vendredi 24 avril 2009

يا بدر

مزمارك يا بدر شهيق
أوتارك يا بدر خفيق
من أنت ؟
عشّ عصافير صامت
تشدوه النّغمات
أيّها البدر العظيم ماذا تبغي
أما يكفيك وقد سوّدت بالأحزان فكري
أين تراك برمجت قبري
بلا عصافير بلا زهر وثمر
إشرب يا بدر خمري بصبر
فالقبر راحتي وقدري
حتّي أري في الأفق الفسيح
ذاك الّذي مات لأجلى
ليحرّرني
ليصدّ عنّي كلّ شرّ
أحلم يا بدر برجل لا حزن له إلاّ حزني
أحلم برجل لا فرحة له إلاّ فرحي
أنت يا بدر سجنا كبيرا ولكن
لولا ظلام اللّحود
وعصف الرّياح وقصف الرّعود
ما خلقت شمس الحريّة
وما حبل الصّبح بتلك الوعود
وما حفل الرّوض بتلك الورود
وقفت أمام غيوم العيون
فجاشت بصدري هموم الحياة
وسرت إلى حيث أغاني الرّبيع
حيث الفضاء حالم بنور الوعود
يناجي طفلين بوحي بديع
كبّلتهما بنات الظّلام
عادت لي ذكريات ذاك الهوى
وكيف الحبيب لا يعود؟
تجلّد يا بدر أمام ظلم الصّبايا
فما فاز إلاّ الصّبور الشّديد
وأكبر بعين الحمام مرايا
فخلف الظّلام صباح جديد
ولا تجعل البغا يرميك غبارا
فعزّ النّفوس بحرعتيد










lundi 20 avril 2009

الحياة حقّ وحبّ وزراعة العصافير والحريّة منقوشة على الحرف الأخير

زراعة العصافير تتطلّب إعتداء على كلّ الشّرائع، تتطلّب إكتشاف عطر مصنوع بماء الذّهب،تتطلّب إكتشاف الهواء وعطر الكلمة، عطر يقنع النّاس بضرورة وجود جنّة ثانية حيث الضّوء أهمّ من الشّمعة والعشق أجمل من الزّواج والكلمة الجميلة أهمّ من الرّعد والإنسان أجمل من الحيوان .
أقول للبحر ما أشعر به نحوه، وما الفرق بين فمي وفمه، هذا البحر هو رجل عاملني بعصبيّة، ذبحني، غرّقني، عذّبني.
قتلني عديد المرّات ثمّ أحياني، أنا أرفض المراكب الّتي لا تعرف إلى أين تسافر وأرفض أن نظلّ نتخبّط في الماء المالح ولا نسافر.
من أنت يا بحر؟ هل أنت مخلوق من الدّموع والعذاب والظّغوطات حبّا في الحياة والخلود؟ هل أنت مخلوق من نار الوجود؟ لم نشعر معك في يوم من الأيّام أنّنا في سلام ..أو أنّنا نقف على شيئ ثابت، كلّ أيّامنا معك دوار.. نحن نريد أن نعيش لكن يدك ملتفّة حول عنقنا نتوسّل إليك أن تلغي الحزن من مذكّرتنا وتلغي الدّموع لأنّنا لا نعرف كيف نضحك.
هل أنت الفاعل أم المفعول ، متي يا بحر سيتحرّر الإنسان من غبار الأرض، من جاذبيتها وقوانينها المبنية على الجنس والأكل.. كلّ من دخلك مقتول وكلّ من خرج منك مقتول، كلّ من رآك وقرأك يرتبك خوفا أو فرحا، هل أنت شيطان رجيم أم أنت رحمان رحيم؟

أنت تحكم وحدك يا بحر حيث لا تشتشير الجنين قبل أن يأتي إلى بحر الحياة ولا متي يموت، حبّك لنا شريعة أنت تكتبها وحدك ونحن ننفّذها بالبكاء والضّحك والصّبر..
مهمّتك الوحيدة هي أن تظلّ في الحكم مدي الحياة ، هل أنت الغدر يا بحر أم أنت الأمان. هل أنت القسوة أم أنت الحنان؟ هل أنت الحزن أم أنت الأفراح، هل أنت الخوف أم أنت الإطمئنان، هل أنت الحياة أم أنت الموت؟

علّمتني يا بحر الغضب والكفر والجنون وعلّمتني الإيمان والعيش في الشكّ والظّنون، أنت يا بحر قمّة الجمال والقبح وقمّة الطّيبة والجنون. الحبّ معك يستنزف العمر والدّماء، لم يعد عندي جواب عندما تسألني دموعي ويدايا متي يا بحر يشتعل النّهد في قلب المرايا.
في داخل الثّورة زرعتني، شنقتني مرّات ومرّات، إنّي أرجوك أن تبتسم، فالموج يقود إنقلابا ضدّ كلّ الخلفاء وفي عينيك غيم أسود ونبوءات الأنبياء، أريد أن ألقاك في أحسن الحالات عندما يأتي المساء. أريد أن أكون إمرأة بين أرتال النّساء المتشابهات، ما هي اللّغة المستعملة لمخاطبة الملوك، فقلبي ينبض بالدّم الأزرق..

مستريح أنت ومهمّتك نقل الثّورة إلى نفوسنا وخلق العواصف والرّياح والغيوم، مهمّتك نار تشتعل في نفوسنا تؤلمنا جدّا وتسعدنا جدّا الرّجل عندك حصان لا طموح له والمرأة حمامة بلا أمل.
أنت تلعب بنا ونحن نعيش معك الصّدام مع المجهول، الحقّ معك فالرّجل يريد إمرأة تقشّر له اللّوز والفسدق والهندي وتهديه مفاتيح حريّة لم يحارب لأجلها.. الرّجل ينظر للمرأة شهوة بلا عقل ولا شعور و جسد بلا روح.
المرأة هي الأخري تريد رجل يسقيها لبن العصفور ويعطيها حريّة لا تستحقّ شرفها، فالإكتفاء بمهام الجنس والأكل غاز قاتل لهما الإثنين

مهمّة الكلمة إذا تحويل الإنسان إلى حيوان. الأنسان حيوان ناطق يعيش لأجل الجنس والأكل.

كلّ الحيوانات تولد ومعها الكساء واللّباس إلاّ الإنسان فهو يولد عاريا وعليه بهذا العقل وهذا الشّعور أن يختار اللّباس
من النّمل إلى الإنسان عليه هذا الإنسان أن يسأل عقله أيّ الهواجس تحمله وتبحر به وأيّ كساء يحلم به.
البحر لا يرشّح الإنسان الّذي همّه الأكل والجنس والثّرثرة والهراء بل يرشّح الكلمة والعلاقة الصّادقة.. البحر لا يرشّح القذارة والظّلم والكذب والخيانة. حاشا البحر أن ينجب أو يحرّر حيوانات.
ا( فلا يؤمن أحدكم إلاّ إذا أحب للآخر ما يحبّ لنفسه)
فالإنسان إمّا قيمة أخلاقيّة وعلميّة عالية وإمّا فلا. البحر دموع وعذاب السّنين للرّجال أو النّساء .

هذا البحر يعلن أمام الجمهور أنّه عاشق على مستوي العصر، ، وإنّه مخرج ينتظر من يتقاتل معه ويقول له أنا لا أمثّل ذاك الدّور السّخيف الحيواني في الحياة بل أحبّ دور جميل يشرّفني وأقتنع به فهذا المخرج واحد من أكبر الرّجال فوضويّة وجنون ويكره من يظلّون واقفين ينظرون إليه كالأبقار .
السّحاب يعني عودة الضّباب والمواعيد الباكية، يعني خروج الخروف إلى المراعي والسّماء تبكيه بعيون رماديّة
يتساقط الأكل على هذا الخروف بكميّة متوحّشة وكلّما شعر الخروف بالتّخمة والبرد يتوسّل للأنثي أن تتبعه بلا ترذّد إلى السّرير فليس المهمّ عقلها أو كلمتها أو صداقتها أو القبلة أو جمال رفقتها .. المهمّ جنسها وأنوثتها وحسن تقديمها للأكل والجنس.. سامحوني إن جرّحت الشّعور فأنا أكره تعذيب الآخرين، وأكره البحر حين يتفرّج بفرح شيطاني على الحرائق المشتعلة فينا .. الإنسان رحلة لا تتكرّر والقدر هو الّذي أختار ونحن لم نختار، فماذا نقدر أن نفعل بالدّمع والحريق والدّهشة المسافرين معنا، علينا أن نعمل على إنفجار البالونات الملوّنة والنّساء الملوّنة والرّجال المتاجرة بالنّساء والأطفال.
علينا أن نفهم الحبّ بلونه الأبيض والأسود، علينا أن نرفض شرب الحليب المعقّم والكلام المعقّم، علينا أن نتشمّس ونفهم الغبار ومعاني العار، علينا أن نفقد شهيّة الأكل الفوضوي والتّناسل الفوضوي ونتعاطي الحبوب المنوّمة علينا أن نرفض التّاريخ ومحاولة إرجاعنا حيوانات للإستهلاك، يا للحماقة ماذا بأنفسنا فعلنا والحبّ عشق وليس مجرّد جنس وأكل، إلى أين نبحر ؟ إلى أين نذهب؟ من سيحسم أمر التحرّر أو البقاء في الظّلال؟ نحن أم البحر؟ من المسؤول عن الأمن في البلاد؟ اللّه أم الحكّام ؟ الأرض فوضي وبيت وسخ يحترق ويختنق بالغاز. البحر عدوّ الإنسان وصعب أن يعطي للإنسان حريّة، الحريّة مع البحر لا تعطي مجانا.
صديقي الإنسان كفاك فخرا ببطولاتك وإنتظر فالإسم لا يعني شيئا، ، لا تقل أنا فلان أو فلان، أو أنا حاكم الحاكمين أو أنا سلطان.. بل إسأل نفسك هل أنت إنسان؟ كفاك غرور كم تأكل أنت وكم يأكل العصفور وماذا تأكل أنت وماذا يأكل العصفور؟ ومن هو الأسعد أنت أم العصفور؟ التّاريخ وراءك مزوّر والوعد أمامك متحوّل والنّهد ثلج أبيض يبحث في بيت مهجور عن طفل مغرور ولا يرضي اللّقاء بالجبناء.
أنت الّذي تحسم الأمر، فأنت البحار المسكونة بالضّجر وأنت القلوع وأنت السّفر، إلى أين ستدخل، هل تعرف كيفيّة غسل العقل والشّعور بماء المطر؟ هل تعرف من سينزل ضيفا عليك حتّي يجيئ الصّباح؟ هل تعرف أين سترحل بعد رحيل الغيوم وإنقطاع الرّياح؟ هل لك وعد إلى أين ستبحر؟ كلّ ما يمكن أن يفعله الإنسان في مخدع الحبّ فعلته، من هي المرأة القادرة أن تمحي خطاياك؟
ومن هو الرّجل القادر أن يمحي خطاياك أيّتها المرأة؟
بماذا هذه السبّورة السّوداء منقوشة فوقنا
لا شكّ بالعاشقين لذواتهم. وما هو المطلوب من اللّه أن يفعله معهم،؟؟؟
كلّ ما يطالب به اللّه أن يحبّ الإنسان لغيره ما يحبّه لنفسه
أللّه ناكر لذاته ويعمل في سبيل الإنسان
من يدلّني بأيّ فنّ وأي حكمة، وأيّ برمجيّة وأيّ علم وأيّ صبر وأيّ قدرة خلق الإنسان الكلمة والرّوح والحلم
من يدلّني لأيّ غاية خلق الإنسان؟
ألكي يتحرّر أو لكي يسجن؟
ألكي يموت أو لكي يتحوّل؟
من يدلّني عن أهميّة العقل والمسؤوليّة؟
من يدلّني عن معاني الحريّة؟
من يدلّني عن معاني الملكيّة؟
...
.

samedi 11 avril 2009

الإنسان خطوة إلى الأمام وخطوة إلى الوراء

هناك حكّام يسيرون بشعوبهم إلى الأمام،إلى التحرّر والنّظام وهناك حكّام يسيرون بشعوبهم إلى الوراء إلى عبادة الأصنام النّتيجة شعوب تعشق الموت وشعوب تعشق الحياة
شعب أفاض لهيب جنوني فحاولت أن أسقيه بماء المطر وأغسل وجهه بضوء الشّمس والقمر، شعب حيث تكلّم بحريّة تلاحقه الأحكام، شعب صار الكلام يوجعه والصّمت يعذّبه، كلّ مبدع فيه عليه أن يكون بوقا للحاكم وإن خالف الأحكام حكم عليه بالنّفي والسّجن والإعدام، كلّ مبدع عليه أن يقبل الوسام، وكلّ المبدعين عليهم أن يتصرّفوا كأطفال جياع، يشرّف الحاكم أن يجمّعهم كالأغنام على طاولة الطّعام، يشرّفه أن يدخلهم لحجرة العرش لكي يقولوا كلاما جميلا في السّلطانة والسّلطان، يا لها من غزوة مضحكة ترقص فوق الكبرياء وتفترس المبدعين والإبداع، هؤلاء المبدعين أطباق شهيّة على طاولة السّلطان يعلفهم وينام سنينا وسنينا، هم يتعبون ويشقون والسّلطان يأكل وينام ويرتاح، هؤلاء المبدعين أقلامهم مفخّخة، أقوالهم مفخّخة ترعبهم حكاية قطع الأعناق، هم يرتعشون من خشخشة الأوراق، لا يؤمنون أنّ الّذي يموت لأجل الحقّ والحبّ والحريّة يموت إنسان حرّ ، يخافون لو خالفوا الأحكام ينحرهم السّلطان كما تنحر النّياق،
هؤلاء المبدعين رؤوس مصليّة باعوا الضّمير الحيّ وباعوا الكرامة الإنسانيّة وأختاروا العبوديّة.. عليهم أن يرشّحوا السّلطان حاكما مدي الحياة خوفا على الدّين والأخلاق،الخوف والجوع والطّمع ظالم يا مبدعين
السّلطان قادر أن يمنع الشّمس من الإشراق، قادر أن يكسّر العظام والأقلام ويسجن ويعدم بإسم الحريّة والوفاق، لو أحد من هؤلاء المبدعين فكّر أن يذهب إلى المرحاض سوف يجد صرصار ينتظره تحت الجدار كي يزرع في قلبه الرّعب والدّمار، هذه الأحكام وثيقة أبديّة موقّعة مثلها مثل وثيقة الصّداق تشهد أنّ الحبّ بين الحاكم والمحكوم والفاعل والمفعول إمّا نكاح وإمّا طلاق، هذا هو واقعنا الأسود بدون تعليق فكلّ ما قيل عن الدّيمقراطيّة والحوار والحقوق والحريّات ليس سوي تلفيق، سائرون بحكم مدي الحياة كالسّكاري ، كالموتي نستنشق الكآبة من مصيدة الرّقابة، هذه الأحكام تغتصبنا كما تريد وتنكحنا كما تريد وتحاصرنا إن قلنا لا بالنّار والحديد..

كيف نركع يا اللّه على أرض تخرج لنا منها الذّئاب، كيف نركع على أرض هاجرت منها وإنتحرت فيها النّسور وإنتصر فيها النّمل والنّاموس والذّباب..
هذا الرّكوع يا اللّه نمارسه خوفا من النّار وحبّا في الأجرة، نحن نحبّك لأنّك غنيّ وقهّار ونحن من طبعنا نبوس اليد الّتي تقتلنا وتخنقنا وتحرقنا وتقهرنا ، لو قلت لنا إنّي فقير معدم قد قدّمت لكم كلّ شيئ ولم أبقي لنفسي شيئا إلاّ الموت لأحتقرناك ولو قلت لنا إنّك إنسان ضعيف لصلبناك، ولو قلت لنا أنّك وحيد لتجاهلنا وجودك، ولو قلت لنا إنّك تحمّلت الجراح لأجلنا والآلام لأقمنا لذلك الأفراح، فالخوف والطّمع هما أساس حبّنا الشّديد لك نحن يا اللّه نداوي بعضنا بالأجرة ونعلّم بعضنا بالأجرة ونحبّ بعضنا بالأجرة ولا نطرب بعضنا إلاّ بالأجرة، ونعطي الضّوء والماء والهواء والتّراب لبعضنا بالأجرة بإختصار لا نقوم بحركة لوجهك أو لوجه الإنسان إلاّ بالأجرة، بدون أجرة لا نقدر على التّنفّس ولا على الحياة، بدون أجرة نموت في الظّلام والعطش والجوع ونكفّ عن العمل والمحبّة وتنعدم فرحتنا بالحياة..
إقرأ يا اللّه من عيوننا المأساة والحزن والشّتات، هذا الوطن نصفه سجن والنّصف الآخر حرّاس، هل أنت يا اللّه من أعطي الحريّة والحياة الأبديّة للحكّام ومنعت عن الشّعوب حريّة الكلام؟ هل أنت من منحتهم الحقّ كي يرموا الرّمل في عيوننا وجعلت الصّلاة أقفال في أفواهنا؟ هل أنت من قال إذا ركعتم للخوف والموت أعطيكم أجرة وإن لم تفعلوا أحرقكم بالنّار؟ ما معني الشّوري يا أللّه وما معني الشّفاعة؟ من سيشفع لنا إن كنّا في هذا الرّكوع كاذبين؟ من سيرحمنا يا أللّه إن كنّا في حبّك منافقين؟ من سيحرّرنا من الموت إن كنّا لهذه الحريّة جاهلين؟ من سيحبّنا إنّ كنّا للمحبّة ناكرين؟ ومن سيحترمنا إن كنّا أناس متخلّفين؟
أليست الصّلاة صدق في القول وإخلاص في العمل؟ أليست المحبّة عطاء ؟
ما الفرق بين عمل نقوم به نحبّه وبين عمل نقوم به تحت سياط الخوف والأجرة ؟
ما هي الأجرة الّتي يترقّبها هذا الإنسان أكثر من كونه إنسان جسد وكلمة حرّة؟
ما هي الأجرة التّي ينتظرها أكثر من الماء والضّوء والهواء والتّراب..
هذه العناصر الأربعة مرسومة على الأصابع يمينا ويسارا ومعهم بصمة تجعل الإنسان إمّا فوق وإمّا تحت، إمّا حرّ وإمّا عبد ..نحن عقول يا اللّه تحسب كثيرا لأجل الأجرة وقلوب تصلّي كثيرا لأجل الأجرة..

فأجمل أجرة لهذا الإنسان هي الموت في حفرة بلا ضوء ولا ماء ولا غذاء ولا هواء.
فعين هذا الإنسان يا اللّه أكبر بكثير من عينك ولا يكفيها شيئا.

لماذا يا اللّه حين ننظر للتّراب نبكي وحين ننظر للهواء نبتسم؟
أحبّك يا اللّه لأنّ الإنسان غالي عندك ورخيص بالأجرة..
أحبّك لأنّ الإنسان للهواء بالحبّ الكبير وللتّراب بالحبّ الأجير. أحبّك لأنّك الحقّ والحبّ والحريّة
ونحن الظّلم والعبوديّة..
أحبّك لأنّك الضّياء ونحن الظّلال، لأنّك الحبّ ونحن الأجرة.
لأنّك الهواء الواسع ونحن القبر الضيّق، لأنّك الجود ونحن الجحود، لأنّك خلقت الإنسان والكون بالحبّ ولم تخلقه بالأجرة..

إرحم يا اللّه عشّاق الأجرة إنّهم لا يعلمون، فلو بكي الإنسان على نفسه فهو لا يقدر أن يبكي مقدار حفنة ماء
ولو طلب المغفرة بكلّ الصّلواة فهو لا يقدر أن يحصل بكلماته على حفنة هواء ولو إحترق على نفسه فهو لا يقدر أن يحصل على حفنة تراب ولو سهر اللّيالي يتأ مّل في كيفيّة خلقه لما إستطاع أن يسهر أكثر من ثلاث ليالي
فهل يفهم الإنسان معاني اليدين في الأخذ والعطاء ومعاني العينين المرسومتين كالميزان ومعاني الشّفتين العليا حريّة والسّفلى عبوديّة ومعني النفس الرّجل والمرأة من نفس واحد.. كلّ شيئ مرسوم بكلّ دقّة وكلّ فنّ على الجسد. فهل نفهم ما معني الإنسان العقل والشّعور أم نحن حيوانات نتناسل كالزّاحف ونتعاطي العلف والماء؟
المحبّة والحريّة عند طلوع الفجر تدافع عن الحمام والأطيار كي تحلّق كما تريد وتدافع عن الدّيوك كي تنكح الدّجاج كما تريد، وتدافع عن السّمك الكبير كي يأكل السّمك الصّغير كما يريد وتدافع عن الإنسان أن يختار مصيره بالقول والفعل كما يريد.كلّنا إلى الضّمير الحيّ والكلمة الحيّة الحرّة أمّ الإنسان راجعون، هذه الأمّ الّتي أنجبت الإنسان بدون آب بالعشق والحبّ الكبير والصّبر الكثير،
هذا الحبّ هو الأليف والياء، البداية والنّهاية، هو آي الألم واللّذّة منه جئنا وإليه نعود
هو الّذي يبكينا ويفرحنا، يشقينا ويسعدنا به نحيا وبه نموت.،,
_____________________________
تأمّلات كتبتها إمرأة مجنونة وسبب جنونها هو هذا الحبّ بين المرأة والرّجل
أنا إمرأة مجنونة أعيش في الأوساخ والفوضي والمرض، عذّبت زوجي وهو عذّبني دخلت إلى مستشفي الأمراض العقليّة بمرض إسمه إختلال المزاج أي إختلال التّوازن
مشكلتي هذه المرأة وهذا الرّجل فلا أدري إن كنت أكنّ لهما كرها كبيرا أو حبّا كبيرا، هما سبب سعادتي وشقايا
هما سبب حزني وفرحي هما سبب موتي وحياتي..
حين دخلت للمستشفي نسيت أمّي وأبي وأبنائي وزوجي وأصدقائي، كنت أشعر حينها بسعادة لا مثيل لها لا لشيئ إلاّ لأنّي فقدت الوعي بالأشياء وبالواقع الّذي يحيط بي ،هذا الواقع المليئ بالضّغوطات النّفسيّة،، فقدت الوعي بالشّبع والجوع فلا أدري متي أشبع ومتي أجوع، حين كان زوجي يزورني هناك في المستشفي كنت أطلب منه الموز والتفّاح، فكلّما أتي يزورني يأتيني بالموز والتفّاح، ذاك التفّاح كنت أضرب به كلّ مجنونة تعترضني، أضرب على الرّأس مباشرة التفّاح يوجع الرّأس حين أضرب به المرضي المجانين، وحين يحاولون ردّ الفعل يتصدّي لهم الطّبيب والممرّضة، أنا أكره التفّاح ولا أحبّ أكله بل أجد سعادة حين أضرب به النّساء
أمّا الموز فعوض أن أضعه في فمي كنت أضعه في عيني لا شعوريّا أظنّ أنّ العين هي الفمّ
المرضي كانوا يضحكون عليّ وكنت أموت ضحك معهم ، مرضي إسمه جنون التفّاح والموز. أو إختلال المزاج بين التفّاح والموز كان مرضي يضحك المجانين ويقتلهم بالضّحك..
آي آي من التفّاح والموز كم أسعدني وكم ألّمني..
كم كنت سعيدة بذاك الجنون وكم كنت كئيبة وحزينة ..
سعيدة لأنّي فقدت الوعي بالأشياء وأصبحت حرّة طليقة.. وكئيبة لأنّي فقدت مداركي العقليّة والعاطفيّة وأصبحت مثلي مثل الحيوان
أصبح النّاس والأصدقاء يقولون عنّي مسكينة فقدت عقلها وأصبحت مجنونة تتصرّف مثل الحيوانات.
وحين شفيت فهمت معاني المرض وأبعاده النّفسيّة ..
وسألت نفسي ما سرّ التفّاح والموز ؟
المرأة تملك التفّاح الّذي يغذّي الشّعورأي القلب والرّجل يملك الموز الّذي يغذّي العقل فالمرأة في حاجة للعقل والرّجل في حاجة للشّعور... إذا بكم باعت المرأة الشّعور وبكم باع الرّجل العقل في السّوق السّوداء تحت غطاء الحبّ؟ وكم ثمن العقل والشّعور؟ وما تأثير ذلك على الصحّة النّفسيّة والجسديّة والإجتماعيّة والإقتصاديّة والسّياسيّة
التفّاح والموز سبب السّعادة وسبب الشّقاء لكلّ من الرّجال والنّساء، المال أفسد الثّمار وقيمة الثّمار..
التفّاح والموز الفاسد سبب جنوننا اليوم وجنون الأرض والسّماء
هذا التفّاح الّذي كان يغذّي بالمحبّة والأنس أصبح سلعة معروضة للبيع في فضاءات الإثارة وكذلك في الفضائيّات الحرّة، أصبح هذا التفّاح غير قادر أن يمنح الحبّ وغير قادر أن يغذّي الرّوح، أصبح بضاعة للإستراد والتّصدير ولم يعد ملجئ للحنان والعطف والرّاحة النّفسيّة..الثّدي أصبح تفّاح فاسد في السّوق السّوداء يباع ويشتري، المرأة باعت والرّجل إشتري والثّمن موت إنفرادي.
فقد الموز هو الآخر دوره في تغذية العقول المريضة بالعلم والمعرفة وبعدما كان طبيب للعيون أصبح يعميها
لذلك العلاقة بين المرأة والرّجل أصبحت علاقة بين قطّ وفأر، وقد فقدت معانيها الإنسانيّة الرّاقية
كلّ ما يحتاجه مجتمعنا اليوم هو برنامج دواء فالعلاقة بين الرّجل والمرأة هي علاقة شفاء وليست علاقة بيع وشراء
علاقة محبّة وتكامل وليست علاقة عداء..
الأمراض النّفسيّة أصبحت خطيرة والأوبئة كثيرة والجميع في حاجة إلى الدّواء
فدور التفّاح هو إعادة التّوازن العاطفي وإعادة الرّوح الإنسانيّة
ودور الموز شفاء العقول المريضة وإعادة التّوازن المعرفي
لا توجد إمرأة اليوم تطمئنّ أو تثق في الرّجل، ولا يوجد رجل يثق أو يحترم المرأة كإنسان
الإثنين يعيشان عمليّة خسوف وكسوف، المرأة لها سلطة الجمال والذّكاء والرّجل له سلطة المال والقوّة
فلا الجمال يبقي ولا المال والدّوام لهذا العقل والشّعور(الشّمس والقمر) بدونهما الأرض في ظلام
العقل علم وذكاء والشّعور محبّة. من يكون الإنسان بدون عقل وبدون شعور
أو لعلّنا وضعناهما في كيس ورميناهما في البحر
لعلّ في يوم ما يخرجان من هذا البحر زوج حمام.. لا يأكلان ولا يلوّثان الهواء والماء والتّراب ولا يفعلان الجنس مثلنا.
نحن في حاجة أكيدة لبرنامج دواء لهذا العماء الفكري والعاطفي
متى كانت النّفوس رخيصة ومتى كانت العيون حفر بلا معني ؟ الأمراض خطيرة وقاتلة للجميع بلا إستثناء
لعدم وجود المحبّة الصّادقة بين الطّرفين، عافا اللّه الجميع من مرض الجنون.. فبدون عقل وشعور لا معني للحياة
يصبح الإنسان حيوان بلا قيمة و بلا إحترام، يصبح لحم للإستهلاك
فاليسأل الأنسان نفسه كيف يستهلك لحم الحيوان؟ ولماذا لحم الإنسان لا يأكل نيّ إلاّ لدي الحيوان؟ لماذا الإنسان يدفن أو يحرق؟ لأنّ هناك جنّة ونار.
فالموت قاسي على الجميع والمرض قاسي والحبّ لغز لا يفهمه أحد، فهو يأكلنا جميعا ونحن في عينه كلّنا حيوانات
بلا عقل وبلا شعور تتحكّم فينا غرائز الشرّ والوحشيّة والظّلم، هذا الحبّ لا يغيّر ما بقوم حتّي يغيّروا ما بنفوسهم
هذا الحبّ منه الدّاء والآلام والجراح والموت وعن طريقه فقط تكون الحياة ويأتي الشّفاء
الحبّ يسكن فينا ويرافقنا كظلّنا ولا أحد قادر أن يكذب عليه، هو يعرف كلّ الأسرار لأنّه الضّياء والكلمة الحقّ والمحبّة والحريّة ولنا موعد كلّ ليلة معه في النّعاس ولنا موعد حين يأتي الموت والإفلاس
لا أمل لنا في رؤيته لأنّه هواء روح غير متجسّد، هو حرّ في أن يشكّلنا كما يريد ونحن أحرار في أن نتخيّله بالشّكل الّذي نريد
العلاقة بيننا وبينه نفس، حفنة هواء يرجعها إليه متي شاء، نحن شموع وهو الضّياء
نحن مترين من التّراب وهو الأرض بأكملها.
لا أحد قادر أن يمتلك الأرض لنفسه ولا الهواء لنفسه ولا الماء لنفسه ولا الضّوء لنفسه، كلّ النّاس إخوة في هذا الملك ينقصنا كيفيّة إستعمال العقل والشّعور وكيف يسخّرهما الإنسان للحياة أو للموت، للحريّة أو للملكيّة الخاصّة.. الإنسان مقيّد بالملكيّة، الملكيّة سجن الإنسان. ومأساتنا كيف نتحرّر منها.كذلك الملكيّة مليئة بالظّلم.. فكيف نتحرّر من الظّلم السّاكن في نفوسنا جرّاء الملكيّة؟ الإنسان ولد حرّ وليس هناك شيئ يملكه ويعذّبه إلاّ هذا الإنسان..وليس هناك شيئ نراه بعيوننا مسؤول على عبوديتنا وملكيتنا وموتنا، فبأيّ حقّ وبأيّ حبّ وبأيّ حريّة يقتل الإنسان أخاه الإنسان ويظلمه وهو غير قادر على خلقه..
اللّه لا نراه بل نشعر به ونفكّر فيه نحبّه جدّا أو نخاف منه جدّا, نحبّه إن كنّا أحرار فهو حرّ. ونخاف منه إن كنّا عبيد فهو موت
فنحن ننصر الموت والظّلم والوحشيّة والعبوديّة ولا ننصر الإنسان المحبّة والحقّ والحريّة ، لذلك الإنسان بالملكيّة عبد وبالحريّة إبن .. كلّ شيئ أعطاه اللّه للإنسان مجانا إلاّ الحريّة فهي تفتكّ بالعذاب والألم والجراح.. فالحريّة ضدّ الملكيّة والإنسان له حبّ الملك والأنانيّة، وهو يعلم أنّه لا يملك شيئا إلاّ فعله وقوله. وأنّ اللّه لا شريك له في هذا الملك. الملكيّة شرك وكفر، وهي ظلم ووحشيّة، فماذا تملك أيّها الإنسان ؟ فحتّي جسدك وروحك لا تملكهما. وكيف تفكّر أن تملك الآخر بغير حبّ لأجل الإستغلال والمصلحة الخاصّة. هل تملك المرأة محبّة للرّجل وهل يملك الرّجل هذه المحبّة للمرأة؟ أم يملكان محبّة للمال الّذي صنعوه بيديهم ولم تمطر السّماء لا بالفضّة ولا بالذّهب ولا بالمال. فلا خير في الّذي يبيع الحبّ ولا خير في الّذي يشتريه أو يأخذه بالغصب, الحبّ لا يقدّر بثمن ولا الحريّة..
هل رجع لنا من الموت إنسان ؟ هل رجع لنا ربّ لا يأكل ولا يلوّث ولا يفعل الحبّ؟
هل يوجد في هذه الحياة إمرأة ورجل من نفس واحد كلّ واحد منهما يري صورته في الآخر؟
هل فهم الرّجل أنّ ظلّه إمرأة والمرأة موته وحياته وهل فهمت المرأة أنّ ظلّها رجل والرّجل موتها وحياتها؟
هذا البيت وهذه الأرض فوضي بشكل غريب والسّبب هو الإنسان العاشق لذاته الخاصّة. اللّه ناكر لذاته في سبيل الإنسان
فلا هو أناني ولا هو ظالم ولا هو الّذي صنع المال..الإنسان صنع موته بهذا المال وصنع سجنه وعذابه في الدّنيا والآخرة..
نرجوا من اللّه أن تكون الحياة ختامها مسك وليس نتونة، فرح وليس بكاء، صحّة جيّدة وليس أمراض
نحن في هذه الأرض تحت رحمة ربّ لا يأكل ولا يلوّث ولا يفعل الحبّ عقل جبّار أصبح يخترع لنا
طائرات بدون طيّار فماذا يا تري نختار الرّب أو الحبّ، العقل أو الشّعور؟ العلم أو الإيمان بالمحبّة
عقل البشر شرّ والشرّ شيطان رجيم والشّعور تبشير والتّبشير إنسان
العقل مكتسب والشّعور موهوب
العقل ربّ والشّعور حبّ
العقل نار والشّعور نور
العقل موت والشّعور حياة
العقل علم والشّعور إيمان
العقل نقمة والشّعور نعمة
العقل ملاّك والشّعور ملاك
العقل سلطان والشّعور إنسان
لذلك العصفور يطير بقلب كبير وعقل صغير فهو في الحريّة
والبشر العكس لهم عقل كبير وقلب صغير فهم في السّجن
العصفور تنقصه اليدين
والبشر تنقصهم الأجنحة أيّهما أسعد؟
لا أحد يمتلك السّعادة ولا التّوازن العقلي والشّعوري ولم يظهر في سمائنا هذا الإنسان الكامل
هل الكمال للعقل ؟ هل هو للشّعور؟ هل هو للرّجل؟ هل هو للمرأة ؟ أم هو لهما الإثنين أللّه بخلقه أعلم
نحن في النّهاية حيوانات عند ربّهم يرزقون، لا نفهم الرّب ولا نفهم الحبّ، ولا نفهم اليدين ولا نفهم الأجنحة
لا نفهم إلاّ الأكل والجنس والقتل في سبيل اللّه.
....
..

الإنسان خطوة إلى الأمام وخطوة إلى الوراء

في الأرض هناك حكّام يسيرون بشعوبهم نحو الأمام وحكّام يسيرون بشعوبهم إلى الوراء، شعب أفاض لهيب جنوني أراه كالنّمل يجري بدون معني، فحاولت أن أسقيه بماء المطر وأغسل وجهه بضوء الشّمس والقمر، شعب حيث تكلّم بحريّة، تلاحقه الأحكام، شعب صار الكلام يوجعه والصّمت يعذّبه، كلّ مبدع عليه أن يكون بوقا للسّلطان، وإن خالف الأحكام حكم عليه بالنّفي والسّجن والإعدام، كلّ مبدع عليه أن يقبل الوسام وكلّ المبدعين عليهم أن يتصرّفوا كأطفال جائعين، يشرّف السّلطان أن يجمّعهم كالأغنام على طاولة الطّعام، يشرّفه أن يدخلهم إلى حجرة العرش كي يقولوا كلاما جميلا في السّلطانة والسّلطان، يا لها من غزوة مضحكة ترقص فوق الإبداع وتفترس المبدعين والإبداع، هؤلاء المبدعين أطباق شهيّة على طاولة السّلطان يأكلهم وينام سنينا وسنينا، هم يشقون ويتعبون وهو يأكل ويرتاح، هؤلاء المبدعين أقلامهم مفخّخة ترعبهم حكاية قطع الأعناق فهم يرتعشون من خشخشة الأوراق، لا يؤمنون أنّ المبدع الّذي يموت لأجل العلم والكلمة لا يموت، يخافون لو خالفوا الأحكام ينحرهم السّلطان كما تنحر النّياق لذلك عليهم أن يرشّحوه حاكما مدي الحياة خوفا على الدّين والأخلاق، الحاكم قادر أن يمنع الشّمس من الإشراق، قادر أن يكسّر العظام والأقلام ويعدم ويسجن ويقتل بإسم الحريّة والوفاق، لو أحد من هؤلاء المبدعين فكّر أن يذهب إلى المرحاض سيجد صرصار ينتظره تحت الجدار ليزرع في قلبه الرّعب والدّمار، أحكام هؤلاء الحكّام وثيقة موقّعة تشهد أنّ علاقة المحبّة إمّا نكاح وإمّا طلاق، هذا هو واقعنا الأسود بدون تعليق، فكلّ ما قيل عن الصّداق وأحكام الصّداق من أنّها كرم وجود وحقوق وحريّات ليس سوي تلفيق، سائرون بحكم مدي الحياة كالسّكاري كالموتي نستنشق الكآبة من مصيدة الرّقابة
كيف نركع يا اللّه على أرض تخرج لنا منها الذّئاب، كيف نركع على أرض هاجرت وإنتحرت فيها النّسور وإنتصر النّمل والذّباب
هذا الرّكوع يا اللّه نمارسه خوفا من النّار وحبّا في الأجرة، فنحن نحبّك يا اللّه لأنّك غنيّ وسوف تعطينا أجرة، نحن نحبّك لأنّك قهّار وقويّ وتحرق بالنّار، نحن من طبعنا نبوس اليد الّتي تخنقنا وتقتلنا وتقهرنا، لو قلت لنا أنّك فقير لأحتقرناك، فالخوف والطّمع هو أساس حبّنا الشّديد لك، نحن يا اللّه نداوي بعضنا بالأجرة ونعلّم بعضنا بالأجرة، ونفعل الحبّ مع بعضنا بالأجرة، ولا نطرب ولا نسعد بعضنا إلا بالأجرة، بإختصار لا نقوم بأيّ حركة لأجلك أو لأجل الإنسان إلاّ لأجل الأجرة، بدون أجرة لا نقدر على التّنفّس ولا على الحياة، بدون أجرة تنعدم فرحتنا بالحياة ونكفّ عن المحبّة ونموت جوعا وعطشا وإختناقا
إقرأ يا اللّه من عيوننا المأساة والحزن والشّتات، هذه الأرض نصفها سجون والنّصف الآخر حرّاس

vendredi 10 avril 2009

الكلمة والمحبّة نظام كوني دقيق

بالكلمة يختلف الإنسان عن الحيوان فهي لدي الإنسان أكثر تعقيد لأنّها تنطق بالعقل والشّعور، منذ الأزل الكلمة مرتبطة بالشّخص الإلاه لذلك فالكذب والغشّ والنّفاق والخيانة لا يؤمّنون لنا حياة نفسيّة مريحة، الكلمة الجيّدة تحسب بقدرتها على الإضاءة وقدرتها على الإقناع وقدرتها على جلب الإحترام للإنسان أو جلب الإحتقار.. في رحلة الوجود تقودنا ذات مظلمة سوداء هذه الذّات هي خصمنا الغير مرئي الّذي يلعب معنا دور السّاحر وهذا ما يشعرنا بالخوف والغربة والحزن، كلّ شيئ مع هذه الذّات مجبر على التحوّل والتّغيير هذه الذّات رعد مخيف لأنّها الصّوت الّذي أدمنّاه وعاش معنا، هذه الذّات هي الزّمن المتحوّل على الدّوام، كلّ صباح يتفجّر النّور على الظّلام وتتفجّر الحياة على الموت، نور قبل طلعته الأرض في ظلام وسبات، هذا النّور كأنّه الأنس الّذي نشعر معه بالأمان، فنحن جميعا نكنّ له مودّة كبيرة وحين نشاهده نشعر بنشوة وطرب ودفئ، إنّه نور المحبّة ونور الكلمة ونور الحقّ، هذا النّور كلّ صباح يقول لنا من يتخلّص من ظلمات نفسه لا يخاف، من يتخلّص من ظلمات نفسه يولد من جديد ويتحرّر. ومن يسقط مع الظّلم يموت
تحت هذا النّور الأرواح تواقيع لا يمكن تقليدها، لذلك فالّذي يغازل النّور فكره وشعورة لا يمكنه أن يدخل في غيبوبة لأنّ تغيير الجلد تحت سلطته نوع من الطّموح الإنساني، في مسألة المحبّة الكلمة دائمة التّحوّل والإنسان دائم التّغيير، فلا يكفي أن نصطدم بأيّ جثمان حتّي نقع في الحبّ، فالوقوع في الحبّ يعني إصطدام عشقي بين قلبين ينخطف أحدهما بالآخر وإن صادف ووقع الكمال الرّوحي بين هذين القلبين ينالان المحبّة الأبديّة، لايمكننا تصوّر سعادة تأتي عن طريق المال، فالمال الّذي نعادي لأجله الأصدقاء والأحباب هو أوّل من يخوننا ويشعرنا بالألم، كذلك المال الّذي يترك للأبناء عن طريق الوراثة هو جهد ليس جهدهم، فالأبناء يفعلون به أشياء تضرّ بهم وبغيرهم فهو مال بدون جهد وبدون تعب، الإنسان ميّال لأخذ المال بدون مجهود وبدون تفكير ولا يحبّ تحمّل أشواك الحياة لكي يحصل على الثّمر، الكلمة هنا تصبح لها حماقة الأمواج حيث تجعل الأبناء يتقاتلون ويكسّرون بعضهم وفي الأخير يسلّمهم هذا المال للغربة والتّعاسة والأزمات النّفسيّة، طوق الكلمة والحبّ أسود ولا يهدي التّائهين، فهو ينزل مع الأضواء ليقول للإنسان ليس لك أشياء تخفيها عنّي، الكلمة والحبّ حرم مقدّس فيهما حلم ومولد ومنهما حلو الثّمار ومرّها ومنهما فتنة الوجود وقبحه، تغنّي منهما الأطيار في مرح وسرور وتشقي كائنات أخري في التّراب والماء المالح، الماء المالح هو ذاك المال الّذي لا نملك منه فرار ولو فكّرنا في الخروج من دنيا الأموال نموت ونختنق، أمّاالتّراب والحجرفهو يشعرنا بقسوة القلوب الّتي تأكل بغير رحمة وتستعمل أساليب الخداع والقوّة لكسب لقمة العيش..
فالشّعور الّذي ينتابنا بخيبة الأمل والحزن والقلق هو نتيجة ضعف القيادة أي ضعف العقل والشّعور والنّتيجة يتحمّلها الإنسان لوحده..
الكلمة تنزل في الأحلام ومعها كلّ الأشكال والرّموز والطّباع، فمثلا إن رأي الإنسان في منامه حيوان عليه أن يقارن بين طبعه وطبع ذاك الحيوان، في الحلم تراودنا أخطاؤنا بأشكال مختلفة يفهم من خلالها الحالم أنّ وضعه النّفسي والإجتماعي سليم أم لا ، الكذب والزّني والخيانة من أشنع الخطايا ولكي يتفجّر النّور على الظّلام لا بدّ من مجهود كبير يقوم به الإنسان لكي يشعر بالسّعادة، الشّعور بالسّعادة هو شعور بالخلاص من الخطيئة والمظالم تجاه الآخرين.. الكلمة تدخل مع الإنسان للأماكن المضيئة والأماكن المظلمة للأماكن النّظيفة والأماكن الوسخة، الكلمة منذ الأزل مطبوعة في الإنسان وكامنة فيه مثل النّار، هذه الكلمة لا يمكن للإنسان أن يشبّهها بأي شيئ فهي هواء و هي كلّ شيئ، كلّ الأعمال يمارسها الإنسان بالكلمة وهو غير قادر أن يسيطر عليها، مأساة الإنسان أنّه ينسي أخطاوه ، فالكلمة هي الرّوح الّذي لا ينسي للإنسان شيئا هي تحاول أن تقلب حياته إلى أيّ شيئ آخر إلاّ إنسان، فلا يمتلك الكلمة إلآ اللّه الحرّ..لذلك العمل بالمحبّة والصّمت أجمل عمل وأجمل كلام.
الكلمة لا يمكن لنا أن نختبئ منها تحت جبّة أيّ إمام وأيّ رسول وليس هناك شيئا آخر سيحاسب الإنسان إلاّ كلمته وصوته بهما ستفضح أعمالنا .. الكلمة مثل النّور كلّ شيئ بها واضح وكلّ الأعمال مكشوفة..
الكلمة تحدّد شخصيّة الإنسان أمام السّماء والأرض وتحدّد تصرّفاته وميولاته مع الآخر فلكي ينتصر الإنسان على الموت عليه أن يخرج إلى آفاق أخري تحترم الكلمة والإنسان أي الأمّ والطّفل، فنحن نقف على أرض الجنس فيها ذئب يعوي بداخلنا وديك يصيح، وكلب ينبح، نحن نقف على أرض الأمومة تحت الدّمار والإنسان قصيدة كبري تحترق بالنّار، فالحريّة والمحبّة ليس إسمهما فضائح جنسيّة وإنّما إسمهما موت لأجل الآخر، هذه الحريّة وهذا الحبّ يسكننا دمارا وأوجاعا وأحزانا وفي كلّ شؤوننا نري مذلّة الحق وعزّة الباطل، فأيّ حياة نهيم بها وأيّ لذّة وأيّ جمال وهذه الدّنيا تحمل لنا في فتنتها وجمالها بذور تعاسة آتية، الكلمة هي الإلاه الّذي يملكنا جميعا والظّل ضرب من حبالها لا يفلت الخلق منه، هي الإلاه الحرّ هي الرّب الّذي لا نراه إلاّ إذا فارقت الرّوح الجسد، الجسد وعاء الكلمة..فالجسد يموت والكلمة يتغيّر شكلها ولا تموت.
الإنسان لا ينال حريّة إلاّ إذا نزلت في حلمه حمامة، هذه الكلمة لا تصدّقنا في الحبّ، فنحن لا نؤمن بها وهي لا تؤمن بنا، هي من هواء ونار ونحن طين وماء، هي الظّل ونحن الجسد. هي الرّوح ونحن المادّة فايّ نار يطلقها الإنسان على أخيه الإنسان حبّا في التّراب والحجر والمال والسّلطة، حياتنا مع الكلمة وهم ومصيرنا في الظّلام والوحشة..
حاشا الكلمة أن تنجب طفل من النّكاح يموت، فإبنها هو الإنسان الرّوح أي ملك الموت.. نادرا ما تنزل الكلمة للرّجل في صورة إمرأة وتقبّله من شفاهه العليا لتقول له إنّك اصبحت حرّ فالشّفاه العليا على صورتها حمامة..
ونادرا ما تنزل الكلمة في صورة رجل ليقبّل المرأة من شفاهها السّفلى ويقول لها إنّك حرّة
فرق كبير بين القبلة المقدّسة والجنس..
القبلة منطق علوي والجنس منطق سفلي، القبلة تشعرنا بالمحبّة والعزّة والشّرف والإحترام، والجنس يشعرنا بالغيرة والإنتقام لا شعوريّا نحتقر الإنسان الّذي همّه الوحيد ممارسة الجنس، الزّاني والزّانية هما صنف بشري عاقّ ليس لهما إحترام ولا تقدير لأيّ شيئ يتصرّفان مثل الحيوانات بلا عقل ولا شعور يسيئون لغيرهم فكريّا وشعوريّا وبالتّالي هما لعنة السّماء والمجتمع.. فنحن نستعمل القبلة لنشكر بها الأعمال الجميلة، وتجتاحنا الرّغبة في الجنس حين نري المفاتن والإغراءات والجمال المصنّع والمركّب، ونمارس القبلة في الضّياء أمام كلّ النّاس لكن الجنس نمارسه في الأماكن المظلمة بعيدا عن عيون النّاس..كذلك لا يمكننا أن نقبّل شخصا لا نحبّه بالفعل لكن مع الجنس يمكننا ذلك، مع الجنس الإنسان دائم الوقوع في الخطيئة فهو سبب كلّ الشّرور مثله مثل المال يغري بالسّعادة لكنّه مليئ بالغدر والشّرور..
مع القبلة يشعر الإنسان بالأمان والأنس ومع الجنس يشعر الإنسان بالخوف والرّعب.
القبلة قداسة والجنس نجاسة القبلة كرامة والجنس ندامة، القبلة شرف والجنس قرف، القبلة مريحة والجنس فضيحة، القبلة إفتخار والجنس عار، القبلة صداقة والجنس عياقة القبلة شفاء للنّفوس المريضة والجنس عزاء لتلك النّفوس.. مع القبلة ليس هناك ظالم أو مظلوم، وليس هناك غالب أو مغلوب، لكنّ الجنس كلّه ظلم فكم خرّب هذا الجنس الفوضوي من أسر وكم شرّد من أطفال وكم أبكي نساء ورجال، فقبل الأكل والنّكاح كان للإنسان جناح وكانت حياته حريّة وأفراح ..
هذا الجنس ذاهب بنا إلى النّارإلى الإحتباس الحراري وعدم الأمن المائي والهوائي والغذائي..هو سبب الأكاذيب والخيانات وعدم التّوازن النّفسي والجسدي لكلّ من الرّجل والمرأة..
فهناك مناطق تعاني العزوف عن الزّواج ومناطق تعاني تعدّد الزّوجات، هناك مناطق درجة حرارتها تحت الصّفر وأخري درجة الحرارة فيها فوق الأربعين، وهذا الإنسان لم تحصل له أي عمليّة تطوّر أرقي وأجمل، فلا يمكن لجنس لا يخضع للمحبّة الصّادقة أن يضمن حياة مريحة وسعيدة.. بهذا الجنس الرّجل والمرأة أعداء و لا أحد يصدّق الآخر في الحبّ
ولا أحد مستعدّ أن يغفر للآخر مهما كانت خطاياه ولا أن يموت لأجله.. الحبّ والحريّة إذا هما موت لأجل الآخر
فهذا الجنس لم يؤمّن لنا سوي حياة وهميّة مصيرها الموت، فقد سبّب إنفجارات بشريّة مريعة وبلا معني.
إنسان غير قادر أن ينظّم حياته الجنسيّة بعقله وشعوره وغير قادر أن يسيطر على شهواته البهيميّة، فلا الرّجل تكفيه إمرأة واحدة ولا المرأة يكفيها رجل واحد، لذلك هما الإثنين محكوم عليهما بالموت، هما تحت حريق الحبّ لأنّهما يريدان التّخمة في الأكل و ممارسة الجنس، لذلك الإنسان بالقبلة المقدّسة هو بسمة السّماء وبالنّكاح بصقة السّماء، فكم أبكانا وألّمنا وأتعبنا الأكل والجنس وكم أسعدت نفوسنا الكلمة الجميلة والقبلة الصّادقة..
فالقبلة توقيع إنساني راقي عقلي والجنس توقيع حيواني غريزي.لذلك الإنسان في مفترق طرق بين القداسة والنّجاسة
لم نري في حياتنا حيوان يتلذّذ بالقبلة مثلما يتلذّذ بها الإنسان، فالحيوان لا يمارسها لأنّه بلا عقل
فالقبلة تطوّل عمر العلاقة بين الأصدقاء والجنس يقصّرها، القبلة تشجّع على العمل والجنس يشجّع على الخجل والكسل، كم سبّب الجنس من كوارث وذنوب في حقّ الإنسانيّة، فهو سبب المجاعات والأمراض النّفسيّة والأوبئة ، هذا الحبّ حلم الإنسان وهو إمّا موته الأبدي وإمّا حياته الأبديّة، هذا الحبّ إمّا ليل الإنسان وإمّا نهاره، إمّا سجنه وإمّا حريّته، ، إمّا تعاسته وإمّا فرحه، فمع الصّدق في الحبّ يعيش الإنسان الحلم النّفيس ومع الجنس فقط يعيش الكوابيس
الحبّ في هذه الحياة جرّعنا الكاس وفي الثّانية يهرب بنا عن عيون النّاس..
لذلك إبن العذراء لم يقع في خطيئة النّكاح ومات ولم يتزوّج، لأنّ النّكاح شيئ غير مقدّس، وهنا أسأل سؤال هل العزوف عن الزّواج هو المقدّس ؟ ولماذا لم يرجع لنا المسيح ؟ وكيف كان ينظر لنفسه وينظر للمرأة؟
ومن تكون المرأة الّتي أنجبت بالأب ومن غير أب؟
من تكون تلك الّتي أنجبت للعبوديّة وأنجبت للحريّة، تلك الّتي أنجبت للتّراب وأنجبت للهواء، أليس بالكلمة نتحرّر وبها نستعبد؟ أليست المرأة مرآة الرّجل والمجتمع؟
فرسالة المسيح تعني إمتلاك الإنسان لعرش نفسه أي عرش الإنسان الحرّ الّذي لا يملك شيئا ولا يملكه شيئا وبذلك هو سيّد الحيوانات ، هو روح اللّه وكلمة اللّه، رسالة المسيح رسالة الحريّة.
أمّا الرّسالة الثّانية فهي رسالة العبوديّة، أيّ حبّ السّيطرة على الأرض ومن عليها، فالسّيطرة على النّفس والشّهوات قدرة إنسانيّة والسّيطرة على الأرض ومن عليها كذلك قدرة إنسانيّة، فلو خيّر اللّه الإنسان بين إمتلاك عرش الإنسان فقط وبذلك يكون في السّماء وبين إمتلاك الأرض ومن عليها وبذلك يكون في الأرض؟
لأختار الحرّ عرش الإنسان فقط وإختار العبد عرش الأرض ومن عليها، فأتباع المسيح لا يملكون ولا يرثون الأرض
وأتباع الرّسول يملكون ويرثون التّراب والأموال، الإنسان بالعقل والشّعور مخيّر بين الملكيّة والحريّة..
لذلك الحيوانات لا تفكّر في الملك تعيش اليوم باليوم حسب الحاجة ولا يحاسبها أحد على ذلك، الحيوان ليس له هذا العقل لكي يميّز به ويختار به بين الأبيض والأسود، وبين معاني الحريّة ومعاني العبوديّة..
فالسيّد المسيح إختار الموت لأجل الآخر وليس قتل الآخر لأجل نفسه لذلك هو آب فدائي مرفوع..
الأوّل كان معلّم والثّاني أميّ، هذه إرادة السّماء كي تفسّر للإنسان الفرق بين العلم والأميّة، بين الفرح والحزن وبين الحريّة والعبوديّة
فالإنسان ولد حرّ وإن ظلم فقد ظلم نفسه، فعوض أن يقتل الإنسان غيره فالأجدر أن يفعل ذلك مع ظلمات نفسه
المتعطّشة لسفك الدّماء، فليس أغلى من دمّ الإنسان عند الإنسان وليس أغلى من كلمة الإنسان وليس أغلى من الإنسان الحقيقي عند اللّه فهو في مقام الإبن.. فمن عشق إمتلاك النّفوس دينه قمريّ ليليّ ومن عشق إمتلاك نفسه دينه شمسيّ أي نهار..
اللّيل هو الظّلم والزّمن القهّار والنّهار هو ميلاد الأحرار
لا حياة للإنسان مع اليأس ولا يأس مع الحياة وكلّ فرد له قدرة على التحرّر
الموت جسر من تخطّاه يتحرّر ومن عجز يسقط في الهاوية
والحبّ الحقيقي الّذي يجب أن يشرب منه الإنسان هو الحلم، كلّ إنسان له واقع خاصّ وحلم خاصّ ولا يمكن أن يعلم أحد بالآخر ولا أحد له دعوة أن يحرّر الآخر من أخطائه وظلمات نفسه، فكلّ إنسان له عقله وشعوره وكلمته وهو على نفسه مسؤول، إمّا يتحرّر وإمّا يأكله الغول..

الرّجل الإلاه

هو إنسان كامل ، كلّ هذا أتاح له أن يشعر أنّه قادر على السّيطرة، فهو يبدي إحتقاره للمرأة رغم حقيقة تلازمه بأنّه شديد التعلّق بها، حين ظهرت المرأة في حياته أرادها مسكينة مغلوبة على أمرها من ذلك تبيّن له أنّه هو السيّد وهي العبد أو التّابعة له، نظرتها مخالفة لوجهة نظره تلحّ عليه بالإنتباه لها، فوضعها في الحياة يبعث على التّأنيب المستمرّ له. على مستوي لا شعوره هو السّماء وهي الأرض وحين جاء ليعيش معها أصبح منشطر الذّات، شطر يدعوه للقيم السّامية الّتي تتطلّب التّضحية في سبيلها ..وشطر يدعوه إلى النّهم مع نساء أخريات، هذا الإنقسام في طوايا نفسه أفسد حياته وحياة من حوله، فكلّما أفرط في لذائذ الحياة شعر بوخزات الضّمير تلاحقه, فقد الرّجل قيم العدل مع المرأة والحلم أصبح يحثّه على واجب الإلتزامات، حيث لا يمكن ولا يحقّ له أن ينعم بالحياة والآخر يعاني الفاقة والعوز، موقف المرأة في الحلم موقف المعارض تماما وردّة فعلها عنيفة ومخيفة ضدّ الرّجل، فالزّواج الّذي كان يظنّ انّه سيجلب له الرّاحة والمتعة على حسابها جلب له الشّعور بالعقاب وتأنيب الضّمير لأنّه لم يكن عادل، إبتعد عن الزّواج وعاشر الأخريات لكن ما جدّ من أحداث جديدة لم تكن لتحقّق له ما كان يحلم به من نجاح فهو وإن إبتعد عن الزّواج فقد أوقع نفسه في قفص نساء تحرّرن من الأقفاص وما كان لهنّ حقّ التحرّر فهنّ حيوانات يجرون إلى السّرير..
الرّجل الإلاه أصبح يشعر بالإختناق فعليه الرّبط بين مدلول تلك الحيوانات وبين دوافعه هو النّفسيّة، النّملات جذبن الصّرصار إلى جحرهنّ.. أخفق الرّجل حين تصوّر أنّ الحبّ هو الجنس، ومنذ أن أكل التفّاح وأعتقد أنّ المحبّة نكاح فقد الرّجل الإلاه الجناح وتحوّل الماء الّذي كان يشربه صافي إلى نتونة والطّّعام الّذي يأكله لذيذ إلى نجاسة والهواء أصبحت له روائح كريهة تسبّب الأكل والنّكاح في تلوّث الهواء والماء والغذاء وأصبح إنسان أرضي يحلم بالحريّة أصبح يشعر بخلل في نفسه حيث هو غير قادر على الزّواج بواحدة وغير قادر على التعدّد، وما كان ليضمن لنفسه حياة مريحة مع المرأة، فقد الرّجل البهجة داخل نفسه وقد جرّب هذا الحبّ وذاك وبقي في مفترق الطّرق ومات المعلّم الجبّار أمام الحبّ الّذي منه جئنا وإليه نعود، مات المعلّم الجبّار وموضوع المرأة في حياته سؤال بلا جواب.. فايّ حريّة مات لأجلها وأيّ حياة أبديّة وأيّ جنّة تجري من تحتها الأنهار، بقي الرّجل يعيش إنفجارات حيث تصرّفاته أصبحت غير معقولة ووضعه ذاهب إلى الإنهيار، الحقيقة أنّ هناك خلل وعليه أن يراجع تصرّفاته..
وضع كهذا يستحقّ النّظر إلى داخل أعماق الذّات وحين نفهم الحلم نكون قد تجاوزنا القلق والإضطراب والخوف، الحلم يفتح مجالات المستقبل للحريّة.. حين نشعر بهذه السّعادة في الحلم ننتقل من حياة مقيّدة إلى حياة حرّة من غير قيود وذلك بإستكشاف أرجاء روحيّة سامية ورفيعة لم يتمّ إرتيادها من قبل , لا مجال لرجل أن يتحرّر بدون المرأة ولا مجال للمرأة أن تتحرّر بدون رجل..
لسنا جميعا على حظّ في الحبّ فالمرأة التّي تكون متحرّرة من الأعراف والسّلط تبحث دوما عن الإستمتاع بالحياة ويقينها من تحرّرها يجعل تكوينها منحازا إلى السّماء لا للأرض، عندما نتعرّف على أشخاص عن طريقهم نعرف ونتعرّف عن وثائق شخصيّة تهمّنا وعن ميولات نبحث عنها في الحياة ، حين نحبّ بصدق فإنّ الحلم ينبئنا عن هذا الحبّ، هذا الحبّ الّذي نري فيه أنفسنا، قد يحدث أن تكون الزّوجة أو الزّوج في علاقة غير متوازنة حيث كلّ واحد منهما محروم، فلا أمل لهما الإثنين أن يكونا منشرحيّ النّفس وهنا عوض السّعادة يحلّ العناد والرّفض والتّمنّع وكلّ واحد يصبح يتصرّف من وجهة نظره الخاصّة، هذا المنهج ألحق بالرّجال والنّساء دمارا كبيرا بسبب مؤسّسة الزّواج المقيّدة بالملكيّة والمال والضّغوطات الإجتماعيّة، فالبيت يصبح عبارة عن مقبرة وكلّ قبر في داخله إمرأة رأسها متدلّيا من سرير، إذ على المرأة وحدها أن تضحّي من أجل خدمة الرّجل والأبناء وبذلك هي صورة متحرّكة بلا مشاعر خاضعة للمنهجيّة الّتي أعدّها الرّجل على نحو معيّن لنفسه والّتي يريدها على هواه.. الرّجل تصوّر بذلك أنّه قتل المرأة حين بني علاقة الحبّ حسب مفهومه الخاص، لكنّ الّذي يشعر أنّه نسر لا يبني لنفسه قفص، إذ على الرّجل أن يترك المرأة تبني أسلوب حياة تؤثّثه حسب قيمها الخاصّة، قيم تريدها كما ينبغي أن تكون عليها المرأة الحقيقيّة الحرّة حسب مفهومها وكما تري من وجهة نظرها الخاصّة بها, حياتنا في حقيقتها موت والموت إمّا حريّة وإمّا عبوديّة، نحن نعيش في عالم مجنون وعلينا أن نختار بين أمرين إمّا المساهمة في هذا الجنون وإلاّ نعمل لنكون أحرار فلا الرّجل يفكّر في إمتلاك المرأة ولا المرأة تفكّر في إمتلاك الرّجل وذلك لكي تتقوّى مملكة الحلم ونصبح قادرين أن نتلقّي منها الإلهام الإبداعي فالأمر يتطلّب معرفة نفسيّة محترفة بالآخر لتكون النّتائج أنجع وأنفع وأبرع
الرّجل لا يحبّ ولا يؤمن بالعدالة مع المرأة فهو إمّا يتجاهلها وإمّا يسيطر عليها لذلك ظلّه لا يؤمّن له راحة نفسيّة ولا حلم واعد لم يسكن في ظلّ الرّجل إلاّ حبّ السّماء أو حبّ الأرض لكن لن يكون وحده لا في السّماء ولا في الأرض
في الموت هي معه و في الحياة معه التّاء المفتوحة فيها إثنين والتّاء المربوطة عليها إثنين