jeudi 12 mars 2009

السّجارة

إنّ السّجارة عندي طقس من طقوس العبادة والحقيقة أنّ السّجارة تضيئ لي شمعة في ليل الجهالة، هي الوريث الشّرعي للأحزان وأهمّيتها تتجلّي في قدرتها على زراعة الأمل لأنّ كلّ ما حولنا يدفعنا للجنون، كلّ ما يطيب لي كلّ صباح قهوة سوداء وسجارة ، الحياة مرّة وحلوة ونار الكلمة وقودها
الأسود هو موتي وجنوني فالكلمة تضعنا بين إثنين بين العقل والشّعور وتشعلنا وتمتصّنا وترمينا كما ترمي السّجارة، لا أحد يستوعب العلاقة بين هذين الغريبين وبين السّجارة..

السّجارة لدي البعض تثير نوعا من الحساسيّة لكنّها عندي هي شرط الكلمة الوحيد للخلاص وهذا الشّرط هو فهم العقل والشّعور وفهم أناشيد المطر الّتي تبكي وتقول باع الإنسان العقل ، باع الإنسان الشّعور وإشتري الحجارة، الكلمة الملكة تقول: إبني يحبّني وأنا أحبّه لكنّنا على موجتين مختلفتين إبني المسكين لم يفهمني فذاب كما تذوب السّجارة، إبني المسكين كفر بالنّور والهوي وأختار التّراب والحجارة.
أسمع المذياع يقول السّجارة مضرّة بالصحّة، أقول أنا والكذب مضرّ بالحبّ، أموت أنا ولا تموت المحبّة من قلوب النّاس، حافظوا أنتم على صحّتكم لكن لا تجعلو الحبّ بين أسنان التّجارة، فبيع وشراء الحبّ غير صالح للحياة بيع وشراء الحبّ عند السّماء كفر ودعارة..
من يوافقني على هذا الكلام ؟ الّذين حرارتهم تحت الصّفر أم الّذين حرارتهم فوق الخمسين،
أذهب إلى غرفة العناية الفائقة ولا أقدر أن أترك السّجارة المشحونة بالحساسيّة الشّعريّة،
إنّي على يقين أن النّاس لا يفهمون بأنّي أصبحت أحبّ الموت كأغلي حبيب..
فالموت مصدر كلّ إبداع والإستشهاد لأجل الحقّ والحبّ والحريّة معادلا عندي مع الحياة، فالقهوة السّوداء تقول لي إنّ السّواد يلفّك والموت يحرسك، لقد إستجوبتني حتّي صارت جزءا من إفطاري الصّباحي ،
هي فرحي الوحيد كلّ صباح في ظلّ حزني السّعيد، معقول أصبح أنا والموت أصدقاء طبعا حين يفهم الإنسان معاني العشق يصبح اللاّمعقول معقول واللاّمنطقي منطقي. لا تخلد في الدّنيا إلاّ الكلمة والكلمة الّتي تستحقّ إسمها ستضيئ وتكون.
فالشّمس لا تضيئ إلاّ بعد الحزن المعشّش في داخلها والفرح لا يصنع الإنسان، الفرح يقتل الإحساس.. لكن في جوّ الحزن.. الشّرارة تصبح ثورة والنّجمة قطيع من النّجوم والوردة باقة أزهار، فمن اللّيل والأحزان والآلام خلق الجمال ومن البكاء إكتست الأرض بالأشجار والأعشاب والرّياحين..

السّجارة نبتة كبرت وأزهرت في عتمة حزني حتّي أصبحت أشعر أنّنا عند الكلمة وعند الشّمس كالسّجائر
أسمع الرّعد والبرق ويقول لي أنتم رماد الكلمة..
أقول له سيّدي السّحاب، السّجارة هي أعزّ منشور ثوري مسكونا بالصّمت خلقناه نحن الفقراء إحتجاجا على سوء توزيع الثّروة وغياب العدل والحبّ والحريّة، يجيبني السّحاب وما دخلي أنا إن كنتم تافهون وأنانيون
فالحلّ صنعتموه بأيديكم هو السّجارة أنا فعلا أفعل بكم كما تفعلون أنتم بالعقل والشّعور وبالكلمة
الموت صنعتموه بأيديكم، والمال صنعتموه بأيديكم، أمّا أنا فإنّي بموتكم أصنع الحياة لذلك نحن مختلفين ولا نفهم بعضنا
الّذي أكتبه هو صراعي وجنوني..
من هما اللّذان يتكيّفان بنا ثمّ يرمون بنا في أحضان التّراب والحجارة؟ العقل والشعور لكي تتعلّموا ما معني الحبّ وما معني التّجارة، ما معني النّصر وما معني الخسارة، ما معني العشق وما معني الدّعارة. ..

Aucun commentaire: