mardi 18 novembre 2008

لا شيئ يمنع عن الفرح والإبتسام

نظر إليها طويلا، ثمّ رفع عينه إلى وجهها وقال .. أنت شمسي وظلّي،
أنت فرحي وحزني، أنت حبّى وكرهي
يشاغلني فيك سؤال دائم..
أسألك شيئا؟
تفضّل
هل تحبّيني؟
نظرت إليه بعمق وقالت وأنت ألست تحبّني؟
أمر صعب جدّا ..
كأنّي أعرفك منذ ألف قرن ومن آفاق المحال عزفت الموسيقي رؤيايا الباحثة عن قرار...
والأوراق الذّابلة الّتي كانت تملأ غصوني دبّت فيها الحياة وضربت فيها الخضرة،
وفي أوّل مرّة رأيت فيها عيناك حاصرتني الأشواق ودفعتني في قلب الخوف عليك.
أتعجبك عينايا؟
عيناك بداخلهما غيوم ومطر وأحزان ومن خلف ذلك كلّه أري الشّمس.
يتأمّل الفضاء ثمّ يعود أليها بنظرة.
ينظر إليها .. أمل
ما رأيك بالشّمس ؟
حارقة ودافئة في نفس الوقت، موت وحياة في نفس الوقت ألم ولذّة في نفس الوقت.
هل تحبّيينها؟
ومن منّا لا يحبّها ، فهي روح الحياة والحبّ وخفقة القلب.
أطرق قليلا يفكّر.
نظرت إليه بودّ وقالت.
أردت لو نكون أنا وأنت أصدقاء.
ما معني أصدقاء؟
ألا تحتاج الى الصّدق والصّداقة؟
لا أؤمن بالصّداقة مع المرأة.
المرأة للمتعة فقط لا للصّداقة.
هي ناقصة عقل ودين.
هل الرّجال كاملون عقل ودين؟
راقبته بنظرة متوتّرة ثمّ أخرجت منديلا من جيب معطفها ومسحت به حبيبات العرق
الّـتي تعلوا جبينها وقالت. إكتوينا بلهيب اللّيل حتّي أنّي أصبحت أري النّاس حين تشرق فيهم حرارة الشّمس
يتأفّفون من شدّة الحرّ .
زفر في سخرية..
وقال .. ما سبب إقحامي أنا في موضوع النّاس.
قالت عندما تكون أنت معي أشعر بالإنتعاش والقوّة.
سكنت في عينه نظرة تأمّل ثمّ قال..
أتمنّى أن أموت من أجل شيئ ثمين..
قالت لا أفهم.
قال ذاك أفضل من أن يقتلني اللّيل غدرا.
قالت نعم الغدر لا يرتضيه أيّ إنسان.
قالت.. ما رأيك لو يموت الإنسان من أجل الحبّ.
رفع إليها بصره ثمّ تنهّد وقال
أيّ حبّ؟ وهل يوجد الحبّ؟
حياتنا بلا معني الكلاب لها قيمة أكثر منّا.
وعلى حين غفلة وجد نفسه يرمق دلو يتدلّي في بئر
أسرع لكي يشرب منه.
لم يكن في الدّلو قطرة ماء.
قال ما أتعس الحياة بلا ماء.
تقصد بلا حبّ.
قال هل الحبّ هو الماء
قالت هو الماء والضّوء
قال .. هل هذه حياة؟
قالت نعم ما دامت السّماء لا زالت تمطر بالحبّ أعني بالماء والضّوء.
هل إرادة اللّه تجعلنا نموت من العطش؟
لا أعرف .. ربّما العطش يعلّم معني الإرتواء.
يتمتم، مع من تتحدّث؟
مع الأحزان.
لقد قاسينا كثيرا.
هذا قدرنا.
تتسلّل الشّمس من النّافذة شعاعها يوقظه كمنبّه كلّ صباح
ما أجمل فطرة الصّباح تذكّرني بالطّفولة فيها براءة
لكنّ الفرحة حين نكبر لا تدوم.
إنفجرت أحاسيسه بالبكاء، ونظر إليها طويلا..
أريد أن ينقلب العالم، أريد أن أري نفسي طفل يعيش بأحلام الطّفولة،
تغسل الفرحة عيوني بدلا من الألم الّذي يسري في عظامي
هل خلقنا للحزن والألم؟
يتأمّلها مليّا .. قلبه يتغنّي بربيعها وعلته رغبة في الفرح وقال بحرارة
أتحبّبين الفرح.. طبعا بالتّأكيد، أحبّ الفرح كما أحبّ الضّوء والماء وقوس قزح
قال إذا تزوّدي بالحزن الشّديد والعطش الشّديد.
ماذا؟
لكي يفرح الإنسان يجب أن يحزن أوّلا.
ولكي يرتوي بالفرح يجب أن يعطش أوّلا.
الحزن طاقة كطاقة الشّمس.
هل هذا الحزن لا يكفي؟
فماذا إذا؟
أن نموت حزنا لأجل شيئ ثمين إسمه الإنسان الحرّ.
ماذا تعني؟
أعني الحريّة الّتي تنشدها العصافير.
وهل ممكن أن يكون الإنسان عصفور؟
طبعا بالتّأكيد.
الشّمس تعطي للإنسان القدرة على كلّ شيئ.
ألم يرفع إبن الإنسان ؟ أقصد إبن العذراء.
لكنّ الإنسان يفقد الجسد حين يموت.
الّذي يعشق الشّمس جسدا وروحا ، حبّا وكلمة يكون إبنا حرّ .
إذا الموت إمّا حريّة وإمّا سجن؟
إمّا إنسان حرّ وإمّا عبد
كان فمه يفصح عن حبّ كبير للشّمس باعثة الضّياء.
الشّمس تمقت الخونة والكذّابين.
إلتفت أليها وقال هل كنت في السّابق كاذبة؟
أنا ؟
عبثا تحاولين الإنكار.
هل عندك عليّ دليل على أنّي كنت كاذبة ؟
قال أنا لا.. ولكنّ الشّمس عندها دليل.
قالت وما دليلها؟
قال الكلمة أليست هي الملكة.
وبدونها نحن حيوانات.
من نحن بدون كلمة صادقة تصنع وتبدع وتخترع وتعمل؟
أصابها الذّهول وأخذت تنظر إليه بإستغراب.
قال ..نحن سلبيين.
ميّتين في الحانات والمقاهي والشّوارع
القول والفعل عبادة للّذي يودّ الإرتقاء والتّقدّم.
لو نظرنا إلي تجارب الآخرين لشعرنا كم نحن صغار.
ما هي خطيئتنا يا تري.
التّكالب على حبّ الذّات والنّفس تجعلنا مصرّين على الجهل.
إنّ حياتنا هكذا معناها العدم.
من حمل معه الأموال إلى القبر؟
المال جعل ليمتحن به الإنسان.
كم عانينا من الجوع والتّشرّد وحين تكتضّ جيوبنا بالمال،
ننسي القرية والبستان ونكره الأرض وأهل البلد، ننسي الوداعة الّتي جئنا منها ولا نفضّل سوي النّسيان.
نحن عقول فارغة ومشاعر مفلسة وأيادي لا تهوي إلاّ تكديس الأموال في البنوك الّتي تقتلنا بطريقة غير مباشرة
سألها أتعتقدين أنّها ستأتي الفرحة؟
بالتّأكيد.
متي؟
أنظر للفجر..
كان النّور يتسلّل رويدا رويدا.
شعر بإرتياح وهو يرى النّور ينتشر وخشى أن يرجع اللّيل فتتلوّث الفرحة.
قام إلى النّافذة فتحها وهو يقول:
ليكن ما يكون.
أريد أن أتمتّع بالضّياء.
رأى وردة تتفتّح تحت شعاع الشّمس وقال الورد زينة الحياة الدّنيا
قالت تقصد الإنسان زينة الحياة الدّنيا والإنسان الحرّ زينة الأخري.
الشّمس لا تشرق إلاّ لأجل الورد والإنسان والحريّة.
الحيوان لا يعرف قيمة الشّمس لأنّه بلا عقل وبلا شعور يحيا بالغريزة.
قال من هو هذا الإنسان الحزين؟
قالت أبهي ما وجد في الكون..
قال .. لكنّه يموت.. الحياة تافهة بالموت.
قالت لسنا أفضل من حواّء وأدم، لقد حزنا وماتا قبلنا.
قال لماذا طردا من الجنّة؟
قالت ربّما لأجل الأنانيّة، كلّ واحد منهما يقول أنا وهما الإثنين واحد.
أو ربّما لأجل معركة الحريّة الّتي لا تعطي مجانا.
والّتي ثمنها الموت والصّليب.
تقصدي على الإنسان أن يصلب مثل المسيح كي يتحرّر؟
قالت لا لكنّ المسيح جاء ليكون الفداء
فهم لم يفهموا أنّه كان كلمة في صورة إنسان.
والكلمة لا تموت.
نظرت إليه وقالت.
كم نحن في حاجة إلي إمرأة ناضجة
ماذا تعني؟
أعني إمرأة كاملة عقل ودين تستطيع أن تملأ الأعماق الفارغة وتخلق في العروق نشاط ملحوظ
ليس من العدل أن تعيش المرأة هكذا.
الحبّ يصنع العجب.
يجب البحث عن المرأة الّتّي تمنح القناعة والدّفئ.
تسقط من عينه دمعة يمسحها يتنهّد ثمّ يشعل سيجارة.
أين هي هذه المرأة المال عمي العيون وقضي على الصّدق والقناعة والوفاء.
يلمح الفضاء ليس هناك ألاّ الغيم يفرد جناحه فوق كلّ شيئ
ونظر إلى الطّير وقال.
الشّمس تزرع في الأحداق الحقّ والحبّ والحريّة.
إكتضّ الرّأس بعذابات السّنين الماضية وبدأ في المقارنة بين الماضي والحاضر
وتتفتّح العيون بعد الظّلمة لتري ضوءا قويّا يحطّم ظلام اللّيل.
وقال سنجعل المرأة شمسا وإن ظلموها سأنتقم بضراوة.
قالت هل تعلم من ظلم المرأة؟
قال الرّجل:
قالت لا ليس الرّجل إنّها الأنانيّة وحبّ التّسلّط بالقوّة إنّها الأميّة والجهل
قالت هل ممكن أن يكون الرّجل مع المرأة صادقا؟
كلّ شيئ على ما يبدو موت لعدم وجود الصّدق والوفاء لهذه المرأة
ثمّ أضافت لذلك بقيت المرأة لا تملك إلاّ الدّموع والأحزان
تحفر الوجدان كأنّها في الكون نقطة زرقاء باهتة
نظر لها بعمق..
قالت ما بك؟
قال في حيرة.. من يا تري يرضي بإنسان مخطئ في حقّه؟
قالت لا أحد .. لاأحد.
أحسّ كأنّها سكبت النّار على جرح قديم ليس له دواء.
جرح سكن تحت عصف الرّيح في اللّيل البهيم.
أخذ السّجائر وأخذ يدخّن وخيوط الشّيب هنا وهناك تنهي أعصابه.
تأمّل وجهه المجعد.
أشعل واحدة من أخري.
وقال: ما أكثر النّساء اللّواتي عرفتهنّ في حياتي لكنّ الأن اللّعبة أكبر
من منّا يا ترى المخطئ في حقّ الآخر أكثر ؟.

Aucun commentaire: