lundi 17 mai 2010

جنوني

تفاقم جنوني فأدخلوني مستشفي الأمراض العقليّة،
لكي أعيش حياة رصينة ناسية كلّ شيئ
في المستشفي ركنت للبكاء

كنت أهذي وكانت صورة حمامة أمامي أحكي لها
كلّ شيئ عن همومي وكان يسكنني حزنا دائم

رأسي يدوخ دائما لأنّي لم أجد لذّة حقيقيّة في هذه الحياة،
رأسي مليئ بالمتاعب

يحدث لي مرّات هيجان ولا أعرف من هي المرأة الّتي تأمرني دون أن أراها
لا أذكر إلاّ نبضات قلبي الّتي تدقّ بها

أجد متعة حين أحاكيها في صمتها الجليل وكم يسرّني حين تدعوني للنّوم
إتّفقنا على حقيقة وهي أنّ الإنسان لا يعرف حقيقة نفسه إلاّ حين ينام
وهي الّتي نبّهتني أنّ إسم الأمّ قدوة للإنسان في الحياة
أحيانا تسكنني سعادة كبري بها وأحيانا يسكنني حزنا كبير، وفي كلتا الحالتين لا أتحمّل الموقف وأسقط في الإنهيار والإنكسار
أحيانا نظرتها ناعسة وطيّبة وأحيانا نظرتها شرّيرة
شلاّل أبيض وأسود أعيشه في حالات المرض معها
في ذهني دائما مكنسة غبار وخبز ولحم فوق النّار وإمرأة تحتجّ على كلّ الأوضاع الأسريّة والإجتماعيّة والسّياسيّة
وتريد أن تنتقم من كلّ من وضع المرأة الفلاّحة تشقي لأجل المرفّهين وتكنس أوساخ المرفّهين
إمرأة تعزّي نفسها على أنّ حياتها مع الإسياد شقيّة
وكلّما حاولت أن أنسي ينتابني كابوس ملازم للأسياد، لقد أشقوني وعذّبوني كثيرا
أشعر أنّي تكسّرت مثلها تماما
حين جئت مع أسرتي لفرنسا ليس لأسكن في شقّة فخمة وإنّما لأعيش بكرامة
لكن يبدوا أنّني سأعيش أزمة جديدة
نظرا للطّيبة الّتي يتعامل بها أصحاب رؤوس الأموال مع المهاجرين

وخاصّة منهم الفلاّحين فأنا وزوجي لا يعترف بنا إلاّ في الفلاحة ولا شيئ غير الفلاحة
الشّهادات الّتي يحملونها المهاجرين غير معترف بها في هذا البلد
وأنا إمرأة مجنونة لا أتحمّل العمل في مثل هذه الظّروف
عملي الوحيد هو البكاء والنّظر إلى السّماء
لأنّ الإستعمار الفرنسي كسّرنا وشرّدنا ونهبنا ولا يريد حتّي أن يعترف بحقّنا
في العمل الشّريف، الموت ثمّ الموت ثمّ الموت لنا والحياة والحكم والسّلطة للمال
فبسواعد وعرق الفلاّحين والفلاّحات تحت لهيب الشّمس وبرد الشتاء يأكلون هؤلاء الأبطال ويستعبدون من يخرجون لهم من الأرض الخضر والغلال والخبز
ما أتعس المرأة في الحقول وما أجمل المرأة في القصور
ما أتعس الرّجل في الحقول وما أجمل الرّجل في القصور
الحقّ الحقّ واحد ولد عمره ألف شهر والأخر ولد إبن تسعة شهور
حيّ على الصّلاة حيّ على الفلاح فهل تنفع الصّلواة الكاذبة
بدون عمل جدّي لأجل المساواة والحريّة
من فضلكم لا تبحثوا على نملة في هذه الأرض
تعشق أمّها من خلال الكلمة والأصابع العشرة
وتعشق أباها من خلال الشّجرة والعصفور
لأنّ هذه النّملة تكره الشّهرة والأضواء
بل أنظروا لكمّيات الثّلج المتراكمة في الغرب
وكمّيات النّفط المتفجّرة في البحر والبراكين التّي تمنع الطّائرات
من التّحليق في الهواء
قالت لي العصفورة إنّي أتابع حركة الأصابع العشرة عن بعد
وأتابع كلّ من حاول قمع الكلمة
فلا أنا هي ولا هي أنا، أنا حشرة ككلّ الحشرات لا أعرف حتّي هذه الأصابع
كيف خلقت أو كيف رسمت ومن يجعلها تتحرّك وتبدع وتبني القصور والقبور
وتزرع وتحصد وتأخذ وتعطي وتصنع اللّذة والألم والحياة والموت
أنا لا أفهم حتّي نفسي ، أنا لا أفهم لماذا خلقت في هذه الحياة
كلّ ما أعلم أنّني فلاّحة وأمّي فلاّحة وأبي فلاّح
نحن الثّلاثة نعشق الشّمس والمطر
برجي قوس قزح وقوس قزح إبن الشّمس والمطر
أبي أعطاني من ملكه الكبير من هذا البحر الأبيض المتوسّط
حوض من التّراب وقال لي إزرعي فيه القمح
وأوصاني ألاّ أعشق المال بل أعشق الشّقاء والعرق والعمل الحلال
أبي لم يستكثر عليّ حوض صغير مثل بلدي تونس الحبيبة
أنا مدلّلة عند أبي لأنّني إبنته البكر
سألت أبي: يا أبي لماذا الماء يتجدّد والضّوء يتجدّد والهواء يتجدّد وأنت علّمتنا
أن نحرث في كلّ سنة بعد الحصاد لكي ترتاح الأرض وتشرب الهواء
و بعد ذلك نزرع ونحصد منها قمح جيّد وأجمل في العام المقبل
لماذا يا أبي الحكّام في أرضنا لا يتغيّرون بل يتمسّكون بالحكم مدي الحياة
فنحن في ظلّ القمع والخوف والرّعب لا نقدر على شيء
فهل نعبدهم هم أم نعبدك أنت؟
سكت أبي وقال لا إشراك باللّه هذا الشّيء قاله الإنجيل والقرآن
لا يمكن أن يعوّض اللّه في الحكم والسّلطة أحد
وظلّ الحقّ على الجميع
ولا يمكن أن نسوّي بين حبّ اللّه لنا وحبّ المال
فحتّي الأنبياء يموتون لأنّهم بشر ويخطئون إلاّ كلمة اللّه لا تموت
الجحود يغيّر الجلود والأنانيّة نتائجها سلبيّة
فما هو عمر الإنسان بالنّسبة لعمر الزّمن وماذا لو عاش مئة سنة
كلّها أخطاء وظلم للآخرين
فما فرّق اللّه بين البشر وبين أوراق الشّجر وما فرّق في الكلمة واليدين
بين الأنثي والذّكر، اللّه بكلّ شيئ عليم


Aucun commentaire: