vendredi 27 février 2009

هل نحن نفهم الحبّ

أشعر أنّ لنا صعوبة كبري في فهم الحبّ، فجميع من نظّروا إليه وعرّفوا به وكتبوا عنه ليس لهم نصّ واحد يوحّد ويدعّم مفهوم الحبّ.
فتاريخ الحبّ إنقلابات وكلّ إنقلاب خلفه رؤية وهذه الرّؤية هي الـّتي تحدّد قواعد الحبّ، الحبّ هو قانون شامل ليس له عقد ولا يهمّه أن يلبس الواحد منّا جلد إنسان أو أيّ جلد آخر، هو ذاك المطر الّذي يروي الأرض ويغسل الأفكار والأجساد وتلك الشّمس الـّتي تشرق على الفقير والغنيّ والأبيض والأسود والمرأة والرّجل على حدّ سواء..وهو تلك الكلمة الّتي تخلق وتبدع وتتجدّد وتتوالد وتتفجّر وتتشكّل في النّفوس وتزرع الفرح والحزن والمتعة والألم في الأرواح
هذا الحبّ يقف أمامه أي إنسان فإمّا يعطيه علامة رضا أو يعطيه علامة خوف، هو يسمح لنا باللّعب لكن لا يسمح لنا بالغشّ والخداع، والكذب والخيانة.
الحبّ شعور يخاطب مزاج النّاس وأحاسيسهم، فلا يكون الحبّ ناجحا إلاّ إذا كان واقعيّا نبتهج به إبتهاجا عظيما لذلك نحن لا نقيس العظيم إلاّ بقدرته على خلق السّعادة والنّشوة في قلوبنا ومشاعرنا وحياتنا..
هل من المعقول أن نحبّ ثرثار ونكره مطرب أو أستاذ، هل من المعقول أن نحبّ صرصار ونكره شحرور أو كروان، ما يكون مستقبل الحبّ الّذي أصبح يقوم على المشاكل الإجتماعيّة والكلام الفارغ والثّرثرة والهذيان؟
لا أحد في أرض الخوف أصبح يقدر أن يختار لنفسه مكانا مريحا، فهذا الحبّ يحتاج إلى الثّقة والحريّة والصّدق لكي يواصل الإضاءة، حبّ بصحّة جيّدة يعني حريّة بصحّة جيّدة، يعني إنسان بصحّة جيّدة الحبّ في المنفي وفي الملكيّة هو لوحة عصبيّة ولقاءات عصبيّة، فالحبيب هو الحريّة وليس المعتقل..سقط الحبّ في عالم الملكيّة والملكيّة ليست من مصلحة أيّ طرف.
لذلك هو مصاب بالإحباط النّفسي والإجتماعي، فقد دخل الحبّ عصر الإنحطاط .. هذا العصر الّذي أصبح فيه الإنسان يشعر أنّ رحلة الحياة عبثيّة والقطار بلا سائق، لكنّ السّائق ساكتا لا يتكلّم فالأرض مسجّلة بإسمه وهو خالد على الدّوام ونحن حياتنا كلّها معه مجرّد فيلم قصير، فإن سقط هذا السّائق أو مات سقط معه كلّ المسافرين وماتوا، لذلك ممنوع على أيّ كان أن يهرب منه، هذا الحبّ يخترع النّجوم ويزرع الورد، ويفجّر الماء من الصّخر ويعلّم لغة العصافير، كلّ مسافر له حقيبة سيحملها معه حين يسافر ولا بدّ من المرور على الدّيوانة لمعرفة ما في الحقيبة من أسرار خفيّة.
يقول البعض أنّ الحبّ زندقة وإباحيّة وقلّة أدب وفساد وكلام مفخّخ، فأنواع الحبّ كثيرة ولا نقدر أن نصنّفه، فالعقل هنا هو الّذي يختار ويصنّف الشّكل الّذي يناسب منطق حبّه، فالإنسان الذّكي عليه أن يكون مع الجمال ضدّ القبح، مع الإنسان ضدّ الحيوانيّة والوحشيّة، مع الشّمس ضدّ العتمة، مع الحياة ضدّ الموت، مع الحريّة ضدّ العبوديّة، مع الوفاء ضدّ الخيانة، مع الصّدق ضدّ الكذب، مع الأبيض ضدّ الأسود.. الإنسان في المسرح الكبير يمثّل دوره وعلى الحبّ الإخراج والإضاءة وتصميم الأشكال.
على المخرج أن يفهم قدرات الممثّل لكي يعطيه الدّور المناسب فيما بعد .
لا بدّ من تحرير الحبّ من المشاكل الماديّة والإجتماعيّة
لا بدّ أن يلتزم الحبّ بمبدئ التّغيير والولادة الطّبيعيّة..
لا بدّ أن يتحرّر الحبّ من الموت ويرتقي إلى ما هو أجمل.
الحبّ والحريّة لغز حاولنا فكّ رموزهما فلم نقدر هما فردوسنا المفقود.. الإنسان في الأرض في حاجة لهذا الحبّ وهذه الحريّة لكنّه حرم نفسه منهما ودخل في منطق الملكيّة والظّلاميّة.. فالملكيّة ضدّ الحبّ والحريّة لذلك الحبّ والحريّة يلعبان ضدّ الإنسان.. إنسان بلا حبّ وحريّة ميّت.
القلب هو الجرس والوتر الحسّاس ولا يقبل هذا القلب أيّ هذيان ، فالمحبّ هو الّذي يقدر أن يغيّر الحياة ويضيف لها شيئا من البهجة والسّرور كلّ يوم ..فكلمة الحبّ حين تزرع بصدق في القلب تخلق جداول من الماء ومروج خضراء وأشكال خرافيّة من الورد والعصافير..
أمّا اللكلمة الّتي تزرع بغير صدق وبغير محبّة تحيل قلوبنا إلى الأماكن الضيّقة ونصبح نعيش العتمة والضّغط ونبقي فريسة القلق والوساوس والأمراض النّفسيّة..
لكن مع الأسف نحن لا نقدر أن نستمع لكلمة محبّة من طرف إنسان نشعر أنّه يمتلكنا ونحن متاعا خاصّ له للإستغلال
سوي إن كان على المستوي العملي أو على المستوي الجنسي.
القلب له مسرح في الهواء الطّلق ليس له قيود لكنّه يشكو من تراكم البشاعة في داخله والملوحة والقرف والجنون..
جرّاء العقد الـّتي سبّبتها له المشاكل الإجتماعيّة والماديّة.
الحبّ صورة شعاعيّة نعرف من خلالها أنّنا لا زلنا على قيد الحياة ونعرف من خلاله أن قلوبنا لا زالت تضرب حبّا للحياة بصورة منتظمة، كلّ القلوب في علاقة مع هذا الشّعاع وهذا القلب النّابض هو الحبّ الكوني الخالد، فلو حاول الإنسان أن يقتل آلاف أو ملايين النّاس فهو غير قادر أن يفعل ذلك مع الحبّ، الحبّ في كلّ مكان وعنوانه لا يخضع لحدود الزّمان والمكان فالإنسان بغير هذا الحبّ وهذا القلب لا شيئ.. والعقل بغير حريّة عدم.....
بدون حبّ وحريّة لا يقول الإنسان عن نفسه أنّه إنسان حرّ فالإنسان عبد ينشد الحريّة والإنعتاق من الأغلال
هل نحن الّذين قتلنا الحبّ أم هو الّذي يقتلنا ويخطّط حياتنا كما يشاء؟
هل الغباء في الحبّ أم هو الغباء فينا؟
هل النّقص في الحبّ أم هو النّقص فينا ؟
هل العقد من الحبّ أم هي العقد منّا وعلينا ؟
من أعطي للمسلّحين وكالة كي يحكموننا ويسحقوننا؟ لماذا إنفجر الفقر والمجاعات والعصابات؟ ولماذا ساءت الأحوال؟هل هو الحبّ الّذي حرمنا من حقّنا في الحياة والعيش الكريم؟ هل هو الحبّ هو الّذي جعلنا آلاف السّنين في السّرداب نائمين؟ هل هو الّذي جعل أيّامنا تدور في النّعاس، وقلوبنا ميّتة الإحساس وعقولنا تشكوا من الإفلاس كيف لنا أن نخرج من السّرداب وخارج السّرداب يمكث رجل مسلّح عشق نفسه وهو الخالد والحكيم والعليم..
لا أحد يجرؤ أن يسأل هل وجد خالق قبل وجود السّلاح والمسلّحين؟ هل وجد خالق لهذا الرّجل الّذي أدهشنا حبّا ورحمة وصالح الأقلام والآراء وخلق العزّة والنّخوة والإرادة والشّجاعة في النّفوس وأخرجنا من غرف الموتي إلى موطن العصافير، نحن لا نعرف من كسّر عقل الإنسان ورأي الإنسان.. نحن لا نعرف من يملكنا ولحساب من نحن نعمل؟
هذا الحبّ حكيم فقد جعل الموت لكلّ نفس وخلق لكلّ نفس مرايا النّهار؟ لا لغة تجمعنا بهذا المسلّح إلاّ النّار فكلّ الحقوق الّتي نطالب بها تنهار متنا من القهر والمدح والنّواح، فالحبّ مع الخوف يخلق العار والدّمار..
هل نحن ننتمي لربّ حكيم أم ننتمي لربّ يسجننا في السّرداب ويستبيح لحومنا للكلاب حتّي إذا تحدّثوا عنّا قالوا إنّنا ذئاب جائعين، من هؤلاء الّذين يضيئون الشّموع لكلّ طاغية، هؤلاء الّذين على الكذب تراهم يشهدون ويركعون ويسجدون
يطعمون النّاس التّبن ويسقطون الإنسان مذبوحا، ليس جديدا علينا هذا الخوف فمنذ كنّا في الرّحم ونحن خائفين
حياتنا كلّها خوف ، نأكل التّبن والقشّ ونعلك الهواء وننام شاكرين، في سردابنا لا نري الشّمس ولا القمر ولا المطر ينزل علينا، ولا نرى الشّجر ولا الثّمر..
مع كلبنا في الكهف نحن نائمين، يا من يتساءل لماذا الكلب ينام معنا.. لا نعرف ربّما لأنّنا نخاف من الظّلمة، أو نخاف من الشّمس، فالكلب من الظّلام ومن الشّمس سوف يشفع لنا ويحمينا ، يا من يتسائل هل سنبقي نائمين؟ ربّما النّوم مع الكلب في الكهف أجمل فالخروج يصعب علينا وإن خرجنا سنبقي تائهين.
الحضارة سبقتنا كثيرا والأحسن أن نبقي ميّتين فاللّه يا سادة لا يضيئ طريق الجبناء الخائفين واللّيل لا يهدي التّائهين ، نام الجماعة في كهف الموت ومعهم كلبهم اللّهم إرحمهم فقد كانوا يعبدون الحكّام والمتسلّطين، وهم على فهم الحقّ والحبّ والحريّة عاجزين، اللّهمّ إن أرجعتهم للكهوف والحفر والتّراب أو حوّلتهم كلاب سيكونون لك شاكرين، اللّهم إنّك لا تضيع أجر المحسنين ولا تضيع أجر الفاسقين، اللّهم لقد إستعبدنا المال والخوف من النّار ومن القادة الأحرار فصرنا نسقط الأبطال ونرفع الأنذال، اللّهمّ إنّنا لا نفهم السّلام ولا الإحترام ولا نفهم رسالة الإنجيل ولا رسالة القرآن ولا نفهم ما معني اليمين ولا معني اليسار ولا نفهم الشّوري ولا نفهم التّغيير فأرحمنا أو غيّر أحوالنا إنّك على كلّ شيئ قدير، اللّهمّ إنّك في الموت والحياة أحكم الحاكمين وفي الحبّ أصدق الصّادقين، بالحبّ خلقتنا وبالحبّ تميتنا إنّك الحرّ والعليّ القدير.
،

mercredi 25 février 2009

المواجهة

لا بدّ لنا أن نفهم الموت، لا بدّ لنا أن نطرح الأسئلة، لا بدّ لنا أن نعرف شكل الحزن الّذي سيذبحنا وسط الحفر المقفلة، مأساتنا هي البحث عن الجديد هي كيفيّة الخروج من الرّماد والجليد.
هل ممكن أن نحيا بعدما نموت ؟
هل ممكن أن تكون لنا حياة ثانية بعدما يضيع التّاريخ والأهل والبلاد ؟
هل ممكن أن ننهض من غربتنا ؟
لو فرضنا أنّنا نهضنا من موتنا وكنّا فيما مضي ظالمين؟
لو فرضنا أنّنا نهضنا ووجدنا أنفسنا أمام شاشة سوداء تبثّ لنا أطوار حياتنا السّابقة بالصّوت والصّورة
ماذا سنقول ؟
نقول مرّ بنا العمر ولبسنا ثوب الذّئاب وكان علينا أن نلبس ثوب الحمام
نقول لم نتعلّم من الدّنيا إلاّ ألاعيب الكلام ولم نتأمّل إلاّ الظّلام، نقول على موج الغدر كنّا مبحرين، كان لنا المال وتركنا الأطفال بدون خبز، بدون علم ، بدون نعال، نقول كانت لنا العيون وكنّا بهما نخون، كانت لنا الأيادي وكنّا بهما نسرق ونقتل، كانت لنا الكلمة وكنّا بها نكذب، كان لنا العقل وكنّا نسلب به كرامة الإنسان في العيش الكريم وكان لنا الشعور وكنّا نملك به الآخرين ونجعلهم ميّتين، يعيشون كالبقر ويموتون كالبقر، ونركب عليهم كالحمير..
نقول واأسفاه على المال كنّا نشتري به ما نريد، كنّا نشتري به من يقول لنا كلاما جميلا وكنّا نصدّق ذاك الكلام الجميل.. كنّا نجهّز به قوّة وسلطان لكلّ من يحاول أن يكسّر غرورنا أو ينبش عن أصلنا وفصلنا وجذورنا، نقول كنّا نؤمن بأنفسنا ونفرض على الآخرين الحصار والرّعب والخوف، وكنّا نستبيح النّساء ونشتري الحبّ والرّفاهيّة بالمال نقول واأسفاه على المتعة في القصور نحن الآن بلا ماء ولا نور ولا مال في هذه القبور، نقول الغرور دمّرنا فلا نحبّ كشف المخبوء في أعماقنا.
مرّت الدّنيا بنا ولم يبقي إلاّ التّاريخ وحبّ ليس له ثواب، سيكافئنا بما في الصّدور..
ويلنا ماذا نحن وكيف كنّا ؟ معمار بلا مهندس؟ نصّ مسرحي بلا مخرج؟ أغنية بلا ملحّن؟ سيّارة بلا سائق؟
جسد بلا عقل ؟ أومسافر بلا أوراق مجهول الهويّة ؟ أين سنسقط إلى الأعلى أو إلى الأسفل؟
هل بالحبّ نبلغ الكمال أم بالمال والجمال والقوّة والتّسلّط؟

mardi 24 février 2009

غيّر أحوالك

غيّر أحوالك بأيّ حريق، بأيّ إنفجار، لا تبقي مثل جدار حتّي يبلغك الدّمار، إشتعل كالنّار وإنزف مثل أغنية وأرحل كالنّسر نحو أعالي الجبال..
أترك عصور الغبار وأكسر حدود المحال، ، فإن تأخّر عنك فصل الرّبيع، إن شحّت الأمطار، إن طال ليلك لا تحزن لا بدّ أن يكتمل القمر ولا بدّ أن يتغيّر النّظام، تغرغر كلّ يوم بنور الشّمس وفوضي الظّنون وأفتح قلبك للعصافير وضوء الفجر وأؤمن أنّ الحبّ موجود في عيون النّاس، في عرقهم وضحكاتهم ودموعهم وآلامهم وأفراحهم وأحزانهم، حكاية الحبّ يخرجها الزّمن من حياتهم الخاصّة، لكنّهم لا يحبّون أن يروا صورتهم الحقيقيّة وعواطفهم الحقيقيّة في حلمهم بدون أقنعة أو مكياج..
الحريّة وحدها تحميك من الغباء ومن السّقوط فهي تمنحك اللّباس الّذي تشاء واللّغة الّتي تشاء، الحريّة لا تعيدك إلى أحضان أمّك وإنّما تساعدك كي تتغيّر إلى حيث تشاء.
فالرّشوة معها مهمّة مستحيلة، لا تطلق سراحك إلاّ إذا كان طقسك جميل..

أنت من تصنع الولادة الاخري، كما تصنع الوردة عطرها والنّحلة شهدها، أنت تنام على ذراع كلمة فيها قصيدتك الخاصّة تتدفّأ بها..
غيّر عاداتك وجمّل فندق كلماتك وأخرج من غبارك الصّحراوي وخذ لك كلّ يوم دوشا وكن شاعرا أنّك تريد الهروب من الظّلال والمقبرة لتصبح عصفور، مارس الحبّ مع ورقة الكتابة البيضاء، فالحريّة لا تشرق بالمال الكثير أو الثوب الجميل أو الحذاء.. لا تكن منكسرا من الدّاخل وأفهم المواويل ولا تعيدها مثل الببّغاء، فلا يقتل الإنسان إلاّ الرّكود والغرور والغباء، أنت تعيش الوجع فعاداتك فيها غيوم وكلمتك فيها غيوم ونظرتك للحبّ فيها غيوم، أكتب إنفجاراتك كإنسان مذعور، كن أنواء، كن رياح، اللّيل يستحيل لك صباح، إشرق على ذاتك المظلمة كالشّمس فأشدّ لحظات اللّيل سوادا هي ما قبل الفجر، لا تخف من ظلم الماضي وحاول كلّ يوم أن تبدأ من جديد لكي تخرج من السّواد.. قل لنفسك إثنان نحن أنا وضمير حيّ لا ينام وحكاية حبّ لا يعرفها إلاّ أنا والمصباح وعلى الورقة تموت الأشباح أصبّ عليهم ناري ونار شتائمي، لا يبقي منّي شيئا إذا إستعبدتني الأموال و الأشباح..قل لنفسك أنا إنسان يرنو للكمال
وقد حطّمت عزّتي الأوهام وأنا كالأعمي مؤمنا بغمائمي، وقلب الدّجي يضحك منّي ضحكة عالية
حتّي إذا عدت إلى مخدعي أستفيق محطّما منهوك، إن جاد قلبي خيرا أنتعش وأفرح وإذا بكلّ شيئ عاشق..
وإن مدّ قلبي سيوفه لبست روحي الغلائل ولبس وجهي ألف أثر..،

lundi 23 février 2009

المال سلطان هذا الزّمان

المال عند الأبطال يصنع الخير وعند الأنذال يصنع الشّر، عصر نحن فيه لا يسمّي، المال يطلق النّار علينا ،له جيش خلفه يرمينا في القعر ويبعثرنا، هو شيطان رجيم وله الإثم العظيم، هو سلطان علينا يدوسنا يحاصرنا من كلّ صوب، ويلبس جلد النّمور والذّئاب والنّاموس والذّباب...
ليس له ضمير ولا مسيح يطرح عليه سؤال.. بقينا نحدّق نحو السّماء لا اللّه يكلّمنا نورا ومطر ولا الأنبياء، بقي المال يخترع العاصفة والجنون ونحن كالقطط نجوب الأزقّة الخائفة، حديثنا اليومي الفضائح الجنسيّة ، القمع، شؤون الفقر،الحزن الشّتات وقائمة المخطوفين والوفيّات...
المال جعلنا نكتب والأقفال في فمنا، ففي كلّ ثانية يعترضنا من حيث لا ندري سفّاح يتبعنا لأجل فرنكات أو هاتف جوّال يفتكّهم بالسّكين ويرتاح
يضرب بالموس أو يقتل لا يهمّ، تطاردنا لأجل المال الشّياطين وتسلبنا الأفراح، الكلّ يعمل إمّا مجرم أو نصّاب أو مدّاح
لم يبقي للفقراء خيار إلاّ القبر في هذا الزّمن اللاّمعقول، في هذا الزّمن المرعب، في هذا الزّمن المخيف، صار الواحد منّا يخشي الفاعل والمفعول...
في هذا الزّمن الأسود أصبحت كلمة الحقّ مغامرة نحو المجهول، اللّه وحده يعلم القاتل والمقتول والظّالم والمظلوم
المال يكشف الأسرار ويكشف المجرمين والأخيار، اللّيل في وجوم للّذين يشعلون النّيران في أحداق النّجوم
النّاس ماتوا من الإحباط، ماتوا من التّمثيل على الشّعب المقهور، الخوف ركب الشّعب والمسؤول..
الشّعب السّمسار منهار والمسؤول يبحث على العرش والإمارة.. أين سيصل؟ كلّ ما يبنيه في لحظة سينكسر
سيروي التّاريخ حكاية شعب ضيّعه الكبار، سيعلم الصّغار من ولدوا منهم ومن سيولدون بمختلف الألوان والأعمار والعيون ، لا بدّ أن يأتي الصّيف وفصل الحصاد، لا بدّ أن يصفّي الغربال الأمجاد والأوغاد لا بدّ ان يضحك من يؤمن بالمحبّة ويبكي من يؤمن بالمال والشّيطان..

jeudi 19 février 2009

هل اليسار كافر ؟

يقال أنّ اليسار كافر وأخلاقيّا مدان.. يقال تخطيطاته جريمة وهو المسؤول عن الإفلاس الرّوحي والهزيمة
كيف كفر اليسار؟
كفره رفض القمع والأنظمة الدّميمة وجعل لحوم النّساء وليمة..
كفره أنّه يرفض أن يداس الشّعب ويبقي تحت سلطة فكر رجعي..

اليسار في المقاهي والحانات يترشّف الكأس ويفتّش في الجرائد عن جديد برج الحمل لعلّ يوم من الأيّام تولد معجزة في البلاد فيها تعدّد الخيارات والحوار...
اليسار يعشق التّغيير والشّمس والإشراق والتّجدّد ويمقت الثّبات، قضيّته غلاء المعيشة وإنتحار الشّباب والأطفال في مدجنة الإستعمار، يحاول رسم بلاد بها بشر يضحكون، يحاول رسم بلاد بها بشر متحرّرون من التّبعيّة والعبوديّة والعقد والجهل والتّخلّف، اليسار لا يسكن القصور ويرفض جعل الشّعوب حمير من جلودهم تصنع البنادير والطّبول، الشّعب عند اليسار له الأولويّة في صنع القرار..
لا تعطي لليسار حريّة التّعبير ولا حقّ له في تقرير المصير لو أخذ حقّ الكلمة يحرق بها الكبرياء والرّيش الجميل، سيحرّض النّاس على عدم السّجود والرّكوع للسّلطة وأوامر السّلطان..
طعن اليسار آلاف المرّات ، ولعن آلاف المرّات، والتّهمة حتّي ينهض الشّعب، حتّي يأكل الفقراء، حتّي تصير السّماء رحيبة، يمشي اليسار كنسر مكسور يريد جواز مرور ويحلم بوطن دافئ وحضن دافئ وعصافير وقطرة نور.. الشّعب واليسار كلاهما يتعاطون حشيشة الصبّار والشّوك كالبعير.. يتعاطونها في الكأس المقدّسة والرّكعة المقدّسة في فضاءات العبادة والعربدة.. حديثهم حبوب منع الحمل والولادة المتعسّرة ... يذبح من خرج عن الطّاعة ويطعن ..الصبّار والشّعير دواء لهم ومسكّن.. هذا هو قانون الدّواجن والعبوديّة والأميّة إنكح ما تريد وحاصر النّاس في القنّ وخوّف بالنّار، السّلطان في مقام اللّه والشّمس قصدير والإنسان بلا ضمير، السّلطان لا يريح ولا يستريح يسكن في ذاكرة الشّعب يدفنه يفترسه يمتصّ دمائه ورغم ذلك يتغنّون بحسنه.. النّجوم تلتفّ حوله يصوّرونه باسما وديعا ، يصوّرونه روحا نقيّة وجلالا ووقارا يغطّون عيوبه بجميل الكلمات هو مخترع الخوف ومرسل الرّعد، الحريّة مشطوبة من قاموسه وطقوس الموت المثير هي المرفوعة، لا يحبّ صحوة الضّمير يحبّ تخدير العقول وتعطيل التّفكير، يحبّ نفسه القائد الأعلى والشّعب وراءه قشور معدمين.. لا تجد في بيوت اليسار صورة للسّلطان، هم يعلّقون شجرة زيتون وحمامة بيضاء وحصان يرفض اللّجام ، اليسار يرفض تعذيب الآخرين ويرفض المجاذيب والحسابات خلف الظّهر والمساومات، يرفض غلاء الماء والأضواء والهواء يرفض تعاطي الحبوب المنوّمة وتشويه التّاريخ، يرفض كلام الحبّ الّذي يحفظ عن ظهر قلب وله مزاج سمك القرش.. كلّ كلام اليسار مذبوح ومحرّم، كلّ كتاب يكتبونه مصلوب النّاس يقرأون بالمقلوب ويمشون على أربعة كي يركب السّلطان، هذا السّلطان سدّ عليهم الهواء وأبقاهم في الصّحراء أمام سياط القهر والقمع والعذاب وأبقي الفكر الوصولي يكتب له المدائح..
أيّ حضارة لم تخرج من زمن الصّحراء إلى زمن الماء والهواء المتجدّد؟ أيّ حضارة تسدّ الهواء والماء والضّوء على الإنسان وتكفر بزرقة وإشراقة العبارة..
أيّ حضارة بإسم الحريّة تتاجر بأجساد النّساء أو تبقيهنّ كالغربان وسط ظلام السّتارة..
إنّه لمن الغباء والرّجعيّة أن نجهل منطق الأشياء ونجهل أنّ الطّائر الذّكي لا يكرّر اللّحن والغناء ولا يرجع السّاعة إلى الوراء فكلّ لحن له وقته وزمانه وكلّ أغنية لها ظروفها النّفسيّة والإجتماعيّة والأرض تدور والفكر يدور والحبّ يدور فغير معقول أن
نسدّ على الإنسان أبواب الرّجاء.. فالأنامل على مرّ العصور تصنع في المعجزات، إنّ للحبّ قوانين الإرتقاء والإبتكار والتّقدّم، وكلّ من يدّعي أنّ الحبّ إحتيال وكلام مفخّخ ينهار مكسورا ومكتئبا، وكلّ من يخيّل إليه أنّ صلب الإنسان إنتصار يسقط من برجه العالي وينهار وتضيع الكبرياء ويأكلها الغبار، هذا الحبّ مسكون بالأسرار يلمسنا فتنبت من أيادينا النّار أو الأنوار، تنبت من أيادينا الأشواك أو الأزهار، تنبت من أيادينا الموت أو الحياة، ينبت من أيادينا التّحرير أو الإستعمار
إزرع ثقافة العهر والصبّار الّذي يعد بالجنّة، العهر والصبّار يدوّخ كالدّواء فالسّلطان لا يحبّ من يدخل معه في حوار
يأمر السّلطان أن ندرّس للتّلاميذ أنّ عين المرأة عورة وصوتها عورة وجسدها عورة فنشأ التّلاميذ لا يحبّون في المرأة إلاّ الجنس والسّرير، ونشأت المرأة لا تحبّ في الرّجل إلاّ ماله ومركزه فهي تمثّل معه دور العشق، والعكس بالعكس فهي ترسمه بطل من نار منقوش فوق الرّمل في أعماق الصّحراء، فهو رجل يسقط أمام أيّ إمرأة فاتنة.. وهو يرسمها سرير
الّذي يتبع الخرافات يتعب الإنسان من مياه الحلم يشرب والحبّ في لهيب القلب يصلب
أريد أن أقول كلّ حمل في بلادنا حمل زور ليس له دورة شهريّة ولا دورة سنويّة متجدّدة يحقنه لنا بالأنبوب بطل مشهور يريد أن ينبت في ترابنا من خلاله.
الحمل يدوم عندنا عشرات السّنين يتضخّم كثيرا في الرّحم ولا ينزل إلاّ بعمليّة قيصريّة مخنوق بمشنقة المصران
فحين تأتي عمليّة الإنزال نطلب من اللّه العليّ القدير أن يبقي وليّ العهد في الرّحم مرّة أخري وأخري وأخري
وحين ينزل يشيّعه النّاس إلى مثواه الأخير ويتلون على جثّته كلّ الذّكريات الحميدة وصورة الحمدلله.. وتبّت يدا..
الحمل عندنا هو خروج عن الخطوط الواضحة المستقيمة يولد وفي دمه النّار وفي عيونه الشّرر
ما هو الكفر؟ ما هو الإيمان ؟ ليس لهما الإثنين وجود وليس لهما قيمة.. فنحن لسنا كفّار ولسنا مؤمنين
نحن رعود بلا مطر، نحن كشف ليس له منتظر، البطل الأوحد هو الموت والسّلطان والمحتلّ
لا زلنا نثرثر ونقعد في بيوت الرّحمان والملاهي والمقاهي والحانات ننتظر
هذا المهدي أو هذا المسيح المنتظر
لا يشعر العاشق بالعار والهوان؟ فحين نعشق تأخذنا هزّة من العنفوان وتسبح في دورتنا الدّمويّة حمامة بيضاء
وحين نعيش البغض والحقد والأنانيّة يغمر نفوسنا الحزن والسّواد والإكتئاب والخوف من المجهول.
الحبّ هو الّذي يعطي الأوسمة للحمام والياسمين ويلبس للنّجوم الخواتم الذّهبيّة..
الفرق بين السّلطان وبين اللّه هو أنّ اللّه يخيفنا من عيوبنا لكي يحرّرنا فالمتحرّر من خطاياه إنسان حرّ.. والسّلطان يخيفنا لكي يستعبدنا ويجعلنا عند الإستعمار فئران تجارب يبيعون لنا العار ويحتفظون بالإختراعات والعلوم والأنوار فالإنسان الّذي يخيفه الإستعمار هو إنسان عبد
اللّه كلمة مشرقة وحقّ ومحبّة وحريّة وليس ظلم وإستبداد وعبوديّة ..

،

mercredi 18 février 2009

هل الحبّ طبيعته سلطويّة

غصت في نفق حدوده الشّمس أسأل عن هذا الحبّ.. هل لغته سلطويّة؟
هل السّعادة الّتي نأخذها منه تحمل في فرحتها بذور تعاسة آتية حين نودّع الحياة نحو الموت؟
لماذا هذه الحياة الّتي عشقناها تسلّمنا للمرض والشّيخوخة والموت؟
هل نحن فعلا أحياء؟ أم نحن في فضاء مسرحي كلّ واحد منّا يمثّل دوره بكلّ تلقائيّة والبطل الأوحد هو الموت ؟
ما هذا الضّوء الّذي نرضع من ثديه جميعا ونسير تحت سلطته ؟
ما هذه الظّلال وهذا الغيم الّذي يلفّنا جميعا ويفني حلقات عمرنا ؟
ما هذا الشّيئ الّذي يكبّل فرائسنا ولا نستطيع له دفعا ؟ يخيط عيوننا كي لا نراه
هل له إرادة يفرضها علينا سرّا ؟
هل المحبّة حقيقة مبغضة أركبتنا الظّلال وأوّل ما علّمتنا البكاء ؟
هل هذا الحبّ هو الّذي أوحي للكثيرين حتّي ظنّ النّاس أنّهم أصيبوا بمسّ؟
أخذتني حالة من الإنخطاف .. أسأل لماذا خلقت ؟ وماذا جئت أفعل ؟ شعرت بحالة مخاض قويّة أفقدتني الوعي بنفسي وبالحياة...الذّكري عصفور ملأ لي الأقداح، روح إنسان مجنّح أسكرتني ذات صباح، دخلت في التّاريخ والرّائحة التّي كنت أشمّها مسك وعنبر، فكّرت والسّاعات تأكلني وشاخت دموعي على هذا الحقد الّذي يعيش فينا ويثأر، هل لنا عودة؟ هل لنا عذر؟ هل لنا أنواء تعطي وتثمر؟ أثار الظّلم والأنانيّة جنوني ونقمتي، أبكي وأكفر وأشكو مواجعي وأنزف بقلب وجناح مكسّر، في معبد الشّمس رأيت خنجر يقول من بوّابة الموت يجب أن تعبر..حالة حفرت في نفسي بئرا من اللّهيب أصبحت أكتب بشكل يومي كلّ ما يخطر على بالي وحين أتوقّف عن الكتابة قلقا من ذاك اللّهيب سرعان ما أعود من جديد للكاتابة خوفا عليه من الإنطفاء، أصبحت أدرك أنّ شيئا ما يشتعل فيّ ويخبوا ليعود للتّوهّج من جديد كأنّه نار خامده، أحبّ أن أكتب ولا أدري لمن أكتب أو ماذا أفعل بما كتبته، حركة خفيّة تستأثر بمشاعري تعطيني دفعا وقوّة للكتابة وتجعلني أصافح لوحة أخري من الوجود، وكأنّي بعقل آخر قد ألغي دماغي وجعله في منطقة الخسوف وأصبح يستولي على مشاعري، أمام هذا الشّعور أنا بلا إرادة، روح غير متجسّد إجتاح كياني له صلة مباشرة معنا في النّهار وصلة غير مباشرة في الحلم
سؤالي الأوّل له من أنت ؟ حرّك ما يدور بداخلي من عنف وغضب ، مزّقني شظايا، كلّ سؤال معه فشل جديد، كلّما حاولت التّحرّر من الماضي إلاّ وأسقطني من جديد في بئر الخطايا الأسود...
كم كنت أشعر بالخوف وبالجفاف في حلقي حين أنام لأري ما فعلته بالتّدقيق، كنت أعيش الكوابيس المرعبة، وأستيقظ وأنا أشعر بالهزيمة تحطّم كلّ كياني، أشعر بخيبة أمل تجاه نفسي، أعود للكتابة من جديد بإتّجاه التّاريخ وأعطي لنفسي حريّة الحديث الحرّ الغير مقيّد وبدأت أعترف بكلّ سيّئاتي على الورقة وأشرح قصّة الحلم من كلّ الجوانب، كانت تقودني فكرة واحدة وهي أنّ الضّوء يكسّر الظّلام، وعلي أن أبذل جهدي للتّخلّص من الظّلمات والمخاوف السّاكنة فيّ، الحلم يسمح لي بقراءة نفسي وهذا الخفيّ ليس له مانع أن يتركني تحت سيطرة الخوف والظّلم والإستعمار..
الهزيمة تعود إلى ضعف القيادة وعليّ أن أكون قويّة لأنّ النّتيجة تتحمّلها النّفس مخاوف ورعب وكوابيس
بالنّسبة لهذا الخفيّ غير معقول أن يتحرّر الإنسان من جاذبيّة الأرض بدون أن يمنحه هو جواز السّفر عن طريق الحلم
وهو غير مستعدّ أن يحرّره بدون نظال.. والشّجاعة الّتي يعطيها للإنسان تجعله مرتبط به على الدّوام، فالأشياء الّتي يقدّمها في الحلم تجعل الإنسان يعيش سعادة لا مثيل لها.. فالّذي يعي أنّ النّور يكسّر الظّلام عليه أن يسلّم بأنّ الحبّ الحقيقي يكسّر الموت وينتصر للحريّة . فالطّبيعة ليست كريمة بدرجة أنّها تعطي مواهب فكريّة ومواهب عاطفيّة لشخص واحد لذلك نجد الإنسان المادّي دائما في صراع مع المثالي، كما الموت في صراع مع الحياة، كما الأنثي في صراع مع الذّكر، كما العقل في صراع مع العاطفة، لا تحرير لهذا الإنسان إلاّ إذا سلّم أنّه لا يملك شيئا وأنّ هذا الحبّ قادر أن يسلبه كلّ ممتلكاته في لحظة واحدة.. الإنسان يعيش بخوف أنّه سيفقد كلّ شيئ في لحظة واحدة.
لماذا إذا خلقنا؟ هل لنكون عبيد له يسيّرنا كما يشاء ونعمل لحسابه ؟ من نحن إذا ؟
هنا نسأل هل السّعادة عن طريق المال والسّيطرة والتّسلّط ؟
أو هي عن طريق المحبّة ؟
إن كانت بالمال فالمال زائل لا يدوم.. وإن كانت بالمحبّة فالمحبّة أبديّة دائمة لا تزول، وما وجود الإنسان على الأرض إلاّ لكي يرقي إلى ما هو أجمل عن طريق الحبّ، فالإنسان كامل بعقله وشعوره لكنّه غير حرّ مكبّل ومحكوم بالجاذبيّة..
الحلم مرايا عن المستقبل.. والإنسان في الحلم قادر على الطّيران في الهواء المطلق..
الإنسان المادّي صنع طائرة بعقله وطار.. لكن الطّيران بالرّوح لا يزال حلم فهو أكثر إثارة وأكثر متعة وليس فيه مخاوف، يشعر الإنسان أنّه في مأمن من كلّ الأخطار.. .. لا بدّ للإنسان أن يؤمن بحبّ كبير يذوب فيه
من يقدر أن يتخطّي أخطائه يخرج خفيفا منتصرا يشعر بسلامة نفسيّة وطمئنينة روحيّة .. كلّنا واقعون في الخطيئة والحبّ هو الّذي أوقعنا فيها وهو الّذي يخلّصنا منها إذا نحن طرقنا بابه
لا تترك ماضيك أيّها الإنسان في ثلاّجة فخير لك أن تكشفه وتدفن السّذاجة..
خذ المجد من متاحف التّاريخ فمن إسمك ولون عيونك وخطوط يديك يبدأ التّغيير
كن في قائمة الثوّار وغيّر الأقدار وتخلّص من الشّوك والغبار، تقدّم كالموّال وغنّي للصّباح، من نحن إن لم ننفجر على جماجمنا القديمة وأحكامنا السّئيمة. من نحن إن لم نطلق على عيوبنا الرّصاص.
الصّلاة مع العيوب ليس لها قيمة..
ذاك إيمان بدون إيمان، ذاك مخدع ورعد بلا أمطار، لا أحد بآخر سوف ينتصر.. إلاّ إذا سلّ كلّ واحد قلم وورقة وإنتحر
لأجل التّخلّص من عيوبه وخطاياه.
الحبّ قتلناه بأيدينا، قتلنا الكبرياء رميناه في النّار حتّي إحترق، سقيناه الغدر والخيانة والكذب حتّي إختنق..
هذا الحبّ وجوهنا محفورة على عقارب ساعته يخترع لكلّ واحد منّا لغة خاصّة به ويفصّل مشاهد الحلم على مقياس حبّنا وعطائنا، ، ما عساه يفعل مليونير بصكّ الوفاة؟
ما عساه يفعل مشتاق لحبّ المال في زنزانة فرديّة؟
ما عساه يفعل قلب متوحّش أناني في الإقامة الجبريّة؟
كيف تفسّر ياحبّ موت الأبرياء الطّيّبين؟ لهم عودة لمدن العشق والعاشقين
كيف تفسّر يا حبّ موت الظّالمين ؟ هم يعرفون جيّدا معاصيهم ويعرفون ماذا إقترفت أياديهم
فحبّي لهم حبّ سميع بصير والفداء شمسا وجوازا للحياة..

lundi 16 février 2009

ملفّات

أحرقت ملفّاتي القديمة وضيّعت إيماني بالعلاقات الحميمة، كلّ الّذين عرفتهم متعبين.. عصافير ميّتين.. في الغربة والموت والبرد، في مجالس الخمروالنّساء يعيشون في غيبوبة.. في بلد مغلوبة كالشّمعة المصلوبة.. يلهون والقيد يعضّهم ويرضون الأكل من لحم أنثي أكلت من لحمها الأغلال، يرضون الأكل من أنثي لا تقدر أن تدخل لحجرتهم الأحلام كلّ يوم أتغيّر في ماء أحزاني.. كلّ يوم يرميني الزّمن في غابة جديدة أشعر بما يشعر أهلها وتلبسني حرائقهم معطفا، وأشكرهم على كلّ ما قدّموه إليّ.
حياتي مرّت وأنا أتدحرج من غيمة لغيمة، وكلّي شوق أن أطفئ الحرائق المشتعلة فيّ...
أريد أصدقاء يشعرون مثلي أنّنا جنود في خندق واحد وعلينا أن نتجمّع ونقتسم الأحزان ونتعلّم الغضب والحريّة،
يخطر لى أحيانا أنّني حين أعثر على هؤلاء الأصدقاء أشعر بنشوة لا مثيل لها ولا حدود لها...
أنا الآن يائسة، بائسة..حزينة.. لذلك أبكي على الأصدقاء وتبكي معي السّماء..
أريد أن أخترعهم، أريد أن أصنعهم من شذي الأزهار، أريدهم كالأشجار حولى يملأهم الثّمار، أريدهم بلابل أحرار أريد حين أجالسهم لا يغمرني الدوّار، ليس المهمّ أن يكونوا لي ولا أن أكون لهم بل المهمّ ان نكون جميعا للحريّة حتّي
تنزل في حلمنا في هيبة الحبّ العظيم والضّوء العظيم بأجنحتها البيضاء الأنيقة وجهها يعوم كالوردة ويشتعل كالجمرة...

تنزل لتراجع معنا الدّفاتر القديمة حيث نزرعها في داخلنا، ننثرها على أرض حياتنا، نفضح بها إنتهازيتنا وأوراقنا المغشوشة الّتي عشنا بها في ليالي وجعنا الطّويل .
تنزل لتخلّصنا من عاداتنا البريّة وتغسلنا بماء الينابيع وتعطينا تصريحا خاصّ بأنّها تعيش معنا على مستوى البرق والعشق والدّموع وتعلّمنا أنّ حالات الحلم والعشق الحقيقي هي حالات الخروج عن المألوف والواقع وأنّ السّباحة في دنيا المحبّة ألوان وأمزجة تحت بهجة الضّوء والبلّور. والحريّة تزهر لكلّ لطيف طيّب الأنفاس في موكب الكمال المنظور ....

mercredi 11 février 2009

أنشودة الحياة

من والدي الرّحيم شجر الزّيتون والكروم ميثاق خطير فيه المثل مجرّدة ..
قصّة مجنّدة تبحث في العدالة وحقّ تقرير المصير...

تحكي عن حقّ يملأ الظنّ نقاء، نقاء حنونا يشقّ ضميرا من الياسمين ويعلّم العين المساواة، شجر من الضّوء يرفّ مجروحا حولنا ويكاد يلتهب إلتهاب، لا نقاب، كان الشّجر قبل أن كان الجواب ، كيف كنّا نعيش في وهم الجواب؟ يا رائع التّطريز، أيّها الشّذي المرسل ...أشواقي تشرب من بوح الثّوب، هذه الأحطاب تحوّلت مواويل تجمّع الصّبيان على الدّبكة، تجمّع النّسوان على الضّحكة، تجمّع العرسان على الفرحة ..إبتكر لنا العود جوّا دافئا وإحترق كالشّرر أيا أغنية دفئها جوهر ، ما غنّي عصفور إلاّ فوق الشّجر بعيوننا آلاف الصّور، فلا شجرة إلاّ عليها عبير حقّ وعطاء ولا عصفور إلاّ على جناحيه عبير حريّة.
الطّير يرمز للمستقبل، أنشودة حياة تنشدها روح ترنو للأبديّة، صلاة عميقة أمام السّماء نستمدّ منها السّعادة، الرّوح الكونية مملوءة بالجمال والمحبّة والعدل والعطاء والصّفاء هي كلّ ما في القلب من رقّة وحنان وطموح، الرّوح تختبئ في قلوبنا مثل النّواة وتنبثق من شفاهنا في ساعات الحزن والفرح.
التّعاسة هي موكب الحياة نحو التّسلّط والأنانيّة نحو الشّقاء والعذاب المرّ ولا يشفينا من هذه التّعاسة وهذا العذاب إلاّ الموت ، إنّ العواطف الخفيّة في نفوسنا تغمرنا كالشّعاع، كالأحلام الّتي لا نكاد نصدّق حقيقة وجودها، تحملنا نحو الطّمئنينة وتترنّم معنا أرواح الفضاء بأنشودو النّصر، فالرّوح الّتي تنشد حريّة الفضاء تظلّ تنشد مبدعها أن يخلّصها من العبوديّة بكلّ أشكالها ..
إنّ الّذين لا يهبهم الحبّ أجنحة يندثرون تحت أقدام الدّهر، فحيث تسكر النّفس بخمرة الحبّ يشعر القلب بوجود قوّة تستهويه وتبعده عن هذا العالم الدّنيئ إلى عالم سحري خافق بالمحبّة والعطاء فالقلب الّذي كان يتصرّف بغضب العواصف يصبح يشعر بجمال الرّبييع ويقظة الحقول والعصافير المنشدة لأغاني السّعادة، يصبح يشعر بحبّ علوي غنيّ ، قويّ يغمر النّفس بالقناعة...
الحبّ معنا جنبا لجنب إلى نهاية العمر يغمرنا بالأنس والألفة يغمرنا بالضّياء كأنّنا فراشات تحوم حول سراجه حتّى تحترق، في هذه الأرض نحن في قبضة الموت العظيم نسكر من خمرة الحبّ ومن عرش الموت نعيش، نتلذّذ بكلّ ما تنتجه الفصول ونتامّل نموّ الهلال كيف يكتمل ثمّ يأخذ في النّقصان ثمّ يولد من جديد كأنّه مرآة تعكس أرواحنا ..كأنّه المسؤول على مدّنا وجزرنا وكلّ معانينا وطباعنا.. نتأمّل الشّمس أمّ هذه الأرض تحتضننا بحرارتها وتغمرنا بنورها وألوانها ومختلف ملابسها..
تجيئ بمركبتها كلّ صباح مع أسراب من العصافير حتّي تبلغ المساء وتفارقنا مع ترانيم الطّيور وشذي الزّهور، ثمّ تدخل في الظّلام حاملة لنا موشّحات كانت في ذلك اليوم تستميل بها أرواحنا وتعيد علينا ذكري آمالنا وميولاتنا وكلّ ما يجول بخاطرنا من معاني وأسرار جديدة فيها المطمئنة وفيها ما يوحي لنا بالتّحذّر والإنتباه، تدخل في أرواحنا وأحلامنا لتعطي لكلّ زهرة عطرها وكلّ روح سرّها ومجدها.
معنا تسير الشّمس في سبيل الحقّ والمحبّة والحريّة، فهل وهبنا اللّه هذه القدرة لنضعها تحت أقدام الموت والعدميّة، خاضعين محدّقين لظلمة القبر .. الحبّ كنز في النّفوس كبير، فكيف نرمي بكنزنا في الهاوية ؟
من لا يتمرّد على الظّلم السّاكن في نفسه يكون حليف الموت والظّلال..
أمامنا الحياة والحريّة لماذا لا نسير إلى حيث الرّاحة والطّمئنينة بالصّدق في القول والإخلاص في المحبّة والعمل
مع تلك الشّعلة المقدّسة الّتي أوقدتها السّماء إلينا لتطهّرنا بنارها المقدّسة من جحيم خطايانا..
محبّه مطهّرة بالنّار لا تقنع بغير إنسان حرّ نزيه صادق يولد في أحضان اللاّنهاية أمام وجه الشّمس، إنسان عميق كالبحر، عاليا كالنّجم، متّسعا كالفضاء، نفسه متوهّجة وقادرة أن تضحّي للحصول دوما على ما هو أعظم وذلك بالعمل الجادّ والمقدرة على تحمّل معاصي الحياة بكلّ ثقة في النّفس...
أنشودة الحياة إنسان كامل وحرّ لا يمتلكه شيئ إلاّ الحبّ المطلق والهواء المطلق.,

lundi 9 février 2009

الضّحكة

الضّحكة نخزنها لوقت آخر، فهي لا تموت فينا أبدا، هي مخزونة فينا كما الماء في طبقات الأرض أو طبقات السّحاب، إيماننا بالحياة يزداد كلّما فهمنا الحياة أكثر. نسمع أنّ الحياة جميلة حولنا لكن بالنّسبة لنا هذا الشّيئ مفقود، نحن نعاني الحرمان وتعجّ بنا المستشفيات والمقاهي والسّجون والأرياف. هناك من على هذه الأرض من يعاني من التّخمة ولا أحد قال لنفسه لكي أشعر بالحياة لا بدّ لي أوّلا أن أكون حرّا، عليّ أن أتخلّص من ظلمي وأنانيتي. مرضي التّخمة هم الّذين يضحكون، لا يعرفون التّعب ولا يعرفون الدّموع قد يكون الزّمن وحده هو الّذي لعب لعبته بهؤلاء المساكين والجياع في العالم، الواقع يكشف على إختلال واضح في الميزان، مرضي التّخمة يفهمون الحريّة قوّة وتوحّش والمحبّة ضعف والحق إستسلام، هم لا يدرسون حتّي أحلامهم لمعرفة التّقارير الّتي سجّلت ضدّهم، أو ربّما لا يعرفون حتّي كيف يحلمون أو ماذا يريدون..
أو لعلّ السّماء تحرمهم حتّي من لذّة الحلم وتجرّدهم من كلّ القيم الإنسانيّة
هؤلاء الّذين يعيشون بوهم إمتلاك النّفوس ويعطون لأنفسهم حقّ السّيطرة على الآخرين، أقول لهم لا حبّ ولا حقّ ولا حريّة في كنف السّيطرة والإستبداد، كلّنا نزلنا نبكي وعلينا أن نحاول كيف نرجع إلى القبر ضاحكين لأنّنا سنلتقي بضمير حيّ قد رافقنا مدي الحياة..
لا بدّ من إعادة النّظر في التّاريخ الشّخصي ودراسة الإعاقات التّي خلّفتها الهيمنة والأنانيّة، لا بدّ من إجتياز التّاريخ كي يقدر الإنسان أن يحقّق ذاته بكلّ حريّة ويبدع شخصيّة خاصّة به مضمونا وأسلوبا وهذا شرط أساسي من شروط العقلانيّة في هذا الرّمن، هذا الزّمن زمن إجترار الأفعال والمواقف فلا يمكن لأيّ كان أن يقول أنا وحدي بدون الآخر، ولا يمكن لأيّ كان أن يقول أنا أملك أجساد البشر ونفوسهم وأتصرّف كما يحلو لي فيهم وفي مصيرهم، نحن جميعا يا سادة في إنتظار حكم نتحرّر فيه أو نعدم، غريب يرافقنا ومخبر مدهش.. إن نمنا يفتح لنا أبواب ويجعلنا نطرح آلاف الأسئلة بغير جواب. لا أحد يعلو على سلطته ننام كلّنا بين أحضانه بلا كلمة موحّدة بلا شعور موحّد بلا أحلام موحّدة، من يغفر لنا وذاك الصّوت صوتنا، وذاك الظلّ ظلّنا. هل المجد له أم المجد لنا.، العمر يتوارى بنا وتتعالى منه الضّحكات.
أكيد سيرجعون أكيد وأين الفرار.

dimanche 8 février 2009

ميلادي لأجلك

ميلادي كان لأجلك من الصّبح حتّي المساء فالحبّ صديقي لا يقوم على الغباء فلكي تحبّ لا بدّ أن تكون في حالة من الوعي والصّفاء.
ميلادي لأجلك لشعوري أنّ قطار الحياة يحمل رسمي ورسمك، لشعوري أنّ حرف الحبّ والحقّ والحريّة يحمل إسمي وإسمك، لشعوري أنّ العلاقة الأولي بيننا بمعناها البديع ذكر وأنثي.
ميلادي لأجلك كميلاد الأبيض لأجل الأسود، كميلاد النّور لأجل الظّلم، كميلاد الكلمة لأجل الحقّ، كميلاد الحقّ لأجل الباطل، كميلاد الظّل لأجل الحبّ ،كميلاد الإنسان لأجل الحريّة.
الموت هو الّذي يحتفظ بحبّنا الكبير في غرفة نومه، هو الأصفي والأنقي وفارس الأحلام الّذي يحمل لنا مراسيل الغرام
ويفتح ذراعيه للعصافيرالرّبيعيّة المولد.
الحبّ هو القتيل والمقاتل ومهما سادت الفوضي فلا بدّ أن يأتي يوم لا يبقي سوي هذا الحبّ العظيم يرقص بإيقاع جميل
الحبّ مطلوب للحياة والموت والإنسان والوطن ولا يمكن لنا أن نطلب منه تغيير ولا مساومات، الحبّ هو خصوصيّة الإنسان تماما مثل بصمته، إذا كان بإمكاننا عمليّا تغيير رجل بآخر أو إمرأة بأخري فتلك كلّها تجارب يقدّمها لنا الحبّ على طبق من الدّهشة ..
كلّ إمرأة هي حمامة والرّجل الحرّ والذّكيّ هو القادر على تثقيف حمامة، كلّ تجربة في الحبّ معها تدخله في ورطة والضّيف الّذي يرافقنا جميعا هو الحزن.
المرأة في دنيا الحبّ والحريّة تتوهّج وتملئ النّفس ضياء ولا تقبل بسلطة غير سلطة الحبّ..
لذلك كلّما شعرت أنّها محاصرة وأنّ الكلام أصبح مع الرّجل بلا لون ولا رائحة ولا طعم تكسّر مملكة هذا الرّجل الغارق في الأنانيّة و تصبح جسد بلا معني ولا روح..
الحبّ قرارا فتح لنا فضاء التّجربة ليضيئ ما نخفيه في زوايا نفوسنا هو رمز لنزعة الكشف والبحث المستمرّ عن الأجمل والأنبل والأنقى والأفضل. الصّوت يتجوّل في واقعنا يفتّش عن الكنوز المخبوءة في دهاليزنا.
الصّوت ملك عام وكلّ واحد يدّعي أنّه له ....
الصّوت ملك الحبّ المطلق والهواء المطلق يأكل من مراعي الكبار والصّغار، يخرج من بحر نفوسنا ليقرأ علينا قصّة حبّنا الزّرقاء ....
الحبّ خيال أسود يلبسه كلّ النّاس وجهه مستحيلا وليس له ملامح محدّدة، له كلّ الملامح والأشكال
لذلك يسمح لنا أن نشكّله كما نريد، فخفقات قلبه في كلّ الوجود..
هو وطننا، هو شكّنا وقرفنا وكرهنا وجنوننا هو حريّتنا ، هو قولنا وفعلنا، الحبّ هو الّذي سيفتح دفاترنا بإسمه ويقرأ علينا حتّي يختلط رماده برمادنا...
لذلك الإنسان العظيم هو الّذي يحترق لأجل شيئ أحبّه وعشقه وعرف الحزن الجميل لأجله ورسم صوته في الدّمع الأزرق كلّما هبط الظّلام، فالوجع يسبّبه الحبّ الّذي لا يقال. الحبّ هو شريكنا في كلّ شيئ في هذه الحياة وهو الملك الّذي لا يمكن لأيّ أحد أن يخلعه من العرش وإذا عاملناه في هيبة الحريّة والعشق يعطينا لذّة التّحليق في الهواء الطّلق، في حضرته يجلس النّاس متساوين متشابهين وعند الدّخول لمملكته النّاس يتركون ثيابهم ودفاتر شيكاتهم وشركاتهم وبيوتهم وكلّ مدّخراتهم ولا يجدون عنده إلاّ صدي صوتهم وأفعالهم...
لا إكراه في الحبّ وكلّ تجربة في الحبّ لا بدّ أن تدخلنا في ورطة أو مشكلة، لكن إذا عشقنا الحبّ موت فالموت لا مشاكل فيه وليس فيه إبتزاز ولا قمع ولا ظلم و لا كذب ولا خيانة ، كلّ هذه الصّفاة بشريّة. الموت هو حقيقتنا من خلال الصّوت ، فهو ضياء وكبرياء.
أعشق الموت لأنّي أجده رائعا حقّا فهو يخرج الحبّ من عتمة المؤسّسات والدّهاليز والبيع والشّراء إلى الهواء الطّلق ويعيد إليه إعتباره حرّا طليقا..
نحن أطفال قد وسّخنا ثيابنا وكلمتنا وسمعتنا.
ماذا نقول عن الحبّ ؟ ماذا نقول عنه؟
نقول عنه سجّان.. نقول عنه مدير سجن. نقول عنه إرهابيّ، نقول عنه متسلّط، نقول عنه كمال ورفعة
هل الحبّ هو الّذي إحتقر المرأة والإنسان ؟
هل الحبّ هو الّذي جعل المرأة مجرّد جسد للمتعة؟
هل الحبّ هو الّذي جعلها ناقصة عقلا ودينا؟
من تكون هذه المرأة؟ هل هي محبّة وعطاء وأمومة ؟ أم هي حرب ؟
إن كان الحبّ العظيم قد خلق الطّيور بأنواعها فهل يرضي أن يكون لأحبابه سجّان
إن كان الحبّ قد خلق نورين في السّماء هل يرضي أن يكون لأحبابه ظلام ووحشة
إن كان الحبّ قد أوصي بالصّدق والوفاء بين العاشقين هل يرضي أن يكون لأحبابه خائنا وكاذبا
المراكب كلّها مرسومة أمامنا، أزمنة مختلفة...
ونحن مفتوحيّ العينين وكلّها بفرحها وحزنها تودّ التّحدّث معنا فيما يخصّ طباعنا وميولاتنا، من نحن في كلّ هذه المراكب وهذه الأزمنة؟
إذا عاملنا الحبّ بالرّخص يعاملنا بالرّخص.. والإنسان العظيم أصبح رخيص في الأسفل يوم ثمّن الحبّ وجعله رهين الغرائز والأنانيّة والظّلم والتّوحّش...
كلمات من ذهب تكتب قصّتنا في كتاب الحبّ.
كلمات منها الوضوح والشّعاع والكبرياء.
ميلادي لأجلك لكي لا تكون أحاديّ النّظرة وصاحب غرور وقوّة وسلطان على حسابى هذا الشّعور الأناني صلبك متوجّعا.
سافر في ذاتك أيّها الإنسان وأرقص في الهواء المطلق مع حبّ حقيقي.
فالكلمة وجدت لكي تصل إلى من قيلت أو كتبت لأجله..
أنت صوت ومن خصائص الصّوت أن يترك صدي، الصّوت له حاجز إنساني في هواء لا يسكنه أحد
إنّ الشّعور الّذي يتّجه للحبيب عبر الهوى ينام إلى يوم تفتح مغارة على بابا.
ميلادي لأجلك لكي لا تبقي معلّقا في الفراغ كقطعة من روح العالم فالكلمة تصل إلى المرفئ الّذي يزوّدها بالوقود والمحبّة.
ما هو الحقّ إن لم يكن حقّي وحقّك ، ماهو الحبّ إن لم يكن حبّي وحبّك، ما هي الحريّة إن لم تكن حريّتي وحريّتك، ما هو الصّوت إن لم يكن صوتي وصوتك، ما هي الخطايا إن لم تكن خطيئتي وخطيئتك..
وبالتّالي لماذا نحبّ صوت دون آخر؟ ونقبل بإنسان دون آخر؟ لأنّ هناك أصوات تملأنا بالمحبّة والفرح والصّدق وأصوات تملأنا بالحزن والسّواد والكذب..
ميلادي لأجلك لأنّ الصّوت يتجوّل كالرّيح بغير وثائق.. وبغير تأشيرة للدّخول أو للخروج ..وبالتّالي منه يأخذ الإنسان حقوقه المدنيّة والعاطفيّة...
أو يطرده إلى مدن الملح والكوابيس ويحرمه من حقوقه الإنسانيّة ويصادر جواز سفره.
ميلادي لأجلك لأنّك لا تعرف شيئا عن الأنوثة فهي صداعا يومي يسكنك كالوطن وكلّ شعور ضدّها هو شعور ضدّ الوطن. معها يطرح سؤال عيد الميلاد.. من أنا؟
الطّائرة ركوبها متعة لكنّ الحسابات تفسد متعة الرّحلة، كذلك الكلمة والمرأة والوطن، التّعاطي معهم متعة لكنّ الحسابات
توقعنا في الهاوية..
فأنت لا تعرف إلى أين ستجرّك هذه الكلمة أو هذه الأنثي أو هذا الوطن ولا تعرف حجم الأشكال والمخاطر الّتي تنتظرك معهم.
فلا بدّ من التّعامل مع الكلمة الصّادقة والشّمس الصّادقة والأرض الصّالحة للزّراعة لا بدّ من التّعامل مع الآخر بصدق ولا بدّ من حدوث الألفة والمعرفة الصّحيحة.
أمّا الّذي لا يخطّط لأيّ شيئ ينفجر ويأخذ أشكال أخري غير متوقّعة
وراء كلّ كلمة في الحبّ ينتظرنا مجهول ...
الصّوت يجرّنا وراءه كما تجرّ الخيول عربات البضائع إلى المخزن
ميلادي لاجلك لأنّ الكلمة عذراء وإبن مقدّس، لأنّ الكلمة حبّ نقيّ ومسيحا حرّ منتظر
الصّوت والظّل نار سماويّة وخارقة من خوارق الحقّ والبطولة هما نار الحريّة بهما يكرم الإنسان أو يهان
أمّا الكذب والخيانة فهما نار أرضيّة ومواجهة كبري تنتظر الإنسان وسط الطّين والوحل بلا شمس ولا نور
هما نار العبوديّة وفقدان المجد الإنساني
الحبّ صدق ووفاء أرضا كان أو سماء وقد خلقنا لأجل المجد والتّحرّر
ومن لا يسمو بنفسه يعش أبدا بين الحفر

vendredi 6 février 2009

عصفورة الأمل

مطر مطر يهدي للعود الثّمر
مطر مطر يهدي للعود أنغاما ووتر
تبكي فوق العود عصفورة الأمل
هل سيرسلها القدر
هل سيبعثها كوكب مشتعل
سقطت نجمة حافية تحمل ألف رسالة حبّ
لا تضربوها في لحظات جنونها
فهي تناجي حبّ كبير يأمر أن يحوّلها عصفورة
لا تساوموها ، فمهرها حليب العصافير
إشربوا شيئا من الحلم معها
فلا شيئ أروع من عصفورة في سماء الحريّة
الشّتاء يأتي وهي تتحوّل كالمجانين
تتحوّل زلزال كبير
تشعل النّار في كلّ الأشياء مثل تلميذ صغير
تعيش العشق جنونا وإنفجارا
وتعتقد أنّه العادل والجميل والمضيئ
لا تندهشوا
نائب اللّه على الأرض كبير العادلين
نائب اللّه على الأرض كبير الصّادقين
على وجه المرايا مات مات
لم تكن له إشارات الحياة
شطبت له إشارات الرّجوع
لماذا أنت مكسور الجناح
أيّها الزّائر ذو الوجه الحزين

المحبّة حالة إشتعال للتّحرّر والإنعتاق

في الوجدان أوساخ تراكمت وتجمّعت سنة بعد سنة ويوم بعد يوم حتّي إنفجرت بركان من الغضب والخوف وهذا الإنسان مأخوذ برومانسيّة مفرطة يمارس التّكبّر والثرثرة، هذه الثرثرة هي نتيجة طبيعيّة لتراكم الفجيعة في نفس الإنسان وكأنّ هذا الإنسان حالة مدجّنة رقد سنين على البيض ثمّ إكتشف أنّ البيض فارغ.
المحبّة هنا هي حالة إشتعال وإنفجار وهجوم على المغارات والزّوايا المظلمة الّتي تسيطر على الذّات وتجعلها تتعاطي الدّعارة الفكريّة والشّعوريّة ، على الإنسان أن يكشف ذاته ويتعرّى أمام نار المحبّة الّتي تجدّده كلّ يوم، فهي تعلّمه الهجوم على الموت والظّلم والتوحّش والأحزان.
لا بدّ من ممارسة عمليّة جلد على دفتر النّكسة والهزيمة والخوف
أوساخ العقل والشّعور تجعل الإنسان يكتب ويمزّق آلاف المسودّات ومن خلال عمليّة الشّطب والتّمزيق يكشف كلّ مرّة أوجاعا نفسيّة لم يعرفها من قبل إنّه وجع الصّفاء الرّوحي ومع تكرار التّجربة يصل إلى تغيير صورته الدّاخليّة فيكشف صورة أكثر نضارة وحضارة فيستريح وينسجم مع ذاته ومع العالم ويتقدّم خطوات نحو التّحرّر..
الكتابة عمل إنقلابي قد يجعل الإنسان يسقط سقوطا مفجعا أمام ذات مظلمة تقنعه مند اللّحظة الأولي أنّه طفل مجهول النّسب ..تكسّره، ترهقه، تفجّره ، تشعره بالخوف، تحسّسه أنّ الطريق للحريّة طريق مسدود وجواز سفره ممنوع، لكن من يحمل مصباح الشّمس بين أصابعه فلكي يضيئ بها عالمه النّفسي ويشعل النّار في ثيابه هو أوّلا قبل الأخرين
فعاشق الأرض له هموم ثوريّة لتغيير وجه العالم وعاشق الشّمس له هموم ثوريّة لتجميل ذاته وروحه أوّلا..
الحبّ ليس مقرون بالجسد فقط إنّه مقرون بالرّوح، بالكون بأكمله، وكلّ شيئ نراه يجعلنا نعشق مصمّم هذا الكون بما في ذلك الإنسان في حدّ ذاته..
الحبّ يغسلنا بالماء ويطهّرنا بالشّمس
الحبّ يجعلنا نبرق ونرعد في غيوم خطايانا لنشعر بالصّفاء الرّوحي
الإنسان موضوع عشق وليس خرافة، حقيقة ثابتة وليس أسطورة، فلا يمكننا أن نكتب على حبّ لا نراه أو نستورده من عالم آخر.
الحبّ في الميدان بكامل ملابسه.. في الجبال ، في الحقول ، في العصافير، في روائح الورد، في الأشجار، في الأضواء ، في الغيوم ، في العواصف، في الحيوانات، في الإنسان، الحبّ الحقيقي هو النّظر بعمق لهذا الكون المتناغم
لا يمكننا أن نكتب على الحبّ إلاّ إذا أحببنا، أو نكتب على العشق إلاّ إذا متنا عشقا، أمّا الكتابة على شيئ لا نعرفه فهو كذب..
نحن نغنّي على الورد لأنّه يعطي عطره وعن الشّجرة لأنّها تعطي ثمرها، وعن الحبّ لأنّه يضيئ الكون ويروي الأحاسيس، وعن الحبيب لأنّه يغمرنا بحبّه وعن الفنّان لأنّه يطربنا بفنّه ، وعن السّياسي لأنّه حكيم في سياسته، وعن الطّبيب لأنّه يمنحنا الشّفاء ، وعن الهوى لأنّه يبعث فينا الشّعور بالحريّة.
وعن الأمّ لأنّها تمنحنا الحياة، وعن الأب لأنّه يمنحنا محبّته ورحمته
الأنثي في هذا الكون وجه الرّجل الآخر، فإذا تعامل معها حرّة تعطيه عطر الحريّة وإذا تعامل معها بالصّدق والوفاء
تكون له حمامة في حلمه
وإذا تعامل معها جارية تسقطه معها في العبوديّة
وإذا تعامل معها أسيرة تسقطه أسيرا
وإذا تعامل معها دمية تبقي بإنتظار من يشتريها
وإذا تعامل معها صخرة تبقي كالجدار تنتظر من يشعر بها ويخرجها من كهفها.
المطلوب ثورة يقوم بها الرّجل على كلّ ما تستعمله المرأة للسّطو عليه وجعله أسير
فحريّة الرّجل ليست حريّة فرديّة وإنّما هي حريّة جماعيّة يكون فيها التّعامل مع المرأة روح وكرامة وقيمة إجتماعيّة
البشاعة ليست وقفا على الرّجال إنّها متعدّدة لدي النّساء أيضا وتحرير الإنسان من البشاعة والرّدائة لا يأتي عن طريق الأدعية والتّذرّعات للرّسل والأولياء الصّالحين وإنّما يأتي عن طريق عمليّة تطهير وغسل للدّماغ من الرّواسب القديمة
والتخلّف والعنصريّة.. بالحبّ نبلغ الفضاء وبه نبقي في عصر الحجر.
فكثرة النّساء في حياة الرّجل تجعله يشعر أنّ الحبّ بضاعة للإستهلاك
فليس بوسع رجل سويّ أن يعشق عشرة نساء في نفس الوقت

العشق نار ومن لم يكتو به هو إنسان لا يحلم، هو إنسان يعيش في رماد المواقد يخاف شمسه وظلّه
هو إنسان فارغ ووردة بلا رائحة ، وشجرة بلا ثمر وسماء بلا مطر.
العشق وحده هو الحقيقة الّتي تولّد الطّموح، له طبيعة الزّلزال وحالة الثّبوت تجعله رماد
ومتي دخل الحبّ في معاهدات البيع والشّراء إنتحر.
العاشق يركب دائما حصان الدّهشة فحبّه يضيئ له الأشياء ويجعلها في تطوّر دائم
لا يمكن للمرأة أن تبدع إن لم تتّخذ العصفور حبيبها وصديقها وصانع مجدها.
أجنحة العصفوء تعطي للمرأة أو للعاشق إشتعالا وتوهّج، تعطي للإنسان حضور هوائي ينفض به غبار الأرض
العصفور بطل المرأة ومحرّض أنوثتها، فعالم العصفور هو العالم الوحيد الّذي كلّما أبحرنا فيه إزددنا جهلا
الرّجل هازم المرأة ومحرّض خبثها هو العالم الّذي كلّما أبحرنا فيه إزددنا إحتقارا وغلب.
فلا يوجد إنسان حامل شهادة في علم الهوي والحبّ، ولو طار إنسان من تلقاء نفسه لفقدنا لذّة البحث والإكتشاف
وربّما هذه الطّريقة الوحيدة الّتي تجعلنا نموت لأجل أن نفهم هذا الحبّ وهذه الحريّة..
لو تخرّج واحد من مدرسة الهوي لمتنا قهرا منه... للطّير روعته وهو مرتبط بمستوي حضاري أنيق ومتقدّم جدّا
الحريّة إذا تعلن علينا الثّورة وتدخلنا في حوار طويل معها
تشعل أعصابنا ولا تحمل لنا إلاّ الغيم والأحزان والدّموع، الحريّة تشعلنا كالشّموع لأنّنا لا نفهمها
كلّما ناديناها رمتنا بين أنياب الذّئاب ننام كالأغنام نبتلع الهراء ونسكن طاحونة تطحن الهواء والثّرثرة والأكاذيب
لو يظهر هذا العشق في سمائنا عصفورين في شكل إنسان فسيجعل الأرض تكفّ عن الدّوران.
ما قيمة إنسان إنفصل عن قضيّة الإنسان
ما قيمة إنسان يعيش محاصرا كالنّمل والجرذان
ما قيمة إنسان لا يمنح لنفسه ولا لغيره الأمان
ما قيمة إنسان يجعل الأقزام أبطال والأشراف أنذال
ما قيمة إنسان لا يحطّم السّجن من حوله والأقفال

mercredi 4 février 2009

الموت حكمة الحبّ الكبير

ما الّذي يجري على المسرح الكبير ؟
من المصمّم ؟ لا نعرف
من الكاتب ؟ لا نعرف
من المخرج ؟ لا نعرف
أين نحن ؟ في الموت أم في الحياة ؟
نحن في الموت..
فما روضة إلاّ عليها طائر

فوقنا ضوئان يحترقان .. هل يا ترى الجرح من الحبّ ؟
نموت لأجل ماذا ؟ لأجل الضّياع أو لأجل النّصر ؟
نحن أسري في عتمة الوجدان.
لا بل نحن جوقة من العميان

هل خلقنا لنكون بلا مواقف؟
لا نصر يرجي لنا حين يموت الحبّ... وحده هو اليقين
به بدأ وينتهي التّكوين.
هل من السّهل أن يحبّ السّجين؟
مهر الحمام ثمين على رجل مسكين قادم من الرّيح وحده
نحن أسري معا..
وفي قفص الحبّ يعاني السجّان والسّجين

هل أنا قطّة منزل تلبّي الحبّ للسيّد الحنين ؟
ذبحتني سيّدي عصورا ، في داخلي عصورا من الحزن والبكاء
حبل أنت ملتفّ على عنقي, من يعيد لي عمري الجميل ؟
من أين أنا ؟
أنا من رحم الحزن والجسم صديقي قد ملّ الرّداء، أنا جرح يمشي والحبّ أدخلني دهاليز الجنون
الرّجال في مذبح الحبّ يريدون أن يرثوا الأرض الخراب
أهداني الحبّ ربّ الأرباب خطاب
يا خفقة القلب يا رعشة الرّبيع ما عاد لأعصابي أعصاب
إلى متي سنبقي في الحصار؟
كالنّمل كالجرذان في داخل الجدران، إلى متي سنبقي في الحصار يحاصرنا الخوف والأحزان
هل خلق الإنسان ليكون بلا مواقف؟
هناك حرّ لا تهزمه الهزيمة مختلف الملامح لا يغفر الأخطاء ولا يسامح
إنسان لا ينافق هو الصّوت المرافق..
يا حبّ.. الأنانيّة والملكيّة تصنع بالعباد ما تشاء
تخنق الأطفال في الأرحام وتجهض النّساء
هل هناك رجاء ؟
قصّة السّلام على أياديهم مسرحيّة والحبّ مسرحيّة والحقّ مسرحيّة والحريّة مسرحيّة
والصّدق والوفاء مسرحيّة
ولأنّهم جعلوا الحياة عقيمة
ضوء الحبّ لا يكون إلاّ إنفجارا في جماجمهم المتوحّشة القديمة

وما دور الموت إلاّ أخذ المجد ودفن السّذاجة

mardi 3 février 2009

شجرة الزّيتون

شجرة الحياة والعصافير..
بها كبرياء ومقدّسة في القرآن والإنجيل
شجرة التّحدّي الّتي لم تدخلها الأحلام، نلمحها مجاهدة في الواحات، أضواءها ضئيلة وثمارها تتدلّي في سكون

الحياة فيها تموت وتتجدّد، تشعرنا أنّ قلب الزّيتون صلب لا يفني، زيتها شفاء وجفنها مكحّلا كأضواء القناديل، ثمارها من ذهب كأنّ فوقها أميرة تبعث زيتها لسيّد السّلام والمحبّة.
لها ملامح مصفاة وهل ذاك يعني تأكيد الذّات
وكأنّ هذا الزّيت مبرمج لأن يكون مع صفاء الرّوح ضدّ العبث
مع الجمال ضدّ القبح، ، مع الضّياء ضدّ العتمة
مع العصافير ضدّ النّمل
فالمحبّة تضيئ كزيتها المضيئ وتبعث الشّفاء للكادحين والأشقياء

خضراء كلّ ما تقول للإنسان كن عصفا ، كن نارا، فإنّ قلبي دائما صبور
حتّي إن كسّرت كبريائي تجدني دائما دافئة متفجّرة بالعطاء كالفحم في مواقد الشّتاء

يجوز أن تكون الزّيتونة سلطانة العصور فهي شجرة لا تقبل التّزوير في الشّعور.
هي مولّد حرارة وضياء لا ينطفئ
نصنع منها آلات الموسيقي والأنغام، نصنع كلاما شهيّا وحنون لا يموت

بزيتها يتبعثر الشّعر طويلا غزيرا ونغزله فيغزل.
بزيتها ننشل الشّعر إذا تعثّر..

عذراء كالشّمس تنام مع الرّيح وتسقينا الحبّ والرّحمة.
عن طريقها الشّذا وعن طريقها الرّحيق وعن طريقها ألوان قوس قزح سيّدة هي في الحبّ ومن الصّعب أن تكون عبدة

تلقاها بكلّ مكان كما هي، كأنّ لها مملكة، كأنّ لها حريّة كأنّها سلطانة على المقعد
من يفهمها ؟
زيتها ذهب تضحك النّجوم به في زرقة السّماء كما يضحك الضّوء في الآنية
أيّنا حرّ ؟
نحن عصافير قد متنا من الحرّ
الحرّ كالنّجم السّاطع بالضّياء يطفو بخفّة روحه فوق الماء
الحرّ.. له كوزا من العسل، له الشّوق والأمل
الحرّ يري في الشّجرة ذاته وتري فيه ذاتها
صعب تكسّره العواصف وصعب تطفئه الرّياح..
هو كالنّسر سجنوه وسدّوا أمامه الدّربا
قتلوا الّذي أهدي لهم الخصبا
قتلوا الّذي سقاهم ماءه وثمره العذبا
عيناه نهري أحزان، والدّمع الأزرق من عينيه يتساقط أنغام وأمطار
تأكله نيران الحياة يحترق.
هو لا يملك في الدّنيا إلاّ المحبّة والأحزان
قطع في تشرّده أعوام بلا محبّة ولا سلام
يموت في بحر العشق برقا مشتعلا حيث يفيض فيه الحبّ بالخصب والحنان
والموت يراه عشق يبشّر بالجمال ولا يراه كره يبشّر بالخوف.
الحرّ له ثوب يشهق فيه الخيال ما له نظير
له الكنز الأوّل والأخير..
تذهب الأشواق لأجله تقول ولد للرّوح أجمل الطّيور وأجمل الزّهور وأزكي العطور