samedi 7 mars 2009

الإنسان المسكون بنار الحبّ الأبديّة

هذا الإنسان هو طفل ثائر ومجنون، هو عصفور ينتفض وينكسر كالزّجاج، فالثّورة يريد بها تكسير وتهشيم كلّ الموروث القديم الّذي أخذ شكل العادة والقانون والجنون يريد به الإعتراض على الحكم المسلّط عليه بالإعدام من قبل الولادة، هذا الإنسان لا يركن للإطمئنان ولا يهادن الأشياء يعيش بصفة تلقائيّة ودائما في صدام وفي معارضة، يرفض هذا الشّخص أن يلبس الأشكال التّنكريّة وفي الإرهاب تجده يعيش العصيان والمقاومة، النّاس يرون أفعاله كفر وجنون وتبدأ حملة الرّجم فيه. في الغالب تجد هذا الإنسان قد عاش الدّلال في الطّفولة وهو عزيز على أبويه فهو بالنّسبة إليهم شرارة تضيئ المستقبل فكلامه حين يتكلّم يكون صراخ إنسان إشتعلت فيه النّيران.. وتحرّكه بالنّسة لأبويه تحرّك طبيعي ومبرّر ولا أحد منهما يقف ضدّه, هذا الإنسان فيه الحبّ والعصيان والوحشيّة فهو دائما يحاول أن يبحث على المفاتيح والأدوات الّتي تساعده على كسر السّجن وكسر أقفال الزّنزانة. فهو لا يجلس مستريحا إلاّ تحت شمس الحريّة، هو إنسان يقال عنه شيطان.
لا يحبّ هذا الشّخص أن يسكن للجنس الآخر سكونا تامّا، فهو دائما في صدام مع الكهوف وحياة الضّجر الّتي يجفّ فيها الحبّ ، فهو يخيّم في المكان الّذي يجد فيه الحبّ والحريّة يريد أن يكون حصان لا صاحب له. كلّ الأشكال المطليّة يرفضها وجدانه، فهي لا تعني شيئا ولا تعطي شيئا هي أشكال تموت في مكانها محترقة كالأشجار بلا رائحة.
يعيش هذا الشّخص ذروة المأساة حين يربط قدره بقانون المؤسّسة وقتها يتكسّر ويتناثر كالرّماد ويسافر في الأحزان شاعرا بنزيف داخلي وتوتّر دائم وعصبيّة فهو يتحرّك في دائرة ضيّقة تنظّمها الإدارة حسب مصلحتها هي ويستولي عليها الظّلم والجهل والإستعباد..
الطّيور هي الّتي تجعله يركض على أرض الفرح، ويغنّي حين يراها مغتبطا بالشّمس والحريّة، فبالإضافة إلى الإنطوائيّة الّتي يصبح يعيش فيها يولد في داخله طفل جميل إسمه الحزن يعشّش فوق جفونه كطائر النّورس ويصبح يشعر أنّ إرتباطه بالأحزان سينتهي في سقف مغارة
هذه المغارة تشبه المغارة الّتي تشكّل فيها وأعطته شكله ولونه وطبعه الأوّل، ثمّ حفرت فيه تجارب الحياة الّشيئ الّذي جعله يختار شكله الثّاني بكلّ حبّ وحريّة... في الحريّة والمحبّة
يصبح هذا الإنسان يختزن كلّ طفولة العالم وطيبتها ويصبح يقرأ في الطّبيعة بانبهار ويشعر أنّه ينتمي تلقائيّا للعصافير فهو والعصفور يعيشان في رحم واحد ويتحرّكان في رحم واحد ويعبّران بأسلوب واحد، إنّه القانون الطّبيعي الّذي جعل النّاس مختلفين في الأهواء والأحلام والآمال والكلام..
فإلى جانب اللّغة المتعجرفة المتعالية، الأكادميّة والبيروقراطيّة الّتي لا تسمح برفع الكلفة هناك لغة العصافير نشيطة ومتحرّكة ، فلا الأولي تتنازل على الكبرياء والغرور ولا الأخري تطرق باب الأولى أو تدخل في حوار معها،
الحياة غربة لهؤلاء الّذين يغنّون لغة العصافير ومتافخرة بالنّسبة لهؤلاء الّذين يعيشون سجناء في التّاريخ ويعبدون السّلطة والتّسلّط، فلغتهم لا تقابل النّاس إلاّ بربطة العنق السّوداء، أمّا هؤلاء اللّذين يعيشون الغربة الحقيقيّة فهم يتصادقون مع الأطفال والتّلاميذ والعمّال والفلاّحين يبكون معهم ويفرحون معهم ويكسّرون زجاج الشّرعيّة والمحرّمات معهم
.

Aucun commentaire: