mardi 25 mai 2010

القاهرة أمّ الدّنيا

مصر القديمة تذكّرني بالفراعنة وكيف كانوا يعبدون الشّمس
ويعبدون الضّياء والنّور
وقد بنوا لهم بيوتا يدخلها الضّوء من كلّ الجوانب
إزدهرت حظارتهم وأصبحت بها مصر أمّ الدّنيا
حين منعوا ضوء الشّمس على النّساء
أصبحت بيوتهم بدون نوافذ
الأميرة ملكا لفرعون، ملكا خاصّ له
نجمة فرعون هي لفرعون
شجرة فرعون هي لفرعون
لا حياة لها إلاّ تحت سلطته وسيطرته
نجمة فرعون عليها حراسة مشدّدة كي لا يراها أحد
إذا المنازل بدون نوافذ والملكة في الدّاموس
ولكي يبني القصر الجديد للملكة العزيزة على قلبه
عليه بالعبيد يحملون لسيّدهم الحجر من بعيد
وهذا الحجر يجب أن يكون من الصّنف الكبير
كي لا ينهار بيت فرعون العظيم
ماتت الملكة وإلي حدّ هذا اليوم وهم يحفرون
في التّراب ويبحثون عن آثارها
ماتت الملكة نعم ماتت ومات فرعون
لكنّ الحجر لا يزال حتّي الآن حيّ يرزق
يدلّ على طبيعة صاحبه وبانيه ومؤسّسه ومهندسه
فما أكبر قبرك يا فرعون وما أكبر جبروتك
وما أكبر الحجر الّذي حملوه لك لأجل الحبّ العظيم
هؤلاء العبيد المساكين إنّه حجر جدّا مخيف
أنت قاهر ومتجبّر ومتسلّط أنت أعحوبة
في القهر والظّلم والجبروت
لاا تزال آثارك ساكنة في النّفوس إلي حدّ هذا اليوم
لا تزال آثارك تدلّ عن سوء تصرّفاتك
لا يزال قهر النّساء والأطفال لحدّ هذا اليوم
لا يزال الطّغيان لحدّ هذا اليوم
ماذا فعلت بجسد محنّط خال من الحبّ
هل إستطعت أن تحنّط الرّوح لكي تبقي على عهد حبّك
أنت تصنع حجرة فوق حجرة لتبني للملكة قبر بلا نوافذ
كي لا يدخل لها الهواء والنّور
والملكة تصنع حجرة فوق حجرة
لترحي القمح وتصنع به الخبز لأبنائها
الموت مقابل الحياة
الفعل مقابل القول
أنت تصنع لها الموت وهي تصنع لك الحياة
أيّكما أجدر بالإحترام والتّقدير
ذاك الحجر الكبير أيّها الفرعون العظيم
الّذي كان يحمل على أكتاف العبيد
من بعيد لأجل بناء قبر الملكة
تحوّل شركات عابرة للقارّات
كلّ شركة هي حجرة كبيرة لبناء قبر فرعوني جديد
على أكتاف العمّال والفلاّحين والصّناعيين
شركة كبيرة أو حجرة كبيرة نفس الشّيئ
الهواء لا يجد من أين يدخل للملوك ولا النّور
فكلّ واحد في هذه الحياة يحفر قبره بيديه
لكنّ الحجر يفرّق، هناك الحجر الثّقيل وهناك الحجر الخفيف
إنّما الأعمال بالنّيات
الحجر الكبير لفرعون وأتباعه
أمّا العرق والهواء والتّراب الرّتب فهو للعبيد
اللّذين لا يملكون شيئا على الإطلاق،
هؤلاء هم أبناء الشّمس الحرّة، هؤلاء التّعساء
الّذين لا يملكون إلاّ عرق جبينهم
وحبّهم للعمل الّذي أصبح مفقود بفعل سياسات
الفراعنة الحكيمة
النّاس حين تطغي الفراعنة لا يجدون العمل والخبز والماء
ماذا سيفعلون هولاء الأبناء سوي الحفر في قبر فرعون
والبحث عن أمّ حنونة مانحة الخبز والحريّة للأبناء
الأبناء لهم العرق والتّعب المثمر
أمّا فرعون له الحجر المتصبّب بالعرق، المستعصي على التّكسير
حياة وحظارات لا نفهمها لأنّ دور المرأة فيها مخفي في الظّلام
فهل يفهم فراعنة الأمس واليوم أنّ الحبّ يموت في المملكة والملكيّة
ويموت في جوّ السّلطة والتّسلّط وينطفئ شعاعه في الظّلام ويذوب
من عمل مثقال ذرّة خيرا يره ومن عمل مثقال ذرّة شرّا يره
أنظروا قبور الفراعنة بالأمس ألا تشبه قصور الفراعنة اليوم
بإسم من ذاك القبر؟ بإسم فلان رحمه اللّه كان رجلا صالحا وطيّبا
قبره ضياء إلى حدّ هذا الزّمن
بإسم من ذاك القبر؟ بإسم فلان...
لا أحبّ أن أكمل شيئا عن ظلام القبور
لكنّى أريد أن أقول للفراعنة الّذين لا يملكون الرّحمة في قلوبهم
أنّ الدّنيا تعلّمنا من خلال عمليّة الحصاد أنّنّا حين نحصد الحبوب
ندرسها جيّدا ثمّ نلقيها في الهواء الطّلق لكيت نفرز النّعمة من القشّ
ثمّ نجمع القمح لنصفّيه، ثمّ ننقّيه من التّراب والحجر، ثمّ بعد رحييه
نعيد تصفيته ليكون خبز صالح للإستعمال مغذّي للرّوح والوجدان
أمّا عن القشّ نجمعه لكي نطبخ به الخبز للأبناء
والتّراب والحجر نرميه في الأرض ونحافظ على القمح الجيّد لنفوسنا
هذا كلّه ينطبق على الإنسان وعلى الحياة أيضا
السّماء لا تحبّ إلاّ الإنسان الجيّد قولا وفعلا
ومثل هؤلاء النّاس يشعرون بالنّعيم يغمرهم من الدّاخل
حيث هذا النّعيم يضحك من عيونهم لأنّهم سعداء بما يفعلونه لأجل
الأرض والسّماء هم أغنياء بالحبّ وليس بالمال
الحقّ هو ماء الحياة
الحبّ هو خبز الحياة
الحريّة هي كلمة الحياة
هل للفراعنة ماء الحياة
هل لهم خبز الحياة
هل لهم حريّة
لا يعرفون إلاّ القتل لذلك غرقوا في الدّموع
ولم يبقي منهم إلاّ هول ما فعلوه بالعبيد والنّساء
الفرح في هذه الدّنيا مكتوب بالمقلوب
فالأمّ هي نور الكون وليس الآب

Aucun commentaire: