vendredi 6 mars 2009

االإنسان في رحلة الضّياع والعذاب

أكلّ الرّصاص صديقي لأجل قتل الحبّ، هذا الحبّ الّذي نقش لك أحزان السّماوات، هذا الحبّ الدّي جعلك تستمتع بالماء والضّوء والخضرة والأشجار والعصافير، هذا الحبّ الّذي رماك للدّموع والآلام لأنّك مشيت كالخروف خلف الأعداء يسحقك الغبار والظّلام..
من هو الوحش الآكل الّذي تهت وراءه؟
هل ربّك بعثك ليأكلك الغول؟ أم بعثك لتكون رفيق المسيح؟

كيف غيّرت الشّهادة؟ كيف سجّلت موتك ضذّ مجهول؟ كيف تنكّرت للشّرف وكيف ضيّعت العفاف؟
من الّذي رماك كالقدح المكسور؟ من الّذي رماك والدّمع في عينيك بحور؟ من الّذي جعلك تتقيّأ الأحزان
إفتح كتاب التّاريخ وأبحث عن المال الّذي جلّ جلاله يحيّر الأبصار، وكيف أعطانا القمح والثّمار وجعل العميان يبصرون والأموات ينهضون..
وكيف هو يدخل الجنّة ويغفر الذّنوب..
ترفضكم السّماء يا من صنعتم بأياديكم دجّال وعبدتموه، لقد جاء الدّجال وصنع الجنّة ومشي فيكم غريب الوجه يحتضن الأطفال ويكرّم الأرحام وتناثرتم تحت أقدامه كالورق اليابس، جعلكم تثمّنون الماء والضوء، تثمّنون الحبّ فيما بينكم وتدفعون الثّمن غالي..
حرقكم في لهيب المجد والبطولة..
أيّها الغارق في رحلة السّراب ، أنت كذبت وإبليس صدق..
إنت إنهزمت وإبليس إنتصر..
الحبّ يبكي في عيوننا ماءا وضوءا لأنّه هو يمشي في إتّجاه ونحن نمشي في إتّجاه معاكس.
أخرجكم المال عن الخطوط المستقيمة جعل الوجوه دميمة

كان لكم العهر، كان الدّعارة ، كان الكذب، كان الخيانة، كان المسدّس، كان الجريمة
يا من صلبتم من أمركم أن تعملوا لأجل حرّيتكم وعبدتم من أمر أن تعملوا لأجل عبوديتكم وظلالكم
يا من صلبتم من أمركم أن تعملوا لأجل النّهار وعبدتم من أمر أن تعملوا لأجل اللّيل
يا من صلبتم من أمركم أن تعملوا لأجل الحياة وعبدتم من أمر أن تعملوا لأجل الموت
خان التّلميذ المعلّم الجبّار وظنّ أنّه صلبه وإنتصر عليه لكنّ التّلميذ هو الّذي صلب يبكي والمعلّم رفع إلى السّماوات
ذبحنا بعضنا البعض وعبدنا المال ويوم الميلاد كانت القدس بلا عنبر بلا ريحان، كانت النّيران تأكلنا جميعا وكان أبانا يكشف غدرنا ، ذبحنا يوم الميلاد بسيف أسانا، فتلك الأرض جمّعت ملاحم العشق وقد صدّقنا أنّ العشق مات
العشق لم يمت، فهو يصحوا كلّ يوم مع طلوع الفجر يسقي الأزهار من كلمات الحبّ الصّاعدة من البنادق والقنابل والرّصاص..
العشق لم يمت وإنّما يوم نرجع إلى المغاور سوف يأتينا ويسلّم علينا ، عنده خطاب لنا كلّه أشجان وأحزان من أرض مشغولة بالإنسان وحبّ الأطفال، مشغولة بتفتّح الأزهار وحريّة الأطيار مشغولة بالمشاعر والحقوق والآمال..
أللّه ما أروعها رسالة أن تفتح أسرار القلب وأسرار الحبّ في مغارة صغيرة تحت الحجارة..
أبانا أسكرنا المال وما سكرنا كما بالعشق نسكر، رائحتنا أمامك مسك وعنبر، سألنا العصافير عن الحريّة، سألنا الشجر عن العدالة، سألنا الزّهور عن سرّ الرّوائح فأجابتنا الدّموع بحريق العبارة.. غير معقول أن ينفصل الإنسان عن الأشياء الّتي يحبّها ويعشقها. أبانا نشكوا لك مواجعنا فقد كنّا بالمال لا نعطي ولا نثمر وأنت بالماء والنّار تعطي وتثمر، أبانا المال هو المسيخ الدجّال الّذي له قدرة عظيمة في مسخنا حيوانات وحشرات حين حوّل طريقنا نحو الشّر وعبث بإنسانيتنا وحبّنا وفكرنا وتطلّعاتنا وآمالنا.. أبانا الأسي كان خمرتنا ونحن خيول هدّها العياء.
أبانا المال أتلف الأصدقاء والأحباب وخلق في النّفوس العداء وأتلف الحلم وجعل عواطفنا كالعواصف الهوجاء وبتنا لا طموح لنا ولا أهواء، أيّامنا دخان في الضّياع والإرتخاء ، همّنا العلف والماء أمّا الفكر والحبّ والحقّ والحريّات لقد سوّيناهم مع الحذاء، نحن جميعا تشوّهنا بالمال بلا إستثناء نحن أموات ولسنا أحياء تدور بنا الدّنيا إلى الوراء تائهين كأنّنا نعيش الإغماء والعماء..

منحونا الأقوياء كالخرفان أو كالفئران للموت عذّبونا فأضاءت وجوهنا سوداء، سقونا أحلاما مزوّرة وأطعمونا سخيف القول وقالوا لنا إنّ المال والرّصاص جاءت بهما كتب السّماء، وما رأينا السّماء تمطر بهذا الهراء.
أبانا هل أنت كما يقولون لنا.. تمنع الأحلام أن تحلم وتجعل الحبّ علينا حرام وتقطع رأس من يتلقّي من ربّه الإلهام؟
هل أنت من أمر الحكّام أن يلبسوا الغرور ويجرّدوننا من كلّ شيئ بالسّوط والإنتقام والتّسلّط والرّصاص؟
هل أنت من أمر الرّؤوس الكبيرة أن يشغّلوننا كالعبيد عندهم وحين يستهلكوننا يرمون لنا العظام..
أبانا نحن مذبوحين لنا شوق إليك وحنين، لنا شوق أن تعلم أنّنا نكبر في اليوم سنين، لقد تحمّلنا نفينا وشربنا دمعنا وبحثنا في الأرض عن العشق فلم نجد فرجعنا خائبين ، بحثنا عن الوفاء والصّدق لكنّنا ما وجدنا فصحنا كالمجانين، إبانا كلّ ما نطلب هو الحبّ والحريّة والكلمة الجميلة والوجه الجميل..
أبانا أنت تعطينا الخصب وتعطينا الفصول ولم تكن يوما في حبّنا بخيل..
أبانا الأرض نعجة وذئب يتقاتلون على قطعة حلوي ملطّخة بالبنزين صلاتها سراب ومعلّمها وقائدها دجّال وكذّاب
أبانا أنت معلّمنا الّذي يعرف عذابنا ومآسينا فنحن نمشي تحت الشّمس وسط الحريق وننتظر الرّصاصة الّتي تخلّصنا من العذاب والفقر والجهل والأمراض والإكتئاب..
أبانا حبّك سفر إلى الآخرين وموت لإجل الآخرين وحبّنا سفر إلى النّفس وقتل الآخرين لأجل النّفس
طموحك ضدّ طموحنا لذلك نحن كالدّراويش الخائبون، كالحمير جلودنا قدّمناها للحكّام صنعوا منها الطّبول والبنادير
أبانا كم أنت غنيّ وكم هذا الإنسان فقير ومع هذا نحن نتكلّم وأنت صامت، ونحن نغنّي وأنت حزين
غير ممكن في منطق الحبّ أن تمشي الخيول باتّجاه والعربة بإتّجاه آخر، لاقدرة للحبّ أن يرتبط بإنسان لا ينعجن فيه
وفي مناخه الطّبيعي بمائه وضوئه وبرده وحرّه وحزنه وفرحه وزواحفه وأطياره وموته وحياته
أبانا الحبّ الحقيقي هو الّذي ينزل إلى الشّارع ولا يتخفّي في القصور، ينزل ليتصادق مع الأطفال والتّلاميذ والعمّال والفلاّحين ، والفنّانين، ويجلس مع النّاس في المقاهي ويرفع الكلفة بينه وبين الشّعب يضحك معهم ويبكي معهم
لكنّ حكّامنا يلبسون ربطة العنق ويأمرون النّاس أن يتصرّفون في إطار الشّرعيّة الّتي لا يجوز الإعتراض عليها أو مناقشتها والواقع أنّ إرتباطنا بهم إرتباطا ينتهي بفكّ ربطة العنق الّتي لا تحلّ إلاّ على أرض من التّراب السّاخن...
أبانا كن في عونهم وإجعل ذاكرتهم لا تنسي شيئا ولا تهمل شيئا
الأوطان جعلوها تسبح في العطش والشّعوب تتصوّر الحياة بشهيّة الموت والألم، وما عرف الحبّ طريقه إلينا، الشّمس تنتظر تساقط الدّمع العذب المرير لقد جفّت العيون وما جفّت السّماء عن العطاء، تركض قطع السّحاب للإرتواء والإمتلاء تحت الضّياء، أبانا الخوف بات يتفاقم ويزداد وبراعم الزّهور ذبلت ووجوه المخلوقات كبرت ويبست وعبست، أين يتربّع عدل الضّياء، المسؤول له مع الحبّ مساكسة رهيبة سكن إلى الظّلام فوجدنا أنفسنا معه في وحشة الضّياع
الوطن في أزمة بل العالم في أزمة، والأزمة تعني ضياع فعل الخير من قلوب النّاس، القلب الّذي لا يفهم العطاء يضيع ولا يجد قطرة عطف ، فالشّمس تضيئ لتجمع زادا يكون للرّحلة الطّويلة الخفيّة المصير..
العيب في الإنسان أنّه جعل المال يشوّه صورته والتّهمة أنّه إغتال لنفسه حرارة الحياة فالقصر دماء العمّال وزفراتهم وأحزانهم وتجاعيد وجوههم لكن لكلّ شروق غروب ولا بدّ لكلّ نفس أن تغمد في مصيرها المحتوم
الشّمس هي الّتي أعطت للإنسان الكلمة بكلّ ذكاء وأوّل ما علّمته البكاء، فهل يفهم النّاس معاني الكلام ومعاني البكاء؟
لا أحد يقدر أن يختار لنفسه مقعدا مريحا، فالأرض مسجّلة بإسم هذا الحبّ وهو الّذي يجلس فوق الكلّ إلى يوم الدّين
وممنوع على أيّ إنسان أن يهرب منه، فهو حارسنا وراعينا ومعلّمنا جميعا ولا يقدر أيّ أحد أن يسمّر أياديه على الخشب كما المسيح ..فهو روح غير متجسّد والإنسان هو الّذّي يجسّده كما يريد بالصّدق والعشق والأحلام.
......

Aucun commentaire: