mardi 3 juin 2008

الذّاكرة

ربّما كنت قانعة كالآخرين
ربّما كنت راضية كالآخرين
ولكن شيئا ما فاجئني
فقد تأكّد لي
أنّ ذاكرة الإنسان
كهربا مغناطيس
ضوئيّة ومائيّة
وإحساسه متناقض
كلّ ثروتنا مسجّلة
على دفاتر الماء والضّوء
وهما اللّذان يغيّران
هندسة حياة الإنسان
أمّا إيقاع الصّوت
فترتّله الرّياح والمياه
فيتأكّد لي أنّ الماء هو
المقياس الزّمني وروح الزّمن
فلا زمن لنا خارج أبعاده
وإمتداده
فالماء هو روح الكلمة
ولا إنسان بدون كلام
أمّا إيقاع الشّعور
فيرتّله النّور والضّوء
والنّار هي مقياس اللّذّة
على حركة الدّماء والألوان
والزّهور والثّمار والزّرع
والتّحوّلات
وبدون نار نحن بلا شعور
لم يكن يهمّني أن أعرف
دهاليز نفسي
لكنّني كنت أقيس خسارتي
بجسدين متناقضين
في معطف واحد
و كلّ واحد
منهما ينفي الآخر
فالنّار تشرب الماء
والماء يطفئ النّار
في حين أنّ كلّ واحد منهما
يكمّل الأخر في الوجود
فلا حياة بالماء وحده
ولا بالنّار وحدها
فالصّوت الذّي نتكلّمه
ليس صوتنا
إنّما هو صادر من داخل
مائنا وموتنا
والنّار أو الرّوح التّي نحيا بها
ليست روحنا إنّما هي صادرة
من حركة الشّعور على الدّماء
ننام مع الماء مع الاّشعور
وفي اللّيل تحتفل الكلمة بالضّوء
والموت بالميلاد
وفيه يسبح الإنسان بلا مساحيق
و لا تجميل
تتشكّل لنا أشياء خرافيّة
ونشاهد أشياء لا تخطر
على البال تسرع فينا
ساعات الزّمن المائي
والضّوء يصبح أسود
كأنّ القمر حينها
يكون مسافرا في دورتنا الدّمويّة
فلا نشعر به ماذا يفعل فينا
وماذا يخطّط لنا وكيف يرسم
حياتنا في المستقبل
وفي النّهار يسافر معنا كلمة
فلا ندري ما قلنا وما فعلنا
لكنّنا نشعر أنّنا ممتلئين بالمخاوف
يكون الإنسان في نومه هانئا
حين يكون هناك تصالح بين
الكلمة والشّعور
بين القلب والعقل
بين العلم والإيمان
الماء واالنّار هما جسدان
مسخّران لأجل الإنسان
الكامل الحرّ
ونحن في الدّرب
مع هذين العينين السّاهرتين
عينا اللّيل والنّهار
مع الصّوت الّذي أدمنه
وعاش معه
ومع الظّل الّذي عاش يرافقه
أينما ذهب وكيفما فعل
الظلّ والكلمة عدوّان لدودان
للإنسان الخائن والكاذب
فلا صفاء الماء يعلّمنا الكذب
ولا طلعة الأنوار تعلّمنا
الخيانة

Aucun commentaire: