vendredi 5 mars 2010

لا تتذكّروا إلاّ الحياة

مهاجرون من الصّباح السّندسي
حاملين قلوبهم ملأى
فيها رسائل شخصيّة
لحبيبة مجهولة العنوان والهويّة
يودّعون منفي ليجدوا منفي
يمشون في الطّريق
كأنّهم وسط سور عتيق
غدهم طائش وقلعتهم من حجارة
يقولون كلاما كثيرا عن الحبّ
يتناحرون على ملكوت الغبار
أموات يعيشون، أموات يعودون
الكلمة عندهم تنسي كوردة تنسي
ككنيسة مهجورة تنسي كمئذنة تنسي
كمصرع حمامة تنسي
كحبّ عابر تنسي
تنسي لأنّها قليلة المعني
كمكنسة الغبار
الرّجال لا يوقفون حصانهم
إلاّ ليقطفوا وردة
ولا يهمّهم كثيرا ما إسم الوردة
ونوع الوردة وصفاة الوردة
وطبيعة الوردة
شيئا واحدا يهمّهم جمال الوردة
في بهاء كامل الأنوثة
لا يهمّهم إلتقاء الشّكل بالمضمون
لا يهمّهم إلاّ المال والجمال
و ما الغناء إلاّ غناء النّفس
و ما الجمال إلاّ جمال الطّبع
تنام الرّسائل في الحفظ والأمان
إلى أن نودّع هذا الطّريق الطّويل
والشّمس تقفز دامعة
من وردة إلى وردة
وتعطي العطر لكلّ ضحيّة
تبكي لأجلنا بماء
يروي الحبوب والقلوب
ويروي الأشجار والأزهار والأطيار
أنثي حرّة الشّمس تكره العبوديّة
هي نفسها العاشقة الضحيّة
ذنبها أنّها تعشق
الحقّ والحبّ والحريّة
وذنبهم أنّهم يفعلون بالكلمة ما يفعله
السّجان بالضحيّة
سكتت وأعطتنا هذه الكلمة بكلّ ذكاء
وأوّل ما علّمتنا البكاء
ترافقنا من الصّباح حتّي المساء
ترافقنا من الولادة حتّي الفناء
لكنّ الرّجال لا يبكون كما تبكي النّساء
فإن كان للحبيب قلب فيه خير
ويقدر أن يخرج من ظلمات نفسه
فاليغسل قلبه بالضّوء والماء
ويحلم مع الشّمس بالحريّة
إستمع صديقي لمن يبكيك
فالمال والجمال الجسدي
يغرّقك في بحر مالح ولا يغنيك
تعطش به كثيرا ولا يرويك
الحبّ والجمال الرّوحي
في القلوب المضيئة يضيئ فوق الماء
كما تضيئ نجوم اللّيل في السّماء
لا شيئ بالكلمة يا صديقي يضيع
الكلمة ينطق بها كلّ الجسد
بالسّر البديع والسرّ الفضيع
والإنسان في رحم الوجود رضيع
يرضع لأجل أن يكون شرّيرا
أو يكون وديع
يرضع لأجل أن يكون خريفا
أو يكون ربيع
فصل الحصاد يخلّف في النّفوس اللاّهبة
عواصف هوجاء وغضب مريع
وفصل الشّتاء أحبّائي مفيدا للرّبيع
فبعد البكاء لا بدّ من الضّحك
وبعد الظّلام لا بدّ من الضّياء
وبعد الحزن لا بدّ من الفرح

Aucun commentaire: