lundi 9 mars 2009

الإنسان بين الموت والحياة بين التّقليد والحريّة

نحن نعيش بين حبيبين كلّ واحد منهما له فضل كبير علينا،نحن في هذه الأرض تحت القمر والشّمس، تحت الموت والحياة يحاصرنا الحزن من كلّ مكان ونقرّر السّفر ولكن إلى أين نسافر ومن أجل من نسافر؟ كم سافرنا فوجدنا أنفسنا نخرج من دمعة لندخل في دمعة أخري، معنا القمر ونحن معه في رحلة زجاجيّة نشعر أنّنا غرباء وضائعون لا يفتح لنا القمر بابه ولا قلبه ويظلّ موتنا معه شيئ شرعي ومبرّر ويظلّ صراخنا طبيعي ومبرّر، فالصّراخ حتميّة الإنسان في إرادة التّغيير، إنّه الصّدام الأزلي مع الموت والحياة، شخصيّا أعيش في صفوف المحتجّين لا في صفوف الموالين للموت، فالغربة الّتي أعيش فيها والحزن اليومي هي هذا التّصادم بين ما أعيش فيه وما أحلم به فمطلوب منّي أن أعيش مشدودة الأعصاب فأيّ إسترخاء وأي رضاء بالواقع سيحوّلني حيوان أليف أو حيوان متوحّش
لي هواية في الكتابة بالأزرق فالأزرق يذكّرني بالبحر والبحر تاريخ الطّموح الأرضي.

شعرت باهميّة زرقة البحر وزرقة السّماء معا فزرقة البحر تكسّرني وزرقة السّماء تبنيني ففظل التّكسير عندي كما فضل البناء، فأنا أعشق الموج العالي وغضب البحر ، وأتحمّس للدّخان أكثر من الياسمين فبدون عذاب لا يمكن للحريّة أن تعطي ولا يمكن لمواعيد الحبّ أن تعطي أو تأخذ
عليّ أن أضع في بال السّماء نوعيّة الشّكل الّذي أطمح أن أكونه وعلي أن أعمل بمقتضي ما يفرضه عليّ ذاك الشّكل، كما يجب أن يردّ عليّ اللّه بأحلام مدهشة من حين لآخر، عليّ أن أؤكّد ذاتي الواحدة وأضمن الولادة الجديدة لنفسي أوّلا أمّا المخلوق الّذي يشبهني فيجب أن يكون من فصيلتي يبحث هو الآخر عن الأرقي والأجمل، فكلّ واحد سيجد فصيلته وسيجد النّاس الّذين لهم نفس الطّموح..
يطاردنا الموت لكي نثمر، وكلّ واحد يغنّي شعره، فالأرض هي المكان الّذي يسمح لنا اللّه فيها بالصّراخ والغضب والبكاء، فالإنسان لا يشعر بالرّاحة إلاّ إذا وجد فضاء يساعده على الصّراخ لذلك الفضاءات الحرّة هي أماكن للإستمتاع بالصّراخ..
اللّه في الأرض يتركنا نصرخ بحريّة، لكن هل صراخنا يعمّر أو يدمّر، هل صراخنا موجّه أو هو صراخ تلقائي، هناك على كلّ حال فرق بين ذاك وذاك .. كم أنا سعيدة بهذا الصّراخ ، فصوتي قدر لا يمكنني الهروب منه به تعرفني السّماء جيّدا وتعرف أنا أصرخ لأجل ماذا، فأنا أعلم أنّ صوتي هو القميص الّذي ألبسته لي السّماء لكي يخترق الفضاء دون تأشيرة دخول، فصوتي لا تقدر كلاب البوليس أن تمسك به ، صوتي هو وسيلة إتّصال بيني وبين السّماء..
ثورتي على الموت أسّست فيّ لغة جديدة فيها الطّموح والمغامرة وفيها حلم يقوم على هندسة جديدة أخري تقوم على تحرير النّفس والجسد المسكونين بالعقد والإنحرافات والخطايا ويطرأ تحوّل جديد وتحدث المعجزة ويعطيني حرف الحاء مفاتيح أفتح بهم أبواب الحبّ والحريّة والحنان والحياة ، حرف الحاء ، حمل جديد ، حرف الحاء، حياة جديدة ، حرف الحاء حصان أبيض أمتطيه وأركض به في البريّة ، فهو حرف من ضياء ويلبس الحبّ معطفه الطّويل الأسود ويستقبلني بكلّ محبّة فإليه فقط أسلّم الرّوح.. هذا الحبّ كان طفل جميل في بال السّماء تمتّعه بالأجنحة لكنّه كفر بالخالق وقال أنا الرّب وتاه في الأرض في رحلة شاقّة ومريرة كي يتربّي ويصبح أهل لهذه الأجنحة، لكنّه لا يزال يحبّ المال حبّا كبيرا لا بل أصبح يعبده عبادة فالأب أراد أن يجرّبه بهذا المال، وهل هو بالفعل يحبّ الخالق أم يحبّ المال.
السّماء خلقت الإنسان بالحبّ في أحسن تقويم وهو بالمال جعل نفسه أسفل السّافلين لذلك إستحقّ الموت والحساب
فالموت جسر نحو الأسفل أو نحو الأعلي وأدوات الإمتحان المال ومشتقّاته أي تأثيره على العقل والشّعور.
هل هذا معقول أن يثق الإنسان في الموت أكثر من البشر، ويستريح للموت أكثر من البشر ولا يخاف من الموت ويخاف من البشر؟
أريد أن أنقذ القمر، حدثت المعجزة وأجابني عن الأسئلة الّتي وجّهتها إليه
الموت يغيّر العالم وكلّ إنسان يغيّر بطريقته هذا العالم..
الموت حصاد وحرث وزرع وثمر، الموت غربال ومصفاة
الإنسان يحبّ التّغيير، دعاوي التّغيير لا تنتهي.. كيف يا قمر إلى ماذا نحن تغيّرنا ؟
الموت يحرّك فضول النّاس ليعرف طموحاتهم،
الموت يتابع تحوّلات الحبّ في الإنسان، الموت معلّم حساب يضرب ويجمع ويطرح ويقسم..

الموت خبير بقلوب النّاس، وكلّ إنسان يلبس اللّباس الّذي يرتاح فيه ويناسب الطّقس الّذي يعيش فيه، الملابس جزء من حاجيات الإنسان ولزام من مستلزمات وجوده..
خزانة التّاريخ مليئة بالأشكال والملابس والأزياء والألوان ولا يفرض على الإنسان أحد ماذا يلبس ولا أحد يتدخّل في إختيارات الإنسان في مشكلة اللّباس.. ولا يمكن لأيّ أحد أن يضع الموت في قفص الإتّهام،
فالإنسان هو الّذي إختار التّقليد كما يشاء، إنّها عمليّة إنتقائيّة أخذت منه العمر كلّه، مهمّة الموت فقط صياغة الذّوق الإنساني، فالكلمة لم تعطي للإنسان بالصّدفة فهي أيضا أخذت وقتا طويلا حتّي تكوّنت وأصبحت إنسان له العقل والشّعور وبها تتغيّر الأوراق ونكهة الثّمار و قابلة أن تكتسب أشكالا جديدة وإيقاع جديد وعادات جديدة وعلى الإنسان أن يصرخ في وجه أيّ شكل لا يحبّه ..
.. ماذا تكون حياة الإنسان يوم يكون جبانا عن مواجهة القدر بوجهه الأبيض والأسود
فالوقوف في الحياد موت، فغير ممكن أن نقف أمام جسد مريض لنعالجه بالتضرّعات، فالّذي يحبّ الشّفاء عليه أن يكوي حرائقه بنفسه ، فلا أعتقد أنّ اللّه سيعاقب مجروح على جراحه، فلا الإنسان يقدر أن يتخلّي على غريزة الكلام ولا الحاكم مستعدّ أن يجعل الإنسان يستمع لصوتا آخر غير صوته، فبحكم العادة الإنسان مقتنع أنّ اللّه كريم كالبحر ممطر كالسّحاب ومضيئ كالشمس والقمر وأيضا شديد العقاب..
اللّه يخيّر الأنسان بين حبّ المال وحبّ البنون، بين الملكيّة والحريّة، بين اللّيل وبين النّهار، بين الموت وبين الحياة،
فالعصفور هو كائن حرّ يملك كلّ شيئ ولا يملك شيئا..العصفور لا يحبّ من يمتلكه إلاّ الحبّ
فالمال يقدرالإنسان أن يصنعه ويجمّعه ويسيطر به على الآخرين ويقهرهم ويجعلهم عبيدا له
لكن هذا الإنسان لا يقدر أن يخلق الإنسان الحلم.. الإنسان خليقة السّماء
فكيف يقدرعلى قتله وتشريده وفرض الميز العنصري والطّبقي عليه؟
وكيف لا يعلم الخالق بنفس هو خالقها ومبدعها ومبرمجها بكلّ فنّ وكلّ دقّة
فلو ريشة هتفت بمبدعها لكان اللّه لشدوها العود، فمن مبدع الشّجر والعصافير والحيوانات؟ هل هو الإنسان؟
أم هو هذا الحبّ الكوني العظيم.؟، ..

Aucun commentaire: