dimanche 15 mars 2009

لماذا نخاف من الموت

كلّنا يعلم أنّ السّماء حبّ وحريّة وعطاء بدون مقابل ، والأرض موت وظلم ووحشيّة وقذارة، هذا الموت يمدّ جذوره في أعماقنا ويعطينا لذّة أن نعيش تجربة الموت والولادة ونكتب عليها لكي تمنحنا شكلا جديدا أجمل وأرقي..فالتّجربة في الحياة إذا هي شرط أساسي ، فالإنسان الّذي لم يعش تجربة الموت وتجربة الولادة ولم يعاني منها لا يقدر أن ينقلها للآخرين..
فالوصول إلى مرحلة الأمومة يمرّ بمرحلة التوحّم هذا يعني أن يتقيّأ الإنسان خطايا الماضي لكي يستقبل الرّحم مولود جديد ثمّ تأتي عمليّة الحمل والمخاض وهي الأشدّ عنف فهي كيفيّة المحافظة على هذا المولود من التّشوّهات، فالحياة بكلّ إغراءاتها تسعي لكي تشوّهه، والإنسان في صراع كي يبقي المولود كما يتمنّاه جميل وخالي من الأمراض النّفسيّة.. لكي نكتب عن الموت علينا أوّلا أن نعيش الموت ونفهم معني الولادة، الإنسان لا يؤمن بالنّار إلاّ إذا إحترق بها ولا يؤمن بالبحر إلاّ إذا جرّب تجربة الغرق، ولا يؤمن بالأمومة إلاّ إذا عاشها بالفعل، فالأم

تحبّ أن يكون إبنها من أجمل الأبناء ، وهذا الطّموح أورثته لنا فنحن دوما نسعي للأجمل والأنقي فالمرأة تحبل بالمولود كما تحبل الكلمة بالقصيدة فالشّاعر يعيش عمليّة ولادة بمراحلها الأربعة كي تطلع مشعّة ويقبلها النّاس ويفرحون بها ونحن كذلك علينا أن نختار لأنفسنا أجمل الأشكال الطّبيعيّة ونقوم بعمليّة تقيّأ لكلّ الخطايا الماضية ثمّ نختار مولود طبيعي جميل ونموت لأجله.. فعلى الكلمة أن تساعدنا كي نختارهذا الشّكل الجديد لأرواحنا بعد الموت فالنّار تمنحنا الإحساس بالحريق على هذا المولود والماء يبعث فينا الإحساس بتنظيفه جيّدا والتّراب يبعث فينا الإحساس بالعمل لأجله والهواء يبعث فينا الإحساس بتحريره والألم يمنحنا الإحساس برفض هذا الوجود وتغييره للأجمل، فغربة الإنسان تكمن في كيفيّة صنع وجوده بنفسه في هذا العدم وهذا الموت..كلّ إنسان هو بيضة ملقّحة بالضّوء
وكلّ بيضة لها أسرارها الخاصّة بها.. إذا محتوي البيضة علينا نحن أن نقرّره وذلك بعمليّة إنقلاب كامل على طبائعنا تجاه الآخرين..

أنا شخصيّا الخوف يأتيني عن طريق أنثي سكنت فيّ هموم وأزمات وعقد، أنثي إمتلكها الرّجل وأشعلها كعلبة كبريت ولم يجد منها في النّهاية إلاّ الفراغ والإكتئاب والأحزان.. هذه الأنثي تسكنني بحر من الدّموع، تسكنني صورة سوداء عنيفة، تسكنني ظلام، تسكنني شجرة ثابتة، لذا عليّ أن أكسّر السّجن الّذي سكنت فيه لكي تعطيني الأمان والطّمأنينة فهي ليست الأمّ الّتي أملكها بل هي الأمّ الّتي تملكني غصبا عنّي فلا تحرّرني إلاّ إذا حرّرتها .. وأنا أكتب أشعر دوما إنّي أسكن في مكان غير مريح وأحتاج دوما إلى الطّمئنينة، وهذه الأمّ الغارقة في أحزانها هي الّتي تعطيني الشّعور بالأمان، فهي حزينة لأجلي، فأمّي تمثّل لي القلب والقلب كلّه حنان ومحبّة، إذا أنا في خصام مع من؟ طبعا مع الآب .. الأب يعطيني الشّعور بالخوف والأمّ تعطيني الشّعور بالحزن الأب يسكنني سلطة والأمّ تسكنني خوف من السّلطة، إذا أنا أعيش بهذا الحزن و هذا الخوف في سجن تعيس مظلم، ردود فعلي خرجت عن المعقول وبدأ صراخي يعلوا في ليل دامس مخيف مليئ بالأشباح، أشياء سوداء تلاحقني وتتفاعل في وجداني والجاهليّة سكنت في فكري وفي سلوكي.. وأسأل نفسي من المخلّص من الخوف والحزن؟ وكيف ستكون لي القدرة على إقامة حوارات مع هذه الأشباح السّوداء المخيفة ، وهل أنا خلقت لكي أحزن وأخاف؟ ما هو ذنبي ؟ ما هي خطيئتي؟ حقيقة أنا ضعيفة جدّا وهشّة جدّا، من سينقذني من هذه الزّوابع وهذا الظّلام الدّامس، لا أملك أمام هذا اللّيل أيّ وسيلة للدّفاع عن نفسي، هل هناك وسيلة أرفع بها السّكين عن عنقي، في هذه الحالة لا بدّ من إنسان قويّ أقوي منّي يساعدني عن الخلاص، هو من رفع السكّين من فوق رقبة إبنه البريئ الّذي قبل الموت لأجله ففداه بكبش، ورفع المظالم على إبنه الإنسان الكلمة الّذي مات لأجل تحرير الإنسان فرفعه.. هذا ىالمخلّص لا يكون قاطع طريق ، ولا يكون في تنظيم مسلّح، ولا يكون ظالم..
يكون مع الحياة ضدّ الموت ومع النّهار ضدّ اللّيل ومع الجمال ضذّ القبح، ومع الحريّة ضذّ الملكيّة، ومع الحبّ ضدّ الكراهيّة، ومع الطّفولة ضدّ الوحشيّة، إستلهمتني صورة السيّد المسيح وكلمة السيّد المسيح الّتي تدعوا للتحرّر من الموت عن طريق حبّ الموت لأجل اللّه الحبّ، يجب أن يسكن في خيالي هذا الآب المحبّ، فهو من معدن ثمين والآخرون من معدن رخيص، فهو من ضياء والآخرون من فحم، يجب أن يسكن خيالي عقل محبّ للإنسان لا عقل مدمّر للإنسان ، يجب أن يسكن عقلي الباطن إنسان يقوم بكشف الزّيف للزّائفين، عقل فدائي يكسّر أنياب الوحش الكبير ويقصّ له أنيابة كي لا يفترسني، يجب أن أستحضر آب حقيقي يموت لأجلي ولا يعمل لقتلي وسحقي من الوجود، هذا الأب هو الّذي يحميني من الذّئاب ويخاف عليّ ويعمل على تحريري من الظّلم والموت.. كم أنا في حاجة إليه في غربتي هذه وليلي هذا بمساعدته أقدر أن أصرخ في وجه الظّلم والظّالمين، هذا العقل عليه أن يبني فيّ جهاز مناعة ضدّ البشاعة والموت ، وحتّي إن قتلوني هو القادر أن يجمّعني ولو كنت شظايا ..
ما يجب أن يسكن عقلي الباطن هو إنسان عاشق للحياة وليس إنسان مدمّر للحياة..
إذا خوفي من الموت ما سببه ؟ هو خوف من السّقوط إلى الأسفل، فالإنسان نزل يحمل ذرّة الطّموح إلى الأجمل،، نزل يبكي يحلم بالضّحك، نزل خاطئا يحلم بإصلاح نفسه، نزل مظلوما يحلم بالحقّ ، نزل سجينا يحلم بالحريّة،، نزل وحيدا يحلم بالحبّ والتوحّد الرّوحي، العديد من النّاس يتركون أمرهم للكلمة تشكّل ولادتهم الجديدة كما تريد ولا يشاركونها في عمليّة ولادتهم الجديدة ، أو هم يشاركون بالسّلبي لا بالإيجابي فتأخذهم في متاهات أخري لا إنسانيّة
فهي الّتي تقوم بعمليّة الوحم وعمليّة الحمل والمخاض ثمّ حين يموتون تفاجئهم أشكال أخري لا يرغبون فيها حينئذ عليهم بالإمتثال والصّمت ، هؤلاء لا يعرفون قيمة الكلمة.. هؤلاء يعتبرون نفوسهم مظلومين، فهم لم ينتبهوا للعقل والشّعور والأشكال الّتي عرضت عليهم في الأحلام.
لذلك عليهم أن يعملوا على فرض شكل أجمل وهذا من حقّهم، فتلك عمليّة إستفزاز لكي يدخلوا معها في حوار.. هنا لا بدّ أن يسكننا خوف كبير من التّشوّهات ويسكننا طموح كبير كي نقضي على تلك التّشوّهات، لأنّ أمراضنا كلّها نفسيّة بالأساس وموجّهة خصّيصا لنا ، يعتقد بعض هؤلاء المرضي أنّ السّماء تكرههم لكن بالعكس فهي تستفزّهم ليعرفوا طبيعة المرض وماذا يعني، الخطأ في نفسيتهم وطريقة معاملتهم الّتي تتطلّب تصليح يقومون به بأنفسهم.
الكلمة لا تمزح مع الإنسان فلا تعطي المرض ولا تعطي المولود إلاّ بالإرادة والطّموح،، فمن يريد نفسه عصفور عليه أن يقتدي بمبادئ العصفور ومن يريد نفسه ديك عليه أن يقتدي بمبادئ الدّيك، هي لا تظلم أحد..
الكلمة موجودة قبل العناصر الأربعة وأيّ شكل يحبّه الإنسان ويعمل لأجله هي تحت أمره، بالكلمة كلّ إنسان له بصمة في الحياة، فإن متنا في شكل غير مرغوب فيه فعلينا أن نعلم أنّه الشّكل الّذّي تعاملنا به مع النّاس وقد شكّلته الكلمة ونحن لا نعلم .. تركناها هي تقرّر ولادتنا الجديدة، فالمولود الجديد علينا أن نموت لأجله فعمليّة الموت هي عمليّة ولادة جديدة، السيّد المسيح مات لأجل الإنسان لماذا ؟ ليرفع عنه المظالم ، لكن حين يكون الإنسان ظالم فهو بريئ منه.
ومن يشعر أنّه أصبح إنسان عليه أن يموت لأجل الإنسان الحرّ.
السيّد المسيح روح وكلمة مقدّسة موجودة في كلّ إنسان وهذه الولادة معه صعبة جدّا فالأولويّة له أن يكون هو إنسان حرّ..فهو لا يعطي الحريّة إلاّ لنفسه لأنّه روح قدس وكلمة مقدّسة، وهو مولود من هواء والكلمة هواء.
لذلك كما هو عشقنا ومات لأجلنا علينا نحن أن نعشقه ونموت لأجله، فهو الأقوي من كلّ البشر والأنبل من كلّ البشر، نموت لأجل الّذي مات لأجلنا، ، لأنّه العاشق الأبدي للإنسان والكون والقادر الوحيد الّذي يقول للشّيئ كن فيكون
نحن عقول تخطئ وهو عقل لا يخطئ، هو من ضياء ونحن من ظلال.، فلا روضة إلاّ وفوقها طائر
هذا الهوي سلطان يتغنّي بروعة الإنسان
فيه نبع من الحنان وتباشير الجناح
الحبّ سرّ الوجود فيه أناشيد الخلود
فيه ضياء السّماء فيه الطّموح وفيه الرّجاء
أعاد لنفسي خيالا جميلا كثير الجمال كثير النّقاء
تهت في دهاليز الحياة وسدّت أمامي مناحي الدّروب
ولمّا أظلّ مسائي السّماء وقفت سألت أين المصير
فخفقت فيّ أغاني الوجود وإخضرّ فردوس نفسي الشّريد
..

vendredi 13 mars 2009

الحبّ في المعتقل الأسود

حكمت المحكمة الإبتدائيّة على الحبّ بالسّجن مع الأشغال الشاقّة مدي الحياة بتهمة أنّه أمر العصافير أن تحلّق كما تريد والسّمك أن يسبح كما يريد والنّاس أن تتكلّم وتحلم وتغنّي كما تريد، كان للحبّ جوادين واحد أحمر والآخر أبيض، الأوّل يستعمله في حربه ضدّ من يعبدون الأصنام والأبيض يستعمله ضدّ من جعلوا أنفسهم أرباب، حين دخل الحبّ للزّنزانة العسكريّة حزنت الأشجار والعصافير والأزهار وأعلن النّاس الإضراب عن الأكل أربعون يوما ونكست الأعلام ولبست النّساء الأسود إعلانا بالحداد.. إنتحر الجوادين حزنا على الحبّ وجاء ربّ جديد وأمر أن يعوّض الجواد الأحمر ذهب والجواد الأبيض فضّة..وقال أنا ربّكم الأعلى فأعبدوني..
كما أمر أن ترجع عبادة الأصنام وعبادة الأرباب، غيّرت الحرب مسارها وتاهت النّاس في الظّلمة، هذا الرّب الجديد جعل النّساء في الإفلاس العقلي والعاطفي، جعل المرأة تلتصق بالرّجل ملايين السّنين كالقطّة المنزليّة، هذا الرّب جعل المرأة تنسي غريزة الكلام فقد حوّلها حيوان ناطق، وبسكوت المرأة سكت الوطن وأعلن الإضراب عن الكلام، منعها الرّب العظيم من تتعلّم القراءة والكتابة وتزوّجها بغير رغبة ومنعها من مغادرة بيت الطّاعة، تشكّلت المسكينة في رحم القوّة الذّكوريّة فقد أصبح لحمها رغيفا يأكله الجائعون ومنزلها مخبئ يلجئ إليه الخائفون، وإحترق الوطن ومات إحتراقا وإختناقا .. ليست المرأة هي المذبوحة الوحيدة ، لكنّها في القمّة من قائمة المذبوحين، فقد كانت النّاطق الرّسمي للعشق وأصبحت تخجل حين تقول أحبّ..أصبحت تقول في نفسها عيب لو قلت أحبّ سوف تهتزّ الأرض من حولي والعالم سيحترق وستخرج المظاهرات مطالبين برجمي بالحجر الأسود، وسأقف أمام الرّاهب ليحكم عليّ بالإعدام شنقا لا لأشيئ إلاّ لأنّي قلت أحبّ، الحبّ حرام وأكبر حرام لذلك عليّ أن أدفن هذا الحبّ و هذا الوطن و هذا الرّب في قبر واحد، فهذا الرّب دفنني أنا والخوف في قبر واحد وجعلني طنجرة تنتظر الإنفجار بين لحظة وأخري...
بقي الحال على ما هو عليه وجئنا للحياة وإصطدمنا بهذا الواقع المرّ ، فأنا شخصيّا عندما كنت صغيرة كانت أمّي تحذّرني من اللّعب مع القطّ الأسود وعدم الإقتراب من الخنزير والرّهبان، لم أكن أعلم لماذا أمّي تخيفني من القطّ الأسود والخنزير والرّهبان بل لماذا تكره هذه الأشكال المرعبة، كبرت وفي مسيرة حياتي كان شعور بالخديعة يكبر معي...
كنت أشعر أنّني مخدوعة كبنت، كأمّ، كزوجة، كأخت ، كصديقة وأشعر أيضا أنّي لا أعيش الحبّ بل أعاني منه كثيرا، أنا أحبّ أن أعيش بتلقائيّة الأطفال مع هذا الحبّ، فالطّفل لا يطلب تأشيرة كلام ولا تأشيرة تفكير حين يقول أحبّ ، ذاك الحبّ له عندي نكهة خاصّة ومليئ بالعطور، فهو لا يلبس نفس الثّياب ولا يضع نفس المكياج ولا يترك بصمات رديئة على النّفس، عند الأطفال الحبّ يعيش البراءة دون محاكمة ودون حراسة يعيش مع الألوان ويكره السّواد والضّباب، فالأزياء ترتقي به وترقص معه، وتفرح الكلمة ويفرح الإبداع وتفرح الثّقافة والسّياسة والفنّ لا لشيئ لأنّ ذاك الحبّ واضح وبريئ وسعيد بالحبّ الحرّ.. ذاك الحبّ ليست له مصالح ماديّة.. لا أحبّ أن يكون الحبّ غزالا مطاردا أو طير مصلوب، أو إنسان كئيب..

الحبّ الذّي يعيش بالحراسة يحطّم قدرات المرأة ويحوّلها شريحة لحم يأكلها الرّجل بالأسنان، ويحطّم قدرات الرّجل ويجعله شريحة لحم يأكله الوطن بالأسنان هذا الحبّ يأمر أن تبقي المرأة في الأشغال الشاقّة مدي الحياة حتّي تنطفئ روحها وتموت ، ويأمر أن يبقي الرّجل في الخوف والثّبوت مدي الحياة حتّي ينطفئ هو والوطن ويموت هذا الحبّ يمنع الشّجرة أن تزهر ، والصّوت أن يتكلّم ويمنع الورد أن يفوح، ويمنع الإنسان أن يتكلّم ويحلم ويفرح.
عدوّ الرّجل ليست المرأة وإنّما هو تاريخ أسود ونزيف دمّ متواصل فرضه اللّيل على شمس الحبّ والحريّة، القضاة ديوك والنّساء دجاجات للحمل والولادة، لا يوجد في الوطن العربي إلاّ وجه واحد يتكرّر، الغيرة على المحبوب، الخوف عليه، الخوف منه ،قتل المحبوب من فرط العشق، الشّروط المجحفة في الزّواج، الكذب على المحبوب في فترة الخطوبة، الصّدام بالواقع المرّ.. ثمّ الوقوع في السّجن المؤبّد أي الحكم المؤبّد والزّواج المؤبّد ومن ثمّ الأمراض العضويّة والنّفسيّة والإجتماعيّة، بوقوع الحبّ في السّجن كلّ شيئ يصبح مريض.
هذا الحبّ عندنا يعيش العصبيّة والثّرثرة والعهر، نادرا ما نجد إنسان في حالة نفسيّة جيّدة أو في صحّة جيّدة فنحن لا نعيش الحبّ وإنّما نعيش مرض الكلب العاطفي والمادّي..

الحبّ عندنا يعيش الصّقيع والثبوتيّة والجهل والأميّة والتّبعيّة، فهو غير متحرّك لا يضيئ النّفوس وليس له كلام جميل.. له كلام قاتل، وممارسات رديئة جدّا، نحن أموات ببطل ميّت وهو ضوء الحبّ والحريّة.. فبعدما كان الجواد الأحمر والأبيض يسوقان عروسة كلّها حبّ وإحساس وأحلام وأمل أصبح جواد الذّهب الأحمر وجواد الذّهب الأبيض يسوقان دمية وصخرة ميّتة العواطف والإحساس تكسّر الأحلام وتكسّر الآمال وتقتل الطّموح الإنساني.
مات الرّجل في حريق الحرب بسبب جعل الحبّ يعيش في السّواد ويحرسه الحرّاس. وماتت المرأة في حريق الثّبوت والأنانيّة ومات الحبّ في السّجن مخنوقا في الظّلمة وراء القضبان.
رفعت الجلسة إلى محكمة عليا للإستئناف والمرافعة وأمر قاضي القضاة أن يكون الحكم بالعدل وبدون مساومات
ولا رشاوي على كلّ ظالم وكلّ مظلوم.
فليس كلّ إنسان يستحقّ الحبّ والحريّة والحياة الأبديّة.
أيّها الحبّ العظيم، هل أنت هو الرّب أم الإنسان هو الرّب؟
هل أنت العبد والإنسان هو الحرّ ؟
هل أنت الظّلام والإنسان هو النّور ؟
هل أنت المحكوم والإنسان هو الحاكم ؟
هل أنت العقد والغرائز المتوحّشة أم هو الإنسان ؟
ثمّ هل هو الحبّ نعمة أم هو نقمة وتوحّش؟
هل هو الحبّ رغيف وماء الحياة الصّافي أم هو نجاسة وماء كريه الرّائحة ؟..
،

jeudi 12 mars 2009

السّجارة

إنّ السّجارة عندي طقس من طقوس العبادة والحقيقة أنّ السّجارة تضيئ لي شمعة في ليل الجهالة، هي الوريث الشّرعي للأحزان وأهمّيتها تتجلّي في قدرتها على زراعة الأمل لأنّ كلّ ما حولنا يدفعنا للجنون، كلّ ما يطيب لي كلّ صباح قهوة سوداء وسجارة ، الحياة مرّة وحلوة ونار الكلمة وقودها
الأسود هو موتي وجنوني فالكلمة تضعنا بين إثنين بين العقل والشّعور وتشعلنا وتمتصّنا وترمينا كما ترمي السّجارة، لا أحد يستوعب العلاقة بين هذين الغريبين وبين السّجارة..

السّجارة لدي البعض تثير نوعا من الحساسيّة لكنّها عندي هي شرط الكلمة الوحيد للخلاص وهذا الشّرط هو فهم العقل والشّعور وفهم أناشيد المطر الّتي تبكي وتقول باع الإنسان العقل ، باع الإنسان الشّعور وإشتري الحجارة، الكلمة الملكة تقول: إبني يحبّني وأنا أحبّه لكنّنا على موجتين مختلفتين إبني المسكين لم يفهمني فذاب كما تذوب السّجارة، إبني المسكين كفر بالنّور والهوي وأختار التّراب والحجارة.
أسمع المذياع يقول السّجارة مضرّة بالصحّة، أقول أنا والكذب مضرّ بالحبّ، أموت أنا ولا تموت المحبّة من قلوب النّاس، حافظوا أنتم على صحّتكم لكن لا تجعلو الحبّ بين أسنان التّجارة، فبيع وشراء الحبّ غير صالح للحياة بيع وشراء الحبّ عند السّماء كفر ودعارة..
من يوافقني على هذا الكلام ؟ الّذين حرارتهم تحت الصّفر أم الّذين حرارتهم فوق الخمسين،
أذهب إلى غرفة العناية الفائقة ولا أقدر أن أترك السّجارة المشحونة بالحساسيّة الشّعريّة،
إنّي على يقين أن النّاس لا يفهمون بأنّي أصبحت أحبّ الموت كأغلي حبيب..
فالموت مصدر كلّ إبداع والإستشهاد لأجل الحقّ والحبّ والحريّة معادلا عندي مع الحياة، فالقهوة السّوداء تقول لي إنّ السّواد يلفّك والموت يحرسك، لقد إستجوبتني حتّي صارت جزءا من إفطاري الصّباحي ،
هي فرحي الوحيد كلّ صباح في ظلّ حزني السّعيد، معقول أصبح أنا والموت أصدقاء طبعا حين يفهم الإنسان معاني العشق يصبح اللاّمعقول معقول واللاّمنطقي منطقي. لا تخلد في الدّنيا إلاّ الكلمة والكلمة الّتي تستحقّ إسمها ستضيئ وتكون.
فالشّمس لا تضيئ إلاّ بعد الحزن المعشّش في داخلها والفرح لا يصنع الإنسان، الفرح يقتل الإحساس.. لكن في جوّ الحزن.. الشّرارة تصبح ثورة والنّجمة قطيع من النّجوم والوردة باقة أزهار، فمن اللّيل والأحزان والآلام خلق الجمال ومن البكاء إكتست الأرض بالأشجار والأعشاب والرّياحين..

السّجارة نبتة كبرت وأزهرت في عتمة حزني حتّي أصبحت أشعر أنّنا عند الكلمة وعند الشّمس كالسّجائر
أسمع الرّعد والبرق ويقول لي أنتم رماد الكلمة..
أقول له سيّدي السّحاب، السّجارة هي أعزّ منشور ثوري مسكونا بالصّمت خلقناه نحن الفقراء إحتجاجا على سوء توزيع الثّروة وغياب العدل والحبّ والحريّة، يجيبني السّحاب وما دخلي أنا إن كنتم تافهون وأنانيون
فالحلّ صنعتموه بأيديكم هو السّجارة أنا فعلا أفعل بكم كما تفعلون أنتم بالعقل والشّعور وبالكلمة
الموت صنعتموه بأيديكم، والمال صنعتموه بأيديكم، أمّا أنا فإنّي بموتكم أصنع الحياة لذلك نحن مختلفين ولا نفهم بعضنا
الّذي أكتبه هو صراعي وجنوني..
من هما اللّذان يتكيّفان بنا ثمّ يرمون بنا في أحضان التّراب والحجارة؟ العقل والشعور لكي تتعلّموا ما معني الحبّ وما معني التّجارة، ما معني النّصر وما معني الخسارة، ما معني العشق وما معني الدّعارة. ..

mercredi 11 mars 2009

الحياة عربة مسافرين يقودها جوادين هما السّياسة والفنّ

لا تقدر هذه العربة أن تتحرّك بدون هذين الجوادين، فهي وإن كانت تحت تأثير السّياسة وحدها يعيش المسافرين القمع والتسلّط والخوف والرّعب وإن كانت تحت تأثير الفنّ لوحده يعيش المسافرين الميوعة والإنحلال والسّذاجة، السّياسة القويّة تفرض على الفنّان أن يكون قويّ وخلاّق..
في السّياسة يستعمل الإنسان العقل وفي الفنّ يستعمل الشّعور، فدور السّياسي خلق الأسس الصّحيحة الّتي ترفع الإنسان نحو الأفضل..وتعطيه الثّقة بالنّفس وتخرجه عن التّبعيّة الإقتصاديّة والفكريّة ودور الفنّان تجميل اللّوحة النّفسيّة لهذا الإنسان.
الفنّان وكذلك السّياسي يستعملان الكلمة.. وإن كذبت هذه الكلمة لديهما يموت الجوادين ويضيع المسافرين في الضّياع
السّياسة الّتي تقوم على الدّمقراطيّة وحرّيّة الرّاى والتّعبير والتّجديد تكسّر قوانين الموت وتعلن عصيانها فهي تضع الإنسان في بؤبؤ العين وتخلق له الأمن والفرح والطّمئنينة..
لماذا يتحمّس السّياسي وكذلك الفنّان للكلمة ويتجمّلان لها؟
لأنّ الكلمة تنتقل في دمّ النّاس وفي خلاياهم وفي أنفاسهم، فأيّ حظارة لا يلتقي فيها العقل والشّعور هي حظارة بلا جذور وبلا أسس، الكلمة تقتل وتحيي وبغير سياسة وفنّ لا يوجد طموح ولا رفعة، فالكلمة تتحرّك بها الحواس الخمسة ومستوي الشّعوب يقاس بمقدرتها على فعل السّياسة والفنّ، لا يقدر أيّ جهار مهما كان متطوّر أن يقيس كميّة الفرح أو الحزن الّتي تسبّبه الكلمة حين تكون صادقة وحين تكون كاذبة في نفسيّة الإنسان ولا يقدر أيّ إنسان أن يمنع الكلمة من التّحليق في الفضاء المطلق.
السّياسي هو ثورة ضدّ المحدود وسفر نحو المستقبل لا البقاء في الماضي، والفنّان هو إبحار نحو المدهش والمستحيل ونزوع إلى المطلق، السّياسة والفنّ كلاهما بحث عن الأجمل والأنبل والأفضل لهذا الإنسان..
الحياة بدون سياسة رائدة وفنّ رائد عدم وقانون غاب، فإن كانت السّياسة في بلد ما تعيش التّبعيّة يصبح الفنّ مرتزق ومنحلّ ويعيش حالة ركود وتبعيّة، ويشعر الفنّان بحالة إختناق لأنّه عليه أوّلا أن يكسب ثقة سيّده حين يقول له إنّي مطربك المفظّل وحبيبك المفظّل وإنّي بدونك أنا لا شيئ.
لذلك لا يمكن لرجل السّياسة أن يبقي على عنق الشّعب كي لا يصيبه الغرور، فالغرور قتّال، لا إكراه في السّياسة ولا في الفنّ، فالحرّ هو الّذي حين يشعر أنّ النّاس بدأت تملّ منه يلبس معطفه وينسحب، لأنّ الوصال دون إرادة يصبح عمليّة إغتصاب والإغتصاب حرام..
كلمة خلود لرجل السّياسة أو الفنّان كلمة مسرحيّة وعلى الإنسان أن يشغل نفسه بالوجود ولا بالخلود، فرغم المسامير الّتي تدقّ للشّعوب رغم أنفها تعرف الكلمة كيف تكسّر قشرة البيضة وتخرج، وتعرف كيف تفاجئ الأنانيين وهم يقومون بحمّامهم الصّباحي، فهي كلّ يوم تقصّ جزء من تاريخهم ودفاترهم وتجمّع لهم وضعيّة شعوبهم المخزية..
ليس هناك أمل أن توقّع الكلمة معاهدة صلح بينها وبين إنسان أناني، فالكلمة في ذروة كبريائها تعتبر نفسها هي السّلطانة ولا تحبّ من يشاركها السّلطة، وهكذا تتصارع السّلطات بين الكلمة والإنسان..
الحاكم لا يقبل بسلطة غير سلطته والكلمة لا تقبل بسلطة غير سلطتها، فلا يربح الرّهان معها إلاّ من يقول ويفعل الحقّ والحبّ والحريّة، هذه الكلمة لا تحبّ أن تكون العصافير تحت القمع والشّجر تحت الإستعمار والأطفال والنّهود تحت الظّلم، هي تريد أن تفتح مدارس في كلّ الأراضي الّتي تعيش أميّة العقل والعواطف، ليعلم السّلطان أنّه بوسعه أن يتصوّر نفسه سلطان ويحكم بأحكامه كما يشاء، لكن عليه أن يفهم أنّ لحم الكلمة لا يأكل لا نيّ ولا مشوي ولا مقلى ولا مطبوخ وعليه أن يفرّق بين لحمها ولحم الخرفان والفئران، ليعلم أنّ هذه الكلمة لا تنام ولها جهاز عصبي دائما في حالة إستنفار ورقابة، فالكلمة تستقبل الإنسان الظّالم والسّلطان الظّالم في جوّ من الحراسة المشدّدة في مكان مظلم، فحرس الشّرف يقدّموه لها على أنّه الأقوي من غيره والأشدّ، يودّعه الحرّاس الأحرار بألف طلقة نار وهناك ستسمح له أن يستمع للإسطوانة الضّوئيّة الّتي لم تكن تشغل باله، ففيها بصمات الأصابع ولون العين وطول القامة ولو جرّدته من العينين والعقل والشّعور والأصابع يبقي عاريا، الكلمة ليست حذاء يلبسها الإنسان ويخلعها متي شاء ، فكلمة جمال عبد النّاصر هي كلمة جمال النّاصر لا تتغيّر وكلمة فريد الأطرش وأم كلثوم ومحمّد عبد الوهاب هي كلمة فريد الأطرش وأمّ كلثوم ومحمّد عبد الوهاب لا تتغيّر، هذه الكلمة قاهرة وأمّ الدّنيا أي نور الدّنيا ونارها.
الكلمة ليل الدّنيا ونهارها فماذا نحن بدون كلمة صادقة تفعل في الحياة من أجل التحرّر والرّفعة بالإنسان والإنسانيّة وما هو عمر الإنسان أمام عمر الكلمة؟ فهي سيّدة الأزمان كلّها.. ونحن أمامها أطفال عابثون بلا عقول وبلا مشاعر.
السّياسة والفنّ رسالتين سماويتين تتابعهما السّماء بكلّ إنتباه فهما نورين ينيران الأرض عقلا وشعورا، هما الإثنين يعملان لأجل سعادة الإنسان وتطوّره وإخراجه من الظّلمات إلى النّور، فالسّياسة دورها ضمان حقّ المواطن في التّعليم والصحّة و الشّغل وضمان حريّة الرّأي وحريّة المرأة كي لا تكون تابعة للرّجل ماديّا بل تابعة له عاطفيّا وروحيّا فقط
وكذلك الفنّان عليه أن يعبّر عن مشاكل عصره بكلّ تلقائيّة وبدون خوف و عليه عدم السّقوط للإرتزاق والتمعّش من الفنّ، عليه أن لا يسقط هو الآخر في التّبعيّة الإقتصاديّة والفكريّة، فغير معقول أن يسير الفنّ أو السّياسة في جهة والشّعب في جهة أخري، فلا تعطي الجنّة للسّياسي أو للفنّان مجانا بدون نضال بكلمة صادقة وفاعلة، كلاهما مسؤول على صدق أقواله وأفعاله أمام الشّعب وأمام الكلمة، لا أحد قادر أن يهرب من كلمته ولا من صوته، ولا أحد قادر أن يكفر بكلمته وصوته فللإنسان أجمل الكلام وأجمل الأصوات، فشتّان بين كلمة الإنسان وكلمة الذّئب أو الخروف أو القطّ أو الكلب أو أي حيوان آخر,، الشّعب يريد آب حقيقي يموت لأجله وأمّ حقيقيّة تموت لأجله صدقا ومودّة وعطاء
حينها فقط تعطي الجنّة للسّياسي أو للفنّان مجانا. لأنّه قدّم أعماله للشّعب مجانا وقدّم حياته بدون أن يفكّر في نفسه
فهذه الدّنيا تفتكّ بالمال لكنّ الجنّة تفتكّ بالأقوال والأفعال والفرق بين الإثنتين أنّ الأولي فانية والأخري خالدة
فالسّياسي العظيم يعيش في ذاكرة الشّعب ذكري جميلة وكذلك الفنّان العظيم تخلّده الذّاكرة الشّعبيّة أمّا الّذي يعيش مع شعبه ذئب أو خروف قطّ أو فأر ينتهي في العدميّة والسّقوط فلا السّياسة قادرة على جرّ العربة بدون قيادة ملتزمة و لا الفنّ قادر على جرّ العربة بدون فنّ ملتزم بقضايا شعبه، هل لنا سياسي ملتزم بقضايا الشّعب بدون إستثناء وهل لنا فنّ ملتزم ؟؟ الفنّان والسّياسي لهما مسؤوليّة كبري أمام السّماء عن تقدّم أو إنحطاط شعوبهم
الشّعوب العربيّة تعيش الغربة لأنّ السّياسة وكذلك الفنّ يستوردونهم من الخارج فهما لا يراعيان خصوصيّة الشّعب وطموحاته، الشّعوب العربيّة تعيش في الضّياع بسبب الأنانيّة السّياسيّة وحبّ العرش لا حبّ الإنسان.

lundi 9 mars 2009

الإنسان بين الموت والحياة بين التّقليد والحريّة

نحن نعيش بين حبيبين كلّ واحد منهما له فضل كبير علينا،نحن في هذه الأرض تحت القمر والشّمس، تحت الموت والحياة يحاصرنا الحزن من كلّ مكان ونقرّر السّفر ولكن إلى أين نسافر ومن أجل من نسافر؟ كم سافرنا فوجدنا أنفسنا نخرج من دمعة لندخل في دمعة أخري، معنا القمر ونحن معه في رحلة زجاجيّة نشعر أنّنا غرباء وضائعون لا يفتح لنا القمر بابه ولا قلبه ويظلّ موتنا معه شيئ شرعي ومبرّر ويظلّ صراخنا طبيعي ومبرّر، فالصّراخ حتميّة الإنسان في إرادة التّغيير، إنّه الصّدام الأزلي مع الموت والحياة، شخصيّا أعيش في صفوف المحتجّين لا في صفوف الموالين للموت، فالغربة الّتي أعيش فيها والحزن اليومي هي هذا التّصادم بين ما أعيش فيه وما أحلم به فمطلوب منّي أن أعيش مشدودة الأعصاب فأيّ إسترخاء وأي رضاء بالواقع سيحوّلني حيوان أليف أو حيوان متوحّش
لي هواية في الكتابة بالأزرق فالأزرق يذكّرني بالبحر والبحر تاريخ الطّموح الأرضي.

شعرت باهميّة زرقة البحر وزرقة السّماء معا فزرقة البحر تكسّرني وزرقة السّماء تبنيني ففظل التّكسير عندي كما فضل البناء، فأنا أعشق الموج العالي وغضب البحر ، وأتحمّس للدّخان أكثر من الياسمين فبدون عذاب لا يمكن للحريّة أن تعطي ولا يمكن لمواعيد الحبّ أن تعطي أو تأخذ
عليّ أن أضع في بال السّماء نوعيّة الشّكل الّذي أطمح أن أكونه وعلي أن أعمل بمقتضي ما يفرضه عليّ ذاك الشّكل، كما يجب أن يردّ عليّ اللّه بأحلام مدهشة من حين لآخر، عليّ أن أؤكّد ذاتي الواحدة وأضمن الولادة الجديدة لنفسي أوّلا أمّا المخلوق الّذي يشبهني فيجب أن يكون من فصيلتي يبحث هو الآخر عن الأرقي والأجمل، فكلّ واحد سيجد فصيلته وسيجد النّاس الّذين لهم نفس الطّموح..
يطاردنا الموت لكي نثمر، وكلّ واحد يغنّي شعره، فالأرض هي المكان الّذي يسمح لنا اللّه فيها بالصّراخ والغضب والبكاء، فالإنسان لا يشعر بالرّاحة إلاّ إذا وجد فضاء يساعده على الصّراخ لذلك الفضاءات الحرّة هي أماكن للإستمتاع بالصّراخ..
اللّه في الأرض يتركنا نصرخ بحريّة، لكن هل صراخنا يعمّر أو يدمّر، هل صراخنا موجّه أو هو صراخ تلقائي، هناك على كلّ حال فرق بين ذاك وذاك .. كم أنا سعيدة بهذا الصّراخ ، فصوتي قدر لا يمكنني الهروب منه به تعرفني السّماء جيّدا وتعرف أنا أصرخ لأجل ماذا، فأنا أعلم أنّ صوتي هو القميص الّذي ألبسته لي السّماء لكي يخترق الفضاء دون تأشيرة دخول، فصوتي لا تقدر كلاب البوليس أن تمسك به ، صوتي هو وسيلة إتّصال بيني وبين السّماء..
ثورتي على الموت أسّست فيّ لغة جديدة فيها الطّموح والمغامرة وفيها حلم يقوم على هندسة جديدة أخري تقوم على تحرير النّفس والجسد المسكونين بالعقد والإنحرافات والخطايا ويطرأ تحوّل جديد وتحدث المعجزة ويعطيني حرف الحاء مفاتيح أفتح بهم أبواب الحبّ والحريّة والحنان والحياة ، حرف الحاء ، حمل جديد ، حرف الحاء، حياة جديدة ، حرف الحاء حصان أبيض أمتطيه وأركض به في البريّة ، فهو حرف من ضياء ويلبس الحبّ معطفه الطّويل الأسود ويستقبلني بكلّ محبّة فإليه فقط أسلّم الرّوح.. هذا الحبّ كان طفل جميل في بال السّماء تمتّعه بالأجنحة لكنّه كفر بالخالق وقال أنا الرّب وتاه في الأرض في رحلة شاقّة ومريرة كي يتربّي ويصبح أهل لهذه الأجنحة، لكنّه لا يزال يحبّ المال حبّا كبيرا لا بل أصبح يعبده عبادة فالأب أراد أن يجرّبه بهذا المال، وهل هو بالفعل يحبّ الخالق أم يحبّ المال.
السّماء خلقت الإنسان بالحبّ في أحسن تقويم وهو بالمال جعل نفسه أسفل السّافلين لذلك إستحقّ الموت والحساب
فالموت جسر نحو الأسفل أو نحو الأعلي وأدوات الإمتحان المال ومشتقّاته أي تأثيره على العقل والشّعور.
هل هذا معقول أن يثق الإنسان في الموت أكثر من البشر، ويستريح للموت أكثر من البشر ولا يخاف من الموت ويخاف من البشر؟
أريد أن أنقذ القمر، حدثت المعجزة وأجابني عن الأسئلة الّتي وجّهتها إليه
الموت يغيّر العالم وكلّ إنسان يغيّر بطريقته هذا العالم..
الموت حصاد وحرث وزرع وثمر، الموت غربال ومصفاة
الإنسان يحبّ التّغيير، دعاوي التّغيير لا تنتهي.. كيف يا قمر إلى ماذا نحن تغيّرنا ؟
الموت يحرّك فضول النّاس ليعرف طموحاتهم،
الموت يتابع تحوّلات الحبّ في الإنسان، الموت معلّم حساب يضرب ويجمع ويطرح ويقسم..

الموت خبير بقلوب النّاس، وكلّ إنسان يلبس اللّباس الّذي يرتاح فيه ويناسب الطّقس الّذي يعيش فيه، الملابس جزء من حاجيات الإنسان ولزام من مستلزمات وجوده..
خزانة التّاريخ مليئة بالأشكال والملابس والأزياء والألوان ولا يفرض على الإنسان أحد ماذا يلبس ولا أحد يتدخّل في إختيارات الإنسان في مشكلة اللّباس.. ولا يمكن لأيّ أحد أن يضع الموت في قفص الإتّهام،
فالإنسان هو الّذي إختار التّقليد كما يشاء، إنّها عمليّة إنتقائيّة أخذت منه العمر كلّه، مهمّة الموت فقط صياغة الذّوق الإنساني، فالكلمة لم تعطي للإنسان بالصّدفة فهي أيضا أخذت وقتا طويلا حتّي تكوّنت وأصبحت إنسان له العقل والشّعور وبها تتغيّر الأوراق ونكهة الثّمار و قابلة أن تكتسب أشكالا جديدة وإيقاع جديد وعادات جديدة وعلى الإنسان أن يصرخ في وجه أيّ شكل لا يحبّه ..
.. ماذا تكون حياة الإنسان يوم يكون جبانا عن مواجهة القدر بوجهه الأبيض والأسود
فالوقوف في الحياد موت، فغير ممكن أن نقف أمام جسد مريض لنعالجه بالتضرّعات، فالّذي يحبّ الشّفاء عليه أن يكوي حرائقه بنفسه ، فلا أعتقد أنّ اللّه سيعاقب مجروح على جراحه، فلا الإنسان يقدر أن يتخلّي على غريزة الكلام ولا الحاكم مستعدّ أن يجعل الإنسان يستمع لصوتا آخر غير صوته، فبحكم العادة الإنسان مقتنع أنّ اللّه كريم كالبحر ممطر كالسّحاب ومضيئ كالشمس والقمر وأيضا شديد العقاب..
اللّه يخيّر الأنسان بين حبّ المال وحبّ البنون، بين الملكيّة والحريّة، بين اللّيل وبين النّهار، بين الموت وبين الحياة،
فالعصفور هو كائن حرّ يملك كلّ شيئ ولا يملك شيئا..العصفور لا يحبّ من يمتلكه إلاّ الحبّ
فالمال يقدرالإنسان أن يصنعه ويجمّعه ويسيطر به على الآخرين ويقهرهم ويجعلهم عبيدا له
لكن هذا الإنسان لا يقدر أن يخلق الإنسان الحلم.. الإنسان خليقة السّماء
فكيف يقدرعلى قتله وتشريده وفرض الميز العنصري والطّبقي عليه؟
وكيف لا يعلم الخالق بنفس هو خالقها ومبدعها ومبرمجها بكلّ فنّ وكلّ دقّة
فلو ريشة هتفت بمبدعها لكان اللّه لشدوها العود، فمن مبدع الشّجر والعصافير والحيوانات؟ هل هو الإنسان؟
أم هو هذا الحبّ الكوني العظيم.؟، ..

الحبّ بين أسنان الرّاشي والمرتشي بين أسنان الحلال والحرام

لا يمكن ممارسة العبادة في ظلّ الخوف، هذا الحبّ حواره اليومي بالأسنان والأظافر، هذا الرّجل وهذه المرأة لا يمكن أن يتّفقا هما الإثنين في كهف الموت وحين يفاجئهما الضّوء يصرخان لأنّ النّور فضّاح ويكشف كلّ الأعوار، الرّجل يستمدّ السّلطة من اللّه القمر والمرأة تستمدّ السّلطة من اللّه الشّمس ، الرّجل يستمدّ السّلطة من الكلمة الرّعد والمرأة تستمدّ السّلطة من الكلمة البرق والعشق... الرّجل يستمدّ السّلطة من الماء والمرأة تستمدّ السّلطة من الضّوء وإن خان الإنسان قضيّة الحبّ وشرف الكلمة يسقطه الحبّ ويسلبه الحريّة ، الضّوء يكشف تفاهتنا ونفاقنا ويخيفنا لأنّنا لا نعرف معاني الحبّ الحقيقي ولا نعرف معاني الحريّة وعلينا أن نموت في الكهف كالكلاب، هذا الحبّ هو المياه الجوفيّة العكرة السّوداء في داخل كلّ إنسان، هو هذا الصّراخ في الظّلمة الّذي نطلقه جميعا في وجه الخوف كي يصير إطمئنان، في وجه اللّيل كي يصير ضياء في وجه السّجن كي يصير حريّة، في وجه الغدر كي يصير صدق، في وجه الموت كي يصير حياة، فالصّدق هو البوصلة الّتي توصل الإنسان إلى نوافير الماء الصّافي وبساتين الورد والعصافير، الحبّ هو هذا الإنقلاب على القناعات الثّابتة من أجل تغيير الحياة..
نحن نعيش على ثوابت أنّ الحلال هو الرّضاء بالواقع وإلتزام مبدأ التّقيّة والتّعبّد مع أكل الشّوك والصبّار والشّعير، أي أنّ الحلال هو إنتصار حبل المشنقة وتعذيب الذّات، الحلال هو أن تحبّ الأشياء التّي تعذّبك أي أن تحبّ الموت وتكره الأشياء الّتي تسعدك أي تكره الحياة..الحلال هو إستئصال غريزة الرّفض من الإنسان..
أنا أقف ضدّ هذا الظلم وهذا القهر وهذا الإستبداد، فأنا أحبّ الحياة وأكره الموت، أحبّ العدل وأكره الظّلم، أحبّ الحريّة وأكره العبوديّة أنا أكره من يعملون لأجل هذا الموت وأكره من يركعون ومن يذلّون لهذا الموت.
كما أنّي ضدّ كلّ رجل يدفع مهر ليشتري بقرة وضدّ كلّ بقرة تطلب مهر لتبيع للرّجل الحبّ، أنا ضدّ الرّاشي والمرتشي على حدّ سواء..
ماذا يحدث في العائلة جرّاء هذه الرّشوة وهذا التمعّش بالحبّ ؟
ما يحدث هو أنّ الطّفل حين ينزل في فندق الدّهشة، يجد أمامه الحرب، يجد أبويه لهما صعوبة كبري في التّفاهم، والحقيقة أنّه نزل في المعتقل يبكي، وعليه أن يضرب الباب ضربة قويّة ويحلف أن يخرج من هذا المعتقل ، عليه أن يعترض على الأقدار وكلّ من خطّطوا لعذابه وأبكوه، لذلك لا بدّ لهذا الطّفل أن تكون جراحه إستثنائيّة وأحزانه إستثنائيّة وموته إستثنائي لأنّ العتقل الّذي نزل فيه قد أفقده حماسه للحياة وأفقده متعة التّغيير، فهو تحت الشّمس كلّ يوم يتغيّر نحو الأسوأ أي نحو العجز والشّيخوخة لكنّ الأفكار هي هي لم تتغيّر والآلام لم تتغيّر والمعتقل لم يتغيّر ولا فرق بين البشر والحجر.

ماذا يجد الطّفل في المعتقل ؟ يجد رائحة الأنثي حرام، رائحة الذّكر حرام، رائحة الحبّ حرام، رائحة الحريّة حرام ،رائحة الرّفض حرام.. لا يجد إلاّ رائحة البول السّخن والنّجاسة حلال.
ماذا يحدث له حين يكبر؟ يصبح يتصرّف كشهريار فشهريار هو طفل مظلوم.. ماذا يحدث للطّفلة ؟ تصبح تخاف شهريار وتنقم عليه فهي قطعة سردين محفوظة في علبة، هي إمرأة بليدة، ثقيلة الدّم مطفأة الرّوح ميّتة الإحساس تنام قرب شهريار كالجليد فيقتلها ويذبحها من شدّة الملل وهي تركع له وتعطيه الحقّ كي يقتلها، لكن في نفس الوقت تقصّ له الأجنحة وتسلبه حريّته، فهو وإن إلتزم مبدأ التّقيّة وتجاهلها تصلبه وإن عدّدها تجعله يعيش الضّياع فهو في كلتا الحالتين يتصرّف معها بعقليّة السّلطة الّتي تفرض السّيطرة على الآخرين، إذا شهريار كان يقاتل التّفاهة والملل وشهرزاد كانت تحارب لأجل الحياة وكانت تناظل ضدّ الموت، المرأة لا تحبّ الأسود في الحبّ ولا تحبّ الأبيض ولكن تحبّ الألوان..
فالرّجل الّذي يزرع في قلبها البساتين والخضر والأزهار ويطعمها اللّوز والعنب من كلمته يفوز بقلبها وحين لا تجد هذا الرّجل تصبح دجاجة تأكل الحصي والعلف وتجعله هو ديك غير قادر على الطّيران,..
الحلّ أن يفعل الرّجل لكي تغيّر المرأة أفكارها وكلامها ومنطقها وجلستها وضحكتها، عليه أن يخرجها من التّبعيّة كي تشعر بكيانها وتتعلّم متي تقول نعم ومتي تقول لا، الرّجل المحترم هو الّذّي يحترم رأي المرأة حين تقول لا وحين تقول نعم، فحتّي ربّ السّماء يحترم نوعيّة هذا الإنسان ومن لا يعرف كيف يقول لا وكيف يقول نعم هو حيوان فالكلمة إلاه إه ولا . ربّ السّماء يقبل من يدخل معه في حرب ولا يحبّ من يمدّ له رقبته كي يقتله، فهو يساعد الإنسان على تحقيق ذاته وميولاته ويساعده على التّحرير والإنعتاق، فاللّه مع الإنسان هو الحبيب والعدوّ في نفس الوقت، الموت والحياة في نفس الوقت، اللّيل والنّهار في نفس الوقت، الجنّة والنّار في نفس الوقت، هو صعب مع الرّاشي والمرتشي في الحبّ، فهو في الحبّ لا يقبل المساومات، وسهل مع الصّدق في المحبّة والصّراحة، هو مع الرّاشي والمرتشي كوابيس ومع العاشقين أنيس، كيف نحصل على السّعادة ؟
كي يحصل الإنسان على السّعادة عليه أن يتعلّم كيف يسعد الآخر، وكي يشعر بالحريّة عليه أن يتعلّم كيف يحرّر الآخر
وكي يشعر بالحياة عليه أن يتعلّم كيف يحيي الآخر..، فرجالا كنّا أو كنّا نساء نحن جميعا في الخندق، في المعتقل وعلينا جميعا كسر هذا المعتقل، فالّذي يدفع ثمن كي يشتري به حبّ هو ثعبان والتّي تقبل أن تبيع عواطفها بالإغراء هي سمكة تغوص في بحر دموعها، فذاك الحبّ ظالم ومنحطّ، علينا أن نتعلّم كيف نكون أصدقاء ورفاق طريق، ولكي نكون أصدقاء لا بدّ من الرّضاء بالحزن لأجل الفرح ، والرّضاء بالسّجن لأجل الحريّة، والرّضاء بالموت لأجل الحياة، لا بدّ لنا من النّضال ضدّ السّجن والحزن والموت، لا بدّ أن نفهم أنّنا نعيش بخوف أن ياتينا شيئا من عالم الغيب يسلبنا من كلّ الأموال والأرزاق وقد يحوّلنا حيوانات أكلة لحوم أو أكلة عشب، الكلمة هي الملكة الّتي علينا أن نحييّها ونعمل بها بصدق ونحفظ شرفها، فهي الّتي تحوّلنا طيور أو حيونات أرضيّة زاحفة في الظّلال، فالدّول عليها أن تضمن حقّ المرأة في الحياة كي لا تصبح المرأة مرتشية تغري الرّجل وتكذب عليه كي تأكل الخبز، والرّجل عليه أن يرفض مبدأ الرّشوة من الأساس ويحارب من أجل سحق الرّشوة والمساومات ، فالأسرة هي نواة الرّشوة الأولي الّتي يجب تنظيفها والرقيّ بها نحو الأفضل وذلك بإمرأة واعية ورجل واعي.. بإمرأة مستقلّة ماديّا ورجل مستقلّ ماديّا والطّفل توفّر له الدّولة حقّه في الصحّة والتّعليم والحياة والتطوّر مجانا وإلاّ فنحن حيوانات عند ربّهم يرزقون.
فلا المتزوّج في راحة ولا الأعزب في راحة نحن جميعا نعيش المأساة مكبّلين بالثّوابت التّي فرضها التسلّط والتّخويف
والإرتزاق والمطامع، نعيش كالحيوانات بلا طموح ولا آمال ، نعيش في الكهف ومعنا الكلب الّذي هو المال والسّلاح والخوف والرّعب.

dimanche 8 mars 2009

أحبّ اللّه في الفلّ والياسمين

لي حياة أحرقت فيها أشياء وإحترقت بأشياء، حياة قاتلت فيها وقتلت، أنا أضع تفاصيل حياتي على الورق وأفضح نفسي أمام الشّمس
أنا لا أحبّ الحبّ في العتمة والجدران المقفلة ولا أحبّ الحبّ الّذي يسكن الإقامة الجبريّة، ليس معني ذلك أنّي متهوّرة أو مائعة لكن حين أحبّ أجد نفسي في وضع جميل وحين أكون وحيدة أشعر بالفراغ ، بكلّ صدق أعيش مأساة إنسان يتعامل مع مادّة مهرّبة تعتبر خارجة عن قيم المجتمع والمؤسّّسة حيث يفرض على الإنسان أن يعيش بالملح والأشواك والصبّار كالبعير لذلك لا مجال سوى الهروب للخيال قصد الإلتحام بحبّ أليف ينسجه هذا الخيال، ليس في نيّتي إرتكاب أيّ حماقة فلا يحقّ لي أن أفكّر في وجه جديد فحدوث علاقة جسديّة ليست شرط من شروطي، لكن في حالات الفراغ لآ أقدر أن أمنع عيني من إلتقاط أيّ شعاع ضوء ينير حياتي..
أنا أثور حين ترتكب ضدّي أيّ جريمة، كما لا أبرّئ نفسي من هذه الجريمة أصبغ نفسي بالأحمر ولا أقبل الهزيمة
أعيش الحبّ بمنطق الحمام وحين أكتشف أنّي أصبحت دجاجة ألبس الأحمر أصبح مقاتلة ولا أقدر أن أوفّر الرّاحة والسّلامة والإطمئنان وتتحوّل عواطفي عواصف هوجاء وبحر هائج.
أعترف أنّي متوحّشة أمام رجل يستبلهني في الحبّ أو يبيعني جسده لأجل الواجب وروحه في مكان آخر، هذا الحبّ يمزّقني وأعيش به ألما لا يوصف وأسيح في الدّموع وأقتل نفسي وأقتل من يعيشون معي. الحبّ الصّادق أشعر به ويعطيني توازن ويعطيني ثقة في النّفس وأصبح في العطاء نافوة ماء أعطي بلا حساب..
هناك رجال يمارسون الحبّ مع نعجة أو بقرة أو دجاجة هؤلاء ليسوا عندي من صنف البشر، هؤلاء حيوانات آكلة لحوم، فالمرأة المجنونة عندي هي المرأة الّتي ترفض المساومات في الحبّ أمّا المرأة العاديّة فهي الّتي ترضي أن يباع لحمها في المزاد العلني لا بل تطلب مهر غالي وتريده أن يكون حبّ غالي، الحبّ لا يقدّر بثمن مثله مثل الحريّة
كما أنّني متوحّشة أمام رجل يحمل مسدّس ويقتل به طفل بريئ، هذا المسدّس يأخذ عندي أشكال عديدة فالطّفل المحروم من الحنان مقتول، والمحروم من الحياة مقتول، والمحروم من الدّراسة مقتول، والمحروم من الصحّة مقتول والمحروم من حريّة الكلمة مقتول، أنا مقاتلة ضدّ هؤلاء اللّذين يعيشون على حساب بكاء الأطفال والأمّهات، كما أنّي من جهة أخري أستحيل رماد أمام طفل يبكي.. طفل يبكي في الجوع والعراء والعطش يسحقني وأراه أقوي منّي لأنّه يطلب منّي أشياء أنا غير قادرة على توفيرها له، لذلك أقدّم حياتي كلّها فداء ضحكة طفل.. وأقف لأجله أمام النّار والمدافع والإرهاب وكلّ مجرميّ العالم، أنا أعيش مأساة طفل يبكي في العراء ورسالتي في الحياة أن أجعله يضحك..
أحبّ اللّه في الفلّ والياسمين لأنّ الفلّ هو حربي ضدّ البشاعات الإنسانيّة والياسمين هو السّلام والإطمئنان الّذي أنشده للأطفال والأمّهات والرّجال
لا أقدر أن أتكلّم على إنتصارات في الحبّ فهذا الرّجل حوّلني مقبرة وشمعة وقصيدة غير مفهومة، لذلك أعتبر الموت هو إعادة إعتبار لأنّي أحمل بحار من الملح والفجيعة، أنا ابحث عن رجل يفهم مللي ويفهم كم هي عميقة جراحات إمرأة تفتقد لحبّ صافي ..
أكره من لا يفهمون معاني الحرب والسّلم فالحرب والسّلم على هذه الأرض زهرتي دفلي بلا طعم ولا رائحة فالإنسان لا يجد الرّاحة لا في الحرب ولا في السّلم، في الحرب يتحوّل ذئب وفي السّلم خروف والإجرام والجبن
لا خير فيهما، الحرب جعلت للقضاء على التّوحّش ومن المفروض تكون لها رائحة طيّبة ومنفعة للإنسانيّة والمال جعل للعمل الصّادق والفرحة بالحياة, الحرب خلقت دول قويّة وأخري ضعيفة والمال خلق إنسان غنيّ وآخر فقير وأصبحنا في جوّ القطط والفئران نخاف بعضنا البعض ونكره بعضنا البعض
الوقت يجري بنا سريعا والبطل الأوحد هو الموت، متنا لأنّنا عبيد لإبليس ماء السّماء تحوّل لنا مال وضوء الحياة تحوّل لنا نار، نحن نبكي لعلّ مسيحا سوف يظهر في السّماء، هذا المسيح يجب أن تنجبه الأرض تحت رعاية السّماء فهو ليس ماء وليس ضوء وليس شمس وليس قمر بل هو إنسان عصفور، يوم يظهر هذا الإنسان ستكفّ الأرض عن الدّوران
هذا المسيح سوف لن يكون رجل بل هو رجل وإمرأة فلا يعقل أن لا يعترف القمر بالشّمس أو الماء بالضّوء فهما الإثنين عشيقين ماتا يبكيان علينا ماءا وضوءا..
الماء والضّوء إثنان في واحد والرّجل المرأة إثنان في واحد. هكذا يجب أن تنتهي هذه المسرحيّة وينتهي الإجرام والجبن من الحياة..
الإنسان أرقي انواع الحيوانات أرقي حتّي من العصافير، فالعصفور يعمل بفمه وهناك فرق بين عمل اليدين وعمل الفم
فالحواس الخمسة والكلمة والعقل والشّعور والماء والضّوء قدّمتهم السّماء مجانا لهذا الإنسان، فما ثمن هذا الحبّ؟ وما ثمن هذا العطاء؟ وما ثمن هذا الإنسان ؟ الإجابة أتركها لمن يعرفون تثمين الأشياء وأكتفي بالبكاء والصّمت لعلّ تشرق علينا شمسا نفهم بها معاني الفلّ والياسمين -والحرب والسّلم- والحزن والفرح
من يشرب من مال الدّنيا كأنّه يشرب من البحر لا يرتوي أبدا، ومن يأكل من عرق النّاس بالظّلم والإستغلال لا يشبع أبدا
أمّا الّذي يشرب من ماء الحبّ كأنّه يشرب ماء مطر لا يعطش أبدا ومن يأكل من خبر الحبّ أي من عرق جبينه لا يجوع أبدا..

samedi 7 mars 2009

الإنسان المسكون بنار الحبّ الأبديّة

هذا الإنسان هو طفل ثائر ومجنون، هو عصفور ينتفض وينكسر كالزّجاج، فالثّورة يريد بها تكسير وتهشيم كلّ الموروث القديم الّذي أخذ شكل العادة والقانون والجنون يريد به الإعتراض على الحكم المسلّط عليه بالإعدام من قبل الولادة، هذا الإنسان لا يركن للإطمئنان ولا يهادن الأشياء يعيش بصفة تلقائيّة ودائما في صدام وفي معارضة، يرفض هذا الشّخص أن يلبس الأشكال التّنكريّة وفي الإرهاب تجده يعيش العصيان والمقاومة، النّاس يرون أفعاله كفر وجنون وتبدأ حملة الرّجم فيه. في الغالب تجد هذا الإنسان قد عاش الدّلال في الطّفولة وهو عزيز على أبويه فهو بالنّسبة إليهم شرارة تضيئ المستقبل فكلامه حين يتكلّم يكون صراخ إنسان إشتعلت فيه النّيران.. وتحرّكه بالنّسة لأبويه تحرّك طبيعي ومبرّر ولا أحد منهما يقف ضدّه, هذا الإنسان فيه الحبّ والعصيان والوحشيّة فهو دائما يحاول أن يبحث على المفاتيح والأدوات الّتي تساعده على كسر السّجن وكسر أقفال الزّنزانة. فهو لا يجلس مستريحا إلاّ تحت شمس الحريّة، هو إنسان يقال عنه شيطان.
لا يحبّ هذا الشّخص أن يسكن للجنس الآخر سكونا تامّا، فهو دائما في صدام مع الكهوف وحياة الضّجر الّتي يجفّ فيها الحبّ ، فهو يخيّم في المكان الّذي يجد فيه الحبّ والحريّة يريد أن يكون حصان لا صاحب له. كلّ الأشكال المطليّة يرفضها وجدانه، فهي لا تعني شيئا ولا تعطي شيئا هي أشكال تموت في مكانها محترقة كالأشجار بلا رائحة.
يعيش هذا الشّخص ذروة المأساة حين يربط قدره بقانون المؤسّسة وقتها يتكسّر ويتناثر كالرّماد ويسافر في الأحزان شاعرا بنزيف داخلي وتوتّر دائم وعصبيّة فهو يتحرّك في دائرة ضيّقة تنظّمها الإدارة حسب مصلحتها هي ويستولي عليها الظّلم والجهل والإستعباد..
الطّيور هي الّتي تجعله يركض على أرض الفرح، ويغنّي حين يراها مغتبطا بالشّمس والحريّة، فبالإضافة إلى الإنطوائيّة الّتي يصبح يعيش فيها يولد في داخله طفل جميل إسمه الحزن يعشّش فوق جفونه كطائر النّورس ويصبح يشعر أنّ إرتباطه بالأحزان سينتهي في سقف مغارة
هذه المغارة تشبه المغارة الّتي تشكّل فيها وأعطته شكله ولونه وطبعه الأوّل، ثمّ حفرت فيه تجارب الحياة الّشيئ الّذي جعله يختار شكله الثّاني بكلّ حبّ وحريّة... في الحريّة والمحبّة
يصبح هذا الإنسان يختزن كلّ طفولة العالم وطيبتها ويصبح يقرأ في الطّبيعة بانبهار ويشعر أنّه ينتمي تلقائيّا للعصافير فهو والعصفور يعيشان في رحم واحد ويتحرّكان في رحم واحد ويعبّران بأسلوب واحد، إنّه القانون الطّبيعي الّذي جعل النّاس مختلفين في الأهواء والأحلام والآمال والكلام..
فإلى جانب اللّغة المتعجرفة المتعالية، الأكادميّة والبيروقراطيّة الّتي لا تسمح برفع الكلفة هناك لغة العصافير نشيطة ومتحرّكة ، فلا الأولي تتنازل على الكبرياء والغرور ولا الأخري تطرق باب الأولى أو تدخل في حوار معها،
الحياة غربة لهؤلاء الّذين يغنّون لغة العصافير ومتافخرة بالنّسبة لهؤلاء الّذين يعيشون سجناء في التّاريخ ويعبدون السّلطة والتّسلّط، فلغتهم لا تقابل النّاس إلاّ بربطة العنق السّوداء، أمّا هؤلاء اللّذين يعيشون الغربة الحقيقيّة فهم يتصادقون مع الأطفال والتّلاميذ والعمّال والفلاّحين يبكون معهم ويفرحون معهم ويكسّرون زجاج الشّرعيّة والمحرّمات معهم
.

vendredi 6 mars 2009

االإنسان في رحلة الضّياع والعذاب

أكلّ الرّصاص صديقي لأجل قتل الحبّ، هذا الحبّ الّذي نقش لك أحزان السّماوات، هذا الحبّ الدّي جعلك تستمتع بالماء والضّوء والخضرة والأشجار والعصافير، هذا الحبّ الّذي رماك للدّموع والآلام لأنّك مشيت كالخروف خلف الأعداء يسحقك الغبار والظّلام..
من هو الوحش الآكل الّذي تهت وراءه؟
هل ربّك بعثك ليأكلك الغول؟ أم بعثك لتكون رفيق المسيح؟

كيف غيّرت الشّهادة؟ كيف سجّلت موتك ضذّ مجهول؟ كيف تنكّرت للشّرف وكيف ضيّعت العفاف؟
من الّذي رماك كالقدح المكسور؟ من الّذي رماك والدّمع في عينيك بحور؟ من الّذي جعلك تتقيّأ الأحزان
إفتح كتاب التّاريخ وأبحث عن المال الّذي جلّ جلاله يحيّر الأبصار، وكيف أعطانا القمح والثّمار وجعل العميان يبصرون والأموات ينهضون..
وكيف هو يدخل الجنّة ويغفر الذّنوب..
ترفضكم السّماء يا من صنعتم بأياديكم دجّال وعبدتموه، لقد جاء الدّجال وصنع الجنّة ومشي فيكم غريب الوجه يحتضن الأطفال ويكرّم الأرحام وتناثرتم تحت أقدامه كالورق اليابس، جعلكم تثمّنون الماء والضوء، تثمّنون الحبّ فيما بينكم وتدفعون الثّمن غالي..
حرقكم في لهيب المجد والبطولة..
أيّها الغارق في رحلة السّراب ، أنت كذبت وإبليس صدق..
إنت إنهزمت وإبليس إنتصر..
الحبّ يبكي في عيوننا ماءا وضوءا لأنّه هو يمشي في إتّجاه ونحن نمشي في إتّجاه معاكس.
أخرجكم المال عن الخطوط المستقيمة جعل الوجوه دميمة

كان لكم العهر، كان الدّعارة ، كان الكذب، كان الخيانة، كان المسدّس، كان الجريمة
يا من صلبتم من أمركم أن تعملوا لأجل حرّيتكم وعبدتم من أمر أن تعملوا لأجل عبوديتكم وظلالكم
يا من صلبتم من أمركم أن تعملوا لأجل النّهار وعبدتم من أمر أن تعملوا لأجل اللّيل
يا من صلبتم من أمركم أن تعملوا لأجل الحياة وعبدتم من أمر أن تعملوا لأجل الموت
خان التّلميذ المعلّم الجبّار وظنّ أنّه صلبه وإنتصر عليه لكنّ التّلميذ هو الّذي صلب يبكي والمعلّم رفع إلى السّماوات
ذبحنا بعضنا البعض وعبدنا المال ويوم الميلاد كانت القدس بلا عنبر بلا ريحان، كانت النّيران تأكلنا جميعا وكان أبانا يكشف غدرنا ، ذبحنا يوم الميلاد بسيف أسانا، فتلك الأرض جمّعت ملاحم العشق وقد صدّقنا أنّ العشق مات
العشق لم يمت، فهو يصحوا كلّ يوم مع طلوع الفجر يسقي الأزهار من كلمات الحبّ الصّاعدة من البنادق والقنابل والرّصاص..
العشق لم يمت وإنّما يوم نرجع إلى المغاور سوف يأتينا ويسلّم علينا ، عنده خطاب لنا كلّه أشجان وأحزان من أرض مشغولة بالإنسان وحبّ الأطفال، مشغولة بتفتّح الأزهار وحريّة الأطيار مشغولة بالمشاعر والحقوق والآمال..
أللّه ما أروعها رسالة أن تفتح أسرار القلب وأسرار الحبّ في مغارة صغيرة تحت الحجارة..
أبانا أسكرنا المال وما سكرنا كما بالعشق نسكر، رائحتنا أمامك مسك وعنبر، سألنا العصافير عن الحريّة، سألنا الشجر عن العدالة، سألنا الزّهور عن سرّ الرّوائح فأجابتنا الدّموع بحريق العبارة.. غير معقول أن ينفصل الإنسان عن الأشياء الّتي يحبّها ويعشقها. أبانا نشكوا لك مواجعنا فقد كنّا بالمال لا نعطي ولا نثمر وأنت بالماء والنّار تعطي وتثمر، أبانا المال هو المسيخ الدجّال الّذي له قدرة عظيمة في مسخنا حيوانات وحشرات حين حوّل طريقنا نحو الشّر وعبث بإنسانيتنا وحبّنا وفكرنا وتطلّعاتنا وآمالنا.. أبانا الأسي كان خمرتنا ونحن خيول هدّها العياء.
أبانا المال أتلف الأصدقاء والأحباب وخلق في النّفوس العداء وأتلف الحلم وجعل عواطفنا كالعواصف الهوجاء وبتنا لا طموح لنا ولا أهواء، أيّامنا دخان في الضّياع والإرتخاء ، همّنا العلف والماء أمّا الفكر والحبّ والحقّ والحريّات لقد سوّيناهم مع الحذاء، نحن جميعا تشوّهنا بالمال بلا إستثناء نحن أموات ولسنا أحياء تدور بنا الدّنيا إلى الوراء تائهين كأنّنا نعيش الإغماء والعماء..

منحونا الأقوياء كالخرفان أو كالفئران للموت عذّبونا فأضاءت وجوهنا سوداء، سقونا أحلاما مزوّرة وأطعمونا سخيف القول وقالوا لنا إنّ المال والرّصاص جاءت بهما كتب السّماء، وما رأينا السّماء تمطر بهذا الهراء.
أبانا هل أنت كما يقولون لنا.. تمنع الأحلام أن تحلم وتجعل الحبّ علينا حرام وتقطع رأس من يتلقّي من ربّه الإلهام؟
هل أنت من أمر الحكّام أن يلبسوا الغرور ويجرّدوننا من كلّ شيئ بالسّوط والإنتقام والتّسلّط والرّصاص؟
هل أنت من أمر الرّؤوس الكبيرة أن يشغّلوننا كالعبيد عندهم وحين يستهلكوننا يرمون لنا العظام..
أبانا نحن مذبوحين لنا شوق إليك وحنين، لنا شوق أن تعلم أنّنا نكبر في اليوم سنين، لقد تحمّلنا نفينا وشربنا دمعنا وبحثنا في الأرض عن العشق فلم نجد فرجعنا خائبين ، بحثنا عن الوفاء والصّدق لكنّنا ما وجدنا فصحنا كالمجانين، إبانا كلّ ما نطلب هو الحبّ والحريّة والكلمة الجميلة والوجه الجميل..
أبانا أنت تعطينا الخصب وتعطينا الفصول ولم تكن يوما في حبّنا بخيل..
أبانا الأرض نعجة وذئب يتقاتلون على قطعة حلوي ملطّخة بالبنزين صلاتها سراب ومعلّمها وقائدها دجّال وكذّاب
أبانا أنت معلّمنا الّذي يعرف عذابنا ومآسينا فنحن نمشي تحت الشّمس وسط الحريق وننتظر الرّصاصة الّتي تخلّصنا من العذاب والفقر والجهل والأمراض والإكتئاب..
أبانا حبّك سفر إلى الآخرين وموت لإجل الآخرين وحبّنا سفر إلى النّفس وقتل الآخرين لأجل النّفس
طموحك ضدّ طموحنا لذلك نحن كالدّراويش الخائبون، كالحمير جلودنا قدّمناها للحكّام صنعوا منها الطّبول والبنادير
أبانا كم أنت غنيّ وكم هذا الإنسان فقير ومع هذا نحن نتكلّم وأنت صامت، ونحن نغنّي وأنت حزين
غير ممكن في منطق الحبّ أن تمشي الخيول باتّجاه والعربة بإتّجاه آخر، لاقدرة للحبّ أن يرتبط بإنسان لا ينعجن فيه
وفي مناخه الطّبيعي بمائه وضوئه وبرده وحرّه وحزنه وفرحه وزواحفه وأطياره وموته وحياته
أبانا الحبّ الحقيقي هو الّذي ينزل إلى الشّارع ولا يتخفّي في القصور، ينزل ليتصادق مع الأطفال والتّلاميذ والعمّال والفلاّحين ، والفنّانين، ويجلس مع النّاس في المقاهي ويرفع الكلفة بينه وبين الشّعب يضحك معهم ويبكي معهم
لكنّ حكّامنا يلبسون ربطة العنق ويأمرون النّاس أن يتصرّفون في إطار الشّرعيّة الّتي لا يجوز الإعتراض عليها أو مناقشتها والواقع أنّ إرتباطنا بهم إرتباطا ينتهي بفكّ ربطة العنق الّتي لا تحلّ إلاّ على أرض من التّراب السّاخن...
أبانا كن في عونهم وإجعل ذاكرتهم لا تنسي شيئا ولا تهمل شيئا
الأوطان جعلوها تسبح في العطش والشّعوب تتصوّر الحياة بشهيّة الموت والألم، وما عرف الحبّ طريقه إلينا، الشّمس تنتظر تساقط الدّمع العذب المرير لقد جفّت العيون وما جفّت السّماء عن العطاء، تركض قطع السّحاب للإرتواء والإمتلاء تحت الضّياء، أبانا الخوف بات يتفاقم ويزداد وبراعم الزّهور ذبلت ووجوه المخلوقات كبرت ويبست وعبست، أين يتربّع عدل الضّياء، المسؤول له مع الحبّ مساكسة رهيبة سكن إلى الظّلام فوجدنا أنفسنا معه في وحشة الضّياع
الوطن في أزمة بل العالم في أزمة، والأزمة تعني ضياع فعل الخير من قلوب النّاس، القلب الّذي لا يفهم العطاء يضيع ولا يجد قطرة عطف ، فالشّمس تضيئ لتجمع زادا يكون للرّحلة الطّويلة الخفيّة المصير..
العيب في الإنسان أنّه جعل المال يشوّه صورته والتّهمة أنّه إغتال لنفسه حرارة الحياة فالقصر دماء العمّال وزفراتهم وأحزانهم وتجاعيد وجوههم لكن لكلّ شروق غروب ولا بدّ لكلّ نفس أن تغمد في مصيرها المحتوم
الشّمس هي الّتي أعطت للإنسان الكلمة بكلّ ذكاء وأوّل ما علّمته البكاء، فهل يفهم النّاس معاني الكلام ومعاني البكاء؟
لا أحد يقدر أن يختار لنفسه مقعدا مريحا، فالأرض مسجّلة بإسم هذا الحبّ وهو الّذي يجلس فوق الكلّ إلى يوم الدّين
وممنوع على أيّ إنسان أن يهرب منه، فهو حارسنا وراعينا ومعلّمنا جميعا ولا يقدر أيّ أحد أن يسمّر أياديه على الخشب كما المسيح ..فهو روح غير متجسّد والإنسان هو الّذّي يجسّده كما يريد بالصّدق والعشق والأحلام.
......

mercredi 4 mars 2009

الحبّ متعة آي " الحبّ ألم آي"

لا شيئ قبل الحبّ ولا شيئ بعده هو البداية والنّهاية ، لاشيئ قبل الكلمة ولا شيئ بعدها هي الأليف والياء منها تعلّمنا أصول الكتابة وعلم الكلام منها العطور وكلّ النّبيذ، كلّ الحظارات شربت من ينابيع الحبّ والكلمة
يبدع هذا الحبّ وهذه الكلمة في رسم الأشياء..

هو يمشي على قدمين من نار وماء هو الأمام وهو الوراء، هو المرض وهو الشّفاء، كلّ الأمراض النّفسيّة والعضويّة منه ولولاه لما كان شعر ولا كان نثر ولا كانت موسيقي ولا كانت حقول ولا كانت عصافير تطير ولا كان شيئ يسمّي التّعب، هو الدّوار والإنفجار فكيف العثور عليه ؟
أنا أتابع الحبّ بإنبهار وقلقي بغير نهاية.. ملك قدّوس هذا الحبّ بالعين لا يري خنجر في داخلنا يخرج من أنوثة النّار وذكورة الماء..
فلولا الماء لما كانت حياة ولولا النّار لما كانت حياة، هذا الحبّ مسكون بالأسرار هو الملك القدّوس الّذي يكتب في دفاترنا فالحبّ الصّادق بستانا من الورد والحبّ الكاذب أحزان وغمام...
الأوّل لذّة والثّاني ألم، من بيده العصمة في الحبّ النّار أو الماء؟

النّار هي الّتي تأمر وتنهي وتقول كن فيكون فهي الرّوح ، هي الّتي تعلّم أسرار الحبّ فهيّ تحوّل اللّيل إلى نهار والزّهرة إلى ثمرة والدّودة إلى فراشة، هي الّتي تغيّر المسار الجنسي، هي الّتي تعطيك ميداليّة ذهبيّة وهي الّتي تسبّب الأمراض القلبيّة، الرّوح هي الكلمة والكلمة تغيّر العالم فالكلمة منها الألم والسّعادة الّتي لا ندري إلى ماذا سوف تحوّلنا، فكلّ واحد يخاف من جروح المعركة في الحبّ مع الكلمة.
نحن في محطّة تحترق بنا والحبّ أكثرنا حزنا لذلك يجلس ساكتا، فالكلام هو العملة الصّعبة الّذي يجري ويسجّل طبائعنا يوم بيوم..
هذا الحبّ هو سائق القطار يبحث عن محطّة للحريّة وعن أرض للحبّ والعدل يتّجه لها
فالرّعد صفّارته المرعبة والسّحب دخان سجائره..

يمرّ الحبّ بحالة جنون وفوضي وضياع فكيف نطلب منه أن يكون جميلا وسط القبح وصادقا وسط الكذّابين ومؤمنا وسط الكافرين...
هل يكون الحبّ ذاك الّذي مات على الصّليب ليخلّص البشريّة جمعاء؟ لا أعتقد لأنّ الموت على صدر الحبيبة أجمل من الموت على الصّليب فهو أكثر دفئ وأكثر إطمئنان، فذاك الرّجل رمز الكلمة، الّّذي مات ليعطينا الحياة بالكلمة فالكلمة هي المخلّص، الحبّ موقف أخلاقي من الآخر فلا المرأة تقدر على العيش بفردها ولا الرّجل يقدر فهما الإثنين يكمّلان بعضهما كما يفعل الماء والضّوء في الحياة.
النّاس لا يعترفون بكلّ هذه الإحباطات والأمراض والمعوقات الّذي سبّبها الحبّ بسبب نظرة أحادية الجانب، فالحبّ ليس واحد وإنّما إثنان في واحد، نار وماء أنثي وذكر.. الذّكر صلب على الشّجر لأنّه قال أنا الرّب فدفع الإبن تلك الخطيئة على الصّليب. الصّليب هو ثمن نكران الأنثي في المحبّة أي نكران الأمّ والإيمان بالأب فقط.

مواجعنا واضحة وأحزاننا واضحة وتخلّفنا واضح، فلا يمكننا أن ننتظر الحبّ أن يأتي إلينا بل علينا نحن الذّهاب إليه
فهو يجمع كلّ الثنائيات .. الأسود والأبيض، اللّيل والنّهار،، الموت والحياة وعلينا نحن أن نحلّ هذا التّناقض، فالحبّ هو التّحوّل والتّغيير، الرّجال لهم حساسيّة ضدّ الحبّ لأنّ الحبّ ضدّ الّذين يعلّبون النّساء فالأنثي برق والبرق لا يعلّب ولكي يخرج الإنسان سالما من رحلته عليه أن يتعوّد قول الحقيقة، فالحبّ الّذي يبقي يعاني الرّذائل يشعر أنّه كئيب وضائع، فيوم علّب الرّجل المرأة وجعل الحبّ وسط الجدران والأبواب المقفلة إنفجر وإنطفأ وبقي هذا الحبّ في الظّلمة، أي أنّه هرب من الحريّة إلى السّجن والظّلمات وفي هذا السّجن سكن شهريار وجعل سريره مذبح للجميلات وهو في الحقيقة يفتّش عن المرأة الّتي تجعله ينام بسلام مثل الطّفل الصّغير فهي الوحيدة الّتي إستطاعت أن تفهم أنّ شهريار هو طفل في حاجة للحنان وعليها أن تفتح له قلبها وتقطف له منه قصص عديدية لكي يركض في هذا القلب بحريّة أي تبعده عن عالم السّرير الّذي كرهه وملّ منه، شهريار طفل يشتري الدّمي ليكسّرها، فالرّجل في حاجة لإمرأة واحدة تفهمه ويفهمها.
متي يتكسّر الحبّ بين الرّجل والمرأة؟
يتكسّر متي أصبح الكلام مفخّخ لا يقبله الإحساس
الكلمة الجميلة الصّادقة تثري العلاقة بين الرّجل والمرأة..
فالقلب مصفاة ولا يقبل أيّ كلام، لذلك كلّ الّذين يزنون بالكلمة فاشلون وكلّ الّذين يطلبون بها الرّزق تعساء.
فالإنسان الشّريف هو الّذي لا يزني بالكلمة ولا يبيعها لكي يأكل، يجوع ولا يأكل من ثدي كلمته ، فالكلمة هي شرف الإنسان ..ذكر كان أو أنثي..
جوهر الحبّ من جوهر الماء والضّوء لكنّ المشكل كيف تكون النّار أكثر إضاءة وكيف يكون الماء أكثر صفاء
يكون الحبّ أكثر إضاءة حين يركض في الطّبيعة ولا يخضع إلاّ للإحساس والشّعور فما إن خضع للمادّة يموت
ففي عالم السّجن والمؤسّسات يعيش هذا الحبّ الجحيم بعينه. وتكثر الصّراعات والمشاكل بين الطّرفين
علاقة الرّجل بالمرأة كعلاقة الرّمشين ما إن يمتلك الرّمش الرّمش الآخر إلاّ ويأتي الظّلام والموت
فالحبّ لحظة شاعريّة من فكّر أن يمتلكها يموت. خرج الرّجل والمرأة من عالم الحريّة إلى عالم الملكيّة والعبوديّة
من عالم الحبّ الواحد الّذي لا شريك له إلى عالم التعدّد والخيانات والأكاذيب، فكانت تجارب مرّة ومثمرة في نفس الوقت حيث الإنسان من بين كلّ تلك العلاقات عليه أن يختار حبّ واحد يموت لأجله ويتوحّد معه، وإلاّ يموت في الضّياع وحيدا عليه أن يختار الأرض الصّالحة الّتي تناسب طبعه وتطلّعاته.
فالماء وحده ينشف والنّار وحدها تنفجر هما الإثنين يصنعان الحياة ..
نادرا ما ينزل المطر وتشرق الشّمس في نفس الوقت فذاك اليوم كأنّه عرس ولقاء جميل يولد فيه قوس قزح وتزهر الألوان
في ذاك اليوم كأنّ القمر يبكي فرحا والشّمس تضحك فرحا كأنّه لقاء بعد طول فراق وصبر كأنّه تصالح الحياة مع الموت
وزواج الأبيض والأسود، واللّيل والنّهار، والحياة والموت لأجل ولادة طفل سعيد
فولادة قوس قزح كأنّها ولادة بعد صبر طويل وعقم طويل
أجمل ما في الدّنيا رجل وإمرأة يفهمان معاني الحبّ والحريّة
ما لون الحبّ لونه أبيض لذلك نكفّن موتانا بالأبيض..
فإلى أيّ حدّ قلوبنا بيضاء مع الحبّ ومع الآخرين؟ وإلى أيّ حدّ نعتبر الرّجل والمرأة نفس واحد
قوس قزح يفهم كلّ ألوان البشر ويعطّر روائح كلّ البشر، قوس قزح هو من سيستقبلنا في باب الحديقة ليسلّمنا إمضاء حسب نوع العطر الّذي حملناه معنا لكي تلبس الرّوح ثوب جديد..
الحبّ بالأبيض سماء وبالأسود أرض.. الأبيض عطاء بلا حدود والأسود أخذ بلا حدود, الأبيض حريّة وحياة أبديّة والأسود عبوديّة وظلال.
نحن نعيش الحبّ بالأبيض والأسود لذلك يبكي علينا باللّون الرّمادي
ماذا قبل الحبّ؟ وماذا بعد الحبّ؟ ماذا قبل الماء والضّوء؟ وماذا بعد الماء والضّوء؟ الهوي والتّراب
ما معني التّراب؟ وما معني الهوي؟
ما معني ملكيّة ؟ وما معني حريّة؟
ما معني يمين ؟ وما معني يسار؟
ما معني العقل ؟ وما معني القلب ؟
. ....

العلم نار .. العلم نور

تشتعل الأصابع والفكر واللّغات، وكلّ غمام يرحل شرقا وغربا ويعدّ لنا المفاجآت، غمام يشجّع على البحث فيما وراء المعاني وغمام يزلزل الكيان، غمام يقول الحياة ثمار وغمام يقول الحياة دمار، قمر يطلع في اللّيل وشمس تطلع في النّهار، لا بدّ لنا أن نختار قبل رحيل القطار وقبل سقوط السّتار.
واحد يعدّ للعصافير ويزرع قمحا وزهرا وحليبا وواحد يعدّ لإحتراقنا الأخير.
هو الحرب .. ماذا نقول؟
شروق النّهار قرار تحرّر واللّيل قرار إنتحار.. كيف يمكننا أن نطير؟
فاللّيل نغفوا به إذا ما إعترانا التّعب ولولاه لما كان شيئا يسمّي نار الحنين يوزّع خبز الثّقافة للحالمين، طريق إلى اللّه يضيئ السّماء ويعطي دروس المحبّة للعاشقين، يغسلنا وينقلنا من حدود المكان فهل هو على عواطفنا المجنونة مسؤول
إذا رمينا بأنفسنا من المجهول إلى المجهول؟
كلّ إنسان يعلم أنّه مقتول وكلّ واحد يعلم أنّه على قوله وفعله مسؤول ، فإذا خالفنا آداب السّلوك فكلّنا نعلم أنّنا جئنا من العراء إلى العراء، وإن نسينا ذلك فتلك من علامات الغباء، لنعترف أنّنا أنانيون حتّي العياء..
هل الإنسان وجها تلتقي فيه الأرض بالسّماء؟
وهل ممكن أن يكون قد قذفته الرّياح كما تشاء بغير طموح وبغير رجاء؟
اللّه يخشي من عباده العلماء لأنّهم يقتلون في الإنسان الطّموح ويصنعون له الرّعب و الأحزان والبكاء.
الموت مقرّر وحقّ على المخلوقات جميعا، لكنّ الموت الّذي يقرّره الإنسان على الإنسان موت مرّ وغير عادل يتحمّل فيه الإنسان مسؤوليته..
فالموت الطّبيعي له فضل السّحاب علينا وعلينا أن نقبل به لأنّه مقرّر وحقّ علينا أمّا الموت المسلّح فله فضل البحر وله مزاج البحر حين يجوع السّمك الكبير عليه أن يأكل، ليس مع البحر شهامة وليس مع الغدر إطمئنان،
الموت الطّبيعي يخاف منه الأقوياء، أمّا الموت المسلّح يخاف منه البسطاء
الفجر يشعل وهمنا بكلّ إحترام يغطّي بالرّيش حين تكون الحياة بغير غطاء، يرمي الأساور ، يرمي الصّور، يرمي الرّسائل..
الفجر يمطرنا خمرا وماء.
واللّيل حزنا أبيض يعلّمنا كيف تكون الحياة بغير رياء يجعلنا نمتطي عربة الوقت ويعلّمنا كيف نستعيد الأشياء
صعب أن نتصوّر إنسان بلا ذاكرة ولا يحمل آثار تملأ أبعاده
وصعب أن يرتقي الإنسان إلى درجة عليا بدون نصّ جيّد يقدّمه يوم الإمتحان
وصعب أن يكون ربيع بدون مجموعة نصوص جيّدة..
بإمضاء أناس جيّدين ومبدعين، الرّبيع لغته عطر الورد وهذا العطر تحتفظ به الذّاكرة فالحزن والدّموع والعمل الشّاق يتخرّج منهم العشّاق..
كما فصل الشّتاء يتخرّج منه الرّبيع، الحزن والدّموع يثريان ثقافة الحبّ..
فحين يقول رجل لحبيبته " أحبّك" فعليه أن يفهم أنّ الحبّ ديانة وتوحّد وضرورة حياتيّة وليس شيئ آخر لكي لا نظلّ نقاتل بعضنا ونكسّر بعضنا ونغالط بعضنا في الحبّ، الجسد معمار مدروس نقطة نقطة كما الزّهور.. ولكلّ جسد رائحة أو روح خاصّة لا يمكن تزويرها أو نكرانها كلّ واحد على رائحته مسؤول.
رائحة طيّبة هي كلمة طيّبة يعني إنسان طيّب، رائحة نتنة يعني كلمة موجعة وإنسان ظالم ومستبدّ ولا يمكننا الآن أن نشتمّ روائحنا إلاّ بعد الموت..
يذبل الورد ويموت ويبقي الشّذي
أخيرا نسأل اللّه أن يديم علينا نعمة الخوف من الموت كي يعرف قوس قزح أنواع البشر ويختار لنا عنوان
يا من حكمتم علينا بالنّار وعبثتم بحقّ وحريّة الإنسان لقد خسرنا الدّنيا وخسرنا حريّتنا وحقّنا في الحياة ولا أحد منحنا الأمان، جرّبوا أن تغسلوا قلوبكم وأفكاركم، جرّبوا كيفيّة الخروج من السّرداب، جرّبوا تتجوّلون وحدكم ولا تحرسكم الكلاب توجعنا أخبار الصّباح يخيفنا عواء الذّئاب يزعجنا النّباح، إطلقوا النّار على الحلم، على الحبّ، على البحر، على الشّمس، على الزّرع، على الأطفال، على الشّباب فلن تفقدونا الأمل للوصول إلى الحقّ والحبّ والحريّة الّذّين عند السّماء، الأرض لكم والملك لكم والخبز لكم من القمح المغموس بالدّموع والآلام والفقر.....

mardi 3 mars 2009

الإنسان إبن الحبّ أم إبن الوهم؟

الإنسان يأتي لهذه الدّنيا كما الحلم وبريق الدّموع عليه، يأتي ليجاهد في النّوم وفي الصّحو.
هذا فلان وذاك فلان.
هذا مجاهد وذاك يبكي عليه الجهاد.
ذاك يزهر ويضيئ به المدي وذاك يموت به العدل والحبّ والجمال والحريّة
ذاك في أزهارنا مرسوم، موجود فينا في الكلمات كالضّياء نهدي له السّلام، يهدينا الفرح ويأخذنا إلى عالم الدّهشة والأنوار ويطلّ علينا كالنّجمة من البحر، يستمع إلينا ونطير معه إلى كلّ الآفاق ونحبّه على مستوي الإستشهاد لأنّه يقدّم نفسه فداء لأجلنا وهو مربوط بالفرح العام يفتح أمامنا آفاق الحبّ والحريّة وينسينا العصبيّة والشّرود ويملأنا ثقة بالنّفس ويعاملنا بنقاء ومودّة ووضوح، ويعلّمنا تقاليد السموّ الإنساني فكريّا وشعوريّا.
وذاك في الظّلم يزهر تضيق النّفوس به تكحّله المآسي ويشرب دمعه المالح إذ يتذكّر ما فعل..
ليس له عذر، ينزف دائما فقد كان يعيش على الحقد ويثأر، يذبح النّاس فوق فراشهم بلا إستثناء، قلبه وفكره وأقواله جوفاء، يقول وكلّ ما يقوله هراء، يعزف الخوف والرّعب منه إن طالبوا بالحياة والعيش الكريم هؤلاء الفقراء.
لا شيئ يجيرنا منه فتحت السّياط إن غضب يقتلنا سواء.
حين يخطب في النّاس يقول أنا الحبّ كلّه والوفاء.. المسدّس يشعّ منه الخوف، والعين تشعّ منها النّار ما عساني أكون بدون سلاح أنا أحكم وحدي وقد مات كلّ الأنبياء، إعذروني أيّها الأصدقاء إن قتلتكم فمن الكيّ يأتيكم الشّفاء، أنا بدويّ الطّباع ولا أحبّ العيش بظلّ الهزيمة، بالقوّة أحبّ أن أقول للنّصر كن فيكون، لست أنا القاسي بل أنتم قاسيون..

أطعمتنا الخوف سيّدي ومنك ترتعش الأقلام، أنت حلم لا يفسّر، الورق منك صار أصفر كيف مسّحت على جبيننا التّعب..كيف جعلتنا نحبّك وحدك والدّمعة بالعين تنزلق خوفا من أبوابك الحديديّة؟ يا إلاهي إغتالنا اليأس منك ولبسنا الأحزان والخوف سوارا، لا خيار لنا فلغة الحرب كلّها أفيون ، السّلاح هو الحاكم والحكيم، كم تغنّينا بذاك السّلاح وبما فعل السّلاح فينا قرون وقرون، أرأيت كيف قلنا فيه الأشعار ونثرنا عليه عقود القرنفل والياسمين، فرجال الحرب تصاوير من الحجر والصّخور، كم نحبّهم وكم نحبّ الوصول إليهم، وكم نفكّر فيهم وكم نبعث لهم مكاتيب الغرام مع كلّ حمام وكلّ غمام، نحبّهم لأنّهم جعلوا النّاس تحت الغبار وتحت الدّمار وتحت الخراب وتحت الرّماد.
الحرب جميلة شريطة أن تغيّر إلى الأجمل نفوس العباد، الحرب قتل الظّلم في نفوسنا وليست قتل الآخر والرّكوب عليه كالحمارأو البعير.
إنّ أقسي الأشياء على النّفس ظلما أن يتولّي الحكم ذئب على الخرفان ، يأكلهم بالأسنان ويجعلهم يعيشون الجنون والهذيان..
حين نحبّ نرقص في الهواء مبتهجين، ونمشي في الشّوارع مبتهجين، ونشعر بالرّبيع يهلّ علينا. وتتحرّر الأقلام والآراء ونشعر بالحياة والطّمئنينة ويصبح الماء ينفجر من الرّمال ونكون أكثر خصبا وأكثر عشبا وأكثر عطاء وأكثر بهجة.
وحين لا يوجد هذا الحبّ تحملنا البلاد وجوها مطعونة كالخراف الخائفة من الذّئب فما حيلتنا إن كان المسدّس جميل وحظّنا قليل..
أميرنا الجميل ليس لنا الحقّ أن نسألك الرحيل، على مدي الحياة أنت الحاكم والأمير إيّاك نعبد فأنت ملك يوم الدّين، أنت إنسان ونحن حمير فنحن نؤيّدك لأنّنا خائفين أو طامعين فأنت تعرف معاني السّماء حين يغطّيها االرّصاص ومعاني دموع الأطفال حين تسيل....على أيّ حال أيّ خدش سوف يزول ومحال أن يبقي الحال على الحال سنبقي نؤمن بإنقلاب الفصول وتغيير الأحوال وجراحنا ليس لها دواء سوي التّدخين والكحول..
نحن خراف نتعاطي العلف والماء بلا مشاعر بلا تفكير وكلّنا للموت وليس لنا جميعا على الموت بديل...
.

lundi 2 mars 2009

رؤية حول الفنّ

كلّما فكّرت في الفنّ أجده يحيي عظام الميّتين، الفنّان بالموسيقي يغسل القلوب الحجريّة، يعيش في فرح الشّعب وحزن الشّعب، موجود في عرق العمّال وفي قلوب العاشقين، يسلّمون كلّهم عليه، يقبّلون كلّهم يديه، فنّه من صوت كلّ موجة وصوت كلّ طائر، من تفتّح الأزهار ومن الأشجار والغيوم، فنّه في صدر كلّ مؤمن وكلّ ثائر، في الصّحو والأنواء الفنّان يعطي ويثمر ، في النّصر والهزيمة يزرع ويبذر..
له لغة حرّة يتعامل معها تسكره وتبعث فيه نشوة وحين يغنّيها تأخذه بها هزّة عنفوان مبحرا نحو فضاءات أخري...
الفنّان إنسان حرّ لا يحبّ السّلطة ولا يحبّ من يتسلّط عليه، لا يحبّ أن يستعبد النّاس ولا يحبّ من يستعبده
كلّ الأشواك يحوّلها ريحان، وكلّ الأتعاب يحوّلها راحة، وكلّ الجراح يحوّلها أفراح، الفنّان إنسان يخترع الأحلام والقصيدة تطلع منه كمطلع الفجر، كمطلع الورد وتجعل النّاس في رحلة من أبدع الرّحلات، حين يغنّي يطرب النّفوس ويشفيها وكأنّه ربّ قد إجتمع بالنّاس في جمهوريّة الإحساس، كأنّه يودّ أن يمسح علي النّاس الحزن ويحيي شعبا من الأطيار والأزهار، كلّ يوم يصنع الفنّان أملا جديدا، كلّ يوم يخترع قصيدة حبّ يحاول أن يحيي بها عصافير وحقول ، كلّ يوم يحاول أن يصنع أغنية تجعل النّاس ينامون في أحضان العشق والحنان.
الفنّان دائم البحث على نصّ جديد يحاول أن يبحث عن أشياء تخرج النّاس من تحت الأنقاظ والجليد، فهو يشعل الذّاكرة ويشعل المشاعر ويغضب ويصرخ ويتألّم ويضحّي من أجل أن يأتي الجمال والنّشيد.
.يبيع الفنّان الدّنيا من أجل موّال يفعل في النّاس كما يفعل الزّلزال، المواويل عنده تزرع كما تزرع الأشجار وتهاجر وترجع كما ترجع الأطيار فعندما نستمع لموّال ذاك الزّمن نقول آه كم كان رائعا، يعود لنا معه العشق والفرح والحبّ الجميل وأيّام الطّفولة والشّباب وتراقصنا الكلمات في رقّة التّعبير..

مع الفنّان تلغي حدود الزّمان والمكان فهو إنسان يعيش بين الحقيقة والخيال ويأخذ النّاس في منطق الحبّ إلى ألف إحتمال وإحتمال كي يكسّر الضّجر، فهو ينسحق في حبّ عظيم ومتي ضربه برق العشق تجده يمنح الخير الكثير والرّزق الكثير ويزداد لديه الرّخاء وتزداد ضياءا قناديل السّماء ويتضخّم إحساسه بالأشياء، ومتي ضربه الحزن والخيانة يشعر بشهوة طفوليّة في إرتكاب الخطايا وتظهر عليه وعلى فنّه علامات الحزن والأشجان والشّقاء ، كلّ هم الفنّان بهجة القلوب فهو يشتغل بفاكهة الفكر والعاطفة والأصوات يتعامل بهم ويختارهم كأعشاب الرّبيع ويسكن بهم في ذاكرة الشّعب وعطر الياسمين، ليس للفنّان حبّ كبير للمال ورصيده هو قلب حسّاس وضمير. الفنّان يري الدّنيا بقلبه يقرأها بالحبّ والعشق وكأنّ الّّذي صمّم أشكال هذه الدّنيا هو بالأساس فنّان مبدع عاشق للحياة وقادر أن يحوّل اللّيل إلى نهار وقادر أن يحوّل الحزن إلى فرح والموت إلى حياة. الفنّان لا يقدر أن يبدع إلاّ في دنيا الحبّ والحريّة. فمصلحته الأولي هي رضاء النّاس عليه، فهو يموت لأجل أغنية تمسّ أعماق النّاس ، فالأغنية الخالدة تتطلّب منه مجهود كبير ثلاثيّ الأبعاد فيلزمها الكلمة الجميلة واللّحن الجميل والصّوت الجميل..
يستبشر النّاس حين يلتقون بفنّان وإن سألت أحدهم قال لك سبحان اللّه كأنّه ملاك حين يغنّي يغيّر الأحوال ويجعلنا نستنشق الهواء الطّلق، نأتيه من كلّ صوب، نأتيه لكي يغسل غبارنا ويزرع لنا الورد والعصافير في حدائق الضّمير، فحين يغنّي ينبت في صوتنا كلاما جميلا كأنّه ينتحل مشاعرنا وحين ينشد لنا عذاباتنا في الحبّ والحريّة تأخذنا حالة من التّجلّي وتستيقظ العيون والمشاعر وكأنّنا أسراب من الطّيور مبحرة نحو مملكة العشق والعاشقين..
تتراقص الأضواء خلف نعش الفنّان فجسده سوف يغدو على ملك العشّاق قبره لا يزوره إلاّ العشّاق هو عصفور لم يمت وإنّما ذهب ليكتشف الآفاق ويعيش حقيقة الحبّ والحريّة والأشواق، فشكرا لك أيّها السّخيّ، شكرا لانّك أبعدت عنّا الخوف والرّعب وزرعت فينا الضّياء والجمال شكرا على مواسم الفرح، ماذا سنفعل في غيابك، غيابك لم يحدث ورحلتك لم تتمّ، أنت تسكن في القلب ولن نجعلك خارج خريطة عواطفنا.. رسالتك الصّادقة مسكا وعنبر تنتظرك لتنام كالعصفور بين يديك.
النّاس يحبّونك على مستوي النّار والجنون وحين تغادرهم يدخلون في نوبة بكاء وحمّي ويضربون عن الطّعام، وهناك من يستشهدون لأجلك فنحن ورائك نرفع لافتات الحبّ والحريّة ونعلّق على صورتك الزّهور ونطالب أن يحكم الفنّانين العظماء العالم ويكسّروا جدران الحرب والحزن والوحشيّة والعبوديّة.
الفنّان له أخلاق وعنفوان وحساسيّة ليست لدي كلّ البشر، فالكلمة عنده تفعل مثل الدّواء تشفي المرضي وتداوي المتعبين فهو مبعوث للنّاس كي يزرع في قلوبهم الرّبيع والأمل والجمال، الفنّان العظيم يقاس بمقدرته على إسعاد النّاس ومسح الغيم والحزن من قلوبهم وفرض الإشراق والبهاء، مع الفنّان العظيم يعيش الجمهور إنفعال رائع فهو يترك حرائق على القلوب ونجاحه حين يقف أمام النّاس متجرّدا من الثّياب المسرحيّة ويمارس الفنّ بكلّ ما فيه من براءة وحرارة وصدق، إنّها اللّحظات الصّادقة التّي يشعر فيها الجمهور بأنّ هذا الفنّان يعبّر عن المنطق الدّاخلى للنّفوس ويريد أن يفصل النّاس عن سلطة القمع والحسابات الصّارمة، فهو لا يخون أيّ أحد ولا يعتدي على أيّ أحد لكنّه يقول العشق ولا يختجل به ويجد الشّجاعة الكافية لإلقاء أعداء الحبّ والحريّة في النّار.
فالأغنية تفرح ناس وتبكي ناس وتسعد ناس وتؤلم ناس، وكلّ ما يطلبه الفنّان من الجمهور هو ترك الحبّ يجري حافيا في الأزقّة والشّوارع ويطير حرّا في الفضاء كي لا تحترق البلاد والعباد من شدّة الحزن.. فليس سهلا أن يقول الإنسان على نفسه أنّه فنّان، فالشّعب هو الّذي يختاره وينتخبه لأنّه فنّان لا يلبس الملابس التّنكريّة، فهو يمارس حريّته ليقول ما يشاء، ويتحرّك كما يشاء في الوقت الّذي يشاء وجائزته الكبري أن يكتب إسمه في ذاكرة الورد، وفوق الرّمال والبحر،

.