lundi 9 mars 2009

الحبّ بين أسنان الرّاشي والمرتشي بين أسنان الحلال والحرام

لا يمكن ممارسة العبادة في ظلّ الخوف، هذا الحبّ حواره اليومي بالأسنان والأظافر، هذا الرّجل وهذه المرأة لا يمكن أن يتّفقا هما الإثنين في كهف الموت وحين يفاجئهما الضّوء يصرخان لأنّ النّور فضّاح ويكشف كلّ الأعوار، الرّجل يستمدّ السّلطة من اللّه القمر والمرأة تستمدّ السّلطة من اللّه الشّمس ، الرّجل يستمدّ السّلطة من الكلمة الرّعد والمرأة تستمدّ السّلطة من الكلمة البرق والعشق... الرّجل يستمدّ السّلطة من الماء والمرأة تستمدّ السّلطة من الضّوء وإن خان الإنسان قضيّة الحبّ وشرف الكلمة يسقطه الحبّ ويسلبه الحريّة ، الضّوء يكشف تفاهتنا ونفاقنا ويخيفنا لأنّنا لا نعرف معاني الحبّ الحقيقي ولا نعرف معاني الحريّة وعلينا أن نموت في الكهف كالكلاب، هذا الحبّ هو المياه الجوفيّة العكرة السّوداء في داخل كلّ إنسان، هو هذا الصّراخ في الظّلمة الّذي نطلقه جميعا في وجه الخوف كي يصير إطمئنان، في وجه اللّيل كي يصير ضياء في وجه السّجن كي يصير حريّة، في وجه الغدر كي يصير صدق، في وجه الموت كي يصير حياة، فالصّدق هو البوصلة الّتي توصل الإنسان إلى نوافير الماء الصّافي وبساتين الورد والعصافير، الحبّ هو هذا الإنقلاب على القناعات الثّابتة من أجل تغيير الحياة..
نحن نعيش على ثوابت أنّ الحلال هو الرّضاء بالواقع وإلتزام مبدأ التّقيّة والتّعبّد مع أكل الشّوك والصبّار والشّعير، أي أنّ الحلال هو إنتصار حبل المشنقة وتعذيب الذّات، الحلال هو أن تحبّ الأشياء التّي تعذّبك أي أن تحبّ الموت وتكره الأشياء الّتي تسعدك أي تكره الحياة..الحلال هو إستئصال غريزة الرّفض من الإنسان..
أنا أقف ضدّ هذا الظلم وهذا القهر وهذا الإستبداد، فأنا أحبّ الحياة وأكره الموت، أحبّ العدل وأكره الظّلم، أحبّ الحريّة وأكره العبوديّة أنا أكره من يعملون لأجل هذا الموت وأكره من يركعون ومن يذلّون لهذا الموت.
كما أنّي ضدّ كلّ رجل يدفع مهر ليشتري بقرة وضدّ كلّ بقرة تطلب مهر لتبيع للرّجل الحبّ، أنا ضدّ الرّاشي والمرتشي على حدّ سواء..
ماذا يحدث في العائلة جرّاء هذه الرّشوة وهذا التمعّش بالحبّ ؟
ما يحدث هو أنّ الطّفل حين ينزل في فندق الدّهشة، يجد أمامه الحرب، يجد أبويه لهما صعوبة كبري في التّفاهم، والحقيقة أنّه نزل في المعتقل يبكي، وعليه أن يضرب الباب ضربة قويّة ويحلف أن يخرج من هذا المعتقل ، عليه أن يعترض على الأقدار وكلّ من خطّطوا لعذابه وأبكوه، لذلك لا بدّ لهذا الطّفل أن تكون جراحه إستثنائيّة وأحزانه إستثنائيّة وموته إستثنائي لأنّ العتقل الّذي نزل فيه قد أفقده حماسه للحياة وأفقده متعة التّغيير، فهو تحت الشّمس كلّ يوم يتغيّر نحو الأسوأ أي نحو العجز والشّيخوخة لكنّ الأفكار هي هي لم تتغيّر والآلام لم تتغيّر والمعتقل لم يتغيّر ولا فرق بين البشر والحجر.

ماذا يجد الطّفل في المعتقل ؟ يجد رائحة الأنثي حرام، رائحة الذّكر حرام، رائحة الحبّ حرام، رائحة الحريّة حرام ،رائحة الرّفض حرام.. لا يجد إلاّ رائحة البول السّخن والنّجاسة حلال.
ماذا يحدث له حين يكبر؟ يصبح يتصرّف كشهريار فشهريار هو طفل مظلوم.. ماذا يحدث للطّفلة ؟ تصبح تخاف شهريار وتنقم عليه فهي قطعة سردين محفوظة في علبة، هي إمرأة بليدة، ثقيلة الدّم مطفأة الرّوح ميّتة الإحساس تنام قرب شهريار كالجليد فيقتلها ويذبحها من شدّة الملل وهي تركع له وتعطيه الحقّ كي يقتلها، لكن في نفس الوقت تقصّ له الأجنحة وتسلبه حريّته، فهو وإن إلتزم مبدأ التّقيّة وتجاهلها تصلبه وإن عدّدها تجعله يعيش الضّياع فهو في كلتا الحالتين يتصرّف معها بعقليّة السّلطة الّتي تفرض السّيطرة على الآخرين، إذا شهريار كان يقاتل التّفاهة والملل وشهرزاد كانت تحارب لأجل الحياة وكانت تناظل ضدّ الموت، المرأة لا تحبّ الأسود في الحبّ ولا تحبّ الأبيض ولكن تحبّ الألوان..
فالرّجل الّذي يزرع في قلبها البساتين والخضر والأزهار ويطعمها اللّوز والعنب من كلمته يفوز بقلبها وحين لا تجد هذا الرّجل تصبح دجاجة تأكل الحصي والعلف وتجعله هو ديك غير قادر على الطّيران,..
الحلّ أن يفعل الرّجل لكي تغيّر المرأة أفكارها وكلامها ومنطقها وجلستها وضحكتها، عليه أن يخرجها من التّبعيّة كي تشعر بكيانها وتتعلّم متي تقول نعم ومتي تقول لا، الرّجل المحترم هو الّذّي يحترم رأي المرأة حين تقول لا وحين تقول نعم، فحتّي ربّ السّماء يحترم نوعيّة هذا الإنسان ومن لا يعرف كيف يقول لا وكيف يقول نعم هو حيوان فالكلمة إلاه إه ولا . ربّ السّماء يقبل من يدخل معه في حرب ولا يحبّ من يمدّ له رقبته كي يقتله، فهو يساعد الإنسان على تحقيق ذاته وميولاته ويساعده على التّحرير والإنعتاق، فاللّه مع الإنسان هو الحبيب والعدوّ في نفس الوقت، الموت والحياة في نفس الوقت، اللّيل والنّهار في نفس الوقت، الجنّة والنّار في نفس الوقت، هو صعب مع الرّاشي والمرتشي في الحبّ، فهو في الحبّ لا يقبل المساومات، وسهل مع الصّدق في المحبّة والصّراحة، هو مع الرّاشي والمرتشي كوابيس ومع العاشقين أنيس، كيف نحصل على السّعادة ؟
كي يحصل الإنسان على السّعادة عليه أن يتعلّم كيف يسعد الآخر، وكي يشعر بالحريّة عليه أن يتعلّم كيف يحرّر الآخر
وكي يشعر بالحياة عليه أن يتعلّم كيف يحيي الآخر..، فرجالا كنّا أو كنّا نساء نحن جميعا في الخندق، في المعتقل وعلينا جميعا كسر هذا المعتقل، فالّذي يدفع ثمن كي يشتري به حبّ هو ثعبان والتّي تقبل أن تبيع عواطفها بالإغراء هي سمكة تغوص في بحر دموعها، فذاك الحبّ ظالم ومنحطّ، علينا أن نتعلّم كيف نكون أصدقاء ورفاق طريق، ولكي نكون أصدقاء لا بدّ من الرّضاء بالحزن لأجل الفرح ، والرّضاء بالسّجن لأجل الحريّة، والرّضاء بالموت لأجل الحياة، لا بدّ لنا من النّضال ضدّ السّجن والحزن والموت، لا بدّ أن نفهم أنّنا نعيش بخوف أن ياتينا شيئا من عالم الغيب يسلبنا من كلّ الأموال والأرزاق وقد يحوّلنا حيوانات أكلة لحوم أو أكلة عشب، الكلمة هي الملكة الّتي علينا أن نحييّها ونعمل بها بصدق ونحفظ شرفها، فهي الّتي تحوّلنا طيور أو حيونات أرضيّة زاحفة في الظّلال، فالدّول عليها أن تضمن حقّ المرأة في الحياة كي لا تصبح المرأة مرتشية تغري الرّجل وتكذب عليه كي تأكل الخبز، والرّجل عليه أن يرفض مبدأ الرّشوة من الأساس ويحارب من أجل سحق الرّشوة والمساومات ، فالأسرة هي نواة الرّشوة الأولي الّتي يجب تنظيفها والرقيّ بها نحو الأفضل وذلك بإمرأة واعية ورجل واعي.. بإمرأة مستقلّة ماديّا ورجل مستقلّ ماديّا والطّفل توفّر له الدّولة حقّه في الصحّة والتّعليم والحياة والتطوّر مجانا وإلاّ فنحن حيوانات عند ربّهم يرزقون.
فلا المتزوّج في راحة ولا الأعزب في راحة نحن جميعا نعيش المأساة مكبّلين بالثّوابت التّي فرضها التسلّط والتّخويف
والإرتزاق والمطامع، نعيش كالحيوانات بلا طموح ولا آمال ، نعيش في الكهف ومعنا الكلب الّذي هو المال والسّلاح والخوف والرّعب.

Aucun commentaire: