mercredi 29 octobre 2008

حوار مع الزّمن

عشقت الهوي، عشقت زوج الحمام وإن ذبحوني يطير الكلام
تغيّرت الأشياء، تغيّرت الضّوابط، لن يشفع القضاء. شقّني زفير بارد بعث في ّالغضب، سأعجز يوما ما عن فعل أيّ شيئ ، سأعجز عن العمل، سأعجز حتّي عن البكاء. العتمة من أين، هذا الموت ما هو،إنّه ينبع منّي، إنّه يترصّدني، شبحه لا يفارقني أبدا في الأن نفسه تتقّد فيّ مصابيح تقول أكتبي للنّور ..
وفجأة إندلعت هذه الخاطرة وإجتاحت جسمي موجة من النّشاط ممزوجة بإحساس غريب بالغبطة... سأكتب للنّور نعم سأكتب ..لكن قبل ذلك أريد أن إستدعي هذا الشيئ الخفيّ بداخلي لأعرف ما هو و ما شكله لا بدّ شكله شكل حقيقتي هذه الحقيقة الّتي أريد دوما أن أتجاهلها وأن أنكرها لأنّها خوفي الدّائم، خوفي النّائم سأوقضه... الموت أجل الموت ..القبس المتّقد بإستمرار في ذاكرتي.
هل لك شكل معيّن أيّها الموت?
أريد أن أراك لبعض الوقت
ذهبت إلى المرآة أنظر لوجهي
المرآة تعكس صورتي الحقيقيّة كسّرتها..هشّمتها ...
لا أريد رؤية تفاصيل حياتي كما أري وجهي الأن..
هذه مرآة تكشف حقيقتي كلّها كسّرتها نعم كسّرتها
لا أريد أن أري ذاتي على زجاج القمر على ذاك الكوكب المظلم ...
كوكب الموت ـ أخطأت في حياتي وكيف لا أخطئ فمن أخطائي تعلّمت وتجاوزت وسالت من يديّ الدّماء والكلمات..
ما سرّ الدّم ... ما سرّ الكلام?
هل هي الرّغبة ذاتها تعيش فيك يا زمن?
بائسة.. مجنونة .. أنا أعرف جيّدا ما يدور بعقلك البائس وقلبك
نعم صحيح أشعر بذلك
أشعر بالإرتباك والخوف من الظّل
هناك شيئا ما يعاكسني أريد فقط أن أعرف ماذا تريد منّي
الخوف يتسرّب إلي جلدي أشعر بالضّيق حين أذكر الموت كأنّ الدّنيا ستطبق عيونها وأبقي في الضّلام
كأنّ الموت هو هذا الظّل، هذا الزّمن الّذي يرافقني أينما ذهبت ويتحرّك كيفما تحرّكت ويفعل كيفما فعلت
هل يعقل أن يعيش شخصين في واحد
الحياة والموت
كلّ ما عرفته عليه أنّ لجنة عليا كلّفته بالبحث عن التّجاوزات وإعداد التّقارير وإنّي واحدة ممّن سيدفعون الثّمن ولكن أيّ ثمن سادفع ..
العلاقة بيني وبينه من نوع خاصّ ،الألفة بين السّجين والسّجان
نعم نعم سجّان فطن ذكيّ يتوقّع،يناور يراوغ يخطّط يفاجئّ هو كاتب سيناريوهات
الأحلام وهو المخرج والممثّل في نفس الوقت .
هو أقرب صديق وأقرب رفيق.
صديقي إذا مهمّتك وضع رأسي في حبل المشنقة.
بأيّ حال من الأحوال سأموت في حادث مرور، أو غرق، أو سقوط، او إختناق،
سأموت نعم سأموت لكن قبل الموت أقول لك أنّي ما دمت معك لست في راحة ولست بخير، ولن أشعر معك بالسّلامة ولا بالطّمئنينة
هذا إحساس من رأسه تحت حبل المشنقة،
ولكن هل لي أن أختار كيف أموت فأنا لم أختر وجودي معك لذلك جئت لهذه الحياة أبكي
هل خوفي منك إذا هو الّذي أبكاني وحين رأيت الضّوء ضحكت
جحودة.. ألم أنقذك يوما من الموت لمجرّد إحساسي بالشّفقة حين طلبت الرّجوع لأبنائك ألم أنقذك،
نعم هذا صحيح لكن أيّ شيئ نزل عليّ وقتها وجعلني أصيح ولا يسمعني أحد، جعلني لا أقدر حتّي على الكلام..
لا أفهم...
أرجوك نحن نقوم بواجبنا ولسنا ألات تعذيب، نحن واثقون أنّنا على حقّ وأنتم على باطل
أنتم الجسد ونحن الرّوح ، أنتم المكان ونحن الزّمان
المادّي عندكم هو المحدّد من أجل ذلك نقول عنكم أنّكم مغفّلون أغبياء وحمقي
ونتحوّل لكم كوابيس ووحوش عنيفة لا ترحم. تتصوّروننا كلاب حراسة، نعم نحن كلاب حراسة أمناء
أمّا أنتم فذئاب متعطّشة للدّم، نحن ننبح ونعضّ لنحمي، أمّا أنتم ذئاب تعوي لتنشر الرّعب في القلوب وتهذّد بالفناء. أوغاد أنتم البشر بلا ضمائر.
أذا المسألة مسألة أحقاد وتصفية حسابات.
نحن لسنا موظّفون عاديون، نحن نعمل ولنا كرامتنا وحبّنا لعملنا، لسنا مثلكم نحيا لأجل لقمة العيش,
نحن نحيا لأنّنا نؤمن بالعمل. أنتم إذا القضاء ? نعم نحن القضاء وأنتم القدر.
كم تزعجني طبيعة العلاقة بين القضاء والقدر.
لا شيئ يضمن أنّك صديق أو آب حقيقي،
لا يفيدك في شيئ معرفة أيّ شيئ عنّي،
يكفي أن تعرفي أنّ لي دوافعي وأنّه في تعاملي ألقي كلّ الإعتبارات الإنسانيّة والرّشاوي والمساومات في المزبلة
ليس سهل أن يكون الأنسان حرّ
تريدين المصادقة علي حكم التّبنّي لا بدّ أنّك تهذي أو تفقدين صوابك.
الجهاز لن يسمح لي أبدا بذلك وإن تجرّأت سيقع تحطيمي.
هل الحلول مستعصية معك إلي هذا الحدّ?
قراراتك تمنع علينا النّوم والخوف منك يستنزف طاقتنا...
كم هي بسيطة المسألة أن تتصوّروا أنّه لأجل تفّاحة أجيال وأجيال أكلها التّراب لأنّهم لم يفهموا ما معني الجاذبيّة
لم يفكّروا أنّه منذ بدء اللّيل غنّي الفجر للمحبّة والعدل والحريّة
ها هو الإنسان يموت ولكن ماذا بعد..
أذكر يوما كنت فيه كأشباح الهلوسة عينايا غائرتان
كنت أشدّ قذارة من كلّ قطط اللّيل ،
كنت أكثر إثارة للقرف من كلّ الكلاب السّائبة،
كنت شبحا هاربا من كوابيسك. كنت حشرة ...
نظرت في المرآة بأشمئزاز لوجهي
بدا لي أنّي أريد أن أتقيّئ كلّ ما شربت وما أكلت في حياتي
بقيت أياّم في مستشفي الأمراض العقليّة أجول بعنّو القاذورات, أنام هنا وهناك كخنزير أليف.
كنت بروائح الطّاعون والعواصف والبراكين والحروب كنت غريزة الإنتحار.
حين أطلقوا سراحي خرجت إلي الطّريق كالسّكرانة ممتلئة بالغبطة.
هرولت بنشوة الأنتصار على مرض الجنون.
وقتها تذكّرت أنّ لي أهل وأبناء وأصدقاء ..
أصابتني الحيرة كيف نسيتهم وكم كنت في راحة وسعادة حين نسيتهم.
بعد ذلك قاطعني الأصدقاء وسخروا منّي
لأنّ الإنسان له حرمة العقل.
بدوت حزينة ومنكسرة. أحاول يائسة المحافظة على كبريائي.
غاية ما في الأمر أنّني كنت في حاجة أن أفقد أخر طهري لأتخلّص من آثار نذالتي وقبحي.
كنت أبحث عن طريق جديد للحياة فغير معقول أن يولد الإنسان لكي يموت
وفي لحظة إكتشفت الظّلّ الّذي يأخذ منّي أشكال عديدة .
وإكتشفت ما معني التّحقيق وغباء الإنسان.
الزّمن فعل بنا ما فعل كنت إنسانة متحدّية.. كنت على وشك الجنون.
الزّمن قادر على إجتذاب الجميع للموت
الظلّ هو القرين الّذي يعمّر المقابر ويخلي الدّيار
بحثت عنه في نومي. في الدّخان السّام المنبعث من صدري ما أبشعه حين يحرم أمّ من إبنها أو ولد من أبويه ليس له عيون ليس له مشاعر كلّ الكائنات ترتجف خوفا منه يتحرّك في منامنا كيفما يريد وكيفما يشاء
ما ذاك الغار الّذي تداول عليه المغامرون وإنهزموا كلّهم وإنتصر هو
إنّه غار تعيس بما حمّله له القدر من مهام
مهام تحويل الإنسان إلى هباء
ما هذا الحجر في قلبه، ما هذه القسوة
آه الزّمن يمضي بسرعة كم تبقّي من العمر
لا أذكر أيّها الموت أين إلتقينا أوّل مرّة
ربّما مع بدء الخليقة
إذا أنت صديقنا
أنا الغدر والوفاء في نفس الوقت
ماذا أفعل? هل أسكت وأترك لك قلبي يسألك عن لقاء آدم وحواّء حول تفاّح الجنّة ..
اللّعنة هؤلاء الخفافيش يتناسول في الظّلام كالوباء كالزّواحف بدون محبّة بدون تنظيم،،
يتناسلون بجهل الحيوانات ليست لهم عقول ولا مشاعر.
وأنت من أنت? ألست أنت اللّعنة ?
ماذا تقولين ..أنا مسؤول على جهل العبيد? لست سيّئا إلى هذا الحدّ ،أنت ماذا إذا ?
عليك أن تعلمي أنيّ أنا من رتّب كلّ شيئ وإنّي قادر على سحقك في كلّ لحظة وقادر على بعثك ..
أدمّرك إذا شئت وأنقذك إذا شئت.. هل نحن أعداء
أنا ربّ الغزاة أسمح للعصافير بالطّيران أسمح للسّماء بالصحو أسمح للنّساء والرّجال بالضّحك والبكاء للرّيح بالصّفير والورد أمنحه العطر وأسمح بالكتابة والقول
ولكن ماذا بعد الإنسان?
أكل ّ شيئ ينتهي داخل المغارة?
فلا يسمع بعد ذلك إلاّ الماء يواصل رحلته مستدلّ بمنحدرات الأرض تحت النّجوم المتلألأت وقد خدعت ببكارة المكان...والقمر يبتسم لسخافة النّجوم وتفاهة إنتصاراتها ...ما يفعل الأنسان حين يفقد جسده ويستحيل شبحا ويخرج فلا يجد سوي الصّخر والظّلمة والبرد والرّياح وحين يستقبله ضوء النّهار يتذكّر ذلك النّور الّذي رآه منذ ولادته حيث كانت الحياة وكانت الطّيور تشدوا على مسامعه فوق شجر العدل والمساوات
ثمّ ينظر لنفسه شاعرا بالخجل والمرارة لأنّه كان ظالم حقود وتمرّ عليه الشّمس فيتعسّر عليه الكلام
فيختار العودة إلى المغارة ويقرّر الإنتظار ريثما تتضّح الأمور ويعزم على الفرار لكن قبل ذلك عليه أوّلا أن يقرأ نسخة من دفتره المخطوط بالذّهب
أرجو أن لا تكون ضدّي
أنت تثقين في أمانتي..
حتّي أكون صريحة أنا لا أثق فيك ولكنّني أثق في أّنّنا لإثنين نحمل نفس القلق
لا شيئ أخشاه في الملفّ لا شيئ يجعلني أثق بأنّ ما جمع بيننا يمكن أن يجعلني أأتمنك،.
إلى هذا الحدّ تشكّين فيّ.. أنا لا أخون وأنت تعرف ..ومن طبع الزّمن خيانة للإنسان.
يمكن ما تقولينه صحيح لكن لا يوجد من لا يخطئ..
كذلك لا يوجد من يأتمن الزّمن..
هل فكّرت يوما أنّ اللاّمتناهي هو الظّلام القاتم وإنّه مخيف جدّا
وإنّ مجرّد التّفكير فيه هو إستسلام له يعني ذلك المضيّ في لا نهاية الألم بروح واثقة من اللاّجدوي ..
الاّمتناهي هو الألم الأكبر هو المخادع الأكبر
ما معنى زمن بلا بداية ولا نهاية في فضاء بلا حدود
اللّعنة للموت أليس الجسد هو وجهها الإخر
أيّ شيئ سينقذنا من الضّياع إن ضاع الجسد
اللّعنة لأدم أليست حوّاء وجهه الأخر
اللّعنة للقمر أليست الأرض وجهه الأخر
كيف نكون بدون جسد?
نتحوّل أشباح منعدمة الوزن تسبح خارج حدود الزّمن
إن ضاع الجسد أيّ وجهة سنسلك وأيّ طريق سنقصد
لماذا لا ننتبه للحمام لمنظر الطّيور الأخّاذ
بالنّسبة لي لا توجد إحتمالات عديدة إماّ يكون الموت للتّحقيق معي
أو لقاء لتوجيه التّهم واعلام بقرارات وإجراءات
والعقاب إمّا التّنازل عن الجسد أو تحريره..
بعد كلّ هذا العذاب، بعد كلّ هذا الألم أتحوّل إلى متّهمة
وأبحث عن منفذ للنّجاة وربّما أشتم وأهان ولا أجد القدرة عن الكلام
من كان يتصوّر أنّ زعماء الدّول ومفكّريها وفناّنيها ومخطّطيها يجلسون مثلنا مثلهم في موقع المتّهمين ويحاكمون ويموتون مثل عامّة الشّعب الكريم لا مجال للمقارنة بيننا وبينهم فنحن لسنا إلاّ حشرات..
صحيح ،الحقيقة أنّهم لا يفكّرون في ذاك اليوم
تشغلهم عليه الحياة وجمالها كلّ الكتب تقول إيّاكم وظلم النّاس وظلم النّاس حرام والعدل أمر صعب..ماذا عن اللّذين يشربون ويدخّنون لأنّهم يشعرون بالغربة والمقت والإستغلال...
كنت متأكّد أنّك ستسألين عن ذلك.. الّذي يشرب ولا يؤذي أحد اللّه غفور رحيم
أمّا من يظلم النّاس فمن أين له المغفرة
لآ بدّ لكلّ مسؤول أن يصيبه جنون الإنتظار في ليل طويل فيسارع بالإعتراف
ويصبح قادرا على الإعتراف بمسؤولياته عن كلّ الزّلازل الّتّي حلّت بالعالم وكلّ العواصف والبراكين والأوبئة
وكلّ الجوائح والكوارث
الإنسان طبعا غير مسؤول عن أيّ شيئ..
هو دوما بريئ ودليل براءته أنّه ثقب السّماء فوق رؤوس البشر
فقط تحرّيات وأخلي سبيله
ألم تكن أنت الّذي دفعته إلى أن يفقد صوابه كنت من ينصب له الفخّ
هل إنفصلت عن الوجود لتسكن حلمنا أو أنّ وجودك ضاع وحلّ محلّه الحلم ..هل خرجت من العشق والحقد، من الخضوع والثّأر، كيف أينعت ألوان قوس قزح حتّي جعلت الجثّة تعشق القاتل والقطّ يحبّ خانقه. أيّها المجاهد الأكبر متي نراك عائدا من ثنايا الوداع على حصانك الرّشيق رافعا يدك محييّيا تعلوا وجهك إبتسامة القادة وغبطة المنتصرين كان في نيّتي أن أوجّه لك الشّكر على تفانيك في العمل.
أبصر أسراب من العصافير تتماوج وترقص في السّماء تذكّر صرخات النّسوة
يا لطيف.. يا لطيف
صرخات الشّباب
رحمان يا رحمان هذا عبدك يا رحمان
تذكّر فتاة كانت تحلم بالحقوق
تحلم بالدّفاع عن الفقراء ضدّ الظّلم ضدّ القهر ضدّ البشاعة
تكتب لتكشف الحقيقة لتحارب الرّداءة
تذكّر الأدباء والشّعراء
والفنّانين وكلّ من عملوا لأجل الحياة
هم وحدهم يساعدون النّاس بالفعل لا بالصّراخ
بالعلم لا بالشّعارات ميدانهم العمل لا صخب الشّوارع
آمنوا أنّه ليس بالنّعيق نحرّر ونرفع الجهل
وليس بشلّ الجامعات والتّعليم وحركة الإنتاج نحقّق الأمن
وليس بالخوف نخترع الحبّ والسّعادة
وليس بإطالة اللّحي والحجاب ومقاومة الموسيقا والأدب والشّعر نتطّوّر
لا معني لحكم الشّعب بيد شعب جاهل
لا معني لوضع حقّ الأمّ والطّفل بيد ديكتاتورأناني جاهل
كلام فارغ وشعارات كلّها هذيان
فالدّولة أمّ حنونة والشّعب أطفالها
الدّولة شجرة مثمرة والشّعب أوراقها
نظر إلى الطّيور تحوم حول تمثال من البرنز المصفّي
وسأل لماذا لا يكتب الإنسان للنّور والأحلام والأمل
لماذا الإنسان لا يفهم أنّ الأرض محبّة والشّجرة عدالة
والإبن طموح للحريّة
لماذا الأرض حرب والشّجرة حطب والمرأة شهوة جنسيّة وبضاعة رخيصة
هكذا يا زمن الإنسان فعل بنفسه ما لا يفعله العدوّ بعدوّه
فأنت غير موجود وهو موجود
وأنت لا جسد لك وهو له جسد رائع وكلمة رائعة ويدين رائعتين
وهو الحياة وأنت الموت
وأنت المنتصر وهو المهزوم على الدّوام

Aucun commentaire: