vendredi 12 novembre 2010

رسالة إلى أمّي

طاعتي لك أمّي صارمة
وفي البيت إخوة متوحّشون
فكّرت أن أطلب منك نقلي لبيت أخري
سكّانها فقراء وبسطاء مثلي
قد يحدث لي ما لا أتوقّعه من سوء
من الأغنياء الشّرفاء الأقوياء
قد يشعلون جسدي عدّة مرّات في اللّيل
قد تقع لي أقصي العمليّات
الجبريّة على الأرض
في ليلهم المخيف،
قد أنام نومة متقطّعة
قد أستيقظ على كوابيسهم المرعبة
قد يكلّموني بهزّة أكتافهم
معلنين أنّهم الأقوي
قد يعتبرونني مومسا
ويغتصبوا جسدي بالتّناوب
قد يحرقوا وجهي،
قد يطعنوا بطني بالسّكاكين
مرّات عديدة
قد يدفنوني حيّة،
قد يفجّروني في الهواء
أو في الماء أو في التّراب
درس أحمله معي من الأرض القاهرة
أعتبره مرجعا للحظارة الإنسانيّة
والحظارة الماديّة والماليّة
أحيانا أفكّر في الإنتحار
لكنّ حبّي لأبنائي الصّغار يمنعني
فهم في حاجة لوجودي قربهم
أنا حزينة أمّي
لماذا أنا أحبّ الأبناء بهذا الشّكل
وأتحمّل لأجلهم كلّ هذا العناء
نطق إسمي دون أن يلمسني
الموت لأجل الشّمس برّا وبحرا وجوّا حريّة
ماذا تقول يا إسمي، حرف الحاء
حريّة وحبّ وحقّ
إنّها مجرّد معلومات نحشوا بها الأذهان
لنقول أنّ الشّمس والبحر يعلمان
ما يعلنون وما يخفون
كلّ جديد يلقّح من القديم
والزّمن هو الزّمن، والبحر هو البحر
والشّمس هي الشّمس يصنعان الحياة
إنت لا تملكين شيئا وليس لك ما تخسرين
ليس لك سوي خبز اللّه وماء اللّه
وهما الكلمة الفقيرة
الّتي لم تكن على شفاهك وأصابعك
هراء بل كانت عطاء بلا مقابل
قد تشتري بها لنفسك ملابس
يتباهي بها الأطفال يوم العيد
وتفوح منها رائحة ذكيّة
الكلمة لا تخون عشّاقها
أمّا الّذي يخونها تخونه والّذي يكذب
عليها تكذب عليه
كلّ الحيوانات لهم ألسنة ولهم أصوات
حميلة أو قبيحة، وكلّ حيوان له طبع
وله طريقة في التّعامل مع الآخر
والإنسان ما دام على قيد الحياة
هو سيّد الأزمنة
لكن بعد الموت يصبح صديق كلّ الأزمان
إذا أمّي الموت في الفقر أفضل؟
والمهمّ أن نعرف من نحن وكيف عشنا
وكيف تصرّفنا وكيف تعاملنا بالكلمة
والجسد مع الآخرين
لقد تعلّمت في مدارس الخوف اللّيليّة
وسرت تفكّرين جيّدا في الأشياء
عشت جنون العقل والشّعور
وتعلّمت معاني العبوديّة والحريّة
معاني الحزن والفرح
والآن قد تحسّنت
بعدما عرفت أنّ الإنسان
إبن الكلمة الحرّة وليس له حساب
إلاّ معها فهي الرّوح الّتي ترافقه
بها يشقي وبها يسعد
الكلمة حرب- الكلمة حبّ
الكلمة شرّ - الكلمة خير
الكلمة ظلم - الكلمة حق
الكلمة حيوان - الكلمة إنسان
الكلمة كذب - الكلمة صدق
الكلمة خيانة - الكلمة وفاء
الإنسان بالعقل والشّعور حرّ في الإخنيار
فهو الّذي يقرّر مصيره في الأخري بنفسه
أمّي معظم النّاس مخطئون وهم لا يعلمون
من آمن بالإنسان عقلا وشعورا ويدين وكلمة
وعمل بصدق الشّمس تمحي له سواد الماضي
لكنّ الّذي يكفر بنفسه من سيؤمن به
الإنسان موعود بالجنّة في الأرض والسّماء
بالمساواة والحريّة،
وعلى إيقاع الشّجرة والعصفور
الأديان السّماويّة دعته للحقّ والحبّ والحريّة
ولم تدعوه للظّلم والحرب والعبوديّة

Aucun commentaire: