هباء
ما هذا الحجر في قلبه، ما هذه القسوة
آه الزّمن يمضي بسرعة كم تبقّي من العمر
لا أذكر أيّها الموت أين إلتقينا أوّل مرّة
ربّما مع بدء الخليقة
إذا أنت صديقنا
أنا الغدر والوفاء في نفس الوقت
ماذا أفعل? هل أسكت وأترك لك قلبي يسألك عن لقاء آدم وحواّء حول تفاّح الجنّة ..
اللّعنة هؤلاء الخفافيش يتناسول في الظّلام كالوباء كالزّواحف بدون محبّة بدون تنظيم،،
يتناسلون بجهل الحيوانات ليست لهم عقول ولا مشاعر.
وأنت من أنت? ألست أنت اللّعنة ?
ماذا تقولين ..أنا مسؤول على جهل العبيد? لست سيّئا إلى هذا الحدّ ،أنت ماذا إذا ?
عليك أن تعلمي أنيّ أنا من رتّب كلّ شيئ وإنّي قادر على سحقك في كلّ لحظة وقادر على بعثك ..
أدمّرك إذا شئت وأنقذك إذا شئت.. هل نحن أعداء
أنا ربّ الغزاة أسمح للعصافير بالطّيران أسمح للسّماء بالصحو أسمح للنّساء والرّجال بالضّحك والبكاء للرّيح بالصّفير والورد أمنحه العطر وأسمح بالكتابة والقول
ولكن ماذا بعد الإنسان?
أكل ّ شيئ ينتهي داخل المغارة?
فلا يسمع بعد ذلك إلاّ الماء يواصل رحلته مستدلّ بمنحدرات الأرض تحت النّجوم المتلألأت وقد خدعت ببكارة المكان...والقمر يبتسم لسخافة النّجوم وتفاهة إنتصاراتها ...ما يفعل الأنسان حين يفقد جسده ويستحيل شبحا ويخرج فلا يجد سوي الصّخر والظّلمة والبرد والرّياح وحين يستقبله ضوء النّهار يتذكّر ذلك النّور الّذي رآه منذ ولادته حيث كانت الحياة وكانت الطّيور تشدوا على مسامعه فوق شجر العدل والمساوات
ثمّ ينظر لنفسه شاعرا بالخجل والمرارة لأنّه كان ظالم حقود وتمرّ عليه الشّمس فيتعسّر عليه الكلام
فيختار العودة إلى المغارة ويقرّر الإنتظار ريثما تتضّح الأمور ويعزم على الفرار لكن قبل ذلك عليه أوّلا أن يقرأ نسخة من دفتره المخطوط بالذّهب
أرجو أن لا تكون ضدّي
أنت تثقين في أمانتي..
حتّي أكون صريحة أنا لا أثق فيك ولكنّني أثق في أّنّنا لإثنين نحمل نفس القلق
لا شيئ أخشاه في الملفّ لا شيئ يجعلني أثق بأنّ ما جمع بيننا يمكن أن يجعلني أأتمنك،.
إلى هذا الحدّ تشكّين فيّ.. أنا لا أخون وأنت تعرف ..ومن طبع الزّمن خيانة للإنسان.
يمكن ما تقولينه صحيح لكن لا يوجد من لا يخطئ..
كذلك لا يوجد من يأتمن الزّمن..
هل فكّرت يوما أنّ اللاّمتناهي هو الظّلام القاتم وإنّه مخيف جدّا
وإنّ مجرّد التّفكير فيه هو إستسلام له يعني ذلك المضيّ في لا نهاية الألم بروح واثقة من اللاّجدوي ..
الاّمتناهي هو الألم الأكبر هو المخادع الأكبر
ما معنى زمن بلا بداية ولا نهاية في فضاء بلا حدود
اللّعنة للموت أليس الجسد هو وجهها الإخر
أيّ شيئ سينقذنا من الضّياع إن ضاع الجسد
اللّعنة لأدم أليست حوّاء وجهه الأخر
اللّعنة للقمر أليست الأرض وجهه الأخر
كيف نكون بدون جسد?
نتحوّل أشباح منعدمة الوزن تسبح خارج حدود الزّمن
إن ضاع الجسد أيّ وجهة سنسلك وأيّ طريق سنقصد
لماذا لا ننتبه للحمام لمنظر الطّيور الأخّاذ
بالنّسبة لي لا توجد إحتمالات عديدة إماّ يكون الموت للتّحقيق معي
أو لقاء لتوجيه التّهم واعلام بقرارات وإجراءات
والعقاب إمّا التّنازل عن الجسد أو تحريره..
بعد كلّ هذا العذاب، بعد كلّ هذا الألم أتحوّل إلى متّهمة
وأبحث عن منفذ للنّجاة وربّما أشتم وأهان ولا أجد القدرة عن الكلام
من كان يتصوّر أنّ زعماء الدّول ومفكّريها وفناّنيها ومخطّطيها يجلسون مثلنا مثلهم في موقع المتّهمين ويحاكمون ويموتون مثل عامّة الشّعب الكريم لا مجال للمقارنة بيننا وبينهم فنحن لسنا إلاّ حشرات..
صحيح ،الحقيقة أنّهم لا يفكّرون في ذاك اليوم
تشغلهم عليه الحياة وجمالها كلّ الكتب تقول إيّاكم وظلم النّاس وظلم النّاس حرام والعدل أمر صعب..ماذا عن اللّذين يشربون ويدخّنون لأنّهم يشعرون بالغربة والمقت والإستغلال...
كنت متأكّد أنّك ستسألين عن ذلك.. الّذي يشرب ولا يؤذي أحد اللّه غفور رحيم
أمّا من يظلم النّاس فمن أين له المغفرة
لآ بدّ لكلّ مسؤول أن يصيبه جنون الإنتظار في ليل طويل فيسارع بالإعتراف
ويصبح قادرا على الإعتراف بمسؤولياته عن كلّ الزّلازل الّتّي حلّت بالعالم وكلّ العواصف والبراكين والأوبئة
وكلّ الجوائح والكوارث
الإنسان طبعا غير مسؤول عن أيّ شيئ..
هو دوما بريئ ودليل براءته أنّه ثقب السّماء فوق رؤوس البشر
فقط تحرّيات وأخلي سبيله
ألم تكن أنت الّذي دفعته إلى أن يفقد صوابه كنت من ينصب له الفخّ
هل إنفصلت عن الوجود لتسكن حلمنا أو أنّ وجودك ضاع وحلّ محلّه الحلم ..هل خرجت من العشق والحقد، من الخضوع والثّأر، كيف أينعت ألوان قوس قزح حتّي جعلت الجثّة تعشق القاتل والقطّ يحبّ خانقه. أيّها المجاهد الأكبر متي نراك عائدا من ثنايا الوداع على حصانك الرّشيق رافعا يدك محييّيا تعلوا وجهك إبتسامة القادة وغبطة المنتصرين كان في نيّتي أن أوجّه لك الشّكر على تفانيك في العمل.
أبصر أسراب من العصافير تتماوج وترقص في السّماء تذكّر صرخات النّسوة
يا لطيف.. يا لطيف
صرخات الشّباب
رحمان يا رحمان هذا عبدك يا رحمان
تذكّر فتاة كانت تحلم بالحقوق
تحلم بالدّفاع عن الفقراء ضدّ الظّلم ضدّ القهر ضدّ البشاعة
تكتب لتكشف الحقيقة لتحارب الرّداءة
تذكّر الأدباء والشّعراء
والفنّانين وكلّ من عملوا لأجل الحياة
هم وحدهم يساعدون النّاس بالفعل لا بالصّراخ
بالعلم لا بالشّعارات ميدانهم العمل لا صخب الشّوارع
آمنوا أنّه ليس بالنّعيق نحرّر ونرفع الجهل
وليس بشلّ الجامعات والتّعليم وحركة الإنتاج نحقّق الأمن
وليس بالخوف نخترع الحبّ والسّعادة
وليس بإطالة اللّحي والحجاب ومقاومة الموسيقا والأدب والشّعر نتطّوّر
لا معني لحكم الشّعب بيد شعب جاهل
لا معني لوضع حقّ الأمّ والطّفل بيد ديكتاتورأناني جاهل
كلام فارغ وشعارات كلّها هذيان
فالدّولة أمّ حنونة والشّعب أطفالها
الدّولة شجرة مثمرة والشّعب أوراقها
نظر إلى الطّيور تحوم حول تمثال من البرنز المصفّي
وسأل لماذا لا يكتب الإنسان للنّور والأحلام والأمل
لماذا الإنسان لا يفهم أنّ الأرض محبّة والشّجرة عدالة
والإبن طموح للحريّة
لماذا الأرض حرب والشّجرة حطب والمرأة شهوة جنسيّة وبضاعة رخيصة
هكذا يا زمن الإنسان فعل بنفسه ما لا يفعله العدوّ بعدوّه
فأنت غير موجود وهو موجود
وأنت لا جسد لك وهو له جسد رائع وكلمة رائعة ويدين رائعتين
وهو الحياة وأنت الموت
وأنت المنتصر وهو المهزوم على الدّوام

lundi 27 octobre 2008

أبي

كلّ الّذي أعرفه
أنّك حبيبي يا أبي
حبّك ينمو فيّ كما الحقول تزهر
بالشّقيق الأحمر
يا قمري السّاطع يا أبي
يا عقلي المرشد
التّراب تحوّله لنا ذهبا
تحوّله ثمرا وحبّا
يا عاشق الشّمس والمطر
يا عاشق العمل والعرق
بيديك عنوان الشّقاء والتّعب
بيديك جهد كبير لا يشتري بمال
أعدّ خطوط يديّ
وأشعلها بضوء عيوني
يا أجمل الآباء يا أبي
يا أرضنا الّتي طرّزتها بالعشب
والشّجر والورود
يا عطرا بلا حسّ ولا صوت
تري لولاك يا أبي
هل جاد بالعطر ياسمين وزهر
هل زقزق عصفور فوق الشّجر
هل ضجّ بالمطر المطر
لولا يداك لولا العمل لولا العذاب
هل جاد بالنّعم والثّمار التّراب
الأرض تحتنا أعياد
واللّه صلّى للفلاح والفلاّح
حبّك للأرض ليس إرتجال
إنّه قناعة، وولوع، وإبتهال
حبّك للأرض حقيقة لا خيال
تصوّر أنّني بلا يديك
بلا حبّك، بلا عقلك قرون
سأكتب أحبّك فوق جدار القمر
فوق جذوع الشّجر
فوق الجداول وتحت المطر
سأكتب بالضّوء أحبّك
بالدّمع أحبّك
وأتفنّن حين أكتبها
فأنامل يديك تمعن فيّ بطولة
تمعن فيّ رجولة
تمعن فيّ محبّة وعطاء
تمعن فيّ خبز وماء
أحبّك حتّي أنّي
من عطشي يصعب عليّ الإرتواء
أنت يا أبي الجهد والتّفاني
وأنت أصل الغناء
آه كم ثرت على الحبّ بشكله الأبوي
أتراه قلبك ينبض صدقا
ينبض شرفا أحمر
أتري هذا الشّرف في التّراب
يصير أخضر
يصير مزهر
يصير مثمر
أتري هذا الشّرف عند الرّجال
يصير شجرا من الجوهر
يصير حرما
أنت لنا رحمة يا أبي
وخيراتك تسبح أمامنا
في بريق مذهل

أمّي

كتبت عنك بالضّوء والعبير
أنت يا أمّي
يا طفولتي وإنهياري
يا شروقي وإنكساري
يا أحلى الأماني
نوّارة إن غاب نوّار
محبّتي لك نار
أنت يساري، أنت قلبي
النّابض بالحياة

أنت ضوء نهاري
ولذيذ أحلامي
أنت ثمرة شجري وثماري
وورودي ونوّاري
ملأت أصابعي العشرة أشعار
عنوانك على أرضنا له ألف ألف منار
يا رحلة في الطّيب
يا خفقة حمامة أخجلت
سكّان الأرض والبحار
خذيني لدفئ ذراعيك
فعمري كعمر الشّموع
أهواك فوق التّوقّع وفوق الولوع
أغسليني بماء المطر
جمّليني
لصباح أكحّل فيه عيوني
وأجمّل بالورد خدّي
وأعطّر من عطرك ثوبي
في الهوي كوني أنت محرقتي
وعلى شفتيك طيف مقبرتي
مسك الختام معك أمّي
موعد أرمي إليه أذرعي
ثوبك أمّي ثوب الهوي
ووجهك وجه ناعم
ولك مبسم يحار فيه الرّاسم
حبّك حلم من الأحلام
ومن يحلم بطيفك الجميل
له منّي ألف ألف سلام
لولاك أمّي
الأرض موحشة
المنزل موحش
القبر موحش
لولاك لا حبّ
لا حنان لا دّفئ
والقلب يكفّ عن الخفقان
من قلبك يأتينا الهوي
من حبّك نولد حتّى لو سرنا نوي
تصوّري لو أنت لم توجدي
كيف نحيا بغير ثمرك
الطّيّب الأبيض

أيّ منّا ما غفا
في هدب ثدي دافئ ناعم
من يعصي قلبك يا أمّي كافر
يا صباح خيّر كالموسم الخيّر
حبّك نهر من النّار
ولا أعتب على نار حبّك تأكلني
هذه رسالة حبّي أكتبها لك
لكي تعود أليك عبر الهوي
إقرأيني بعمق
وإجعليني بركن بين نهديك
كيف أمّي يريدون أن يعرفوك
أن يروك، أن يسألوك
فهل تسأل الوردة عن فصيلة دمها
وهل تسأل الأمّ عن فصيلة حبّها
وهل تسأل الكلمة عن عنوانها
وهل تسأل العذراء عن عشيقها
وحنانها

samedi 25 octobre 2008

عودة السّماء

كلّ ما نقوله
وما نغنّيه وما نكتبه
وما نؤّلفه وما نرتّله
هو حبّنا لإسترجاع السّماء
نكتب بخشوع
ونسمع بخشوع
ونؤلّف ونرتّل بخشوع
لم يكن الرّبيع صديقنا
بل صديقنا هو الخريف
لم يكن الحبّ رفيقنا
بل الوهم والأنانيّة
نضجر من وجوه بعضنا
نضجر من مرايانا
نضجر من حبّنا المزيّف
صوتنا رعد وعواصف
لا لا غير معقول
لن تموت الكلمة الجميلة
بأيّ سيف ، بأيّ سلاح، بأيّ سجن
بأيّ عصر
الكلمة الجميلة هي الهوي والحبّ
فلا بدّ أن ينتصر الذّهب
والصّدق على الكذب
والوفاء على الزّناء
والجمال على القبح
والحياة على الموت
والحمام على الدّجاج
لا بدّ أن ينتصر العشق والحريّة
على الزّواج والملكيّة
نريد عودة السّماء
لتصبح النّساء في دنيا العشق
عصافير نور وسعادة
لا عصافير نار وعذاب وشقاء

نريد نهار نمشي فيه
إلى منبع الضّوء

بدون دليل
نسجد للكلمة البيضاء
للحليب، للبكاء
للبراءة والصّفاء
سلام على الدّفئ
سلام على القطن عند الأصيل
هل يقبل الحبّ دعوتنا لكي نرسم
المستحيل
فلم يبقي من فسحة العمر إلاّ القليل
نريد إسترجاع السّماء
بالكلمة ، بالعشق، بالصّدق والوفاء
بالرّعد بالبرق بالبكاء
لكي تشرق شمس الهوي
ونري الإنسان كزوج حمام
محلّقا بذاك النّقاء
نريد إسترجاع السّماء
بإمرأة
عوض الموت تصنع الحياة
عوض العبوديّة تصنع الحريّة
عوض الظّلام تصنع الضّياء
وعوض الذّهب تقّدّر الحبّ
نريد إسترجاع السّماء
برجل
عوض الغرور يصنع التواضع
عوض الأناتيّة يصنع الحبّ
عوض التّسلّط يصنع المساوات
عوض الزّناء يصنع الوفاء
نريد إسترجاع السّماء
بإمرأة ورجل
عوض الموت
يصنعان الحياة
نريد خفقة قلب وعقل
يمجّدان الهوي
والفضاء
والإنسان

vendredi 24 octobre 2008

يا هوي

إسحرني يا هوي
قل كن ... سأكون كما تشاء
أنا من أنا
إنهيار وشهقة وإرتماء
أنا هنا لأجل الحزن والبكاء
أنا الأوجاع والألم
والعذاب والشّقاء
ولك ما شئت وما تشاء
فأشهق وأسترح يا رداء
إن غاب عنك الهوي
النّار تحوّلك طين وماء
وإن غابت عنك نار الهوي
ستبقي خشبة زرقاء

لي للطّيب شهوة
وحروفي ألّفتها
من خطيئتي السّوداء

فيك بعض الشّتاء
وكلّ الفصول عندي شتاء
يا هوي
صباحي عليك ورد وماء
وضريح صلّي على الضّياء
إسحرني كما تشاء
أنا إنسانة تعشق بكبرياء
تعب الجرح
وطاش الهدي
وظلّ الرّشاد يناديه المدي
سألت فيك اللّه يا معذّبي
كن معي أبيع عمري
وأشتري حفنة هوي
أعشقك إنسان أنا
أعشقك إنسان وكفي
وأفكّر لولاك
لم يأتني من عبيرك غيب
ولا شذي
لو أنّي لست أحبّك إنسان
فماذا أحبّ إذا
الموت أصبحنا نصنعها
لأنفسنا يا هوي
فهل لنا مع حبّك الكبير
إنعتاق ورجاء
هل حرام
أن يكون لنا بيوتا في الضّياء

منازل كمنازل العصافير
فيها ألات الهوي كلّها
متى متى
ستدعونا
إلى إنعتاق أزرق

حدوده المحال
لنشرد عصافير من شذى
لم يخطروا ببال

jeudi 23 octobre 2008

الأمل

أمسي إنتهى
لا شيئ يستدعي البكاء
ثرثرت جدّا حتّي
لبسني الخريف
مزّقني كالرّداء...
مزّق ظنوني الجوفاء
كسّر غصوني
أتلف أوراقي الصّفراء
تركني عارية ... عارية
وصيّرني مجنونة حمقاء
قال ..ضيقي مع التيّار
وتفرّقي ما شئت وإجتمعي
أنا والتيّار عليك
تمسّكي بهوي زنّاره
يبكي بلا وجع

بيديك قلم يحميك من الطّمع
غريزتي كبريت في طغيانها
إرتفعي ... أيأكل ما به الكبريت
إنّ الشّفاه الصّابرات أحبّها
ينهار فوقهما الجبروت
أنا الحريق .. أنا جنون الخريف
وقد صيّرتك في هنيهة جدولا
والوجد يبكي بعينك
والحرف فيه وثائق حقدى
الحرف يوقد الشّموع
في خطاه وليس

يخاف ...
كلّه أهداف

يا شفاه ثرثارة
يا قولا منشالا على الثّورة
حيث رفّ القلم تفتّحت
على يديك نجمتين

وحيث سال الشّذى
تفتّحت وردتان

سأل الحرف
عن الحبّ كيف كان

وكيف إستحال الهوي
حرائق في ثوان

كان الحبّ
شلاّلان من ذهب

أنبوبان من عبير
يقال شيئ غزير الضّوء
يقال النّجوم هناك باكية
تصبو إلي دفئه
سأل الحرف عن الثّلج ما..
والموت ما ...
تنهّدات المعزف
ما صيحة العصفور .. ما
تلك أثواب الهوي
ثوب فاقع مقدّس
وصورة تلفّها البراعم
ذاك السّوار.. ذاك الجناح
يبكي الحبّ والخاتم

ذاك السّوار قميص الهوى
الّذي لا يساوم

لا تكوني بخيلة وأكتبي
ففي عيوني وعروقي
مقرّ كلّ رسالة

يا خريفيّة الرّداء
فالوراء الوراء
نهر شربت منه حلمة زرقاء
وقرّت على العين حمامة بيضاء
أمسي إنتهي
لست بحاجة للبكاء
نسيت حزني في لحظة
وأشرق في وجهي الوفاء
ورجعت كطفلة تحمل حزمة
من الأغنيات
أمسي إنتهي عاد إليّ
اللّون والنّقاء

mercredi 22 octobre 2008

زواج أو جواز السّفر

غريبان مسافران في قطار مجنون
إلى مكان مجهول
والسكّة الحديديّة
سفريّة
العقل والقلب
العلم والحبّ
كلاهما مصاب بجنون العظمة
تضائقهما معاهدات الصّلح
والهدنة
المأذون حوّل العلاقة بينهما حرب
البدعة أنّ هذه الحرب بينهما
ثقبت علينا الفضاء
وبدأنا نحترق
أحدهما تزوّج الحريّة
والثاني تزوّج العبوديّة
ثمّ أخذا يطلقان على بعضهما
القنابل المسيّلة للدّموع
الّذي تزوّج الحريّة
بيده سلاح لا يقرأ ولا يكتب
والّذي تزوّج العبوديّة
بيده كتاب الحبّ حرام
والحريّة بدعة جاء بها الإستعمار
وعلينا أن نعبد المجهول والموت
الخوف ركبهما الإثنين
قطار مسافر في المجهول والظّلام
يسوقه
سائق مقتدر
إسمه الخيال
يقتل في طريقه الحقّ والحبّ والحريّة
هربت منه الطّيور مذعورة
يطلق النّار على الحمام والسّلام
ويجعل المشاعر من خشب
المأذون كتب الوثيقة وذهب
ماذا نقول
نقول ليس لنا مسؤول
لا أحد بالطّبع يجرأ أن يقول
يا ضائعا بهذا القطار
جواز سفرك عند المأذون
عنوانه حين نغفو
فهو يعرف من نكون
هو السّلطة العليا والمسؤول
جواز السّفر لا تأخذه
إلاّ عن طريق المرايا
والكشف الدّقيق
إقرأ يديك، وإقرأ ما قدّمت يديك
وما أخذت ....
إقرأ ففيهما نور اليقين
فالأصابع تستثير الخيال والحنين
الأصابع لو خسرتها
يسقط هذا الكيان
يسقط منك الإنسان
حاول أن تبحث بهما
عن المخبوء في أعماقك
حين تجلس للكتابة
وزّع بهما الخبز على الجائعين
أعطي بهما دروس المحبّة للعاشقين
حاول أن تكون كلمة تلمع
في عتمة الضائعين
حاول خلال العشاء والطّعام
أن تفهم حوار اليدين
أن تفهم ما وراء المعاني
إشرب ماء اليدين خلال الحوار
وحدّق في شفتيك لبضع ثوان
ما أحلي ماء اليدين
وما أحلي كلام الشفتين
ماذا ستقول
ستقول أنّ الشّعور
والعقل غريبان
مسافران ضدّ الرّيح
صعب.. صعب
أن يجلس رجل وإمرأة
والكلمة بينهما
لا تمطر ولا تنزف
بكحل العيون
الحبّ هو المأذون، والشّهود
وهو الّذي يعطي جوازات السّفر
وكلمته
تدخل فينا من اللاّشيئ
وتخرج منّا مع الهوي في اللاّشيئ
وفي حقيبتها دوما مكتوب
إسمه إحباط
لشخصين
لا يقدّران العقل والأحاسيس والكلمة
كانا يعتقدان أنّ الشّمس والقمر
يخرجان من حنجرتيهما
فما مصيرنا
أيّها الحبّ القادر القدير
وهل إنسان بدون عقل
ومشاعر وكلمة
هو إنسان أم ماذا
معقول لنا يدين نصنع بهما
الخبز والسّم في نفس الوقت
نصنع بهما الإنسان والحيوان
في نفس الوقت
نصنع بهما الضّوء والظّلام
في نفس الوقت
معقول لنا لسان يصنع الحرير
ولسان يصنع الشّوك
لسان يحلم بقبلة مقدّسة
ولسان يحلم بقنبلة
معقول لنا عقول
ولنا مشاعر ولنا عندك يا هوي
قبول
لقد سلّمت يا هوي أنّك غير
موجود
وتركت الجود لأهل الكرم والجود