vendredi 6 août 2010

إبحار في عالم الغيرة

صليب مشترك وواقع شبيه بمن هو متعلّق
بغصن هشّ وتحته هاوية
عبئ ثقيل كلّ النّاس عائمة فيه
الغيرة في المرأة والرّجل
عاطفة ضعيفة
الرّجل لفتت إنتباهه إمرأة
المرأة لفت إنتباهها رجل
إنّها الحرب بينهما
إنّها الأيّام الصّاهدة واللّيالي الجامدة
الرّجل يتسائل هل هذا أحسن منّي
المرأة تتسائل هل هذه أحسن منّي
الحكاية أنّ أحدا منهما لم يجد نفسه في الآخر
فهو لا يشعر في هذه العلاقة بالرّاحة
لكن هو مجبر بحكم العادات أن يبقي غصبا عنه
الغيرة تصنع في النّفوس عالم خاصّ، عالم عدائي
كلّ واحد يتألّم فيه لوحده
الغيرة مرض سليل إمبراطوريّة الملكيّة
أهذه بطولة الحبّ
أم هو حبّ خائب وليل لا ينتهي يدّعي في عمقه أنّه حبّ ملكي
فصلب يبكي مكسور الجناح
الملكيّة هي السّجن، هي الموت، هي الهزيمة
هي مراكبنا الغارقة في الحزن والدّموع
يرهبها، يخيفها، يهدّدها وهي تنقاد وتخاف منه
العشق في الملكيّة يلعن المؤمنين به
ويشعل سيجارة في أيادي مرتجفة
ولا يخرج من فمه إلاّ ضباب باهت
إنّ للدّخان كرامته حين يملأ الصّدور
وللبحر كرامته حين يملأ السّماء سواد ورعود
يذكّرنا بالكلمة في الملكيّة
وللشّمس كرامتها حين تبرق وتذكّرنا بالكلمة
في العشق والحريّة
ويكتبان أشياء لا يعرفها إلاّ الشّعراء الكبار
المزروعين بالخربف والشّتاء
أنفاسهم تشتهي الإمتزاج بالعطر القويّ
لكنّهم ينامون وجوههم إلى الحائط
يعانقون دمية أو صخرة نائمة وفي الصّباح يكتبون عليها
فإذا بها قبر وسجن يعييها شيخوخة واهنة
لكنّها في خيالهم طائر على الشّواطئ المهجورة
لا يمكن الحديث معها على السّرير النّابض بالألم والنّدم
إنّه الخيار الصّعب بين الملكيّة أو العداوة
بين الزّواج أو الطّلاق
حيث كلّ واحد منهما فقد كبرياء الصّدق والوفاء
الحبّ في الملكيّة لعنة وحكم بالموت
سيف نظرته شرسة
الحبّ في الحريّة نظرته رقيقة وجميلة وحنونة
الحبّ يلمسنا يراجع معنا درسا في التّاريخ
يسألنا هل سعيدة كانت في الحبّ سعيدة
هل فهيمة كانت في الحبّ فاهمة
الحريّة هي مجرّد فكرة نحشوا بها أذهاننا
لا تسعفنا الآن في شيئ
كلّنا يصدد إجتياز إمتحان حياة ثانية
كلّ شيئ سيفوت فنحن حتما بالقول والفعل
لنا حقّ تقرير المصير
ونحن حتما لنا الحقّ أن نختار بين الجنّة وبين النّار
النّساء يفضّلن الزّواج
اللّعنة على النّساء
رضعنا منهنّ الحليب قارس، حليب ملوّث بالأكاذيب
يجب أن نرضع من الكلمة والرّوح حليب العصافير الصّادق
رضعنا من ثدي البؤس دون شعور
رضعنا بغير خيار من حبّ يعيش في الظّلم والظّلام
جاهلات ينجبن الأبناء كالأرانب بدون عقل
كيف حالها المسكينة
ليس لها ما تعطي لأبنائها
أين سكناها
سكناها قبر البؤس الجميل والخلافات اليوميّة
العشّاق كلامهم هادي
ونادرا ما تسمع بينهم اللّعنات
الحرّ ليس له هموم الزّوجة والأبناء
ليس له هموم الخوف من المصروف
الحبيبة تنتظره أمام قاعة السّينما أو المسرح
نظرتها مبهمة فيها حزن دائم
تكلّمه بلغة العائلة والأبناء وهي بعيدة عنه كلّ البعد
صورة لها في ثوب العرس التّقليدي تحاول أن تبلّغها له
مستعملة أدوات الزّينة والمسرح
تشرد حين يكلّمها
تري ما هو ثمن سجني وسجنه
الرّغبة صريحة والمشروع هو الزّواج إنّها الغيرة
تغار من حريّته وتعتبره وسيلتها للتّحرّر من العائلة
هي لا تعرف حقيقته
هو لا يعرف حقيقتها
الحقيقة يكشفها الزّواج
الحقيقة هي في ذهنه قدر يغلي على النّار ومكنسة
الحقيقة هو في ذهنها مفتاح بيت
القدر والمكنسة إحتجاج وليس زينة
والمفتاح كذلك
كلاهما له في السّجن عمله المقدّس
كلماته لها لا تصنع في شعورها حليب العصافير
وكلماتها لا تكتب في ذهنه قصص ألف ليلة وليلة
الكلمة بينهما رعد مخيف
كلّها حسابات وفاتورات ومشاجرات
المشروع من بدايته شاحب وفاشل
الأطفال يولدون فيه بدون حبّ وبدون تدبّر
كلّ جيل جديد في الملكيّة هو جيل يأكل الخبز البايت
ويشرب الماء العكر ويرضع الحليب القارس
الحبّ البايت والحبّ العكر
نفس التّقاليد ونفس الشّروط ثابتة لا تتغيّر
لا يحبّ تغيير الأشياء، لا يحبّ تحليل الأشياء
لا يحبّ أن يفرّق بين العشق والزّواج بين العسل والرّماد
بين البرق والرّعد، بين الأمان والخوف بين الأبيض والأسود
بين الحريّة والملكيّة
لا الرّجل قادر أن يعثر على المرأة الظّل
لا المرأة قادرة على العثور على الرّجل النّور والحبّ
كلاهما في فخّ الحبّ الخائب حبّ الملكيّة الأسود
المجانين هم أحرار العالم
قادرون على الهذيان في الشّوارع
رافضين قوانين الملكيّة وسلاسلها الثّقيلة
قادرون على الخروج من غربتهم القهريّة
فهم في صراع دائم مع القدر
يريدون أن يغرسوا جدور الياسمين
بلغة الحبّ والشّعر لا بلغة العقل والحسابات
فهم يناشدون نور الشّمس والحريّة
مجنونة خلعت ثيابها داعبت جسدها
إرتمت على السّرير ساكنة
بكت ضحكت وجودها كلّه متعلّق بطفل لم تقدر أن تنجبه
حالتها المرضيّة لا تقتضي لها البقاء مع الزّوج
يجب أن ترمي خارجا ليس لها شيئا تقدّمه
الحلّ الوحيد لها هو الجنون، فهي عاقر تعاني من مرض العقم
مجنونة تغار لأنّها لا تنجب الصّغار
مجنونة تغار لأنّها متّهمة بالزّناء والعار
مجنونة تغار لأنّها ليس لها المال
كلّ هؤلاء المجانين ليس لهم ذنب
لذلك تراهم يبكون ويضحكون في نفس الوقت
وحين يكثر هيجانهم فدوائهم هو الصّدمات الكهربائيّة
المجنون دواءه الضّوء، يساعده على الشّفاء
العاقل دوائه الحبّ يساعده على الشّعور والإحساس بالآخرين
المجنون في عمقه إنسان حرّ يرفض القيود، يعيش في متاهات الدّروب
لا يهمّه إن جاع أو شبع أو فرح أو حزن،
غارق في عالم شاعري لا يفهمه إلاّ هو
العيش في الجنون يعني ثورة على الظّلم بكلّ أشكاله

Aucun commentaire: