jeudi 19 février 2009

هل اليسار كافر ؟

يقال أنّ اليسار كافر وأخلاقيّا مدان.. يقال تخطيطاته جريمة وهو المسؤول عن الإفلاس الرّوحي والهزيمة
كيف كفر اليسار؟
كفره رفض القمع والأنظمة الدّميمة وجعل لحوم النّساء وليمة..
كفره أنّه يرفض أن يداس الشّعب ويبقي تحت سلطة فكر رجعي..

اليسار في المقاهي والحانات يترشّف الكأس ويفتّش في الجرائد عن جديد برج الحمل لعلّ يوم من الأيّام تولد معجزة في البلاد فيها تعدّد الخيارات والحوار...
اليسار يعشق التّغيير والشّمس والإشراق والتّجدّد ويمقت الثّبات، قضيّته غلاء المعيشة وإنتحار الشّباب والأطفال في مدجنة الإستعمار، يحاول رسم بلاد بها بشر يضحكون، يحاول رسم بلاد بها بشر متحرّرون من التّبعيّة والعبوديّة والعقد والجهل والتّخلّف، اليسار لا يسكن القصور ويرفض جعل الشّعوب حمير من جلودهم تصنع البنادير والطّبول، الشّعب عند اليسار له الأولويّة في صنع القرار..
لا تعطي لليسار حريّة التّعبير ولا حقّ له في تقرير المصير لو أخذ حقّ الكلمة يحرق بها الكبرياء والرّيش الجميل، سيحرّض النّاس على عدم السّجود والرّكوع للسّلطة وأوامر السّلطان..
طعن اليسار آلاف المرّات ، ولعن آلاف المرّات، والتّهمة حتّي ينهض الشّعب، حتّي يأكل الفقراء، حتّي تصير السّماء رحيبة، يمشي اليسار كنسر مكسور يريد جواز مرور ويحلم بوطن دافئ وحضن دافئ وعصافير وقطرة نور.. الشّعب واليسار كلاهما يتعاطون حشيشة الصبّار والشّوك كالبعير.. يتعاطونها في الكأس المقدّسة والرّكعة المقدّسة في فضاءات العبادة والعربدة.. حديثهم حبوب منع الحمل والولادة المتعسّرة ... يذبح من خرج عن الطّاعة ويطعن ..الصبّار والشّعير دواء لهم ومسكّن.. هذا هو قانون الدّواجن والعبوديّة والأميّة إنكح ما تريد وحاصر النّاس في القنّ وخوّف بالنّار، السّلطان في مقام اللّه والشّمس قصدير والإنسان بلا ضمير، السّلطان لا يريح ولا يستريح يسكن في ذاكرة الشّعب يدفنه يفترسه يمتصّ دمائه ورغم ذلك يتغنّون بحسنه.. النّجوم تلتفّ حوله يصوّرونه باسما وديعا ، يصوّرونه روحا نقيّة وجلالا ووقارا يغطّون عيوبه بجميل الكلمات هو مخترع الخوف ومرسل الرّعد، الحريّة مشطوبة من قاموسه وطقوس الموت المثير هي المرفوعة، لا يحبّ صحوة الضّمير يحبّ تخدير العقول وتعطيل التّفكير، يحبّ نفسه القائد الأعلى والشّعب وراءه قشور معدمين.. لا تجد في بيوت اليسار صورة للسّلطان، هم يعلّقون شجرة زيتون وحمامة بيضاء وحصان يرفض اللّجام ، اليسار يرفض تعذيب الآخرين ويرفض المجاذيب والحسابات خلف الظّهر والمساومات، يرفض غلاء الماء والأضواء والهواء يرفض تعاطي الحبوب المنوّمة وتشويه التّاريخ، يرفض كلام الحبّ الّذي يحفظ عن ظهر قلب وله مزاج سمك القرش.. كلّ كلام اليسار مذبوح ومحرّم، كلّ كتاب يكتبونه مصلوب النّاس يقرأون بالمقلوب ويمشون على أربعة كي يركب السّلطان، هذا السّلطان سدّ عليهم الهواء وأبقاهم في الصّحراء أمام سياط القهر والقمع والعذاب وأبقي الفكر الوصولي يكتب له المدائح..
أيّ حضارة لم تخرج من زمن الصّحراء إلى زمن الماء والهواء المتجدّد؟ أيّ حضارة تسدّ الهواء والماء والضّوء على الإنسان وتكفر بزرقة وإشراقة العبارة..
أيّ حضارة بإسم الحريّة تتاجر بأجساد النّساء أو تبقيهنّ كالغربان وسط ظلام السّتارة..
إنّه لمن الغباء والرّجعيّة أن نجهل منطق الأشياء ونجهل أنّ الطّائر الذّكي لا يكرّر اللّحن والغناء ولا يرجع السّاعة إلى الوراء فكلّ لحن له وقته وزمانه وكلّ أغنية لها ظروفها النّفسيّة والإجتماعيّة والأرض تدور والفكر يدور والحبّ يدور فغير معقول أن
نسدّ على الإنسان أبواب الرّجاء.. فالأنامل على مرّ العصور تصنع في المعجزات، إنّ للحبّ قوانين الإرتقاء والإبتكار والتّقدّم، وكلّ من يدّعي أنّ الحبّ إحتيال وكلام مفخّخ ينهار مكسورا ومكتئبا، وكلّ من يخيّل إليه أنّ صلب الإنسان إنتصار يسقط من برجه العالي وينهار وتضيع الكبرياء ويأكلها الغبار، هذا الحبّ مسكون بالأسرار يلمسنا فتنبت من أيادينا النّار أو الأنوار، تنبت من أيادينا الأشواك أو الأزهار، تنبت من أيادينا الموت أو الحياة، ينبت من أيادينا التّحرير أو الإستعمار
إزرع ثقافة العهر والصبّار الّذي يعد بالجنّة، العهر والصبّار يدوّخ كالدّواء فالسّلطان لا يحبّ من يدخل معه في حوار
يأمر السّلطان أن ندرّس للتّلاميذ أنّ عين المرأة عورة وصوتها عورة وجسدها عورة فنشأ التّلاميذ لا يحبّون في المرأة إلاّ الجنس والسّرير، ونشأت المرأة لا تحبّ في الرّجل إلاّ ماله ومركزه فهي تمثّل معه دور العشق، والعكس بالعكس فهي ترسمه بطل من نار منقوش فوق الرّمل في أعماق الصّحراء، فهو رجل يسقط أمام أيّ إمرأة فاتنة.. وهو يرسمها سرير
الّذي يتبع الخرافات يتعب الإنسان من مياه الحلم يشرب والحبّ في لهيب القلب يصلب
أريد أن أقول كلّ حمل في بلادنا حمل زور ليس له دورة شهريّة ولا دورة سنويّة متجدّدة يحقنه لنا بالأنبوب بطل مشهور يريد أن ينبت في ترابنا من خلاله.
الحمل يدوم عندنا عشرات السّنين يتضخّم كثيرا في الرّحم ولا ينزل إلاّ بعمليّة قيصريّة مخنوق بمشنقة المصران
فحين تأتي عمليّة الإنزال نطلب من اللّه العليّ القدير أن يبقي وليّ العهد في الرّحم مرّة أخري وأخري وأخري
وحين ينزل يشيّعه النّاس إلى مثواه الأخير ويتلون على جثّته كلّ الذّكريات الحميدة وصورة الحمدلله.. وتبّت يدا..
الحمل عندنا هو خروج عن الخطوط الواضحة المستقيمة يولد وفي دمه النّار وفي عيونه الشّرر
ما هو الكفر؟ ما هو الإيمان ؟ ليس لهما الإثنين وجود وليس لهما قيمة.. فنحن لسنا كفّار ولسنا مؤمنين
نحن رعود بلا مطر، نحن كشف ليس له منتظر، البطل الأوحد هو الموت والسّلطان والمحتلّ
لا زلنا نثرثر ونقعد في بيوت الرّحمان والملاهي والمقاهي والحانات ننتظر
هذا المهدي أو هذا المسيح المنتظر
لا يشعر العاشق بالعار والهوان؟ فحين نعشق تأخذنا هزّة من العنفوان وتسبح في دورتنا الدّمويّة حمامة بيضاء
وحين نعيش البغض والحقد والأنانيّة يغمر نفوسنا الحزن والسّواد والإكتئاب والخوف من المجهول.
الحبّ هو الّذي يعطي الأوسمة للحمام والياسمين ويلبس للنّجوم الخواتم الذّهبيّة..
الفرق بين السّلطان وبين اللّه هو أنّ اللّه يخيفنا من عيوبنا لكي يحرّرنا فالمتحرّر من خطاياه إنسان حرّ.. والسّلطان يخيفنا لكي يستعبدنا ويجعلنا عند الإستعمار فئران تجارب يبيعون لنا العار ويحتفظون بالإختراعات والعلوم والأنوار فالإنسان الّذي يخيفه الإستعمار هو إنسان عبد
اللّه كلمة مشرقة وحقّ ومحبّة وحريّة وليس ظلم وإستبداد وعبوديّة ..

،

Aucun commentaire: