samedi 22 mai 2010

جميلة وتاريخها العريق

أتعبتها الوجوه الّتي فقدت حيويتها
أتعبها اللّيل وعواء الذّئاب
في الحجرات الثّلاثة المقفلة
كلّ حجرة يخرج منها أشخاص بائسون
فكّرت أن أسألها
رجوتها وطلبت منها جواب
قالت الذّباب ينطّ على الكلّ
لأنّ الحبّ محروق لأنّ الخبز محروق
البؤس باد عليهم
بعضهم ينتبه إليّ
وأكثرهم لا ينتبهون
عميان لا يبصرون
أيكون أحدا منهم قد خدعك وسخر منك
بذلت مجهودا كبيرا لأجله
تحمّلت لأجله الثّقل
رزقته وساعدته بما أقدر عليه
الأنبياء ليسوا في حاجة لمن يعلّمهم
ومن يساعدهم
النّبوءة تأتيهم جاهزة
وليس للنّساء في ذلك أيّ دور
يا لهذا الزّمن لم يبقي منهم إلاّ
إمرأة تعيسة رفعت
رأسها إلي السّماء من ظلمهم

السّادة مشرّدون والنّاس يصرخون
ليسقط الظّلمة ليسقط الخونة
ما أكثر النّمل في قلعة الأندلس
ما أكثر النّاموس في الصّحراء
ما أكثر الفئران في مطمور إفريقيا
باجة
ما أكثر النّهب والإغتصاب
ما أكثر التّسلّط والعذاب
لا أعرف شيئا عمّا تحكمين به
هم يعرفون حكاية خديجة
زوجة الرّسول الأولي
إسألي سيقولون لك كم رقم قبرها
تلك الميّتة ذهبت للعالم الآخر
مقدّسة مكرّمة
لقد ماتت وأشعل النّار في فراشها
واليوم الباشا يتزوّج من جديد
بعروسة أخري صغيرة
من هي العروسة الجديدة
عائشة من لا يعرف عائشة
إبنة التّسعة سنوات
كنت حزينة لأجله
لأنّي كنت أعتقد فيه الوفاء
لكن اللآن زالت كآبتي
كان يوهمني
أنّه هو المعلّم
هو اللأعدل، هو المتفوّق
خديجة هي تلك المرأة الّتي تقوم
في الصّباح الباكر تعجن الخبز على النّار
لتقدّمه مع الحليب وزيت الزّيتون والعسل
لحبيبها المختار كي يكون سيّد من الكبار
أتراها خديجة تزوّجت رهبان مقطوع الظّل
لا يؤمن بمعاني الصّدق والوفاء
يرقب اليوم الّذي تموت فيه
لكي يرث مع عائشة الجنّة والجنان
بعدما ماتت خديجة أصبج الحبيب
يحلم بأخري
والحمام يذكّره بالحبيبة المكرّمة والمقدّسة
والنّساء حوله يسألنه عن معني الحبّ
وهو يفسّر بعدّة طرق تقديرا لذكائه
شقراء يفضّلها عن السّوداء
زانية يفضّلها على الشّريفة

ويستلقي معهنّ تحت الياسمينة في اللّيل
وتحت الشّجر
تلك هي العدالة الرّجل له في الإرث
حقّ أنثتين
وله في الحبّ ما طاب له من النّساء
وفي الحريّة إمرأة رائعة الجمال
تقول له إن خفتم آلآ تعدلوا فى المال
والحبّ فواحدة ولن تعدلوا
الباشا يفهم النّساء ولا يفهم الشّجرة
يفهم الأنانيّة ولا يفهم الحمام
والعبيد تحلم بعصافير الحديد
للباشا لكي يطير يطير مثل العصافير
ذكريات الأفخاذ والنّسوان الجميلة
والصّدور النّاهدة
والمال الحرام
جعلته في حالة إفلاس تام
لا تلوموا الباشا فقد قال عن نفسه
إنّني نبيّ أميّ

فيما بعد أدركت أنّه على حقّ
فقد إهتدي للفلاحة والرّشاد
إلي الملجأ الخيري
فعائشة هي الأرض الصّغيرة
الصّالحة للرّسول الكريم
الأمّة إنعكست عليهم تشوّهاته
ثيايهم تفوح منها روائح
الغدر والخيانة والأنانيّة

أهو جاء من جديد ليتعلّم أم ليعلّم
لا هذا ولا ذاك
جاء ليعيش حياته كما كان يحلم بها
جاء لأجل الجنّة
الّتي تجري من تحتها الأنهار

جاء ليحفر الماء في الصحراء
ويأخذ الماء العذب بالعذاب
من عرق جبينه
لم أعد أحقد عليه
لأنّ العمل والتّعب الذّي عاشه يشرّفه
ويرفع من شأنه
طباع الرّجال لها معاني اللّيل والنّهار
لها معاني العبوديّة والحريّة
في لعنة المرأة الجميلة والقبيحة
الرّجال يرفضون التدخّل في شؤونهم
فكلّ واحد يعتنق نصيبه من الحياة
عبدا يشتهي أن يكون حرّا
وحرّا يشتهي أن يكون عبدا
واحد يتحكّم في رغبات الجسد
وآخر لا يقدر على ذلك
واحد يقدر على الصّدق والوفاء
وآخر لا يقدر
الباشا لم يعلّم لللأبناء
دور الكلمة الملكة
في حياة كلّ إنسان
أنا أحترمه مهما جفا أحدنا الآخر
الصّحراء الآن تفوح برائحة النّد
نادت شهرزاد في تونس
والحبّ مباح من المساء حتّي الصّباح
والّتي تستعصي عن الحبّ
المال هو

ثمن حبّها اللّذيذ والجميل
عزاء أو جزاء
أخذ أو عطاء
لا معني في الصّحراء للوفاء
ولا معني للخيانة
الجميع أحرار
بأمر الحبّ العظيم
هذا حكم الحاكم
وليس حكم المحكوم

الحرّ حرّ والعبد عبد
وأنا من أنا
حكايتك تشبه النّاقة خديجة
أنت روح محروقة بسبب المال
عوض أن تعطي لزوجك المجنون المال
فضّلت أن تحفري معه
الصّحراء لأجل الماء
لعلّ الماء يطفئ الحروق
والجروح ويروي العقول اللاّهبة للمال
المال الّذي أخذه في السّابق
ليصنع به المجد والحظارة
كان مال حرام ليس من عرق جبينه
وكنت له إمرأة جميلة وغنيّة
والجمال الفائق والمال الحرام
فتنة ولوعة وإجرام
لذلك إنتهت الأرض
العروس إلى كابوس
البناء بالمال الحلال وعرق الجبين
البناء للفلاّحين والعمّال
نسائكم حرثكم والحرث شقاء
وليس مال حرام وزناء
الحرث كلمة صادقة
وليس كذب ونفاق
كلّ إنسان له موهبة
وكلّ إنسان له الحقّ
في تعليم جيّد
وأكل جيّد وصحّة جيّدة
ومسكن جيّد
وراتب شهري جيّد
لكي يكون العمل مثمر وجيّد
عمليّة البناء تبدأ
بالإنسان المهشّم على كلّ المستوات
وتنتهي بالأرض أوّلا
ثمّ السّماء
بالمساواة أوّلا ثمّ الحريّة
بالشّجرة أوّلا ثمّ العصفور
يكفي من العمل لأجل الشّيطانة والشّيطان
إعملوا لأجل الإنسانة والإنسان
إعملوا لأجل الجنّة والنّعيم بعرق الجبين
والمال الحلال
ولا تعملوا لأجل الجحيم
بالظّلم والإستغلال
إعملوا لأجل حياة أبديّة
و لا تعملوا لأجل موت أبدي
فأنّ الشّمس فوق الجميع والمطر
فالجنّة والنّار
فوق لسانكم وبين أياديكم
اللّه لا يظلم العبيد
ومن ظلم فلم يظلم إلاّ نفسه
فكلّ ما تعملونه من خير أو شرّ
يولّي عليكم
بسواعد الأحرار
من سواعد أبناء تونس الأحرار
في الدّاخل والخارج
يكون بناء الإنسان التّونسي المجد
والوطن التّونسي المجد
وطن الأمن والأمان
وطن الكرم والجود
وطن الزّيتون والنّخيل
قولا وفعلا
تونس لها عطش كبير
لأبنائها الأحرار المهاجرين
في حاجة لمالهم
وسواعدهم
وكلمتهم
الوطن كبير ويرفع الكلّ
تونس قادرة أن تعيّش أبنائها
بالقمح والشّعير والماء والملح فقط
أبناء تونس قادرون أن يسعدوا بعضهم
البعض بالكلمة واليدين فقط
بالفنّ الجميل والسّياسة الحكيمة
عن طريق الإتّحاد والحبّ الجميل
والصّدق والوفاء الجميل
والتّراب والهواء العليل
يكفي من السّرقات ونهب الأمومة
والوطن لأجل النّفس الأمّارة بالسّوء
سقط الظّلم والإستغلال عن تونس
بدماء الأحرار
ونبضة قلوبهم الصّادقة والوفيّة
العلم يرفرف بدمائهم فلّ أحمر
وياسمين
أيّتها الغالية تونس
أيّتها الفقيرة
أيّتها المسكينة
أيّتها الحزينة الشّاردة
أيّتها الحمارة
البارحة السّواعد واللأفكار واللأشعار
لأجل الحرب
لأجل الموت لأجل اللّيل لأجل الذّئب
أمّا اليوم الأفكار والأشعار
لأجل الحبّ لأجل الخرفان
البارحة كنّا نعمل لأجل الإستغلال
واليوم علينا أن نعمل
لأجل حريّة الإنسان
بالكرامة والإستقلال
البارحة لأجل المال
اليوم لأجل الجمال والكمال
البارحة ليل
واليوم نهار
الأيادي لم تخلق للتّصفيق
على الكذب والنّفاق
ولا اليمين واليسار خلقوا لأجل
أن يتحاربوا ويتقاتلوا
إنّما خلقوا لأجل التّعاون
وخلق الجنّة
في الأرض والسّماء
ما معني يد يمني بدون يسري
ما معني يمين بدون يسار
هذا التّراب من زرع فيه قمحة
يحصد سنبلة
وهذه الكلمة من زرع بها الحبّ
يحصد قصيدة
وهذه الأيادي من زرع بها الخير
يحصد خير
الذّنب ليس ذنب الحاكم وذنب الذّئب
وإنّما ذنب الخرفان التّي لا تفهم
أنّنا لا يجب علينا مطلقا أن نبيع الأمّ
ونغتصب الأمّ
ونبيع الوطن ونغتصب الوطن
كلّنا مرضي متعبين
لأنّنا لا نفهم أنّ الأرض والكلمة والأمّ
لا يمكن بيعهم لأجل المال
لا نعرف كيف نقول لا
ولا نعم
نحن تحت التسلّط الغاشم كالحمير
نستحقّ نعم نعم نستحقّ
لأنّنا كفرنا بمن ماتوا لأجلنا
ودفعوا الأرواح والدّماء
العلم أمامكم أكثره دماء طاهرة
تخفق بها القلوب
فشدّة السّلطة
من شدّة الذّل والخوف
القوّة ضعف وجبن وخوف
والخوف ذلّ وسقوط في الهاوية
أحبّائي من لا يعمل لأجل الشّجرة
أين مكانه
من ليس له حلم المساواة والحبّ والحريّة
مع المرأة من يكون
إلاهي هل أنت عدالة؟
نعم والشّجرة دليلي
هل أنت حبّ؟
نعم والإنسان دليلي
هل أنت حريّة نعم؟
والعصفور دليلي
إلاهي هل أنت فرح
نعم ودليلي الشّمس والمطر وقوس قزح
ماذا أبقيت لنفسك إلاهي
أبقيت لنفسي الموت
وميم الوجع والألم
إلاهي للمرأة والرّجل
الأصابع العشرة والكلمة
فكيف العباد لا يعشقون

Aucun commentaire: