vendredi 26 février 2010

الإنسان عودة على بدء

كي نفهم الطّبيعة لا بدّ أن نغوص في عمقها ونبدأ من البداية، فكلّ حياة على وجه الأرض تحتاج إلي أربعة عناصر وهم التّراب الماء النّار والهواء
كلّ شيئ له ثلاثة أبعاد ولادة نموّ ثمّ موت ، لو أخذنا على سبيل المثال النّبتة فالنّبتة كائن حيّ تحتاج للتّراب لكي تسكن والهواء لكي تتنفّس والماء لكي ترتوي والضّوء لكي تنمو وتتحوّل من حال إلى حال بعد ذلك يكون حصادها، كلّ شيئ يولد لكي ينمو ويموت
الإنسان يعمل في الأرض ويعتني بالنّبتة فيعطيها الكميّة الاّزمة من العناية كي تنمو في ظروف طيّبة، يخفّف عنها التّراب كي تتنفّس، يزيل اللأعشاب الطّفيليّة من حولها، يعطيها الماء بكميّة معقولة يحاول أن تكون له نبتة ليس بها أمراض، فتلك النّبتة تعطيه الشّاهية للعمل والأكل كأنّها هي روحه وحياته
الإنسان يعطي من روحه لتلك النّبته كي تكون الأجمل والأنفع والأحلى
والطبيعة تعطي من روحها للإنسان كي يكون الأجمل والأنقي والأنفع
الإنسان يعمل لكي يتلذّذ بالحياة، الإنسان يحبّ الشّيئ النّافع والّذيذ لجسده وروحه
كلّ حسب عمله يحصد، من عمل عمل جيّد يكون الحصاد جيّد ومن عمل عمل رديئ يكون الحصاد رديئ
الإنسان مثله مثل النّبات يطلب عناية وعمل فهو أيضا خاضعا لقانون الولادة والنّمو والموت في رحم الوجود" زراعة ونموّ وولادة في رحم الأمّ
الحياة ولادة والموت ولادة العبرة أنّ الإنسان يزرع النّبات في رحم التّراب لكي يحصد لأجل النّافع والمضرّ
والرّوح تزرع الإنسان في رحم المرأة لأجل الخير الشرّ
الطّبيعة بعناصرها الأربعة لا تموت، كذلك كلمة الإنسان لا تموت
إن كان الجسد المادّي يموت وينحلّ بعناصره الأربعة، فكيف الكلمة تموت وتنحلّ؟
إن كان الجسد المادّي يأكل فكيف الكلمة تأكل؟
إن كان الجسد يكذب فكيف الكلمة تكذب؟
إن كان الجسد يخون فكيف الكلمة تخون؟
إن كان الجسد يمارس الحبّ مع الآخر فبأيّ طريقة تمارس الكلمة هذا الحبّ مع الآخر
لا جسد بدون كلمة ولا كلمة بدون جسد، لا طبيعة بدون روح ولا روح بدون طبيعة
الرّوح تتحوّل حسب ممارسات الإنسان وطبعه في الحياة
كلّ الطّبائع الجميلة والقبيحة فينا وعلينا
نحن نزرع ونحفظ خصائص المزروعات
نحن نربّي الحيوانات ونحفظ طبيعة وممارسات كلّ حيوان
لكلّ منّا نبتة أو وردة أو ثمرة يعشقها ولكلّ منّا حيوان يعشقه ويعشق طبعه
الإنسان عود على بدء لأنّه يتعامل مع العناصر الطّبيعيّة الأربعة مثل كلّ الكائنات
الإنسان كائن كامل العقل ويمتاز على بقيّة الكائنات الأخري بهذا العقل
العناصر الطّبيعيّة الأربعة مرسومة على يديه
الإبهام يعمل مع الأصابع الأربعة
والكلمة الرّوح تعمل مع العناصر الأربعة
بالكلمة والرّوح يحصد الإنسان لنفسه الخير والشرّ، النّافع والمضرّ
الإنسان يخاف من الموت لأنّه بهذا الموت سيفقد عرش الإنسان
لأنّ الموت والحياة أخذ وعطاء وعطاء وأخذ، فالطّبيعة ستأخذ منه عرش خلقته هي له
لتعطيه عرش آخر خلقه هو لنفسه بعقله وشعوره وكلمته بكلّ حبّ وحريّة
فحين نزرع نبتة فنحن نحافظ على القلب ، هذا القلب الّذي فيه خصائص تلك النّبتة كلّها
وذلك قصد إعادة زرعها من جديد، فكلّ نبتة لها خصائص خاصّة بها ونكهة خاصّة بها
وكلّ كلمة لها خصائص خاصّة بها ونكهة خاصّة بها،
فكلّ نبتة إبنة خصائصها وكلّ قلب إبن طبعه وروحه وكلمته
لذلك الإنسان عليه أن يعشق في نفسه
العقل والشّعور والكلمة " الإنسان الولادة والنّمو والموت
الموت تعني الحقيقة، تعني القلب
تعني الطّبيعة الحقيقيّة للإنسان تعني ما حصّل في الصّدور، تعني الحصاد
هناك قلوب تشتعل للحبّ والسّلام وقلوب تشتعل للحرب والإنتقام،
لماذا الحمام يأكل الحبوب ولماذا الأسد يأكل الحيوانات المسالمة
الحمام يأكل الحبوب لأنّ مبدأه الإخلاص والوفاء للآخر والأسد يأكل الحيوانات المسالمة
لأنّ تلك الحيوانات تتعامل معه خوفا أو طمعا
فهذا الأسد المسكين قد توهمه بقرة أو حمارة
بأنّه أبو الهول الأقوي والأعظم وأنّه بالقوّة هو قادر أن يسيطر على العالم
هذا الأسد قد تغازله غزالة غاية في الجمال والرقّة تغنّي له مواويل العظمة والشّجاعة و يصفّق له البقر والحمير حتّي يسقط في الغرور لكنّهم كلّهم يفعلون معه ذلك بدافع الخوف أو الطّمع فهم في الحقيقة يكذبون عليه وهو يصدّق أكاذيبهم ويستهويه غزل الغواني ونفاق الكاذبين
فهذا القلب العليل يرجع ناقما على مثل هذه الحيوانات ويأكلهم بكلّ شراسة لأنّهم أسقطوه في شراك الغرور
وهو أسقطهم في شراك الخوف والطّمع وأوهمهم بقوّته وجبروته انّه قادر أن يسيطر على العالم
الذّنب ذنبهم جميعا فلا خير في هذا أو ذاك لا للجبن والخوف والطّمع ولا للجبروت والجشع والقوّة
فالّذي يحبّ السّيطرة فاليسيطر أوّلا على نفسه والّذي يخاف فاليخاف أوّلا من نفسه والّذي يطمع، يطمع أوّلا في نفسه
فالعالم لا يمكن أن يسيطر عليه أحد طالما اللإنسان يعيش تحت أهوال الرّبح والخسارة وأهوال القوّة والضّعف
والإغراءات بمختلف أنواعها وأشكالها
هل نحن نفهم الفرق بين الإنسان والحيوان؟
وكيف طبع الإنسان مع الإنسان وكيف طبع الحيوان مع الحيوان
هل هناك ثروة في هذه الحياة تعادل عرش الإنسان الطّبيعي؟
كيف هذا الإنسان يسلّم عرش الإنسان الكلمة والرّوح للموت ويعبد عوض الإنسان المال والجمال المصنّع؟
ماذا تنفع الثروة الماليّة والقوّة والغرور والإنسان يولد يبكي فارغ اليدين وينتهي فارغ اليدين يبكي
كيف هذا الإنسان يكفر بالحبّ ويعبد الحرب؟
كيف يخجل ويحرّم القبلة والحبّ ولا يخجل ولا يحرّم القنبلة والحرب؟
ماذا ينتظر فاعل الشرّ من شرّه؟
وماذا ينتظر فاعل الخير من خيره؟
لا بدّ أنّ واحد ينتظره الشّقاء
وواحد تنتظره السّعادة
الشرّ له طبعه وشكله وكلمته والخير له طبعه وشكله وكلمته
الحبّ غيم لونه أبيض وأسود، الحبّ نور ونار
النّار هي منبع السّعادة والشّقاء ، هي اللذّة والألم، هي الرّوح والكلمة، الإنسان في نظرها
هو حيوان ترابي أو مائي أو هوائي،
لذلك الأكل يخرج منه كريه الرّائحة والماء كريه الرّائحة والهواء كريه الرّائحة
من النّار يرضع الإنسان الحليب الصّافي لأنّها الكلمة الّتي تسمّي اللأشياء بأسمائها
بالآلامها نولد وننمو ونموت ، النّار هي الحقّ والحبّ والحريّة
فحين نحرق عليها طبائعنا الحيوانيّة تخرج غيوم تلك الغيوم هي غيوم طبائعنا
لذلك طعامنا على النّار طعمه لذيذ، لأنّ حرق الحيوانيّة على النّار له طعم لذيذ
هدف الخليقة التحرّر من الحيوانيّة والموت لأجل الإنسان
كم جميل أن يحرق الإنسان في نفسه ذئب أو ثعلب أو ديك أوبقرة ليكون إنسان
كم جميل أن يقول الإنسان للأسد لا تقدر أن تأكلني لأنّني إنسان
والإنسان مهما كان هو أجمل وأنبل وأرقي من الحيوان
إذا من هو الإنسان؟
هو ذاك القادر أن يحرق بالنّار طبعه الحيواني ومن شدّة الحزن والبكاء تطفو روحه فوق الماء
فالشّمس لا تشرق إلاّ بعد حزن شديد والرّبيع لا يأتي جميلا ألاّ بعد شتاء ممطر
فالنّار هي الحقّ والحبّ والحريّة والماء هو الحقّ والحبّ والحريّة هما الإثنين ينظّفان طبيعة الإنسان
فمن تطفو روحه فوق الماء في الحلم هو إنسان حرّ ومن يغازله ضوء الشّمس في الحلم هو حرّ
فلا أحد يقدر أن يكذب على النّار والماء لأنّهما يسكنان ظلّ الإنسان
عن طريق النّار والماء يكرم الإنسان أو يهان هما الإثنان واحد ولا تستقيم الحياة إلاّ بهما الإثنين
النّار لا يطفئها إلاّ الماء والماء لا تعطيه الحياة والحريّة إلاّ النّار

Aucun commentaire: